الأحد، 31 يوليو 2022

أي درس يمكن أن نستفيده من عملية إنقاذ الطفل "شبو"؟


حبس الموريتانيون أنفاسهم لساعات طوال وهم يتابعون مسار إنقاذ الطفل "محمد أحمد ولد محمد" الملقب "شبو"، والذي قضى ما يقارب 24 ساعة وهو عالق على مفرجة من مفرجات سد في "بومديد".

الحمد لله كثيرا على إنقاذ الطفل وخروجه سالما، وشكرا لكل من ساهم في عملية الإنقاذ هذه، وكل تحايا التقدير لهذا الطفل الشجاع على صبره وصموده لساعات طوال (ما شاء الله)، فلولا ذلك الصبر والصمود لما نجحت عملية الإنقاذ.

والآن لنطرح السؤال الأهم : أي درس يمكن أن نأخذها من هذه الحادثة؟

إن التعامل مع المخاطر والأضرار التي تتسبب فيها الأمطار، لا يختلف عن التعامل مع أي مخاطر وكوارث أخرى، فهناك ثلاث مراحل في التعامل مع هذه المخاطر، وكل مرحلة لها أساليبها ووسائلها الخاصة.

أولا/ المرحلة القبلية (الوقاية)

كثيرا ما يُقال بأن الوقاية خيرٌ من العلاج، ولاشك أن الوقاية من مخاطر الأمطار ستبقى أفضل دائما من التعامل مع الأضرار التي تتسبب فيها تلك الأمطار.

إن أساليب الوقاية من مخاطر الأمطار ومن كل الكوارث يجب أن تكون متجددة، فالوقاية في العام القادم يجب أن تختلف عن الوقاية في هذا العام، وهكذا.. ففي هذا العام مثلا واجهنا مخاطر لم تكن متوقعة أصلا، أو لم تكن مألوفة على الأقل (ومنها حادثة الطفل شبو)، ولذا فمن المتفهم جدا أن لا يكون الاستعداد لها كاملا أو متكاملا في هذا العام، أما ما لا يمكن تفهمه هو أن لا يتم الاستعداد لمثل هذه الحادثة وغيرها مما استجد هذا العام، في وقت مبكر، من قبل تهاطل الأمطار في العام القادم.

إن حادثة الطفل " محمد أحمد ولد محمد " قد أكدت ضرورة أن يكون هناك هيلوكبتر مجهز بكل وسائل الإنقاذ وجاهز للتدخل السريع كلما دعت الضرورة لذلك..وما حدث في الأيام الأخيرة، وفي مناطق متعددة من البلاد يؤكد ضرورة تجهيز فرق إنقاذ وتدخل سريع، ولا بأس بأن تكون لهذه الفرق مقار مؤقتة في المناطق التي يتوقع أن تشهد تهاطل أمطار غزيرة.

ومن أساليب الوقاية كذلك توعية الناس بالمخاطر المحتملة، وهذا الجانب يعاني من تقصير كبير رغم أهميته، خاصة وأنه قد أصبح من الممكن توقع هطول أمطار في أماكن معينة (أقول توقع وبمشيئة الله)، فلماذا لا تتم توعية المواطنين قبيل تهاطل الأمطار المتوقعة بأهمية الابتعاد عن أماكن الخطر، وخاصة أماكن السيول، وتوعيتهم كذلك بأهمية حفظ ممتلكاتهم، وبل ونقلها إلى أمكنة آمنة، إذا كانت توجد في مناطق مهددة في حالة تهاطل كميات معتبرة من الأمطار.

إن الكثير من المنازل والأسواق، في القرى والمدن، تم تشييدها في سنوات الجفاف، ولذا فهي معرضة لمخاطر جمة في حالة تهاطل أمطار غزيرة، ومن هنا تبرز أهمية التوعية قبيل تهاطل الأمطار.

إن ما شاهدناه خلال الأيام الماضية من مخاطر عديدة تعرض لها مواطنون بسبب الأمطار ليستدعي من الأجهزة الحكومية المعنية أن تعد العدة لتجنب تلك المخاطر مستقبلا، وأن تجهز كذلك الوسائل اللازمة للتعامل مع تلك المخاطر إن هي وقعت فعلا.

على مستوانا في حملة "معا للحد من حوادث السير" فقد أخذنا درسا مهما من أحداث الأيام الماضية، وتأكد لنا أن هناك حاجة للتوعية في مجال السلامة الطرقية في فترة تهاطل الأمطار، وذلك بعد أن تم تسجيل حوادث سير عديدة بسبب محاولة بعض السائقين المتهورين المرور من أماكن تشهد سيولا، وللأسف فقد أدت تلك الحوادث إلى سقوط قتلى.

نعم، لقد تبينا لنا في حملة معا للحد من حوادث السير أن هناك حوادث سير تقع بسبب القيادة في الأماكن التي تشهد سيولا، أو بسبب القيادة على طرق شهدت أضرارا كبيرة بسبب الأمطار. ولأن الأماكن المتضررة من شبكتنا الطرقية تتغير باستمرار، فقد كان بودنا أن يكون "تطبيق سلامتك" قد أصبح جاهزا ليحدد للسائقين كل النقاط والمقاطع المتضررة من شبكتنا الطرقية بسبب الأمطار، كم كان بودنا توفير ذلك قبل موسم الخريف هذا، ولكنه تأخر للأسف، ويعود سبب تأخره إلى أن إطلاقه يحتاج إلى شراكة مع الأجهزة الأمنية (الدرك وأمن الطرق)، ولكن هذه الشراكة لم تتم حتى الآن. ذلكم قوس فتحته دون استئذان، وقصدي به هو لفت انتباه الجهات الأمنية المعنية بأهمية المسارعة في إطلاق ذلك التطبيق.

ثانيا / المرحلة الآنية ( ونقصد بها لحظة وقوع الأضرار والكوارث)

في اللحظات الأولى من حدوث الأضرار والكوارث يكون من المهم أن تظهر السلطات الجهوية ولِمَ لا المركزية في عين المكان، وقرب المتضررين. هنا قد يقول قائل إن المهم من حضور السلطات الإدارية والأمنية هو توفير وسائل الإنقاذ وبما يخفف الأضرار والخسائر عن المواطنين. لا خلاف على أهمية مسارعة السلطات المعنية في توفير وسائل الإنقاذ وبما يخفف الأضرار والخسائر على المتضررين، ولكن ذلك لا يقلل من أهمية الحضور الفوري للسلطات الإدارية والأمنية لعين المكان، بعد حصول الكارثة، وحتى ومن قبل جلب وسائل الإنقاذ، أو من قبل جلب إعانات للمتضررين. من المهم جدا أن يشعر المواطن أن السلطات بجنبه ومنذ أول لحظة من حصول الأضرار والكوارث.

لم أشاهد صورة لوالي لعصابة ولا لحاكم مقاطعة بومديد في المكان الذي علق فيه الطفل "شبو"، ربما يكونان قد حضرا، ولكن المؤكد أن صورهما لم يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، والصورة مهمة جدا في مثل هذه الأوقات.

 

 ثالثا / المرحلة البعدية (أي بعد وقوع الأضرار وحصول الكوارث)

في هذه المرحلة يكون الأهم هو المسارعة في توفير الإنقاذ، وفي تخفيف حجم الأضرار، وفي تقديم المساعدة للمتضررين للتخفيف من الخسائر. هذا الجانب مهم جدا وأساسي جدا، ولكنه ليس هو كل ما يجب فعله بعد وقوع أي كارثة أو حصول أي أضرار.

