القصاصة رقم 6

(1)العجوز وسلة البيض 

لبست ثوبا رثا، حملت معها سلة بيض، وقفت أمام الطابور الطويل الممتد أمام شباك البنك، فقد كان اليوم هو آخر أيام الشهر، وكان يحدث دائما زحام كبير أمام شباك البنك.عندما وصلت إلى الطابور، سألت ببراءة : هل يباع هنا البيض؟كان أهل الطابور الطويل بحاجة شديدة إلى أن يسرقوا من نكد الحياة ابتسامة، بعد ساعات طويلة من الوقوف في طابور ممل.ترك أهل الطابور مكانا متقدما لصاحبة سلة البيض، وانتظروا المشهد الساخر، أي أن تقف العجوز أمام عامل الشباك، وتطلب منه أن يبيعها بيضا..ولكن المفاجأة أن العجوز عندما وصلت إلى الشباك أخرجت من ثيابها الرثة شيكا، وقدمته لعامل البنك، وسحبت مبلغا من المال، ثم عادت من حيث أتت بعد أن ضحكت على أهل الطابور أجمعين..

(2)رجل الأعمال والسيارة الفاخرة

كان يلبس ثوبا فاخرا، وكانت تبدو عليه علامات الثراء، ولكن الغريب هو أنه جاء للبنك من أجل أن يقترض 100 دولار فقط لمدة نصف شهر..قال له عامل البنك لا يمكننا أن نقرضك المائة دولار إلا إذا تركت لدينا "ضمانا"..أجاب بأن الضمان موجود، وكان الضمان هو سيارة رولز رويس قيمتها تقدر بمئات الآلاف من الدولارات!!!استغرب عامل البنك من هذا الغبي الذي يرهن سيارة ثمينة جدا من أجل قرض لا تتجاوز قيمته 100 دولار، ولكنه مع ذلك بدأ في إجراءات تسليم القرض.ما لم يفهمه عامل البنك الغبي هو أن صاحب السيارة كان سيسافر لمدة أسبوعين، وكان يريد مكانا يؤمن فيه سيارته حتى يعود، ولكن كل الأمكنة المخصصة لذلك عرضت عليه أسعارا خيالية في مقابل حراسة وتأمين سيارته، لأنها كانت سيارة غالية جدا، وهذا ما جعل صاحب السيارة يفكر في هذه الحيلة، فالبنك ـ بالتأكيد ـ هو أكثر الأمكنة أمانا، وهو سيكون أفضل حارس لسيارته حتى يعود، والكلفة ستكون زهيدة جدا، لا تتعدى دولارات قليلة تمثل نسبة الفائدة على قرض بقيمة 100 دولار لمدة نصف شهر..هذه القصص قد لا تكون قصصا واقعية، وبها شيء من الاحتيال لا ندعو إليه، ولكنها في المقابل تبين لنا أهمية التفكير من خارج الصندوق، وهو التفكير الذي قد نحتاج إلى ممارسته في بعض الأحيان.

(3)من ذكريات طفولتي

لم أكن أعتقد ـ وأنا في صغري ـ بأنه كان بإمكاني أن أرسم بظل يدي غير رأس حيوان واجد، ولا أعتقد بأني فكرت ـ ولو لمرة واحدة ـ في أن أغير وضع أصابع يدي حتى أرسم رأس حيوان آخر.ولو أني حينها فكرت في ذلك، ولو أني حاولت ـ ولو قليلا ـ لتمكنت من رسم العديد من رؤوس الحيوانات، ولكن مشكلتي في ذلك الوقت هي أني لم أحاول، ولم أفكر من خارج الصندوق، ذلكم الصندوق الذي لم تكن توجد فيه سوى فكرة واحدة، أو صورة واحدة، لم تعد لها أية قيمة تذكر لكثرة تكراري لرسمها، أنا وزملائي الصغار.والآن وبعد أن شاهدت هذه الصورة والتي ذكرتني بشيء من ألعاب الطفولة البريئة التي كدت أن أنساها تماما، أدركت أنه كان بإمكاني أنا وأصدقائي الصغار أن نرسم على الأقل 15 صورة لرؤوس 15 من الحيوانات، ولم يكن الأمر يحتاج إلا لتغيير وضع الأصابع وتحريكها شيئا قليلا.المشكلة هي أننا لم نفكر في تلك المرحلة من أعمارنا بتحريك أصابعنا بشكل مغاير...وبالتأكيد فإننا نعيد كثيرا تكرار هذا الخطأ ـ وبأشكال مختلفة ـ في هذه المرحلة من أعمارنا!!