السبت، 23 أبريل 2011

من حقي أن أغضب..!!


في يوم "التصحيح" قال عسكريون بأعلى الرتب..
سنعاقب كل من لثروة الفقراء نهب..
وقالوا سنأتيكم بنصيبكم من العدالة غير منقوص وفي عُلَب.
وقالوا سنشيد سجونا للمفسدين من حديد وقصب..
وقالوا ويل للفقر سنهزمه هذه المرة.. ولن يهرب..
وقالوا سننظم منتديات للتعليم وسنُكون وسندرب..
وقالوا سنخرجكم من "مساكن الدجاج" فودِّعوا صفائح الخشب..
وقالوا لن يولد مولود بعد "التصحيح" إلا وفي فمه ملعقتان من ذهب..
وقالوا لن يموت مريض بدواء مزور أو مهرب..
وقالوا سندفع لكل عاطل حدا أدنى كمرتب..
وقالوا لدينا موارد تكفي ولسنا في حاجة لدعم من هب ودب..
وقالوا سنسكنكم في جنان لا صخب فيها ولا نصب..
وقالوا ثرنا من قبل ثورات الشباب إذ في تونس ومصر هب..
قالوا كلاما عجيبا..قالوه بصخب..
قالوا كلاما مثيرا ..ثم بعد عامين توقفت الخطب..
لم يعد لديهم ما يقولوه فقلنا نحن والإحباط من جباهنا يتصبب..
قلنا والجوع يكاد يدفننا في أرض باطنها من ذهب..
قلنا والبطالة تفتك بنا منذ عقود دون أن نعرف ما السبب..
قلنا ونحن الغرباء في وطن جعلوه أعراقا وشيعا و قبائل تتفاخر بالنسب..
قلنا وفي الجامعة صراعات ومشاهد من أرذل الحقب..
قلنا ونحن شباب شيب والظهر قد أثقلته الهموم فاحدودب..
قلنا لهم وقد سئمنا العيش في وطن بلا نخب..
تشابهت "إنجازاتكم" يا "قادتنا" وتطابقت الخطب..
وما عدنا نميز بين المُنْقَلِب منكم ومن نُصِّب..
فخلَفكم كسلفكم ومُنقلِبكم لا يختلف عن من اُنْتِخِب..
ومعارضوكم كمواليكم وقد تساوى لدينا من انهزم منكما ومن تغلب..
قلنا لهم نحن غاضبون عليكم جميعا ومن حقنا أن نغضب..
ولا يغرنكم يا "قادتنا" تصفيق بعضنا ففي تصفيقه شحنة غضب..
ولا تغرنكم ضحكاتنا ففي ضحكاتنا براكين غضب..
ولا يغرنكم عدم اكتراثنا فعدم اكتراثنا يمور خلفه زلزال غضب..
ولا تغرنكم طيبتنا فكم هو مخيف الطيب إذا غضب..
قلنا لهم غاضبون عليكم جميعا ومن حقنا أن نغضب..
واعلموا يا "قادتنا" بأنا قد هرمنا في انتظار لحظة غضب..
يدعو لها شباب لا للأغلبية ولا للمعارضة انتسب..
شباب لا يختزل الوطن في أعراق أو في "عشائر سياسية" تتناحر بلا سبب..
تصبحون على موعد مع الغضب...

الأحد، 17 أبريل 2011

"أسياد" خارج قفص الاتهام !!!

"أسياد" خارج قفص الاتهام !!!
تابعت ـ باهتمام كبير ـ الحوار الهام الذي نظمه التلفزيون الرسمي عن العبودية، ذلك الحوار الذي أثار قضايا هامة وشائكة عن الرق، وعن مخلفاته كما أثار بعض القضايا المرتبطة بهذه الظاهرة، والتي قد تتداخل معها في كثير من الجوانب، لدرجة تختفي فيها كل الخيوط الرفيعة التي من المفترض أنها تفصل بين الاسترقاق وتشغيل القصر من جهة، و بعض مظاهر التكافل الاجتماعي، والتي تتخذ ـ في بعض الأحيان ـ أشكالا بدائية، لم تعد تنسجم مع تعقيدات العصر.