في المرحلة البعدية يجب أن تأخذ الدروس والعبر كما قلت في بداية هذا المقال، ويجب أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لمنع تكرر مثل هذه الحوادث والأضرار مستقبلا، وإعداد الوسائل اللازمة وتجهيزها للتدخل السريع، وتهيئة كل ما يمكن أن يساعد في سرعة وفعالية التدخل في حالة وقوع أي أضرار أو أي كوارث من أي نوع.

حفظ الله موريتانيا... 

الأحد، 24 يوليو 2022

عن مظاهر البذخ والإسراف!


إن مظاهر البذخ والإسراف مذمومة في كل الأوقات وفي كل المناسبات، مذمومة في المناسبات الاجتماعية وفي غير المناسبات الاجتماعية، مذمومة في زمن الرخاء ومذمومة في زمن الشدة والأزمات..إنها مذمومة في كل المناسبات وفي كل الأوقات، ولكنها في زمن الشدة والأزمات قد تتحول من مجرد سلوك مذموم إلى سلوك في منتهى الخطورة قد يهدد تماسك المجتمع وانسجامه.

صحيحٌ أن مظاهر البذخ والإسراف ليست جديدة على مجتمعنا، ولكن الجديد ـ وهذا مما زاد من خطورتها كثيرا ـ أنها أصبحت تنقل عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبشكل واسع، فتدخل ـ ودون استئذان ـ على الفقراء في بيوتهم المتواضعة وأكواخهم المتهالكة، ولكم أن تتخيلوا كيف يمكن أن تفعل مشاهد البذخ والإسراف تلك بمشاعر مواطن فقير يجد صعوبة كبيرة في توفير قوت عياله.

لقد أصبح من العادي جدا أن تطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي ـ وبشكل شبه يومي ـ بمشاهد من الإسراف والتبذير في غاية السخافة والابتذال، ومن تلك المشاهد رمي رزم وأكوام الأوراق النقدية في المناسبات الاجتماعية أمام أعين كاميرات الهواتف التي تتسابق في تصوير تلك المظاهر ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، فيشاهدها الجائع الذي لا يجد من المال ما يكفيه لتوفير وجبة طعام، والمريض الذي لا يجد ثمن الدواء، ورب الأسرة العاجز عن توفير مستلزمات الحياة لأبنائه. فأي مشاعر ستتولد لدى فقير جائع أو مريض لا يجد ثمن الدواء، أو رب أسرة لا يجد قوت عياله، عندما يشاهد رزم وأكوام الأوراق النقدية ترمى بشكل هستيري في مناسبة اجتماعية؟  

إن مظاهر البذخ والإسراف هذه تتنافى مع قيمنا الدينية، فديننا الإسلامي يحرم الإسراف والتبذير، وكل واحد منا سيسأل غدا بين يدي الله عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟

وهي تتنافى كذلك مع القيم الإنسانية، فتصوير مظاهر الإسراف والتبذير ونشرها بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي ليشاهدها الفقير والجائع والمريض الذي لا يملك ثمن الدواء يعد عملا غير إنساني.

كما أنها تتنافى أيضا مع قيم المواطنة، فرمي الأوراق النقدية بتلك الطريقة البائسة هو تصرف غير وطني وغير حضري وغير مدني، ويشكل استهزاءً بعملة وطنية ترمز بشكل أو بآخر لوجه من أوجه السيادة الوطنية.

وأخيرا فإن مظاهر البذخ والإسراف تلك تتنافى مع القيم الأخلاقية، فرمي النقود بتلك الطريقة الوقحة هو تصرف غير أخلاقي، وإذا كان البعض يعتقد أن ذلك التصرف سيرفعه عند أقوام، فليعلم أنه سيخفضه - في المقابل عند أقوام آخرين، وعند كل ذي فطرة سليمة، ثم إن ذلك التصرف الذي يعد من أسوأ أشكال التبذير والإسراف، سيكسب صاحبه صفة مبذر، وهي الصفة التي ستجعله ـ وبنص القرآن ـ  من أخوة الشياطين.

المبكي المبكي - ولا شيء في هذه المظاهر البائسة يضحك - أن بعض " الفقراء" نظرا لما يعانون من عقد، ونظرا لانبهارهم بتصرفات بعض "الأغنياء السفهاء"، والرغبة في تقليدهم، يشاركون هم أيضا في مثل هذه المظاهر السخيفة، فيرمون في المناسبات الاجتماعية نقودا كانوا بأمس الحاجة إليها.

ومن المؤسف كثيرا أن مظاهر الإسراف والتبذير هذه بدأت تظهر حتى في مناسبات العزاء، ولم يعد في كثير من الأحيان يمكن التفريق بين مجلس عزاء ومناسبة اجتماعية، على الأقل، على مستوى الأحاديث، فقد أصبح من ثوابت مجالس العزاء لغو الحديث، والإكثار من الضحك، وكأن الذي جاء للتعزية، لم يأت لتعزية أسرة فجعت في فقدان أحد أفرادها، وإنما جاء لمشاركتها  في أفراحها التي تقيمها بمناسبة حدث اجتماعي غير معلن.

إن مظاهر البذخ والإسراف هي واحدة من أمراض مجتمعنا التي عمت بها البلوى، وقد وصل الأمر بالبعض إلى ممارسة كل أشكال التزييف والخداع حتى يحسب عند الناس من المبذرين، والذين هم عند الله من إخوان الشياطين.

 ولعل من أغرب ما سمعتٌ في هذا المقام أن البعض أصبح يؤجر عددا من رؤوس الإبل إذا ما كانت لديه مناسبة اجتماعية أو حظي بتعيين في منصب سام، ثم يقوم بتقييدها أمام منزله لعدة أيام ليوهم الناس بذلك أنها جلبت لتنحر، وكل ذلك يفعله بحثا عن تقدير مجتمع لا يقيم وزنا إلا للمظاهر الزائفة والشكليات التافهة. بعد انتهاء عملية الخداع هذه تتم إعادة  رؤوس الإبل مع مبلغ الإيجار للمؤجر. لم يعد ينقصنا إلا أن نشاهد لافتات أمام بعض قطعان الإبل كُتِبَ عليها: "مشروع فلان لتأجير أنحاير".

ومما سمعتُ أيضا أن هناك من يؤجر الهواتف الراقية والحلي الثمين لبعض الفتيات ليظهرن بها لساعات معدودة  في مناسبات اجتماعية، وعندما تنتهي المناسبة الاجتماعية تعاد الهواتف والحلي لمؤجرها، مع دفع مبلغ الإيجار.

ومن مظاهر الإسراف والتبذير كذلك ما شاهدته مؤخرا في فيديو ترويجي لمجمع تجاري بالعاصمة نواكشوط وصلته كمية هامة من المواد الغذائية الأوروبية الأصلية للكلاب والقطط. في هذا الفيديو الترويجي تمت دعوة زبناء المجمع من ملاك الكلاب والقطط  لزيارة جناح أطعمة الكلاب والقطط في المجمع المذكور لشراء ما تحتاجه كلابهم وقططهم من أغذية أوروبية أصلية !!

يقتات الكثير من الناس هنا على مواد غذائية مزورة، أو غير أصلية على الأقل، وكلاب البعض وقططهم توفر لهم منتجات غذائية أوروبية أصلية!!

إلى وقت قريب كنت أعتقد أن الكلاب والقطط ـ وبما فيها تلك التي تعيش في أحياء راقية ـ يكفيها ما يبقى من بقايا طعام الأسرة، وإذا كان لابد من تبذير وإسراف في هذا المجال، فيكفي أن تقدم لها قطعة لحم. أما أن تشترى لها الأغذية الأوروبية الأصلية من كبريات المجمعات التجارية، فهذا مما لم أكن على علم به.

يمكنني أن أجزم أن أولئك الذين يشترون أطعمة أوروبية أصلية لكلابهم وقططهم لهم أقارب في هذا الوطن هم في أمس الحاجة إلى المساعدة ومد يد العون، فلماذا لم يخصص أولئك المبذرين المسرفين ما ينفقون مال في إطعام كلابهم وقططهم للفقراء في الوطن من الأقارب ومن غير الأقارب؟

فلتنفقوا ـ يا "إخوان الشياطين" ـ أموالكم كيفما شئتم، ولتبذروها تبذيرا، ولكن عليكم أن تعلموا أن تبذيركم سيوثق بالصوت والصورة، وسيعرض عليكم في اليوم الموعود بدقة لا تقاس بدقة كاميرات آخر صيحة من هواتفكم.

فهل من توبة قبل يوم العرض الأكبر؟

حفظ الله موريتانيا...

الأحد، 17 يوليو 2022

أين حراك "ماني شاري كزوال"؟


شكل تداول صورة لي وأنا أرتدي "دراعتي تحتج" في أول ظهور لها 
مساء السبت الموافق  26 مارس 2016 واحدة من أبرز ردود أفعال نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات السائلة، وتذكر كثيرون من رواد هذا الفضاء حراك "ماني شاري كزوال"، وسارع البعض إلى أن يوجه إلى شخصي الضعيف أسئلة خاصة من قبيل : أين دراعتك هل سترتديها الآن؟ أين حراك "ماني شاري كزوال"؟ هل ستشتري "كزوال" أم لا؟ أليس هذا هو الوقت الأنسب لإطلاق نسخة جديدة من حراك "ماني شاري كزوال"؟

أكثر الذين طرحوا أسئلة من هذا القبيل لا يستحقون أن يرد عليهم، لأنهم ـ وببساطة شديدة ـ غير معنيين أصلا بحراك "ماني شاري كزوال"، فهم لم يشاركوا فيه ـ ولا بمنشور واحد ـ عندما تم إطلاقه ذات مساء أربعاء صادف يوم 20 يناير2016، بل إن بعض هؤلاء وقف ضد الحراك وسخر منه وبذل جهدا كبيرا لإفشاله. 

لا يستحق أولئك أي أرد، ولكن هناك طائفة من النشطاء والمناضلين الصادقين الذين بذلوا جهدا كبيرا في إنجاح هذا الحراك يستحقون مني ردا.

هل من مقارنة بين العامين 2016 و2022؟

1 ـ في العام 2016 ربحت الحكومة الموريتانية ما يقارب 230 مليار أوقية قديمة نتيجة  للفارق الكبير بين أسعار المحروقات عالميا، وأسعارها محليا. كان آخر عهد للحكومة في دعم أسعار المحروقات العام 2008، وإلى حد ما العام 2009 بعد ذلك بدأت تحقق أرباحا كبيرة خلال العشرية تقدر بمئات المليارات من الأوقية القديمة، وذلك نتيجة للانخفاض الكبير في أسعار النفط عالميا. أما في العام 2022 فإن الحكومة الموريتانية، وحتى من بعد زيادة الجمعة (15 يوليو 2022) فإنها ما تزال تدعم أسعار المحروقات بمئات المليارات من الأوقية، وفي ميزانية 2022 المعدلة فقد تم رصد 138 مليار أوقية قديمة لمواجهة زيادة أسعار الطاقة.

2 ـ في العام 2016 خفضت كل الدول المجاورة أسعار المحروقات بنسب كبيرة جدا، ولكن الحكومة الموريتانية أصرت على عدم تخفيض أسعار المحروقات، ومواصلة جني مئات المليارات من الأوقية القديمة من جيوب المواطنين من خلال فارق السعر العالمي والمحلي. أما في العام 2022 فقد رفعت بعض الدول المجاورة أسعار المحروقات وبنسب كبيرة، وذلك من قبل أن تلتحق بها موريتانيا، ففي المغرب مثلا ارتفع سعر لتر المازوت في النصف الأول من العام 2022 ب 6.39 درهم (ما يعادل 230 أوقية قديمة) ، أي بزيادة تقدر ب 38.68%، وسعر لتر المازوت الآن في المغرب = 16.52 درهم ( 594 أوقية قديمة)، وفي مالي فقد زاد في نفس الفترة ب 216 فرنك إفريقي (120 أوقية قديمة)، أي بنسبة 26.70% . وسعره الآن  809 فرنك إفريقي (453 أوقية قديمة)، أما في السنغال فسعر لتر المازوت يساوي 655 فرنك إفريقي ( 366.8 أوقية قديمة).

خلاصة القول في هذه الفقرة هي أن الحكومة الموريتانية كانت في الفترة التي انطلق فيها حراك "ماني شاري كزوال" تربح من كل لتر 236 أوقية قديمة تقريبا، وتربح سنويا من فارق أسعار المحروقات ما يقارب 230 مليار أوقية قديمة، أما في العام 2022 وبعد الزيادة الأخيرة، فإن الحكومة الموريتانية ما تزال تخسر عند بيع كل لتر من المازوت 290 أوقية قديمة، وقد رصدت في ميزانيتها 138 مليار أوقية قديمة لدعم المحروقات. كما أن الفترة التي انطلق فيها حراك "ماني شاري كزوال" شهدت تخفيضات هامة في أسعار المحروقات في كل دول المنطقة باستثناء موريتانيا، أما في العام 2022 فإن زيادة أسعار المحروقات تبقى هي القاسم المشترك لدى أغلب دول المنطقة، وخارج دول المنطقة.

هذا هو السياق العام المتعلق  بملف أسعار المحروقات  في العامين 2016 و 2022، ومع ذلك فهذا ليس هو الرد على السؤال : أين دراعتي تحتج، وهل سترتديها الآن؟

أين دراعتي تحتج، وهل سترتديها الآن؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، فإنه من المهم أن أقول إن تجربتي في حراك "ماني شاري كزوال" تشرفني وترفع رأسي، وإني أشعر بالفخر بما قدمتُ في هذا الحراك الذي امتاز عن غيره من الحراكات الاحتجاجية التي شهدتها العشرية بأنه كان :

ـ الحراك الأطول نفسا؛

ـ الحراك الأكثر تمددا داخل الولايات والمدن؛

ـ الحراك الأكثر قدرة على ابتداع أساليب احتجاجية جديدة، ومن تلك الأساليب "دراعتي تحتج"، والتي أخرجت الحراك من الرتابة الاحتجاجية التي كان يعيشها في تلك الفترة، وذلك على الرغم من أن بعض الناشطين في الحراك وقفوا ضدها بقوة. هذه الفكرة التي كانت تدخل في مسار احتجاجي إبداعي لم يكتمل للأسف، والتي تم التشويش عليها بقوة من داخل الحراك، يكفيها نجاحا أنه تم تقليدها خارج حدودنا، وأنها هي أول ما يتم تذكره عند أي حديث عن  حراك "ماني شاري كزوال".

