الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

قصاصة رقم (2)/ أرز بالسمك


مرة طلبت من بعض الطالبات المشاركات في دورة في المركز، أن يتحدثن لزميلاتهن عن تجاربهن في العمل الخيري والتطوعي، إن كانت لهن تجارب في هذا المجال.
إحدى الطالبات قالت بأنها في يوم من الأيام لاحظت وجود شخص ينام تحت شجرة قرب منزل أهلها، وكان في وضعية صعبة جدا، ومن الظاهر أن صحته النفسية لم تكن على ما يرام.
الطالبة ـ والتي أصبحت صحفية بإحدى القنوات الموريتانية المستقلة ـ قررت أن تتكفل في ذلك اليوم بغداء الشخص النائم تحت الشجرة، وكانت هي التي تعد الطعام لأهلها في ذلك اليوم، وكانت الوجبة المعدة عبارة عن الأرز بالسمك.
قررت الطالبة أن توصل للشخص النائم تحت الشجرة غداءه من قبل أهلها، وذلك حتى يصل إليه الطعام وهو لا يزال ساخنا، وقالت بأنها اختارت لنصيب الشخص النائم تحت الشجرة أفضل قطعة سمك، وأشهى الخضروات والتوابل الموجودة في وجبة ذلك اليوم.
حملت الطالبة الطعام، واتجهت إلى الشجرة، وأيقظت الشخص النائم تحتها، ثم ناولته بأدب جم وجبة الطعام.
تأمل الشخص المستظل بالشجرة الوجبة قليلا، ثم رماها على وجه الطالبة وهي لا تزال ساخنة، وكانت فعلته تلك مؤلمة جدا، حسب الطالبة، وقد أربكتها وصدمتها كثيرا، و جعلتها تقرر منذ ذلك اليوم أن لا تتعب نفسها في مساعدة الآخرين، أو الإحسان عليهم.
كانت قد حدثت معي مواقف مشابهة، وإن كانت ليست بذلك الألم، ولا بتلك القسوة التي تعرضت لها الطالبة، لذلك فقد قصصت على الطالبة موقفا من تلك المواقف التي حدثت معي، وقلت لها بأن ذلك يجب أن يشدنا أكثر لفعل الخير.
أتذكر أني مرة اشتريت "مسواكا" وقطعته إلى أجزاء، ثم ناولت إحدى القطع إلى شيخ كبير كان يمر بجنبي، عند ملتقى طرق "اكلينيك"، فما كان من الشيخ إلا أن فتح فاه ليريني بأنه بلا أسنان، ثم قال لي غاضبا : أليس عندك ما تقدمه غير قطعة مسواك لشيخ بلا أسنان...
هذه قصص كتبتها لكي تكون مدخلا للقصاصات القادمة....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق