السبت، 5 أكتوبر 2024

كيف لا أدعم إيران؟

 


استند على سلاحه وألقى خطاب حرب في خطبة جمعة معلنا المواجهة مع العدو، بلغة عربية فصيحة، وينتظر ردة فعل العدو خلال ساعات، والعرب - كل العرب - يتفرجون، بل إن بعضهم لا يكتفي بالتفرج فقط، وإنما يدعم العدو سرا أو جهرا.

بعد هذا كله، قد يأتيك أحدهم، ويقول لك : لا تدعم إيران ونظامها؟

يا هذا، كيف لا أدعم إيران ونظامها الحالي، وهي الدولة الوحيدة في هذا العاام التي تحارب اليوم العدو، وتخاطبه بلغة السلاح: الضربة بالضربة، والقصف بالقصف، والبادئ أظلم.

أشهدكم بأن كاتب هذه السطور، يدعم في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ العرب والمسلمين، إيران شعبا وحكومة، ما دامت تقف مع فلسطين، وتحارب العدو لوحدها، وتخاطابه بلغة السلاح، لا بلغة الانبطاح والتطبيع، والتفرج التي تسود بلاد العرب من المحيط إلى الخليج.  

مع إيران، وهي تنتظر - ربما خلال ساعات - رد العدو المدعوم بقوة من أمريكا ومن كثير من بلدان الغرب.

حفظ الله إيران..

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2024

مقترحٌ إلى معالي وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي


قد لا يلقى هذا المقترح حظا أفضل من المقترحات التي سبقته، ولكن ذلك لن يمنعني من مواصلة تقديم هذه المقترحات، فمن يدري، فربما يجد أحدها اهتماما من طرف الجهة التي وُجِّهَ إليها.

مقترحي إلى معالي وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي يدخل في إطار الجهود التي نقوم بها في "منتدى 24 ـ 29" للتوعية حول مخاطر الفساد، وهي جهود ترمي في مجملها إلى خلق بيئة مجتمعية معادية ومناهضة للفساد، وبالمناسبة فإن خلق تلك البيئة يشكل الهدف الثاني من أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والرشوة في موريتانيا، ومن المؤسف جدا أن هذه الاستراتيجية التي أطلقت في العام 2010، وجددت بعد ذلك، لم تُفَعَّل حتى اليوم، ولم يطلع عليها إلا عدد قليل جدا من الموريتانيين، بل أكثر من ذلك، فإن بعض الموظفين الكبار في وزارة الاقتصاد، وهي الوزارة المعنية بتنفيذ هذه الاستراتيجية ليسوا على اطلاع بمحتواها!!

يتعلق هذا المقترح بتخصيص أول درس في الافتتاح الدراسي في هذا العام لمخاطر الفساد، ويمكن في هذا الإطار أن يُعدَّ درسٌ نموذجي بمستويين (ابتدائي وثانوي) يتم تقديمه في السابع من أكتوبر من العام 2024 في عموم المدارس الابتدائية والمؤسسات الثانوية على أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

يُعَدُّ الفساد من القضايا الشائكة التي يُجمع الموريتانيون على خطورتها، فالمعارضة الحزبية في بلادنا، ومنذ تأسيسها في بداية التسعينيات من القرن الماضي، جعلت من المطالبة بمحاربة الفساد أولوية من أولوياتها النضالية، وهي ما تزال وحتى اليوم تضعها على رأس مطالبها، والمواطن الموريتاني أينما كان يتضرر بشكل مباشر أو غير مباشر من تفشي الفساد في بلادنا.

والأغلبية الداعمة للرئيس يُفترض فيها أنها تضع محاربة الفساد على رأس أولوياتها، وذلك بعد أن جعل فخامة رئيس الجمهورية من محاربة الفساد مرتكزا أساسيا في برنامجه الانتخابي( طموحي للوطن)، وهو البرنامج الذي نال بموجبه أكثر من 56% من أصوات الشعب الموريتاني.

وحتى إن اقتصرنا على خطاب فخامة الرئيس في يوم التنصيب، فسنجد أن ما جاء في هذا الخطاب من مفردات يكفي لوحده لتقديم درس متكامل حول خطورة الفساد.

لقد صنف الرئيس في خطاب التنصيب الحرب على الفساد بأنها "حرب مصيرية"، ومن المعروف أن الحرب عندما تصنف في بلد ما بأنها حرب مصيرية، فذلك يعني أن مصير ذلك  البلد أصبح مرتبطا بنتائج تلك الحرب.

ويقول الرئيس في نفس الخطاب :" فلا تنمية، ولا عدل، ولا إنصاف مع الفساد، ومن ثم فلا تسامح معه مطلقا." وتعني هذه الفقرة من الخطاب بأن جهودنا في التنمية وإقامة دولة العدل والإنصاف ستبقى جهودا ضائعة، وعديمة الفائدة، إذا لم نحارب الفساد.

ويقول في فقرة أخرى من الخطاب نفسه بأن الحرب على الفساد هي حرب الجميع، وأنه لا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع، ومن المؤكد أن المدرسة وطواقم التدريس، وآباء التلاميذ، وكل من له صلة بالعملية التربوية، يدخل ضمن دائرة هذا "الجميع" الذي تحدث عنه الرئيس، والذي يعتبر الحرب على الفساد حربه، وهي الحرب التي لا يمكن الانتصار فيها بشكل حاسم ـ حسب ما جاء في خطاب الرئيس ـ  إلا بمشاركة هذا "الجميع".

إن أي درس تعليمي حول خطورة الفساد يتم تحضيره على أساس هذه المرتكزات الثلاثة التي جاءت في خطاب التنصيب سيكون درسا عميقا، فيكفي أن نقول في هذا الدرس أن الحرب على الفساد هي حرب مصيرية للبلد، وأنه لا تنمية ولا عدل في بلادنا من دون محاربة الفساد، وأنه لا بد من مشاركة الجميع لكسب هذه الحرب، فنحن عندما نقول ذلك لأبنائنا التلاميذ في المدارس الابتدائية والثانوية نكون قد قلنا لهم أهم ما يمكن أن يُقال حول مخاطر الفساد وضرورة محاربته.