ومع أن الحوار قد تطرق إلى جوانب مهمة من الموضوع، إلا أن ذلك لن يمنع من القول بأن المتحاورين قد تجاهلوا ـ بقصد أو بغير قصد ـ "مسترقين" و "أسيادا" يلعبون ويمرحون في هذا البلد، ولا يجدون من يتصدى لهم، رغم أنهم هم العدو الأول للأرقاء وللأرقاء السابقين. وقبل الحديث عن هؤلاء المسترقين، قد يكون من المناسب،أن أسجل بعض الملاحظات حول حلقة الحوار المفتوح، التي تم تخصيصها ـ في سابقة من نوعها ـ لواحدة من أهم القضايا التي تؤرق ـ أكثر من غيرها ـ العقلاء في هذا البلد.
الملاحظة الأولى: على القائمين على التلفزيون أن يعلموا بأن الشمس لم تطلع من مغربها، وأن السماء لم تسقط كسفا على الأرض، بعد بث الحلقة المذكورة. لم تتسبب هذه الحلقة في حدوث أي كارثة، بل على العكس، فإنها ومثلها من البرامج الحوارية الهادفة سيخفف كثيرا من حدة الاحتقان، وسيساعد بلادنا في تجنب المخاطر التي قد يتسبب فيها غياب مثل هذه الحوارات.
إن مثل هذه البرامج الهامة يجب أن لا تكون مجرد ردة فعل عابرة لامتصاص موجة الانتقادات المتنامية للتلفزيون، رسمية كانت أو شعبية، والتي زادت حدتها في الأسابيع الماضية. وعلى القائمين على التلفزيون أن يعلموا بأن مثل هذه البرامج يجب أن تكون أكثر أولوية من برامج "أزوان"، ومن كل البرامج المشابهة، والتي تصنف ـ عادة ـ على أنها برامج ترفيهية، وإن كانت في حقيقتها ليست كذلك.
وأعتقد أن الكثير من العقلاء في هذا البلد، يوافقون رئيسة "رابطة النساء المعيلات للأسر" فيما ذهبت إليه في هذا المجال.فليس من الحكمة، أن يظل التلفزيون يقدم جرعات زائدة من "أزوان" في الوقت الذي يتجاهل فيه كليا التحديات التي تهدد مستقبل البلد، والتي قد تعصف ـ لا قدر الله ـ بالبلد، وأهله منشغلون بمتابعة دروس من الموزون، أو بمشاهدة صور من البادية الموريتانية.
الملاحظة الثانية: حاولت الحلقة بخجل شديد أن تكشف الستار عن الازدواجية التي نتعامل بها جميعا ( حكومة، منظمات، ساسة، كتاب..) مع ظاهرة العبودية في بلدنا. وهي ازدواجية جعلتنا نغمض أعيننا عن ممارسات بشعة من العبودية، لا زال يمارسها بعض الأسياد في إحدى المجموعات الوطنية.فهناك أسياد كثر في هذه المجموعة خارج قفص الاتهام، وإن كانوا ليسوا هم الأسياد الذين قصدتهم بعنوان هذا المقال.
وإذا كان يصعب اليوم أن نجد في مجتمع "البيظان"، متعلما أو ميسورا يقبل أن يكون عبدا، فإن الأمر يختلف لدى السوننكيين، حيث تنفرد هذه المجموعة عن غيرها من المجموعات الوطنية، بأنه لا زال يوجد بها أرقاء متعلمون، وميسورون، ويشغلون في بعض الأحيان وظائف سامية، لا يحلم بها أسيادهم، ومع ذلك يقبلون ـ وبشكل مثير للاستغراب ـ ممارسة بعض الأعمال والطقوس، لصالح أسيادهم، والتي تتنافى ـ بشكل صارخ ـ مع الحدود الدنيا للكرامة الإنسانية.
الملاحظة الثالثة: إذا كان يحق لنا أن نفتخر اليوم بأننا قد قطعنا أشواطا كبيرة في النضال السياسي والحقوقي ضد العبودية، وهنا لابد أن أوجه تحية لمنظمة نجدة العبيد، ولرئيسها الذي كان ضيفا في الحلقة، إذا كان يحق لنا أن نفتخر بذلك، فإنه علينا جميعا أن نخجل من تقصيرنا، ومن تقاعسنا الواضح (حكومة، ومنظمات) في مجال ما أسميته في مقال سابق بالنضال التنموي ضد العبودية.
وإنه لمن المؤكد أنه في ظل غياب نضال تنموي حكومي وأهلي جاد ضد العبودية ستظل كافة الجهود الأخرى ناقصة، ومحدودة الفاعلية. وسيظل دائما هناك من يقبل "طوعا" أو كرها بأن يكون عبدا، وسيكون دائما هناك من يبذل جهدا كبيرا من أجل أن يجد "سَيِّدا" يطعمه ويسقيه، في زمن شحت فيه موارد الدخل، وارتفعت الأسعار، وكثرت احتياجات الأفراد.
إن الفقر والأمية هما "سيدان" خارج قفص الاتهام، وهما اللذان يجبران الأرقاء، والأرقاء السابقين، بل ويجبران في بعض الأحيان، بعض الأسياد السابقين إلى البحث عن سيد جديد أو قديم يستعبدهم من أجل مقابل مادي زهيد، يزيدهم احتياجا وفقرا وجهلا، ويدفعهم إلى التنازل أكثر عن كرامتهم، وعن حقوقهم التي من المفترض أن تكفلها لهم قوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
لقد حان الوقت لأن نقدم بلاغا ضد الفقر والأمية، وقد حان الوقت لأن نوجه لهما تهمة ممارسة الاسترقاق، وأن نطالب بطردهما من البلاد، بعد إنزال أقصى العقوبة بهما.
إن هناك مليونا ونصف من الموريتانيين أميون يعيشون في ظروف مزرية بسبب الأمية والفقر. وهم ضحايا لمجرمين خارج قفص الاتهام، لا يجدان من يتهمها حتى في برنامج حواري عن العبودية.
لقد أمست الأمية تلعب وتمرح وتفعل أفاعيلها بضحاياها من الموريتانيين، دون أن تجد من يرفع ضدها بلاغا، أو يذكرها حتى، منذ أن توقف الحديث عنها صبيحة الثالث من "شهر التناوب الرئاسي الخشن"، من العام 2005.
وإن الفقر ليلعب هو أيضا ويمرح، ويفعل أفاعيله بضحاياه من الموريتانيين، بل إنه زاد من جرائمه وغطرسته وجبروته، في الفترة الأخيرة، بعد أن أيقن أن البلاغ الذي رُفِع ضده صبيحة السادس من "شهر التناوب الخشن" من العام 2008، كان مجرد بلاغ غير ذي شأن، في حزمة من بلاغات غير ذي شأن رُفعت ضد الفساد، والبطالة، وانحراف المسار، ورموز الأنظمة السابقة، والأزمة الأخلاقية، وسوء توزيع المتاح من العدالة، وأشياء كثيرة أخرى من أغنية طويلة نساها الناس في وقت مبكر، ونستها ـ وهذا هو أغرب ما في الأمر كله ـ فرق الإنشاد والتصفيق والتطبيل التي تشكل ما يسمى بالاتحاد من أجل الجمهورية .
تصبحون على نضال تنموي ضد الرق ومخلفاته...

الاثنين، 11 أبريل 2011

بطاقة حمراء لوزير عابر



لقد كنت أتوقع ـ بناءً على معلومات يبدو أنها مغلوطة ـ أن الفترة التي سيقضيها وزير الاتصال الحالي بوزارة الاتصال، ستكون فترة مميزة، وستشهد إنجازات ملموسة في قطاع الإعلام بشقيه الرسمي والخاص.
ولقد كنت أتوقع أنه سيستغل هامش الحرية الممنوح للإعلام من طرف رئيس الجمهورية على أحسن وجه، بل إني كنت أتوقع بأنه لن يرضى فقط بذلك الهامش، وإنما سيناضل ويكافح ـ وبشكل مستميت ـ من أجل أن يُمنح هامشا أكبر يسمح له بأن يترك بصمة متميزة، يتذكره بها الموريتانيون عندما يلتحق ـ في يوم يراه بعيدا وأراه قريبا ـ بطابور طويل من الوزراء السابقين، لم يتركوا خلفهم أثرا مذكورا، ولم يعد يذكرهم ذاكر.
لقد رحلوا إلى رصيف النسيان، كما سيرحل الوزير الحالي إليه...
وسيندم كما ندموا..
وسيتمنى "الوزير العابر" أن يعود للوزارة ليعمل صالحا، ولن يعود في أغلب الأحوال. وقد يتمنى أن يعود لساعة واحدة، ليقيل كل مفسدي الإعلام الرسمي الذين سيتخلون عنه، وينقلبون عليه بعد أول دقيقة من إذاعة بيان الإقالة، كما فعلوا مع عن من سبقه. سيتخلون عنه، ولن يشفع له بأنه ظل في فترة مروره العابر بالوزارة، يصرـ وبعناد عجيب ـ على الاحتفاظ بهم في مناصبهم.
سيتخلى عنه مفسدو الإعلام الرسمي، ولن تتشبث به قطعا الفئة الصالحة في هذا القطاع، بعد أن همشها كثيرا.
وسيتحول الوزير الحالي إلى رقم عابر في سلسلة من الأرقام العابرة، وسيحمل الرقم 5 في سلسلة وزراء الاتصال الذين تعاقبوا على الوزارة، منذ "فجر السادس من أغسطس" الذي لم تبزغ شمسه حتى الآن، لتخفف ـ ولو شيئا قليلا ـ من ظلمات ليل الإعلام الرسمي الحالك.
لقد اختار " الوزير العابر" أن يكون مجرد وزير عابر.. فليكن كما أراد.. وليكن مجرد وزير عابر.
ولقد اختار "الوزير العابر" أن يكون مجرد رقم عابر.. فليكن كما أراد.. وليكن مجرد رقم عابر.
والحقيقة أني لم أكن أرغب ـ إطلاقا ـ في أن أرفع البطاقة الحمراء الثالثة في وجه "الوزير رقم 5"، أو "اللاعب رقم 5"، في التشكيلة الحكومية الأسوأ أداءً في تاريخ الحكومات الموريتانية، لم أكن أرغب في ذلك، ولكن قواعد التحكيم الافتراضي فرضت أن أرفعها في وجه الوزير، قبل رفعها في وجه مدير تلفزيونه، والذي كنت قد وعدته بالبطاقة الحمراء الثالثة، في وقت سابق.
فالجمهور الرياضي ـ كل الجمهور الرياضي ـ يريد أن ترفع بطاقة حمراء، شديدة الاحمرار، في وجه "اللاعب رقم 5".
والمعلقون الرياضيون، وحسب ما ينشرون في المواقع والجرائد، سيرحبون كثيرا برفع البطاقة الحمراء في وجهه.
وفريق المعارضة سيشجع ـ بالتأكيد ـ إخراج هذه البطاقة، ففي كل بيانات هذا الفريق ظلت هناك فقرة ثابتة تنتقد الأداء الباهت للاعب رقم 5 ، حتى السلطة العليا للصحافة، والتي عُرفت بصمتها الرهيب، وبخجلها المحير، لم تعد قادرة على الاستمرار في صمتها وخجلها، وأصبحت تهمس جهرا بسوء أداء "اللاعب رقم 5".
لقد كنت أتوقع أن هذا اللاعب سيكون نجم التشكيلة الحكومية الحالية، فراجحة عقله، ومؤهلاته وقدراته، وتاريخه "الرياضي" كان من المفترض أن يعينه على ذلك.
لقد كان بإمكانه أن يكون نجما لو أراد، ولكن الوزير قرر ـ لأسباب تخصه ـ أن يكون الوزير الأسوأ أداءً على الإطلاق، في فريق حكومي كل وزرائه كان أداؤهم سيئا للغاية.
