الأربعاء، 19 أكتوبر 2022

فلنتحرك داخل مثلث الإصلاح!


يجمعني  منذ فترة نقاش مع العديد من المهتمين بالشأن العام، وفي أغلب تلك النقاشات يُطرح دائما السؤال التقليدي : أي حراك سياسي يناسب هذه المرحلة؟

بعد طول تفكير توصلتُ إلى خلاصة مفادها أن ما يناسب هذه المرحلة هو إطلاق حراك سياسي قادر على أن يتحرك بحيوية ونشاط داخل زوايا مثلث الإصلاح، وسأبين في هذا المقال ماذا أقصد بزوايا مثلث الإصلاح. عموما، ومن باب التجديد في المصطلحات فقد اخترتُ استخدام عبارة التحرك داخل مثلث بدلا من العبارة الشائعة التي تتحدث عن التحرك داخل دائرة، وربما يكون ذلك بسبب الرغبة في تجنب عدم تدوير المصطلحات.

 إن هذا الحراك يجب أن يمتلك من الشجاعة والقدرة ـ وهذه هي الزاوية الأولى في مثلث الإصلاح ـ  ما يكفي لتسويق ما تم إنجازه من طرف النظام، بشرط أن لا يدخل ذلك التسويق في إطار ما عهدناه من تطبيل وتصفيق لدى بعض داعمي الأنظمة الحاكمة.

إن تسويق المنجزات الذي أقصد هنا هو ذلك التسويق الإعلامي والسياسي الذي يمتلك مصداقية لدى المواطن، والذي يشجع في الوقت نفسه النظام على القيام بالمزيد من الإنجاز.

 أما الزاوية الثانية في مثلث الإصلاح، والتي لا تقل أهمية عن الزاوية الأولى، فتتمثل في القدرة والشجاعة على كشف ونقد ما يقع من خلل، ولكن بشرط أن لا يكون ذلك النقد يهدف بالأساس إلى تعرية المسؤول عن ذلك الخطأ، وإظهار عجزه أو إظهار عجز النظام. إن ذلك النقد يجب أن يهدف بالأساس إلى معالجة ما يقع من خلل، ومن المعروف أن معالجة أي خلل لابد أن تسبقها عملية الكشف والتشخيص؛

أما الزاوية الثالثة وهي الأهم، فتتمثل في قدرة هذا الحراك على أن يشكل قوة اقتراحية ناصحة، تنصح وتقدم المقترحات لتصحيح ما يتم كشفه من خلل، مع الاستعداد للمساهمة الفعالة مع كل المعنيين في إصلاح ذلك الخلل. 

إن الاكتفاء بتسويق المنجزات وهذا ما تقوم به "الأغلبية التقليدية" لن يؤدي إلى إصلاح حقيقي، وإن الاكتفاء بالنقد وهذا ما تقوم به "المعارضة التقليدية" لن يؤدي هو كذلك إلى أي إصلاح. إن الإصلاح هو عملية أكثر تعقيدا، وهي تحتاج إلى الجمع بين تسويق ما يتم إنجازه تشجيعا للمزيد من الإنجاز، ونقد مكامن الخلل وكشفها سعيا لمعالجتها، هذا فضلا عن تقديم النصح و الاستعداد للتعاون مع الجميع لمعالجة ما يتم رصده من خلل.

هذه هي زوايا مثلث الإصلاح، وهي تحتاج إلى حراك سياسي غير تقليدي يؤسس لما يمكن تسميته ب"الموالاة الناصحة"، ولأنه من المعروف أن الإصلاح لا يمكن أن يتم بدون مصلحين، فمن هنا فإن هذا الحراك بحاجة إلى قادة مؤسسين يمتاز كل واحد منهم بالمواصفات التالية :

1ـ أن لا يكون في ماضيه أي شبهة فساد أو تزلف أو تطبيل؛

2 ـ أن لا يكون في سجله السياسي أنه شارك في أي نشاط جهوي أو شرائحي أو قبلي ذي طبيعة سياسية؛

3 ـ  أن لا يكون من طائفة السلبيين أو المثبطين أو المكتفين بالتفرج على ما يجري في البلد من أحداث دون أن تكون له أي ردة فعل؛ 

4 ـ أن يمتلك شجاعة التثمين والنقد والنصح وأن تكون لديه قوة اقتراحية؛

5 ـ أن يكون على استعداد للتبرع بساعة على الأقل من كل أسبوع للخدمة العامة. 

حفظ الله موريتانيا...

الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

إلى متى سيظل قصر المؤتمرات القديم بلا مسجد؟

 


بينما أنا أفكر في موضوع مقال جديد، فإذا بالفيسبوك يذكرني بمنشور قديم  كنتُ قد كتبته في مثل هذا اليوم من العام 2016 . في اعتقادي أن هذا المنشور  يصلح  لأن يكون موضوع مقال جديد .

 نص المنشور  : "سأستغل مناسبة تنظيم أي نشاط داخل قصر المؤتمرات لأذكر من جديد بأنه لا يوجد مسجدٌ بقصر المؤتمرات..لقد ذكَّرتُ بعدم وجود مسجد في قصر المؤتمرات أثناء التحضيرات للقمة العربية، ولقد تمنيتُ أن يتم تشييد مسجد مع ما شُيد في القصر من تجهيزات أثناء التحضيرات للقمة، ولكن تلك الأمنية لم تتحقق.
وأذكر أيضا بأني ومن قبل أن أقرر التوقف عن كتابة الرسائل المفتوحة للرئيس، كنتُ قد خصصت رسالتي السابعة والمنشورة في يوم 25 مارس من العام 2010 للمطالبة بتشييد مسجد في قصر المؤتمرات.
وهذه فقرة من الرسالة المذكورة:
"سيدي الرئيس، إنه لمن المؤسف حقا أن يكون قصر المؤتمرات للجمهورية الإسلامية الموريتانية ـ المزود بكل التجهيزات اللازمة ـ بلا مسجد يصلى فيه المؤتمرون، خاصة وأن هذا القصر هو المرفق العام الوحيد الذي يمكن له أن يحتضن المؤتمرات والندوات والملتقيات الكبيرة.
واللافت للانتباه هو أن القصر يقع على مساحة كبيرة جدا مما يعني أن هناك أمكنة كثيرة في ساحة القصر يمكن أن يشيد عليها بيت لله في قصر المؤتمرات."
انتهى المنشور الذي تم نشره في مثل هذا اليوم من العام 2016.

(2)

في العام 2007 كتبتُ عدة رسائل مفتوحة للرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله، تُطالب بتشييد مساجد في المباني العمومية، وكان على رأسها المطالبة بتشييد مسجد في القصر الرئاسي ( لم يكن حينها قد تم تشييد مسجد بالقصر الرئاسي)، وآخر في الوزارة الأولى، ثم قصر المؤتمرات... إلخ
للأسف الشديد ما زال مبنى الوزارة الأولى خاليا حتى اليوم من أي مسجد، وكذلك الحال بالنسبة لقصر المؤتمرات القديم. 
ولعل الجديد بخصوص "مسجد قصر المؤتمرات" هو أني لما سألتُ مؤخرا إدارة القصر أخبروني بأن مخطط مشروع المسجد جاهز، وأن المخطط صُمِّم بطريقة تتناسق مع مبنى القصر، وأن ما ينقص الآن هو الترخيص أو الإذن من وزارة الإسكان والعمران، فلماذا لم ترخص وزارة الإسكان العمران لتشييد مسجد في قصر المؤتمرات القديم؟

(3)

حقا، لا يليق بالجمهورية الإسلامية الموريتانية أن يبقى قصر مؤتمراتها القديم بلا مسجد. تصوروا مثلا أن قصر المؤتمرات القديم نُظم فيه نشاط حضره العديد من ممثلي الدول الإسلامية، وكثيرا ما يحدث مثل ذلك، وقد يحدث ذلك في هذه الأيام بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.
وتصوروا أيضا أنه قد حان موعد صلاة الظهر، فأراد المشاركون في تخليد ذكرى المولد النبوي الشريف تأدية صلاة الظهر، فلم يجدوا أمامهم إلا أن يختاروا بين أن يصلوا في العراء تحت لهيب شمس نواكشوط الحارقة في هذه الأيام، أو أن يصلوا كمجموعات صغيرة داخل مبنى القصر في ساحة ضيقة جدا مفروشة بجوار مرافق صحية.
أشير هنا إلى أن قصر المؤتمرات القديم يوجد في منطقة شبه خالية من المساجد، وأنه لا يوجد أي مسجد قرب هذا القصر، لا شرقا ولا غربا، لا شمالا ولا جنوبا.

(4)

ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأنه عندما تذكر المساجد تذكر صلاة الجمعة ، فقد ذكرني الفيسبوك أيضا بمنشور كتبته في مثل هذا اليوم من العام 2014 تنديدا بتغيير عطلة الأسبوع، والتي تم إبدالها في مثل هذا التاريخ ، فأصبح يوم الأحد هو يوم عطلة في الجمهورية الإسلامية الموريتانية بدلا من يوم الجمعة. ألم يحن الوقت للعودة إلى عطلة الجمعة؟

 

حفظ الله موريتانيا...