لا تخفى أهمية تربية التلاميذ على مخاطر الفساد، فإذا كنا قد خسرنا الآباء في موريتانيا، والذين أصبحوا يمجدون الفساد والمفسدين،  وينظرون إلى المفسد المعلوم الفساد بنظرات التقدير والاحترام، فإذا كنا قد خسرنا الآباء فعلينا أن لا نخسر الأبناء، وعلينا أن نبذل كل الجهود الممكنة لتنشئتهم على أن ممارسة الفساد تعدُّ من أرذل الأفعال وأقبحها وأسوئها، وأنها من أشد الجرائم حرمة في الشرع والقانون.

لا أريد أن أختم هذا المقال المقترح من قبل أن أقول بأني لا اتفق مع الذين يقولون بأننا في هذه البلاد قد خسرنا نهائيا الكبار في مجال التوعية حول خطورة الفساد، فأنا من الذين يؤمنون بأن مجتمعنا هو مجتمع سهل الانقياد إلى ما هو صالح وإلى ما هو فاسد، وهناك أمثلة على ذلك لا يتسع المقام لبسطها، فمجتمعنا عندما يظهر له أن هناك إرادة قوية وصارمة على أعلى مستوى لمحاربة الفساد والمفسدين، فإنه سيتحول تلقائيا ـ عن قناعة أو تماشيا مع الإرادة السياسية الصارمة ـ إلى مجتمع مناهض للفساد.

حفظ الله موريتانيا..


الأحد، 29 سبتمبر 2024

بشرى في ليل الأزمة الحالك

 


هذه شبه مسلمات يجب استحضارها عند اتخاذ أي موقف مما يجرى الآن في الضاحية الجنوبية لبيروت:

1- لا يوجد نظام، ولا توجد حركة أو جماعة أو حزب في مشارق بلاد العرب والمسلمين وفي مغاربها إلا ولديه أخطاء كبيرة ارتكبها في وقت ما في حق طائفة من العرب والمسلمين هنا أو هناك.

"لا يوجد" المستخدمة في هذه النقطة بالذات، وفي غيرها من النقاط اللاحقة، تعني بالضبط "لا يوجد"؛

2 - لا يوجد في السنوات الأخيرة، إن لم أقل العقود الأخيرة، جماعة أو حزب أو نظام حاكم وجه ضربات موجعة للعدو مثلما فعل حزب الله في لبنان. لا توجد أي جماعة أو حركة أو نظام يمكن أن ينافس حزب الله في لبنان في هذا المجال اللهم إلا إذا كانت المقاومة داخل فلسطين؛

3 - لا توجد في الوقت الحالي جماعة أو حركة أو حزب أو نظام حاكم قرر أن يقف مع المقاومة في فلسطين منذ فجر السابع أكتوبر وحتى اليوم، وأن يكون سندا لها، وأن لا يقبل أن يتفاوض مع العدو إلا في إطار مفاوضات شاملة تتوقف بموجبها حرب الإبادة في فلسطين، لا توجد في الوقت الحالي جماعة أو حركة من هذا النوع إلا حزب الله في لبنان؛

لو قبلت هذه المقاومة بمفاوضات خاصة مع العدو بعد السابع من أكتوبر، لا يتم ربطها بما يجري في غزة، لما حدث ما حدث مساء الجمعة في الضاحية الجنوبية من بيروت؛

4 - لا توجد نشوة انتصار عاشها العدو في السنوات الأخيرة، إن لم أقل العقود الأخيرة، يمكن أن تُقاس بالنشوة التي يعيشها الآن بعد تمكنه من اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

المؤلم حقا أنك قد تجد بعد سرد هذه النقاط الأربع التي لا يمكن التشكيك في أي واحدة منها، قد تجد عربيا مسلما يعبر كتابة أو نطقا عن فرحه باغتيال من يسمونه نصر اللات، بل إنك قد تجد من يُصَنَّف في دائرة العلماء أو الدعاة يعلق على عملية الاغتيال بقوله تعالى : " وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ".

حقا هناك أشخاص قد يحملون شهادات كبرى، وقد يصنفون بأنهم دعاة، ومع ذلك تبقى عقولهم قاصرة، ونظراتهم ضيقة، وعجزهم بَيِّن في اتخاذ مواقف سليمة مما يجري من أحداث بالغة التعقيد في بلاد العرب والمسلمين.

وتبقى بشرى 

اغتالوا الشهيد هنية، فجاءهم السينوار وهو أكثر تشددا من سلفه، وأخيرا اغتالوا الشهيد حسن نصر الله فقد يأتيهم هشام نصر الدين، وهو أكثر تشددا من سلفه.

قد ينجح العدو في اغتيال الكثير من القادة، وقد يتباهى بذلك، ولكن كل قائد جديد يأتي سيكون أكثر قسوة على العدو، وستكون روح الانتقام لديه أعلى.

لا خلاف على أننا نتلقى اليوم ضربات مؤلمة وموجعة في لبنان، ولكننا على ثقة بأن القادة الذين سيخلفون جيل القادة الذين تعرضوا للاغتيال خلال الأيام الماضية، سيكونون أكثر حقدا على العدو، وستكون روح الانتقام لديهم عالية جدا.

أبشروا بما يسركم، وإن غدا لناظره لقريب..

الخميس، 26 سبتمبر 2024

من رقمنة المخالفات إلى رقمنة الخدمات!


طالعتُ اليوم في المواقع الإخبارية  تعميما صادرا عن مدير الأمن الوطني يتعلق برقمنة مخالفات قانون المرور في العاصمة نواكشوط، ولا خلاف على أهمية هذا التعميم، فهو من جهة سيحل عمليا العديد من المشاكل في هذا المجال، ومن جهة أخرى فهو سيساعد في الشفافية، وفي ضبط الموارد المالية المتحصلة من تلك المخالفات.

بكلمة واحدة، إنه تعميم جيد، وقد طال انتظاره، وهو يستحق الإشادة، ولكن هذه الإشادة لن تمنعنا من لفت الانتباه إلى أن الرقمنة في مجال السلامة المرورية يجب أن لا تقتصر فقط على جانب المخالفات والغرامات، بل يجب أن تشمل أيضا جانب   الخدمات المقدمة لسلامة سالكي الطرق.

قد لا يكون من المناسب أن نتذكر الرقمنة والاستفادة من التقنيات الجديدة عندما يتعلق الأمر بالمخالفات والجباية، وننسى هذه الرقمنة ولا نتذكرها عندما يتعلق الأمر بتقديم خدمات للسائق هو في أمس الحاجة إليها للحفاظ على سلامته، وسلامة مركبته. 