لذلك، فلقد استحق ـ أكثر من غيره من الوزراء ـ بطاقة حمراء، شديدة الاحمرار. لقد استحقها لأسباب عديدة، أذكر منها تحديدا ثلاثة:
أولها: بما أننا جميعا، رئيسا وشعبا، نخبا وعامة، أغلبية ومعارضة، نتفق على أن الإعلام الرسمي لم يتحسن أداؤه ولو شيئا قليلا، بل ولأننا نتفق على أنه تراجع كثيرا إلى الوراء، لذلك فقد كان من اللازم أن نحدد المسؤول الأول والمباشر عن هذا التراجع.
بالنسبة لي شخصيا أميل دائما لأن أحمل رئيس الجمهورية كل الأخطاء التي تحدث في عهده، دقها وجلها، كبيرها وصغيرها، أولها وآخرها. ولكن في مسألة الإعلام الرسمي، فإني سأعتمد على شهادات واعترافات "الوزير رقم 5"، فالوزير رقم5 هو أولا وقبل كل شيء رجل قانون، وهو أولى من غيره بتحديد المسؤولية، خاصة في قطاعه. وهو يعرف أكثر من غيره القوة القانونية للاعتراف، الذي لا يأتي تحت الإكراه، ولا تحت أي ضغط مهما كان نوعه.
لقد قال الوزير في أكثر من مناسبة، ونحن سنصدقه في مقولته تلك، بأن رئيس الجمهورية يرغب فعلا في فتح وسائل الإعلام الرسمي أمام جميع الموريتانيين، خصوصا أمام المواطنين العاديين. ولقد قال "الوزير رقم 5"في أكثر من مناسبة، بأن الرئيس أعطاه أوامره السامية، وتعليماته الصريحة والواضحة لتنفيذ تلك الرغبة.
إذاً فالخلاصة تقول وبالعربي الصريح بأن "الوزير رقم5" هو وحده من يعرقل تنفيذ رغبة الرئيس، ورغبة المعارضة، ورغبة المواطن العادي، ورغبة النخب، ورغبة السلطة العليا للصحافة، وهي رغبات أجمعت كلها، على غير العادة، وحسب المعلن طبعا،على ضرورة فتح وسائل الإعلام الرسمي أمام الموريتانيين كلهم أجمعين.
والخلاصة تقول أيضا، وبالعربي الفصيح، هذه المرة، بأن الوزير رقم 5 والذي يرفض ـ وبإصرار مستفز ـ بأن يلبي تلك الرغبات التي أجمع أصحابها على مطلب واحد، إنما يستهزئ بالتعليمات السامية لرئيس الجمهورية، وببيانات المعارضة، وبمطالب النخب، وبرغبات الشعب الموريتاني، لذلك فهو ـ وانتصارا مني لكل هؤلاء ـ يستحق أن ترفع في وجهه هذه البطاقة الحمراء، والتي أعتبرها البطاقة الأكثر احمرارا، من بين البطاقات الثلاث المرفوعة لحد الآن.
ثانيها: إن الكرامة، والشهامة، والعزة، والكبرياء تفرض على "الوزير رقم 5" أن يعتزل اللعب، وأن يستقيل فورا. لقد أصبح كل عمال القطاع كبيرهم وصغيرهم، مفسدهم وصالحهم يلجؤون إلى الرئاسة لتحل لهم مشاكل "صغيرة"، كان من المفترض أن يحلها مديرو القطاعات والمؤسسات التابعة للوزارة.
فلم يعد أي موظف يتوقع أي شيء، أقول أي شيء، ثم أكرر أي شيء من "الوزير رقم5"، لذلك فعمال الوزارة يضطرون لأن يحملوا همومهم "الصغيرة" إلى رئاسة الجمهورية. ومع أن هذه الظاهرة لا تقتصر على وزارة الاتصال، بل إنها امتدت لكل الوزارات، وأصبحت هي السمة الأبرز للفريق الحكومي الخائب الذي يقوده معالي الوزير الأول، والذي فشل في كل المباريات والتصفيات التي خاضها في ملاعب الصحة والتعليم والعدالة و..و... فرغم اتساع تلك الظاهرة، إلا أنه مع ذلك يمكن القول بأنها كانت أكثر تجليا ووضوحا في وزارة الاتصال أكثر من غيرها من الوزارات.
فلم تعد هناك أي أهمية للوزير رقم 5، ما دام غير قادر على أن يحل المشاكل "الصغيرة" لعمال قطاعه.
لقد زحف كل عمال الإعلام ـ كبيرهم وصغيرهم ـ مع الزاحفين إلى أسوار القصر الرئاسي، دون أن يمروا بالوزير رقم 5، لأنهم لا يتوقعون أصلا من سيادته أي شيء.
فما هي إذاً أهمية تعيين "الوزير رقم 5"إذا كان حال الوزارة بعد تعيينه، لا يختلف عن حالها المتوقع، لو تُركت عاما وزيادة بلا وزير؟
ولأنه لا فرق بين وزارة الاتصال في ظل وجود "الوزير رقم 5"، أو في ظل غيابه، اللهم إذا استثنينا التكاليف التي تتحملها خزينة الدولة كراتب وكأشياء أخرى.
ولأن "الوزير رقم 5" يرفض أن ينتصر لكرامته وكبريائه وشهامته، ويرفض أن يستقيل من وزارة كل عمالها لا يعتبرونه وزيرا، ويبخلون عليه حتى بطرح مشاكلهم "الصغيرة".
لذلك كله، ولأن "الوزير رقم 5" يرفض أن يثور لكبريائه، فقد كان لزاما أن أرفع ـ انتصارا له ـ هذه البطاقة الحمراء، وذلك لكي يتوقف عن طريقته السيئة في اللعب، والتي استهلك بها كل رصيده لدى الجمهور الرياضي.
ثالثها: لقد استقال "الوزير رقم 5"ضمنيا، ومنذ مدة، من فريق حكومة "معاليه" الخائبة، وتظهر تلك الاستقالة من خلال غيابه المتعمد عن "برنامج الحكومة في الميزان".
فلماذا تم استثناء "الوزير رقم 5"؟ فهل السبب يعود إلى أن وزارته لا تزن عند الشعب جناح بعوضة؟ أم لأن وزارته ليست من حكومة "معاليه"؟ ألم يوضع قسرا أغلب لاعبي فريق الحكومة على الميزان؟ ولماذا يؤتى بالمسكين وزير البيئة ولا يؤتى بوزير الدولة للتهذيب و لا بالوزير رقم5؟ أليست وزارة الاتصال أكثر أهمية من وزارة البيئة؟ أليست المشاكل التي تعاني منها وزارة الاتصال أكثر وأعظم من كل مشاكل الوزارات الأخرى؟ ألم يتظاهر عمال هذه الوزارة في سابقة من نوعها أمام القصر الرئاسي؟ ألم تظهر مشاكل هذه الوزارة أكثر من غيرها على صفحات الجرائد والمواقع؟ ألم تحصل هذه الوزارة على نصيب من النقد أكثر من غيرها في بيانات المعارضة؟ ألم ينتقدها رئيس الجمهورية نفسه سرا وعلنا؟
ألا يستدعي ذلك كله أن توزن هذه الوزارة قبل أن يوزن غيرها؟ ولماذا يستضاف وزير الإسكان للمرة الثانية ولا يستضاف "الوزير رقم 5" مرة واحدة؟ ولماذا لا يتحدث الإعلام عن مشاكل الإعلام مع وزير الإعلام قبل أن يتحدث عن أي مشكلة أخرى مع أي وزير آخر؟
ألم يكن من الأجدر بالوزير رقم 5 أن يزن نفسه، في أول حلقة من الحكومة على الميزان، قبل أن يزن أي وزير آخر؟ ولماذا يخاف وزير الاتصال من الاتصال بالمواطنين؟ ولماذا لا يدافع المحامي عن نفسه؟ ولماذا لا يمتلك المحامي الجرأة فيتصل بالمواطنين في مكتبه المغلق دائما، أو في تلفزيونه الشاحب دائما و أبدا؟
كنت أتمنى أن يجيب "الوزير رقم 5"على تلك الأسئلة في حلقة من برنامج الحكومة في الميزان من قبل أن أرفع في وجهه هذه البطاقة، والتي كان لا بد من رفعها، انتصارا ـ على الأقل ـ لوزير البيئة المسكين، الذي جلبوه قسرا إلى التلفزيون، ولوزير الإسكان الذي جلبوه قسرا مرة ثانية.
كلمة بعد صفارة النهاية:
إنه لم يعد من اللائق أن لا نفعل شيئا من أجل تحرير إعلامنا الرسمي من بين أيادي شرذمة قليلة أساءت لهذا الإعلام وانحرفت به بعيدا عن مساره الأصلي، وجعلت منه "منابر" لإفساد الأخلاق والقيم، وللتدريب المكثف على النفاق، والتزلف، ولتعليم الكذب للصغار والكبار، للمثقفين وللعامة، للعلماء وللجهلاء، للوجهاء وللبسطاء.
وإنه لن يكون بإمكاننا ـ حتى ولو بذلنا جهودا استثنائية ـ أن نصلح من واقع التعليم، من قبل أن نحرر الإعلام الرسمي من الشرذمة التي انحرفت به.
وإنه لن يكون بإمكاننا ـ حتى ولو بذلنا جهودا معتبرة ـ أن نصلح من واقع الصحة، من قبل أن نحرر الإعلام الرسمي من الشرذمة التي انحرفت به.
وإنه لن يكون بإمكاننا ـ حتى ولو بذلنا جهودا جبارة ـ أن نصلح من واقع العدل، من قبل أن نحرر الإعلام الرسمي من الشرذمة التي انحرفت به.
وإنه لن يكون بإمكاننا ـ حتى ولو بذلنا جهودا خارقة ـ أن نقضي على الفساد، من قبل أن نحرر الإعلام الرسمي من الشرذمة التي انحرفت به.
وإنه لن يكون بإمكاننا ـ حتى ولو بذلنا جهودا ثورية ـ أن نعزز من قيم المواطنة، من قبل أن نحرر الإعلام الرسمي من الشرذمة التي انحرفت به.
إنه وببساطة شديدة لن يكون بإمكاننا أن نقوم بأي إصلاح مهما كان حجمه، في ظل إعلام رسمي بائس، تصر الشرذمة المتحكمة به أن تحجب عنه أنين البسطاء، وأحاديث العقلاء، وخلاصات الحكماء، ومظالم الأبرياء، وأوجاع الفقراء، وشكاوي الضعفاء، وحوارات الشرفاء، ونقاشات الشركاء، واهتمامات الشباب.
وإنه قد أصبح من اللازم على شرفاء هذا البلد، المحرومين ظلما من إعلامهم "الوطني"، بنخبهم، وبمثقفيهم، وبمفكريهم، وبشبابهم أن ينظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى التلفزيون، كخطوة أولى في مشروع نضالي لتحرير الإعلام الرسمي من الشرذمة التي اغتصبته، والتي انحرفت به عن دوره الرئيس لإحداث التغيير الذي نتطلع إليه جميعا.
ومن المؤكد بأنه سيلتحق بتلك الوقفة ـ إن نظمت ـ الكثير من البسطاء، والفقراء، والعقلاء، والحكماء، والشرفاء الذين هرموا في انتظار فرصة يعبرون من خلالها عن استيائهم من أداء إعلام رسمي يزداد بؤسا وسوءا وتفاهة وسخافة يوما بعد يوم، وعهدا بعد عهد.
تصبحون على وقفة احتجاجية أمام مبنى التلفزيون...

الأحد، 3 أبريل 2011

إنهم سبعة فتية ...!!!

إنهم سبعة فتية من خيرة فتيان البلد "احتفلوا" منذ أيام معدودة بذكرى مرور عقد من الزمن على بداية معاناتهم المفزعة، والتي بدأت تحديدا يوم 25 ـ 02 ـ 2001م.
إنهم سبعة فتية ظُلموا في ذلك اليوم ظلما كبيرا، وبدؤوا منذ ذلك اليوم رحلة مثيرة وغريبة، حكوها لي بتفاصيلها الصغيرة، وأنا سأحكيها لكم بدوري لتعلموا أن الإدارة، في زمن تقريبها من المواطن، لم تتحسن شيئا قليلا.