لقد بذلت جهدا كبيرا في هذا الحراك لا أجد ضرورة  للحديث عنه الآن، ولكني في لحظة ما، وعندما تأكد لي أن الحراك بدأ يدخل في مسار مسدود انسحبتُ منه بهدوء، ودون أن أعلن ذلك، خوفا من أي تشويش على الحراك، تاركا الفرصة لبعض نشطائه لمواصلة المسار، وبالفعل فقد تم تنظيم عدة وقفات احتجاجية لم أشارك فيها، وذلك من قبل أن يتوقف الحراك بشكل نهائي.

خلاصة القول في هذه الفقرة هي أني انسحبتُ من حراك "ماني شاري كزوال" وهو ما زال موجودا ينظم وقفاته الأسبوعية، وكان ذلك في عهد الرئيس السابق، وليس في عهد الرئيس الحالي.

أيهما أكثر تأثيرا وفائدة : الحراكات الاحتجاجية أم الحملات التوعوية؟

لقد شغلني هذا السؤال كثيرا في السنوات الأخيرة من العشرية، وكان السبب في ذلك هو أن مشاركتي في الأنشطة الاحتجاجية لحراك "ماني شاري كزوال" تصادفت مع مشاركتي في أنشطة حملة "معا للحد من حوادث السير" التوعوية، والتي لم تنظم منذ تأسيسها وحتى الآن، أي وقفة احتجاجية.

بعد عملية قياس للنتائج، ولا أهمية لنشاط لا يمكن قياس نتائجه، وجدت أن ما حققته حملة "معا للحد من حوادث السير" على الأرض كان أفضل بكثير مما حققه حراك "ماني شاري كزوال" رغم الفارق الكبير بين الجهد المبذول في الحراك والجهد المبذول في الحملة.

هذا الاستنتاج الميداني جعلني أقرر أن أركز أكثر على الحملات التوعية، وأن أخصص لها جل ـ إن لم أقل كل ـ وقتي وجهدي.

ونتيجة لذلك فقد خططت للمشاركة في أربع أو خمس حملات توعوية كبرى:

1 ـ حملة معا للحد من حوادث السير التي انطلقت في شهر أغسطس من العام 2016، وما تزال مستمرة، ونرجو لها أن تتدخل في الفترة القادمة في مجالات بكر ذات أثر مباشر على السلامة الطرقية، ولم يتم التدخل فيها من قبل؛

2 ـ حملة معا لمحاربة الفساد، والتي انطلقت أنشطتها في شهر يوليو 2020، ويتم التخطيط لإعادة إطلاقها في الفترة القادمة بشكل أوسع وأكثر فعالية؛

3 ـ حملة معا لتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني، والتي تعرف رسميا ب"الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية". وقد انطلقت رسميا في منتصف شهر سبتمبر 2021.

لقد أخذت هذه الحملة الأخيرة جل الجهد والوقت خلال هذه السنة، وكان ذلك على حساب حملة معا لمحاربة الفساد، وسبب ذلك واضح وجلي، وهو أنه أمامنا اليوم فرصة كبيرة للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية من خلال مسار التشاور الوطني حول التعليم. ونحن إن ضيعنا هذه الفرصة في الخروج من هيمنة اللغة الفرنسية في التعليم والإدارة، وهي اللغة التي تتراجع عالميا بشكل لافت، فسيعني ذلك أنه لن تتاح لنا فرصة أخرى إلا من بعد عقد أو عقدين من الزمن، فعمليات إصلاح التعليم لا يمكن مراجعتها كل سنة أو سنتين، فهي تحتاج على الأقل لأكثر من عقد من الزمن للقيام بإصلاح جديد، على العكس من الملفات الأخرى كالفساد أو ارتفاع الأسعار أو غير ذلك من الملفات التي إذا لم تنشغل بها اليوم، فستبقى أمامك  فرصة للانشغال بها غدا أو بعد غد.

أقول هذا الكلام  للرد على بعض قصيري النظر، والذين يقولون إن ترتيب الأولويات كان يقتضي الاهتمام أولا بالأسعار أو الفساد ، وترك قضية تفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني إلى وقت آخر.

إن الأسعار والفساد  وغير ذلك من القضايا والملفات الهامة  يمكن الاهتمام بها في هذا العام وفي العام المقبل، والعام الذي يليه، أما فرصة إعطاء اللغة العربية مكانتها التي تستحق في التعليم إن ضيعناها هذا العام، فإن الفرصة لإعطائها المكانة التي تستحق لن تتوفر لنا مجددا إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، ذلك أن إصلاحات التعليم لا تتم كل عام أو عامين..هذا قوس فتحته ـ دون استئذان ـ  للرد على الذين يقولون أن هناك ما هو أولى بالاهتمام من اللغة العربية في الوقت الحالي.

4 ـ هناك حملة أو حملتان أفكر في إطلاقهما مستقبلا، واحدة منهما بُرمجَ لإطلاقها في العام 2023 إن كان في العمر بقية، وستكون تحت شعار : "معا لحماية المستهلك".

خلاصة هذه الفقرة الأخيرة من المقال هي أن كاتب هذه السطور منشغل في هذه الفترة في حملات توعوية، وهو لا يفكر حاليا في الأنشطة الاحتجاجية، سواء تعلقت تلك الأنشطة بارتفاع أسعار المحروقات أو بقضايا أخرى.  لا يعني هذا الكلام أني لن أشارك مستقبلا في أي نشاط احتجاجي إن تبينت لي جدوائية وأهميته. نعم يمكن أن أشارك من حين لآخر في الأنشطة الاحتجاجية إن كانت مقنعة، ولكن ستبقى الأولوية دائما للأنشطة التوعوية التي تحدثتُ عنها في الفقرة السابقة.

آه، نسيت أن أقول إني أتحرك وفق ما يمليه على ضميري، ووفق ما اعتقد أنه سيحقق مصلحة عامة، وأنه لا شيء يلزمني ـ لا أخلاقيا ولا سياسيا ـ أن أتحرك تبعا لتقلبات مزاج الآخرين.

 حفظ الله موريتانيا...

السبت، 16 يوليو 2022

عن خفض دعم أسعار المحروقات


قررت الحكومة الموريتانية يوم الجمعة الموافق 15 يوليو 2022 أن تخفض ـ وبشكل كبير ـ من حجم دعمها لأسعار المحروقات السائلة، وهو ما نتج عنه ارتفاع غير مسبوق في أسعارها (130 أوقية قديمة زاد بها سعر لتر البنزين، و115 زاد بها سعر لتر المازوت)، وهو ما يعني أن السعر الجديد للتر المازوت في العاصمة نواكشوط  وصل إلى499.6 أوقية قديمة، وإلى 566.4 أوقية قديمة بالنسبة للبنزين.

لم تقرر الحكومة الموريتانية رفع أسعار المحروقات مع بداية ارتفاع أسعارها عالميا، ولم تقرر رفعها بالتدرج كما حدث في الكثير من دول العالم، وإنما على العكس من ذلك فقد ارتأت أن تؤخر زيادة أسعار المحروقات إلى آخر لحظة، وأن تأتي هذه الزيادة دفعة واحدة ودون تدرج (130 أوقية قديمة بالنسبة للتر البنزين، و115 أوقية قديمة للتر المازوت).

فما هي حجج الحكومة لتبرير هذه الزيادة غير المسبوقة في أسعار المحروقات، والتي وصلت إلى  نسبة 27%؟

لعل من أهم الحجج التي تم تقديمها لتبرير هذه الزيادة:

 أن هناك ارتفاعا كبيرا في أسعار المحروقات على المستوى العالمي، وأن أغلب الدول، وبما فيها الدول المجاورة، قامت برفع أسعار المحروقات محليا؛

2 ـ أن الحكومة ظلت خلال الفترة الماضية تتحمل عبئا ماليا كبيرا، وصل إلى 20% من الميزانية، وأنها لم تعد قادرة على مواصلة تحمل هذا العبء ، مع العلم أن هذه الزيادة لن تلغي هذا العبء بشكل كامل وإنما ستقلصه فقط، فالدولة ما تزال بعد الزيادة الأخيرة تتحمل ما يزيد على مائتي أوقية قديمة عن كل لتر مازوت يباع في موريتانيا، فالسعر الحقيقي الذي يجب أن يباع به لتر المازوت في حالة إلغاء الدعم بشكل كامل سيكون 710 أوقية قديمة، حسب ما جاء في المؤتمر الصحفي لمعالي وزير المالية.

3 ـ أن هذا الدعم الذي كانت تتكلفه الدولة كان يشجع على تهريب المحروقات إلى بعض الدول المجاورة، والتي بلغت فيها الأسعار مستويات أعلى بكثير من مستوى أسعارها محليا. يعني هذا أن نسبة من دعم الحكومة الموريتانية للمحروقات كانت تذهب إلى جيوب مواطني بعض الدول المجاورة. تزداد خطورة التهريب في كون الكمية التي تستوردها موريتانيا سنويا محدودة وطاقة التخزين محدودة، مما يعني أن التهريب سيؤدي  في المحصلة إلى نقص في كمية المحروقات، بل وإلى حدوث أزمة محروقات في البلاد، وهو ما قد ظهرت بعض بوادره في أوقات سابقة.

ويبقى السؤال : هل هذه الحجج مقنعة؟

إن هذه الحجج ستكون مقنعة إن هي صاحبتها بعض الإجراءات القبلية والبعدية.

أولا/  الإجراءات القبلية

تعودنا في هذه البلاد أن الحكومات ترفع دائما أسعار المحروقات محليا إن ارتفعت أسعارها عالميا، ولكنها تنسى دائما أن تخفضها إن هي انخفضت عالميا.

في عهد الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى شهدت أسعار المحروقات ارتفاعا عالميا غير مسبوق، بلغ ذروته في يوم 11 يوليو 2008، ففي هذا اليوم وصل سعر برميل النفط إلى 147 دولارا ، وهذا هو أعلى مستوى سعر يصله برميل النفط منذ أن أصبح النفط سلعة تباع وتشترى. في تلك الفترة كان سعر المازوت يباع في العاصمة نواكشوط ب : 303.7 أوقية . بعد انقلاب السادس من أغسطس 2008 شهدت أسعار المحروقات انخفاضا عالميا كبيرا وصل إلى 40 دولارا للبرميل في يوم 5 ديسمبر 2008، أي أنه انخفض بنسبة أكثر من الثلثين خلال أربعة أشهر فقط، وسيظل الانخفاض هو الغالب الأعم خلال السنوات الخمس التي أعقبت الانقلاب. هذا الانخفاض تم استغلاله فقط خلال الأشهر الثمانية الأولى من بعد الانقلاب لمواجهة الحراك الشعبي الرافض للانقلاب.

لقد تم تسجيل  أول تخفيض في أسعار المحروقات في يوم 20 أكتوبر 2008، وكان في حدود 37 أوقية بالنسبة للتر المازوت الذي انخفض من 303.7 للتر إلى 266.4 للتر، وكان التخفيض الثاني في يوم 19 فبراير 2009 وفي حدود 20 أوقية للتر المازوت مما أوصل سعر اللتر إلى 245.2 للتر، وكان التخفيض الثالث في يوم 12 إبريل 2009، وبمقدار عشرين أوقية، فوصل سعر لتر المازوت في نواكشوط إلى 225.2 أوقية.

بعد ذلك ـ ورغم الانخفاض العالمي في أسعار المحروقات ـ  بدأت سلسلة من الزيادات، وصلت في مجموعها إلى ما يقارب 40 زيادة، وكانت آخر زيادة هي تلك التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة الموافق 6 سبتمبر 2013، والتي أوصلت سعر لتر المازوت في نواكشوط إلى 384.6 أوقية قديمة، وهو ما يعني أن الزيادات بلغت في مجموعها 159.4 أوقية، وقد بقى السعر ثابتا على هذا المستوى لثمان سنوات رغم الانخفاض الكبير في أسعار المحروقات عالميا ، وذلك من قبل أن ترتفع في الفترة الأخيرة بسبب حرب أوكرانيا . ظل ذلك السعر ثابتا إلى غاية يوم الجمعة 15 يوليو 2022، حيث حدثت الزيادة الأخيرة، والتي أوصلت سعر لتر المازوت في العاصمة نواكشوط إلى  499.6 أوقية قديمة.

خلال تلك السنوات الثماني كان يتم الرد على كل من يُطالب بتخفيض الأسعار محليا لتتناسب مع انخفاضها عالميا، أن من حق الدولة أن تستعيد ما أنفقته في سنوات سابقة على دعم المحروقات!!

لا خلاف على أن النظام الحالي واجهته أزمات عالمية خلال ما مضى من المأمورية ( جائحة كورونا وحرب أوكرانيا)، ومع ذلك، فقد كانت هناك فرصة لخفض أسعار المحروقات ولو بنسبة قليلة، من قبل رفع أسعارها في يوم الجمعة 15 يوليو 2022، ولكن هذه الفرصة لم تستغل، وهو ما يعني أن الإجراء القبلي لم يتخذ، فماذا عن الإجراءات المصاحبة أو البعدية؟  

ثانيا/  الإجراءات المصاحبة أو البعدية

1ـ صحيح أن الدولة كانت ـ وما تزال ـ تنفق نسبة كبيرة من ميزانيتها على دعم المحروقات، ولكن الصحيح أيضا أن هناك نسبة أكبر من هذه الميزانية تضيع بسبب نهب المال العام وسوء التسيير، فهل ستتخذ الحكومة إجراءات صارمة وقوية وحازمة لوقف نهب المال العام، وأن تكون تلك الإجراءات من حيث الصرامة بنفس المستوى الذي تم بموجبه زيادة أسعار المحروقات محليا؟

2ـ يعيش العالم على وقع أزمات خطيرة ( جائحة كورونا وحرب أوكرانيا)، ولا خلاف على أن الأثر السلبي لتلك الأزمات على بلد كبلدنا واضح وجلي، ولكن التعامل مع هذه الأزمات يجب أن لا ينحصر في مجال واحد، أي في خفض نسبة كبيرة من دعم المحروقات، بل يجب أن يمتد أيضا إلى مجالات أخرى، فلماذا لا يُعلن عن سياسة تقشفية تهدف إلى تقليص حجم النفقات غير الضرورية لمواجهة الآثار السلبية لهذه الأزمات العالمية ؟ ولماذا لا يعلن مثلا عن تخفيض لرواتب الوزراء وكبار المسؤولين؟

3ـ من الإجراءات البعدية التي يجب اتخاذها أن يتم التدخل وبشكل فوري  لصالح المواطنين الأكثر هشاشة لتخفيف آثار أعباء زيادة المحروقات عليهم ، فهذه المبالغ التي ستستعيدها الدولة من خلال خفض دعم أسعار المحروقات يجب أن يلمسها المواطن الهش ـ وبشكل شبه فوري ـ  من خلال برامج اجتماعية أو تدخلات مباشرة لدعم قدرته الشرائية؛

4 ـ من هذه الإجراءات المصاحبة والبعدية  يمكن أن نذكر ضرورة الوقوف بحزم ضد أي محاولة لاستغلال فج لهذه الزيادة من طرف الناقلين والتجار. لقد تعودنا في هذه البلاد أن يستغل التجار أي زيادة في الأسعار بإحداث زيادات تفوق بكثير تلك الزيادة، فمثلا عندما تزداد أسعار المحروقات بنسبة معينة، فإن الناقلين يضاعفون وبشكل تلقائي سعر التذاكر، فسعر التذكرة لا يزيدونه مثلا ب50 أوقية قديمة، وإنما يزيدونه بمائة أوقية كاملة.

إن زيادات الأسعار في بلادنا أصبحت تتم بالأرقام الدائرية فقط، وقد ساهم تغيير قاعدة الأوقية في ذلك، فمن مائة ننتقل مباشرة إلى مائتين، ودون المرور ب120 أو 140 أو 180. هذا النوع من الزيادات يجب الوقوف بحزم ضده، وخاصة على مستوى أسعار تذاكر النقل، في هذه الأيام التي شهدت ارتفاعا في أسعار المحروقات.

5ـ لقد آن الأوان لأن تتوقف الحكومة عن التعامل الأحادي أو التعامل من وجه واحد  مع تغير أسعار المحروقات عالميا، أي أنها ترفع الأسعار محليا عندما ترتفع الأسعار عالميا، ولا تخفضها محليا إن هي انخفضت عالميا، ففي حالة الانخفاض في أسعار المحروقات عالميا، فإن ذلك يجب أن ينعكس أيضا على الأسعار محليا، وبما أن هناك انخفاضا قد لوحظ خلال الأيام الأخيرة للأسعار العالمية للمحروقات أوصلها إلى سعرها ما قبل الحرب على أوكرانيا، ففي حالة استمرار هذا الانخفاض، فإنه على الحكومة أن تخفض الأسعار محليا، وبما يتناسب مع ذلك الانخفاض في أسعارها عالميا.  

أكتفي بهذا القدر في هذا المقال التحليلي عن زيادة أسعار المحروقات، وسأحاول في المقال القادم أن أجيب ـ إن شاء الله ـ  على أسئلة كل الذين تذكروني مع هذه الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، فسألوا عن حراك "ماني شاري كزوال"، وعما إذا كنتُ سأرتدي من جديد "دراعتي تحتج" أم لا؟

حفظ الله موريتانيا...

الأربعاء، 13 يوليو 2022

الفساد ليس خصما ضعيفا.. فلنحاربه معاً!(2)


سنخصص الحلقة الثانية من هذه السلسة للحديث عن ملامح الحملة الشعبية الكبرى لمحاربة الفساد، والتي نريدها أن تشكل أهم حراك شعبي منظم 
للتوعية حول خطورة الفساد، وكذلك للمساهمة الفعالة في الجهود الحكومية الرامية إلى محاربته.

إن أي مواجهة مع الفساد، حربا كانت أو انتفاضة، تستوجب من ضحايا الفساد أن يكونوا على الخطوط الأمامية في المواجهة، وأن لا ينتظروا أن تخاض حرب أو انتفاضة ضد الفساد بالوكالة عنهم.

صحيحٌ أن الكل معني بمحاربة الفساد، ولكن الصحيح أيضا أن المعني الأول هم ضحايا الفساد الذين يفعل فيهم الفساد أفاعيله، والحملة الشعبية الكبرى التي نحضر لإطلاقها ستتيح للضحايا أن يكونوا على الخطوط الأمامية في أي مواجهة مع الفساد.

لقد بينا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة أن تدخل الحملة الشعبية الكبرى لمحاربة الفساد سيكون في المجالات التالية :

1 ـ التوعية؛

2 ـ  المؤازرة الشعبية والإعلامية للحكومة عند فتحها لأي ملف فساد؛

3 ـ  تبيان مظاهر الخلل أو التقصير في العمل الحكومي وكشف ما يمكن كشفه من ملفات فساد؛

4 ـ العمل على تنفيذ توصيات الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة التي تم تحيينها مؤخرا.

فعلى سبيل المثال ففي المجال الأول والأخير، أي في مجال التوعية وتفعيل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، فإن الحملة الشعبية الكبرى لمحاربة الفساد ستبدأ أنشطتها التوعوية بحملة واسعة ضد الرشوة، والتي أصبحت ـ وللأسف الشديد ـ  تمارس بشكل عادي في العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية.

سيكون شعار هذه الحملة هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي لعن فيه الراشي والمرتشي والرائش، وسيتم التذكير بهذا الحديث في أغلب المؤسسات والإدارات التي يمكن أن تشكل بؤرة للرشوة، وسيكون ذلك من خلال أنشطة توعوية ميدانية ترفع فيها اللافتات وتثبت فيها الملصقات وتستخدم فيها كل الوسائط التوعوية، على أن يتم التركيز على :

ـ مراكز وفروع شركتي الماء والكهرباء؛

ـ مراكز وفروع الوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة؛

ـ مراكز وفروع إدارتي الضرائب والجمارك؛

ـ لجان الصفقات العمومية؛

ـ المراكز الصحية والمستشفيات..إلخ

ستبدأ هذه الحملة التوعوية الخاصة بالرشوة في العاصمة نواكشوط، على أن تمتد مستقبلا  حتى تشمل كل عواصم الولايات الداخلية، والتي سنعمل على أن نشكل فيها فروعا جهوية للحملة من قبل نهاية العام الجاري.

بخصوص الهيكلة فإن الحملة ستبدأ العمل من خلال عدة منسقيات قابلة للزيادة، وقد بدأت بالفعل بتشكيل بعض منسقياتها، وستكون هناك:

ـ منسقية الأئمة والدعاة؛

ـ منسقية شباب ضد الفساد؛

ـ منسقية مدونون ضد الفساد؛

ـ منسقية نساء ضد الفساد...إلخ.

وستسعى الحملة إلى أن تجعل من تخليدها لليوم العالمي لمحاربة الفساد (9 دجمبر 2022) بداية لانطلاق أنشطتها في كل عواصم ولاياتنا الداخلية.

 

حفظ الله موريتانيا...

الاثنين، 11 يوليو 2022

الفساد ليس خصما ضعيفا.. فلنحاربه معاً!(1)


من المسلمات التي هي محل اتفاق الجميع أنه لا تنمية مع الفساد، ولا إصلاح مع الفساد، ولا تغيير نحو الأفضل مع الفساد، وأنه لن يكتب النجاح لأي خطة إصلاح، ومهما كانت جودتها، إذا لم تسبقها ـ أو تصاحبها على الأقل ـ حرب جدية تخوضها الحكومة ضد الفساد، وانتفاضة شعبية واسعة يطلقها المجتمع ضد الفساد. أنبه هنا إلى أن التفريق بين الحرب والانتفاضة في مواجهة الفساد هو تفريق مقصود، وهو من أجل التمييز بين دور الحكومة ودور المجتمع في مواجهة الفساد، وهو كذلك من أجل تبيان أهمية التكامل بين الدورين، فبدون التكامل بينهما، فسيبقى الفساد يتسع ويتمدد، وهو ما سيمكنه في نهاية المطاف من وأد أي خطة إصلاح عند ميلادها، بل وحتى من قبل من ميلادها.

إن الفساد يعدُّ خصما شرسا لأي خطة إصلاح أو أي مسعى تنموي، وهو عندما يتفشى في بلد ما بشكل واسع، فإنه في هذه الحالة يصبح لا يختلف عن المستعمر أو المحتل، ولذا فالخلاص منه يحتاج إلى حرب تحرير واسعة يشارك فيها الجميع، وحرب التحرير هذه هي حربٌ مصيرية، فإما أن ننتصر على الفساد حكومة وشعبا، فننعم بثمار ذلك النصر، وإما أن نستسلم له، ونرفع الراية البيضاء، وحينها سيصبح مستقبل البلاد مفتوحا على كل السيناريوهات والاحتمالات الأكثر سوءا.

إن الانتصار على الفساد لن يتحقق بدون حرب تحرير واسعة تخاض ضده، وتتمثل حرب التحرير هذه في : حرب جدية تطلقها الحكومة، وانتفاضة شعبية واسعة تطلقها القوى الحية في المجتمع. ومن هنا وجب التوقف قليلا مع الحرب على الفساد والانتفاضة ضد الفساد.

أولا / الحرب على الفساد

إن الحكومة هي وحدها القادرة على خوض  حرب على الفساد، ذلك أن الحرب على الفساد كأي حرب أخرى تحتاج إلى أسلحة، والأسلحة لا تملكها إلا الحكومات، وهي وحدها القادرة على استخدام تلك الأسلحة، وهذه هي أهم ثلاثة أسلحة يُمكن للحكومات أن تحارب بها الفساد:

السلاح الأول / الإرادة السياسية: أي أن تكون هناك إرادة سياسية قوية وصارمة لدى رئيس الجمهورية وحكومته لمحاربة الفساد؛

السلاح الثاني / الأجهزة الرقابية والقضائية: أي أن تكون هناك أجهزة رقابية تعمل بشكل فعال (الرقابة البرلمانية؛ محكمة الحسابات؛ المفتشية العامة للدولة؛ المفتشية العامة للمالية ..إلخ)، هذا فضلا عن وجود جهاز قضائي فعال؛

السلاح الثالث / مبدأ المكافأة والعقوبة: لابد من الأخذ بهذا المبدأ في أي حرب على الفساد، وذلك حتى ينال الموظف المفسد ما يستحق من عقوبات إدارية وقضائية، وينال الموظف النزيه ما يستحق من ترقية وتكريم.

ثانيا / الانتفاضة الشعبية ضد الفساد

على المستوى الشعبي في مواجهة الفساد، فإنه يمكننا أن نتحدث عن مقاومة شعبية أو انتفاضة شعبية، والانتفاضة الشعبية ضد الفساد كأي انتفاضة أخرى لا تحتاج إلى أسلحة محددة، فكل شيء يمكن أن يستخدم كسلاح في هذه الانتفاضة، فحتى نظرة الازدراء وإظهار عدم التقدير لكل مفسد معلوم الفساد يمكن استخدامها كسلاح قوي في الانتفاضة الشعبية ضد الفساد، فهذا السلاح البسيط لا أحد يستخدمه رغم أن استخدامه متاح للجميع، بل على العكس من ذلك فنظرة الازدراء والاحتقار لم يعد مجتمعنا ينظر بها إلا للموظف النزيه والمستقيم، والذي تمنعه استقامته من أن يجمع أموالا طائلة من سرقة المال العام، وإنفاق فتاتها كرشوة للمجتمع لينال بالتالي نظرات التقدير والإعجاب من مجتمع جشع أصبح يشكل حاضنة قوية للفساد، وأصبح لا يقدر ولا يحترم إلا المفسد الوقح الذي يسرق المال العام في وضح النهار، والذي تصل به وقاحته إلى أن يتباهى بمسروقاته نهارا جهارا من خلال تشييد العمارات واقتناء السيارات الفاخرات، مع العلم أنه لو جمع كل راتبه لثلاثة عقود كاملة لما تمكن من تشييد منزل واحد في إحدى المقاطعات الراقية في ولاية نواكشوط الغربية.

إن من أهم الأسلحة التي يمكن أن نستخدمها في أي انتفاضة شعبية ضد الفساد هي أن نصحح هذا الانقلاب القائم في قيمنا المجتمعية، وعندما نصحح ذلك الانقلاب القيمي، ونعيد بالتالي المجتمع إلى فطرته السليمة، فإننا بذلك نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في حربنا المصيرية ضد الفساد والمفسدين.

إن الانتفاضة الشعبية ضد الفساد، وكما قلنا سابقا ليست لها أسلحة محددة، وكل شيء يمكن أن يستخدم فيها كسلاح، وعموما فهناك مجالات للتحرك الشعبي ضد الفساد يجب أن يركز عليها أي حراك شعبي يخطط  ـ وبشكل جاد ـ  لأن ينتفض ضد الفساد، ولعل من أهم تلك المجالات:

المجال الأول / التوعية : لقد أصبحنا نعيش في مجتمع متصالح مع الفساد بل وحاضن له، أي أننا نعيش في مجتمع لا يرحب بأي مواجهة حقيقية وجدية مع الفساد، هذه حقيقة لابد من الاعتراف بها، ولذا فإن أهم دور يمكن أن يلعبه أي حراك شعبي ضد الفساد هو العمل على تغيير نظرة المجتمع للفساد والمفسدين، ويحتاج ذلك إلى جهد توعوي واسع وطويل النفس يشارك فيه كل من يستطيع أن يؤثر في الرأي العام من علماء وساسة ونشطاء جمعويين وصحافة ومدونين...إلخ

والهدف من هذا الجهد التوعوي هو جعل المجتمع يغير نظرته إلى الرشوة وسرقة المال العام وكل أشكال الفساد، يغيرها من نظرة تشجع تلك الأفعال إلى نظرة تزدري تلك الأفعال وتذمها وتحتقر كل من يقوم بها. وهنا لابد من الإشارة  إلى أن الكثير من أفراد المجتمع قد يقفون عمليا ضد أي جهد توعوي ضد الفساد، وذلك على الرغم من أنهم هم المستفيد الأول من مواجهة الفساد، فالتغيير ـ أي تغيير ـ قد يجد في البداية مقاومة قوية من المستفيد منه، ومن هنا تبرز أهمية التوعية أكثر؛

المجال الثاني / خلق ذراع شعبي حيوي ونشط يقدم الدعم والمؤازرة الشعبية والإعلامية للحكومة عند فتحها لأي ملف فساد. فمن المعروف أنه عند فتح أي ملف فساد فإن الذي يجد الدعم الإعلامي والشعبي هو المفسد الذي تقف معه قبيلته، وكثير من أولئك الذين وصلهم بعض الفتات من أمواله الطائلة التي سرق، وتبقى الجهة الحكومية التي تقف وراء فتح ذلك الملف وحيدة دون أي دعم، بل كثيرا ما تصبح هي المتهم الأول بممارسة جريمة "تصفية الحسابات" ضد هذا المفسد أو ذاك، أو بممارسة "التمييز السلبي" في فتح هذا الملف دون ذاك.

ولعل من أهم الحجج التي يحاول البعض أن يشوش بها على أي ملف فساد يتم فتحه، هي انشغاله عند فتح أي ملف فساد بتعداد مظاهر الفساد في البلد، والقول بأنه لا أهمية لفتح ذلك الملف من قبل فتح كل ملفات الفساد الأخرى. إن من يُطالب بفتح ملفات الفساد دفعة واحدة إنما يُطالب بالمستحيل، وهو في حقيقة أمره لا يريد حربا على الفساد، فاشتراط فتح كل ملفات الفساد دفعة واحدة، في بلد تفشى فيه الفساد هو شرط تعجيزي، ومن يطرح شرطا كذلك، إنما يناصر الفساد والمفسدين، علم بذلك أو لم يعلم.