في يوم 11 إبريل من العام 2022 تقدمنا في حملة "معا للحد من حوادث السير" إلى كل القطاعات المعنية بالسلامة المرورية بمقترح يتعلق بتطبيق في مجال السلامة المرورية، وكان هذا التطبيق نتاج جهد أحد المهندسين الشباب من أصدقاء الحملة، كان قد اشتغل عليه لفترة طويلة من الزمن، ولما اكتمل إعداده، تقدم به مشكورا إلى الحملة، ومنحها حق التصرف الكامل فيه، فما كان منا في الحملة إلا أن تقدمنا بدورنا بهذا التطبيق إلى كل الجهات المعنية بملف السلامة المرورية، وعلى رأسها وزارة التجهيز والنقل، وذلك للاستفادة منه في توفير المزيد من السلامة لسالكي الطرق ولمركباتهم.  

منذ بداية العام 2022 وهذا التطبيق جاهز من الناحية الفنية، ولكن ومن أجل إطلاقه بشكل رسمي، فهو يحتاج إلى تعاون كل الجهات الحكومية المعنية بالسلامة الطرقية.

لقد صُمِّمَ هذا التطبيق ليغطي أهم  المحاور الطرقية في البلاد، وهو إن تم العمل به، فإنه سيمكن سالكي الطرق  من معرفة دقيقة ومحينة لوضعية الطريق الذي يسلكونه، وذلك من خلال تحديد الأماكن التي توجد فيها حفر أو ألسنة رملية أو حيوانات أو عمليات صيانة وترميم أو سيارات متعطلة، وكذلك تلك التي توجد فيها سيارات الإسعاف وأرقام هواتف القائمين عليها، أو أي معلومات أخرى قد يحتاجها السائق عن الطريق الذي يسلكه.

كل هذه المعلومات يمكن أن يتيحها التطبيق الذي أسميناه تطبيق "سلامتك"،  والذي اخترنا له شعار "التطبيق قبل الطريق"، وهي عبارة أخذناها من العبارة العربية الشهيرة التي تقول "الصديق قبل الطريق".  ويمتاز هذا التطبيق بأنه سهل الاستخدام والتحميل على أي هاتف محمول، بل ويمكن تطويره ليتماشى أكثر مع قواعد السلامة المرورية، بحيث لا يضطر السائق لاستخدام الهاتف أثناء القيادة، ويمكن للمعلومات التي يقدمها التطبيق أن تقدم أيضا لسالكي الطرق من خلال نشرة يومية عن وضعية الطرق في بلادنا موجهة إلى مستخدمي الطرق، تبث عبر الإذاعة مثلا، وتقدم فيها كل المعلومات الموجودة على التطبيق، والتي يتم تحيينها بشكل شبه يومي.

ولأن تطبيق "سلامتك" يحتاج إلى معلومات دقيقة يتم تحيينها بشكل مستمر، فكنا في حملة معا للحد من حوادث السير بحاجة إلى شراكة أو تعاون مع الجهات التي تمتلك تلك المعلومات من خلال نقاط التفتيش وممثلي بعض الإدارات على أهم المحاور الطرقية: الدرك الوطني؛ الشرطة الوطنية؛ مؤسسة أشغال صيانة الطرق؛ مصلحة السلامة الطرقية بوزارة الصحة، وقد راسلنا أغلب تلك الجهات بالمقترح، ولكننا لم نتلق أي رد إيجابي. 

لم يكن هذا هو المقترح الوحيد الذي قدمناه في الحملة للجهات المعنية بالسلامة المرورية، بل قدمنا مقترحا آخر لا يقل أهمية للاستفادة من النقنيات الجديدة في مجال السلامة المرورية، يتعلق المقترح بمراقبة السرعة في حافلات وسيارات النقل البيني، ومن المعروف أن السرعة تعدُّ هي السبب الأول في حوادث السير في بلادنا، حسب الإحصائيات الرسمية.

يؤكد المسؤولون في وزارة التجهيز والنقل، وفي كل القطاعات المعنية بالسلامة المرورية، بأن السرعة المفرطة هي السبب الأول في حوادث السير، ومع ذلك لا يفعلون أي شيء يذكر لمراقبة السرعة في حافلات وسيارات النقل البيني، وذلك على الرغم من وجود حلول تقنية بسيطة وعملية لدى بعض الشركات الخاصة، وقد اطلعنا في الحملة على تلك الحلول، بل إن القائمين على إحدى هذه الشركات أكدوا لنا على أنهم على استعداد لتقديم هذه الحلول مجانا للوزارة عن طريق حملة معا للحد من حوادث السير.

تتعلق هذه الحلول، وهي بالمناسبة قد جربت أمام أحد وزراء التجهيز والنقل، بوضع شرائح إلكترونية بالسيارات والحافلات التي تمارس النقل، وعندما تتجاوز السيارة السرعة المحددة لها فإن الشريحة ترسل بشكل فوري رسالة نصية بذلك، ويمكن أن ترسلها لعدة جهات في وقت متزامن : نقاط التفتيش ـ المصالح المعنية في الوزارة ـ سلطة تنظيم النقل الطرقي ـ حملة معا للحد من حوادث السير إن كانت هناك رغبة في إشراك المجتمع المدني في مراقبة سرعة سيارات وحافلات النقل.

هذا المقترح كنا قد عرضناه على وزارة التجهيز والنقل أكثر من مرة، وقد تضمنه مقالي الأخير الذي وجهته لمعالي وزير التجهيز النقل الجديد، ضمن سلسلة من المقالات التي وجهتها لعدد من الوزراء في الحكومة الحالية، وهي مقترحات لم تجد في المجمل أي اهتمام يذكر.

ليس أمامنا إلا تكرار تقديم هذه المقترحات، فمن يدري، فربما يجد أحدها اهتماما من هذا الوزير أو ذاك. 

حفظ الله موريتانيا..


الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

عن مصادر أموال أبناء الشيخ آياه


لقد أصبح السؤال عن مصادر أموال بعض أبناء أسرة أهل الشيخ آياه الفاضلة، هو السؤال الأكثر إلحاحا في أيامنا هذه، وأصبحت محاولات الإجابة عليه هي الشغل الشاغل لرواد مواقع التواصل الاجتماعي.

إن المتابع لما يُثار حاليا من نقاش واسع حول مصادر تلك الأموال سيجد أن هناك ثلاث فرضيات تعتبر هي الأكثر تداولا حول تلك المصادر.

الفرضية الأولى : يحاول أصحاب هذه الفرضية أن يربطوا ـ تلميحا أو تصريحا ـ بين مصدر هذه الأموال والتجارة في "أدكيكة البيظة"، ومن أبرز من حاول أن يدفع بتلك الفرضية في بثوثه المباشرة المدون عبد الرحمن ودادي، والذي حظي بثه المباشر الذي أوصل النقاش حول الموضوع إلى ذروته، بمليون وثلاثمائة ألف مشاهدة، كما حظي بثه الثاني بمليون مشاهدة، بينما وصل بثه الثالث بعد 8 ساعات (وقت كتابة هذا المقال) إلى أكثر من نصف مليون مشاهدة، والراجح أنه سيتجاوز مليون مشاهدة من قبل أن يُكمل يومه الأول.

نحن أمام أرقام مشاهدة استثنائية، وتفاعل غير مسبوق في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يعني بأن هذه الفرضية وصلت إلى كل بيت موريتاني، إن لم أقل كل موريتاني، فأن تحظى ثلاثة بثوث متتالية لمدون واحد، خلال ثلاثة أيام، بما يُقارب 3 مليون مشاهدة، فهذا يعني أننا أمام تفاعل استثنائي وغير مسبوق في مواقع التواصل الاجتماعي لم يحظ به أي موضوع من قبل.

لا يملك أصحاب هذه الفرضية ـ وعلى رأسهم عبد الرحمن ودادي ـ أدلة مؤكدة يقدمونها للمتابع، ولا يطلب منهم تقديم أدلة مؤكدة، ولكنهم في المقابل، استطاعوا ـ وبذكاء ـ أن يربطوا من خلال تحليل متماسك منطقيا بين سلسلة من الأحداث، واستطاعوا كذلك أن يطرحوا بعض الأسئلة، التي من شأنها أن تعزز من قوة فرضيتهم. يتحدث أصحاب هذه الفرضية عن الثروة الضخمة التي ظهرت فجأة عند بعض أفراد الأسرة، والتي تزامنت مع " ظهور طائرة لغز" في سماء الترارزة، كما يتحدثون عن إنفاق تلك الأموال بطريقة مثيرة للشكوك، وعن عطايا كان فيها نصيب كبير لبعض التافهين، لا يمكن أن يُعطيها إلا من حصل على أموال ضخمة بطرق "سهلة".

هذه الفرضية ـ إن تأكدت ـ  تجعلنا أمام أموال حرام حُصِّلت من فعل إجرامي محرم محليا ودوليا.

الفرضية الثانية : ومن أشهر من قال بها ـ إن لم أقل الوحيد الذي قال بها ـ صاحب حساب مستعار (سيدي محمد المعروف باكس ول اكرك)، حيث أشار في منشور له تم تداوله بشكل واسع إلى أن أحد الموريتانيين، ويفهم من سياق المنشور أنه يقصد أحد أبناء أسرة أهل الشيخ آياه، قد حصل على 170 مليون أيرو في لعبة "يانصيب".

هذه الفرضية تجعل مصدر الأموال قانوني في دول الغرب، ومحرم شرعا في بلادنا، ويفترض أنه محرم كذلك في كل بلاد المسلمين.

الفرضية الثالثة: تحدث عنها كثيرون، ولعل من أبرزهم الصحفي المعروف عبد الله اتفاغ المختار، حيث قالوا بأن مصدر هذه الأموال هو "لحجاب"، ويقول الصحفي عبد الله  في منشور له أنه علم من بعض المصادر: "أن بزوغ نجم العزة منت الشيخ آياه كان بسبب حاجة سيدات خليجيات محافظات جدا، إلى حجابة أنثى، لكونهن لا ينكشفن على غير محرم". ويضيف في نفس المنشور: "شخصيا خدمتُ سبع سنوات في دولة الإمارات، وكثيرا ما التقيتُ بحجابة موريتانيين، وقليل منهم من غنم منها وعاد إليها، والسبب دائما هو التحايل، باستثناء الطالب بوي الذي كان يغادرنا في دبي هذا الأسبوع، ثم يعود إلينا في الأسبوع الموالي وذلك دأبه حتى الساعة، ولم نعلم بمأخذ على نشاطه وسلوكه هناك."

هذه الفرضية ـ إن صحت ـ سنكون أمام أموال مشروعة، مع اعترافنا بأن "لحجاب" أصبح يصاحبه الكثير من عمليات الغش والتحايل.

من يستطيع أن يحسم الجدل القائم حول هذه الفرضيات؟

هناك جهتان فقط يمكن لهما أن تحسما هذا الجدل القوي الدائر حاليا  حول مصدر أموال أسرة أهل الشيخ آياه. الجهة الأولى هي من يمتلك تلك الأموال، أي الأسرة نفسها، ولكن يبدو أن الأسرة لم تقرر حتى الآن الكشف عن مصادر أموالها، بل إن ما يُصرح به من طرف بعض أفرادها يزيد من وجاهة السؤال عن مصدر تلك الأموال.

إن أهم تصريحات أبناء الأسرة حول مصدر تلك الأموال انحصر حتى الآن في منشور كتبه الشيخ الطالب بوي ولد الشيخ أياه (الناطق الرسمي باسم الأسرة) على حسابه في الفيسبوك، قال فيه :" مصدر أموال أهل الشيخ آياه : قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)".

هناك أيضا فيديو متداول للشيخ عبد العزيز الشيخ آياه (الخليفة العام) يقول فيه إنه أغنى من يوجد حاليا بين السماء والأرض، وأنه لا يزاول أي عمل!!!