المجال الثالث / تبيان مظاهر الخلل أو النقص في العمل الحكومي، وكشف ما يمكن كشفه من ملفات فساد، مع العمل على تقديم ما يمكن تقديمه من مقترحات قد تساهم في الحد من الفساد.

المجال الرابع/  العمل على تنفيذ توصيات الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، والتي تمت المصادقة عليها في العام 2010، ويتم تحيينها الآن، ومن دون أن يتم تفعيل أي توصية من توصياتها الهامة.

إن العمل على تنفيذ توصيات هذه الإستراتيجية يعدُّ من أهم الأنشطة التي يمكن لأي حراك شعبي ضد الفساد أن يقوم بها، ويتأكد الأمر بالنسبة لتلك التوصيات التي تقع مسؤولية تنفيذها على المجتمع المدني.

بهذا نكون قد وضعنا تصورا أوليا لملامح الحملة الشعبية الكبرى لمحاربة الفساد، والتي نأمل أن تنطلق في هذه البلاد للحد من الفساد، وستكون هناك مقالات أخرى إن شاء الله تقدم تفاصيل أكثر عن ملامح هذه الحملة الشعبية التي نحتاجها كثيرا للحد من الفساد في بلادنا.

حفظ الله موريتانيا...

الجمعة، 8 يوليو 2022

حتى لا تتحول فرحة العيد إلى أحزان!


جرت العادة أن تزداد كثافة حركة السير في مواسم معينة، والأكيد أنها ستزداد خلال الأيام القادمة، وذلك نظرا لتزامن ثلاثة مواسم :

1 ـ اختتام السنة الدراسية وبدء العطلة الصيفية؛

2 ـ تهاطل الأمطار في بعض مناطق البلاد، وبدء الحديث عن موسم الخريف؛

3 ـ حلول عيد الأضحى المبارك.

في كل موسم من هذه المواسم تزداد كثافة حركة السير بين الولايات والمدن والقرى، وحتى داخل المدن، وتبقى مواسم الأعياد هي الأكثر خطورة، وذلك لسببين اثنين:

أولهما : أن عطلة العيد هي مجرد أيام قليلة (ثلاثة إلى أربعة أيام)، وضيق هذا الوقت مع إصرار الكثير من الموريتانيين على الذهاب إلى الأهل والعودة إلى مكان العمل خلال فترة وجيزة قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإفراط في السرعة، ومن المعروف أن الإفراط في السرعة يعدُّ هو السبب الأول في حوادث السير؛

ثانيهما : أنه في فترة الأعياد تزداد نسبة السيارات التي يقودها القصر والمراهقون بشكل كبير، وهذه السيارات التي يقودها قصر أو مراهقون قد تكون مؤجرة، وقد تكون مملوكة للأهل والأقارب.

يعني كل ذلك أن الأيام القادمة ستكون أياما حرجة على مستوى السلامة الطرقية نسأل الله السلامة الجميع، ولذا فهذه جملة من النصائح موجهة إلى عدة جهات، نرجو أن يتم الأخذ بها حماية للأنفس والممتلكات.

أولا / نصائح موجهة إلى السائق

1ـ خفف السرعة (السرعة هي السبب الأول في حوادث السير)؛

2 ـ  ضع حزام الأمان ( بعض السائقين يتحايل على نقاط التفتيش فيضع الحزام عند نقطة التفتيش وينزعه بعد تجاوزها..إنه بهذا الفعل الغريب يتحايل على نفسه لا على عناصر نقطة التفتيش، فعندما يقع حادث ـ لا قدر الله ـ فإن الذي سيتضرر من عدم وضع الحزام هو السائق لا عناصر نقطة التفتيش)؛

 احذر مفاجآت الطريق : الحفر ؛ ألسنة الرمال؛ الحيوانات السائبة ...إلخ

 لا تستخدم الهاتف أثناء القيادة، وتوقف فورا عن القيادة عند الشعور بالتعب أو النعاس، 5 ـ التزم بكل قوانين السير.

ثانيا / نصائح موجهة إلى الراكب

1 ـ لا تشغل السائق بالأحاديث الجانبية؛

2 ـ لا تطلب من السائق أن يزيد من السرعة، ولا من الحمولة، فكثيرا ما نلاحظ أن بعض الركاب بدلا من أن يطلب من السائق التقيد بإجراءات السلامة المرورية، فإنه يشغله بالأحاديث الجانبية، ويحثه ـ في الوقت نفسه ـ على زيادة السرعة، وزيادة الحمولة حتى لا يبقى شيئا من حقائب ذلك الراكب وأمتعته.

3 ـ  لا تترك السائق يخاطر بحياتك، وهناك قصص كثيرة تؤكد أهمية الوقوف ضد تهور السائقين، ومنها أن سيدتين طلبتا من سائق حافلة ركاب صغيرة ذات سفر على طريق الأمل  أن يخفف من السرعة، فرفض، فما كان منهما إلا أن قررتا ترك الحافلة والبحث عن وسيلة نقل أخرى.. واصل سائق الحافلة طريقه وبنفس السرعة، وعلى مسافة غير بعيدة تعرضت الحافلة لحادث سير تسبب في وفاة عدد من ركابها، وإصابة آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة.

هذا الوعي، وهذا الأسلوب المتحضر أنقذ حياة السيدتين، وهو أسلوب نطلب من كل راكب أن يتبعه إذا لم يتقيد السائق بإجراءات السلامة المرورية.

ثالثا/  نصائح إلى الآباء وإلى مؤجري السيارات

بالنسبة للآباء فنصيحتنا لهم هي أن يتوقفوا فورا عن منح السيارات لأبنائهم الصغار، وخاصة في فترة الأعياد. أما بالنسبة لمؤجري السيارات للمراهقين فندعوهم إلى أن يتقوا الله في شبابنا، وأن يتوقفوا عن تأجير السيارات للقصر والمراهقين، فتأجيرهم للسيارات للمراهقين والقصر قد تسبب في إزهاق الكثير من الأرواح.  

رابعا/  نصائح إلى نقاط التفتيش من درك وشرطة وأمن طرق

إن الصرامة في فرض إجراءات السلامة مطلوبة في كل الأوقات، ولكنها مطلوبة أكثر في مثل هذه الأيام التي تتزامن فيها عطلة العيد مع اختتام السنة الدراسية وبدء موسم الخريف.

إن الصرامة مطلوبة بشدة في هذه الأيام في نقاط التفتيش، وداخل المدن خاصة في العاصمة نواكشوط. ففي هذه الأيام يجب أن تكون هناك صرامة شديدة لمنع القصر من قيادة السيارات، ووقف السباقات الليلة التي ينظمها بعض المراهقين، ووقف كل أشكال "اتكاسكادي".

خامسا/ نصائح  إلى مؤسسة أشغال صيانة الطرق

إن صيانة الطرق مطلوبة في كل الأوقات، والتقصير في هذا المجال واضح وبيِّن، ولكن هذا التقصير يجب أن يتوقف على الأقل خلال هذه الأيام التي تكثر فيها حركة السير على شبكتنا الطرقية. على مؤسسة أشغال صيانة الطرق أن تعلن عن حالة استنفار في كل الفترات والمواسم التي تزداد فيها حركة السير كثافة، كما هو الحال في أيامنا هذه.

وتبقى الوصية الأهم، وهي وصية موجهة إلى كل سالكي الطرق : لا تنسوا دعاء السفر، وأكثروا من الصدقة عند أي سفر.

   

حفظ الله موريتانيا...