أما الجهة الثانية التي يمكن أن تجيب بدقة على السؤال هي الدولة طبعا، وذلك من خلال أجهزتها الأمنية والقضائية، والدولة أصبحت ملزمة اليوم بالإجابة على هذا السؤال، وأصبحت ملزمة كذلك باتخاذ القرار المناسب في هذا الموضوع بعد تحديد مصدر تلك الأموال، فإن كان مصدرها هو ما تحدثت عنه الفرضية الأولى، وهذا مما لا أتمناه،  فإننا في هذه الحالة سنكون أمام واحدة من أخطر الجرائم التي تستوجب معاقبة كل الضالعين فيها، وإن كان مصدر الأموال له صلة بالفرضية الثانية، أي القمار، فإننا نكون في هذه الحالة أمام تكسب غير مشروع للمسلم، ويزداد الأمر هنا خطورة لأنه يتعلق ببعض أفراد أسرة يتبع لطريقتها الكثير من الموريتانيين ومن غير الموريتانيين، وبهذا التصرف يكون أحد أبناء الأسرة قد أساء إلى تاريخ طويل وعريض لأسرة فاضلة لها طريقتها الصوفية التي كانت ـ وما تزال تستقطب الكثير من المريدين والأتباع.

وإن كان مصدر الأموال هو الفرضية الثالثة، أي لحجاب، وهذا ما نرجو، فهنا نكون أمام مصدر شرعي، حتى وإن ارتبط "لحجاب" في بعض الحالات بالشعوذة والتحايل.

إننا نتمنى حقا، أن يكون مصدر أموال هذه الأسرة هو لحجاب، وفي هذه الحالة سيكون من واجبنا جميعا أن نقف صفا واحدا ضد تشويه سمعة هذه الأسرة الفاضلة من خلال اتهامها بأبشع جريمة يمكن أن يُتهم بها أبناء مشيخة معروفة في موريتانيا وخارجها.

نعم سيكون من واجبنا في حالة تحققت هذه الفرضية الثالثة أن نقف مع هذه الأسرة الفاضلة التي اتهمت بأبشع تهمة، خاصة وأن هذه التهمة قد سارت بها ركبان البثوث المباشرة، وأوصلتها إلى كل موريتاني يملك هاتفا مزودا بالأنترنت.

نعم سيكون من واجبنا جميعا إن صدقت الفرضية الثالثة أن نقف صفا واحدا ضد واحدة من أخطر عمليات التشويه الإعلامي التي تعرضت لها أسرة موريتانية في كل تاريخ البلد.

بكلمة واحدة لقد أصبح لزاما على الأجهزة الأمنية والقضائية أن تكشف ـ وبشكل فوري ـ عن مصدر أموال أسرة أهل الشيخ آياه، فإن كان المصدر غير مشروع تم اتخاذ الإجراءات العقابية المناسبة، وإن كان المصدر مشروعا ـ وهذا ما نرجو وما نتمنى ـ عوقب كل من حاول تشويه سمعة هذه الأسرة الفاضلة، مع القيام بكل ما يلزم لوقف هذا التشويه الإعلامي الواسع الذي تتعرض له هذه الأسرة الفاضلة.   

حفظ الله موريتانيا..


الأحد، 15 سبتمبر 2024

فَلِنطالب بكشف الحقيقة..هذا هو واجب اللحظة


أثير في الفترة الأخيرة ملفان شائكان وفي غاية التعقيد، أولهما يتعلق بتهم بالفساد، وقد أثاره رئيس منظمة الشفافية الشاملة الشيخ السابق محمد غدة ضد تجمع شركات من بينه شركة تحسب على رئيس أرباب العمل الذي يملك 40% من رأسمالها.

أما ثانيهما فهو يتعلق ب"البدرة البيضاء"، وقد أثاره المدون والكاتب عبد الرحمن ودادي، ويفهم من أحاديثه أنه يتهم بعض أفراد مشيخة معروفة في البلد بتبييض الأموال والتجارة في الممنوعات.

يُحسب لولد غدة وولد ودادي أنهما:

1 -  أثارا ملفين شائكين ضد شخصيات لها وزنها وتأثيرها الكبير في البلد؛

2 - أنهما قدما كل ما لديهما من فرضيات وأدلة للرأي العام الوطني؛

3 - أنهما فتحا هذين الملفين الشائكين من داخل موريتانيا، وليس من خارجها، وهذا يؤكد أولا شجاعتهما، ويؤكد ثانيا أنهما على استعداد  تام لتحمل كل ما قد يترتب على فتح الملفين من أضرار ومخاطر وتبعات شخصية، وبالفعل فقد بدءا في دفع الكلفة، فهما ما بين من سُجِن أو استدعي للتحقيق، في حين أن المتهمين يزاولون مهامهم وأنشطتهم دون أي مساءلة. 

ما حدث بعد فتح الملفين معروف، فقد انقسم أهل هذا الفضاء كعادتهم دائما إلى فسطاطين اثنين لا ثالث لهما : فسطاط يدافع عن المتهمين في الملفين، ويبالغ في تزكيتهما، بل ويرفعهما إلى مراتب عليا، وكأنهما منزهان عن كل الأخطاء والنواقص، وفسطاط آخر يقف مع ولد غدة وولد ودادي ويعتبر أن ما قالا حقائق ثابتة لا يجوز التشكيك فيها تحت أي ظرف، وأنه من الواجب على الدولة أن تنفذ العقوبات ضد المتهمين بشكل فوري.

أيها النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي :

إن المطلوب منا جميعا ليس التضامن مع من اتَهَمَ أو التضامن مع من اتُهِم، بل المطلوب منا خدمةً للحقيقة وللوطن هو أن نقف صفا واحدا للمطالبة بتحقيقات شفافة في الملفين، والتعامل مع نتائج تلك التحقيقات بصرامة، وبما ينص عليه القانون، فإن كانت الاتهامات حقيقية عوقب المعنيون بما يحدده القانون في هذا المجال من عقوبات، وإن كانت التهم غير حقيقية، وأن كل ما قيل هو من أجل الإساءة إلى سمعة المعنيين، فعلى القضاء في هذه الحالة أن يعاقب ولد غدة وولد ودادي بما يحدده القانون من عقوبات ضد من يمارس الافتراء والإساءة إلى سمعة المواطنين الأبرياء.

إني أدعوكم - يا نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي -  إلى التضامن مع الحقيقة، وبذل كل الجهود واستخدام كل وسائل الضغط من أجل فتح تحقيقات شفافة لمعرفة الحقيقة، واتخاذ إجراءات عقابية ضد هذا الطرف أو ذاك، تبعا لنتائج نلك التحقيقات.

وبالمناسبة فإن هذا هو الموقف الذي يُفترض فيه أنه يرضي الجميع، فإن كان الأمر يتعلق بافتراء تمت تبرئة المعنيين، وحُقَّ لهم حينها أن يطلوا على المجتمع برؤوس مرفوعة،          

 وإن كانت التهم حقيقية فإن الواجب في هذه الحالة هو أن يعاقب المدانين بتلك التهم، ويُكرم ولد غدة وولد ودادي على جهودهما الكبيرة في كشف جرائم الفساد وغسيل الأموال والمتاجرة بالممنوعات.

وأختم بما بدأتُ به : فَلِنطالب بكشف الحقيقة..هذا هو واجب اللحظة.


فَلِنطالب بكشف الحقيقة..هذا هو واجب اللحظة




بسم الله الرحمن الرحيم

عن مصادر أموال أبناء الشيخ أياه

لقد أصبح السؤال عن مصادر أموال بعض أبناء أسرة أهل الشيخ آياه الفاضلة، هو السؤال الأكثر إلحاحا في أيامنا هذه، وأصبحت محاولات الإجابة عليه هي الشغل الشاغل لرواد مواقع التواصل الاجتماعي.

إن المتابع لما يُثار حاليا من نقاش واسع حول مصادر تلك الأموال سيجد أن هناك ثلاث فرضيات تعتبر هي الأكثر تداولا حول تلك المصادر.

الفرضية الأولى : يحاول أصحاب هذه الفرضية أن يربطوا ـ تلميحا أو تصريحا ـ بين مصدر هذه الأموال والتجارة في "أدكيكة البيظة"، ومن أبرز من حاول أن يدفع بتلك الفرضية في بثوثه المباشرة المدون عبد الرحمن ودادي، والذي حظي بثه المباشر الذي أوصل النقاش حول الموضوع إلى ذروته، بمليون وثلاثمائة ألف مشاهدة، كما حظي بثه الثاني بمليون مشاهدة، بينما وصل بثه الثالث بعد 8 ساعات (وقت كتابة هذا المقال) إلى أكثر من نصف مليون مشاهدة، والراجح أنه سيتجاوز مليون مشاهدة من قبل أن يُكمل يومه الأول.

نحن أمام أرقام مشاهدة استثنائية، وتفاعل غير مسبوق في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يعني بأن هذه الفرضية وصلت إلى كل بيت موريتاني، إن لم أقل كل موريتاني، فأن تحظى ثلاث بثوث متتالية لمدون واحد، خلال ثلاثة أيام، بما يُقارب 3 مليون مشاهدة، فهذا يعني أننا أمام تفاعل استثنائي وغير مسبوق في مواقع التواصل الاجتماعي لم يحظ به أي موضوع من قبل.

لا يملك أصحاب هذه الفرضية ـ وعلى رأسهم عبد الرحمن ودادي ـ أدلة موثوقة يقدمونها للمتابع، ولكنهم في المقابل، استطاعوا ـ وبذكاء ـ أن يربطوا من خلال تحليل متماسك منطقيا بين سلسلة من الأحداث، واستطاعوا كذلك أن يطرحوا بعض الأسئلة، التي من شأنها أن تعزز من قوة فرضيتهم. يتحدث أصحاب هذه الفرضية عن الثروة الضخمة التي ظهرت فجأة عند بعض أفراد الأسرة، والتي تزامنت مع " ظهور طائرة لغز" في سماء الترارزة، كما يتحدثون عن إنفاق تلك الأموال بطريقة مثيرة للشكوك، وعن عطايا كان فيها نصيب كبير لبعض التافهين، لا يمكن أن يُعطيها إلا من حصل على أموال ضخمة بطرق "سهلة".

هذه الفرضية ـ إن تأكدت ـ  تجعلنا أمام أموال حرام حًصِلت من فعل إجرامي محرم محليا ودوليا.

الفرضية الثانية : ومن أشهر من قال بها ـ إن لم أقل الوحيد الذي قال بها ـ صاحب حساب مستعار (سيدي محمد المعروف باكس ول اكرك)، حيث أشار في منشور له تم تداوله بشكل واسع إلى أن أحد الموريتانيين، ويفهم من سياق المنشور أنه يقصد أحد أبناء أسرة أهل الشيخ آياه، قد حصل على 170 مليون أيرو في لعبة "يانصيب".

هذه الفرضية تجعل مصدر الأموال قانوني في دول الغرب، ومحرم شرعا في بلادنا، ويفترض أنه محرم كذلك في كل بلاد المسلمين.

الفرضية الثالثة: تحدث عنها كثيرون، ولعل من أبرزهم الصحفي المعروف عبد الله اتفاغ المختار، حيث قالوا بأن مصدر هذه الأموال هو "لحجاب"، ويقول الصحفي عبد الله  في منشور له أنه علم من بعض المصادر: "أن بزوغ نجم العزة منت الشيخ آياه كان بسبب حاجة سيدات خليجيات محافظات جدا، إلى حجابة أنثى، لكونهن لا ينكشفن على غير محرم". ويضيف في نفس المنشور: "شخصيا خدمتُ سبع سنوات في دولة الإمارات، وكثيرا ما التقيتُ بحجابة موريتانيين، وقليل منهم من غنم منها وعاد إليها، والسبب دائما هو التحايل، باستثناء الطالب بوي الذي كان يغادرنا في دبي هذا الأسبوع، ثم يعود إلينا في الأسبوع الموالي وذلك دأبه حتى الساعة، ولم نعلم بمأخذ على نشاطه وسلوكه هناك."

هذه الفرضية ـ إن صحت ـ سنكون أمام أموال مشرعة، مع اعترافنا بأن "لحجاب" أصبح يصاحبه الكثير من الغش والتحايل.

من يستطيع أن يحسم الجدل القائم حول هذه الفرضيات؟

هناك جهتان فقط يمكن لهما أن تحسما هذا الجدل القوي الدائر حاليا  حول مصدر أموال أسرة أهل الشيخ آياه. الجهة الأولى هي من يمتلك تلك الأموال، أي الأسرة نفسها، ولكن يبدو أن الأسرة لم تقرر حتى الآن الكشف عن مصادر أموالها، بل إن ما يُصرح به من طرف بعض أفراد الأسرة يزيد من إلحاح السؤال عن مصدر تلك الأموال.

إن أهم تصريحات أبناء الأسرة حول مصدر تلك الأموال انحصر حتى الآن في منشور كتبه الشيخ الطالب بوي ولد الشيخ أياه (الناطق الرسمي باسم الأسرة) على حسابه في الفيسبوك، قال فيه :" مصدر أموال أهل الشيخ آياه : قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)".

هناك أيضا فيديو متداول للشيخ عبد العزيز الشيخ آياه (الخليفة العام) يقول فيه إنه أغنى من يوجد حاليا على الأرض، وأنه لا يزاول أي عمل.

أما الجهة الثانية التي يمكن أن تجيب بدقة على السؤال هي الدولة طبعا، وذلك من خلال أجهزتها الأمنية والقضائية، والدولة أصبحت ملزمة اليوم بالإجابة على هذا السؤال، وأصبحت ملزمة كذلك باتخاذ القرار المناسب في هذا الموضوع بعد تحديد مصدر تلك الأموال، فإن كان مصدرها هو ما تحدثت عنه الفرضية الأولى، وهذا مما لا أتمناه،  فإننا في هذه الحالة سنكون أمام واحدة من أخطر الجرائم التي تستوجب معاقبة كل الضالعين فيها، وإن كان مصدر الأموال له صلة بالفرضية الثانية، أي القمار، فإننا نكون في هذه الحالة أمام تكسب غير مشروع للمسلم، ويزداد الأمر هنا خطورة لأنه يتعلق ببعض أفراد أسرة يتبع لطريقتها الكثير من الموريتانيين ومن غير الموريتانيين، وبهذا التصرف يكون أحد أبناء الأسرة قد أساء إلى تاريخ طوبل وعريض لأسرة فاضلة لها طريقتها الصوفية التي كانت ـ وما تزال تستقطب الكثير من المريدين والأتباع.

وإن كان مصدر الأموال هو الفرضية الثالثة، أي لحجاب، وهذا ما نرجو، فهنا نكون أمام مصدر شرعي، حتى وإن ارتبط لحجاب في بعض الحالات بالشعوذة والتحايل.

إننا نتمنى حقا، أن يكون مصدر أموال هذه الأسرة هو لحجاب، وفي هذه الحالة سيكون من واجبنا جميعا أن نقف صفا واحدا ضد تشويه سمعة هذه الأسرة الفاضلة من خلال اتهامها بأبشع جريمة يمكن أن يُتهم بها أبناء مشيخة معروفة في موريتانيا وخارجها.

نعم سيكون من واجبنا في حالة تحققت هذه الفرضية الثالثة أن نقف مع هذه الأسرة الفاضلة التي اتهمت بأبشع تهمة، خاصة وأن هذه التهمة قد سارت بها ركبان البثوث المباشرة، وأوصلتها إلى كل موريتاني يملك هاتفا مزودا بالأنترنت.

نعم سيكون من واجبنا جميعا إن صدقت الفرضية الثالثة أن نقف صفا واحدا ضد واحدة من أخطر عمليات التشويه الإعلامي التي تعرضت لها أسرة موريتانية في كل تاريخ البلد.

بكلمة واحدة لقد أصبح لزاما على الأجهزة الأمنية والقضائية أن تكشف ـ وبشكل فوري ـ عن مصدر أموال أسرة أهل الشيخ آياه، فإن كان المصدر غير مشروع تم اتخاذ الإجراءات العقابية المناسبة، وإن كان المصدر مشروعا ـ وهذا ما نرجو وما نتمنى ـ عوقب كل من حاول تشويه سمعة هذه الأسرة الفاضلة، مع القيام بكل ما يلزم لوقف هذا التشويه الإعلامي الواسع الذي تتعرض له هذه الأسرة الفاضلة.   

 

حفظ الله موريتانيا..

محمد الأمين الفاضل

Elvadel@gmail.com


الجمعة، 13 سبتمبر 2024

ضحايا سلبيون..


منذ سنوات، ونحن نحاول في حملة معا للحد من حوادث السير ، أن نشرك ضحايا حوادث السير في التوعية في مجال السلامة الطرقية سعيا للحد من حوادث السير في بلادنا، ولكننا فشلنا في ذلك.

في كل دول العالم فإن الضحايا هم أول من يتحرك للتوعية حول خطورة ما يعانون منه، فمرضى السرطان مثلا يشاركون في التوعية حول خطورة هذا المرض، وضحايا الحروب يكونون في الصفوف  الأولى في أي جهد يسعى للحد من الحروب، وهكذا.

لقد حاولنا إشراك الضحايا على صعيدين :

1- على مستوى الأفراد، أي أن يشارك معنا في التوعية أشخاص تعرضوا سابقا لحوادث سير، ويعانون من آثارها، أو أشخاص فقدوا بعض ذويهم في حوادث سير؛

2- الصعيد الثاني هو أن تدعم بعض القطاعات أو المؤسسات التي فقدت بعض عمالها أو منتسبيها في حوادث سير الجهود التوعوية التي يُقام بها في هذا المجال، فإن لم يكن ذلك من باب تحمل المسؤولية الاجتماعية في هذا المجال، فعلى الأفل، فليكن وفاءً للأرواح التي فقدتها تلك القطاعات والمؤسسات بسبب حوادث السير.

فقدنا العديد من العلماء والدعاة وحاولنا أن نشرك هيئة العلماء في التوعية حول خطورة حوادث السير، وفقدنا العديد من النواب والعمد وحاولنا أن نشرك الساسة في التوعية حول خطورة حوادث السير، وفقدنا صحفيين ومدونين، وحاولنا أن نشرك "نجوم منصات التواصل الاجتماعي"  في التوعية حول خطورة حوادث السير ، على الأقل تضامنا مع زملائهم الذين كانوا ضحية لها، ولكننا فشلنا في ذلك.

آخر المحاولات في هذا المجال كانت بعد حادث السير الأليم الذي وقع عند قرية أغنودرت، (23 يوليو 2024)، وكان ضحيته أحد  موظفي  وكالة ترقية الاستثمار، لقد طلبنا من الوكالة أن تضع نُصبا توعويا في مكان الحادث، كهذا النصب المرفق مع المنشور، وتضع فوقه سيارتها التي تعرضت للحادث المذكور،  وتوفي فيها أحد عمالها، على أن تكتب على النصب رسالة توعوية حول خطورة السرعة المفرطة، فأغلب الحوادث التي تقع بين "ملتقى البراد" ومطار أم التونسي هي في الغالب بسبب السرعة المفرطة، فالطريق هناك مزدوج من إتجاهين، وهو في وضعية مقبولة، ولا توجد به حفر، كما أنه غير مأهول فلا يوجد مشاة ولا حيوانات، مما يعني أن السبب هو في الغالب الأعم للحوادث التي تقع هناك هو السرعة المفرطة.

في الصورة الثانية تظهر صورة سيارة وكالة ترقية الاستثمار التي تعرضت للحادث المذكور، وقد نظمنا في الحملة زيارة ميدانية لموقع الحادث.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

#معا_للحد_من_حوادث_السير



الأحد، 8 سبتمبر 2024

نُطالب بإجراء خبرة مستقلة


لقد كنتُ من الذين تابعوا أولا بأول مسار الملف الذي فتحته منظمة الشفافية الشاملة من خلال تقرير نشرته على صفحتها على الفيسبوك، وعلق عليه  فيما بعد رئيسها محمد غدة، وقد تحدث هذا التقرير عن فساد كبير اتهمت به المنظمة تجمع شركات يضم شركة BIS-TP  المملوكة لرئيس أرباب العمل الموريتانيين السيد زين العابدين ولد الشيخ أحمد.


تابعت تقرير المنظمة وما صاحبه من ردود أفعال، كما حضرتُ أيضا لمؤتمر صحفي نظمته الشركة، وقد عرضت الشركة في مؤتمرها الصحفي أن تنظم رحلة ميدانية للمهتمين بالملف للاطلاع بشكل ميداني على العمل الذي قامت به بخصوص المشروع المذكور، وقد وافقتُ مبدئيا للانضمام لهذه الرحلة بشرط واحد، وهو أن تسمح لنا الشركة بتحديد مسار الرحلة ومدتها، وبدعوة من نعتقد بأنه قد يكون مفيدا لنا في جمع المعلومات الميدانية الضرورية.


لم تنظم الشركة الرحلة التي تعهدت بها، وحدث بعد ذلك ما حدث، فسُجن رئيس منظمة الشفافية الشاملة لفترة، وأطلق سراحه فيما بعد، وذلك بعد أن حكمت المحكمة بحكم تمهيدي بإجراء خبرة فنية، وعَيَّن رئيس الغرفة الجزائية خبيرين معتمدين ومنحهم شهرا كاملا، وكلفهم بإجراء معاينة بحضور الطرفين، وإجراء مقارنة بين المتعاقد عليه والمنجز فعلا، ودراسة الكلفة التقديرية لأجزاء المشروع ومقارنتها بكلفة ما تم إنجازه فعلا.


بعد ذلك طعنت النيابة في الحكم لدى الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف فَرُفِض الطعن، ثم قام بعد ذلك المدعي العام بالطعن في الحكم من جديد أمام المحكمة العليا.


إن محاولة عرقلة إجراء خبرة فنية مستقلة يثير الكثير من الشكوك، والرأي العام المتابع لهذا الملف بحاجة اليوم إلى نتائج خبرة مستقلة تمكنه من معرفة الحقيقة، فإن كان الأمر يتعلق بافتراء ارتكبته منظمة الشفافية ورئيسها ضد شركة BIS-TP، كان من واجبنا جميعا أن نقف بقوة مع الشركة حتى تأخذ حقها كاملا حماية لسمعتها، وإن كان الأمر يتعلق بفساد حقيقي ارتكبته الشركة، طالبنا بمحاسبتها، واستعادة أموال الشعب الموريتاني التي نهبتها.


بكلمة واحدة، لابد من إجراء خبرة مستقلة، ولن نقبل بغير ذلك، فالخبرة المستقلة هي وحدها التي ستساعدنا في معرفة حقيقة هذا الملف.


ونحن بصفتنا متابعين ومهتمين بمحاربة الفساد، لن نقبل بتعطيل إجراء خبرة مستقلة، فإجراء هذه الخبرة هو الذي سيكشف حقيقة ما جرى، وهل الأمر يتعلق بافتراء للإساءة إلى سمعة الشركة، أم بفساد ارتكبته الشركة؟

----

الصورة على هامش المؤتمر الصحفي للشركة، ومن المصادفات أنه تجمعني علاقات صداقة مع الطرفين، وهي علاقات لن تؤثر على موقفي من هذا الملف، فأنا أريد الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، والحقيقة في هذا الملف طريقها واحد: إجراء خبرة فنية مستقلة.  

#نريد_خبرة

الأحد، 1 سبتمبر 2024

فوضى حركة السير .. هل من حلول؟


من يتأمل حركة السير صباحا أو مساءً في العاصمة نواكشوط، سيخرج باستنتاج صادم مفاده أن السائقين قد قرروا ـ عن بكرة أبيهم ـ  أن ينفذوا عملية انتحار جماعي، وذلك من خلال ارتكاب كل الأخطاء والتجاوزات التي يمكن أن تتخيلها أو لا تتخيلها في وقت واحد، فهذا سائق لم يتوقف عند الإشارة الحمراء، وذلك سائق لم ُيثَبِّتْ في حياته حزام الأمان ولو لمرة واحدة، وثالث يقود سيارته بسرعة جنونية، ورابع منشغل بالهاتف أثناء القيادة، وخامس يشير بضوء سيارته الخلفي أنه سيلف يمينا ولكنه يلف يسارا، وسادس يتوقف وسط الشارع في الوقت الذي يشاء وبالطريقة التي يشاء.

هذا هو في المجمل ما يحدث يوميا على أغلب شوارع وملتقيات طرق العاصمة نواكشوط، وإذا ما أردنا أن نتحدث في التفاصيل، فلا بأس بالتوقف عند بعض العناوين الفرعية.

مجانين ينظمون حركة السير

لعل من أبلغ الأدلة وأكثرها صدمة على ما نعيش من فوضى في حركة السير، هو أنه توجد في العاصمة نواكشوط ثلاثة ملتقيات طرق حيوية ينظم فيها حركة سير مجانين.

لقد بلغت فوضى حركة السير في بلادنا حدًّا أصبح فيه "عقلاء البلد ونخبه"، ومن يقود السيارات إذا ما استثنينا سائقي سيارات الأجرة هم نخب البلد، أصبحوا بحاجة إلى مجانين لينظموا لهم حركة السير في بعض ملتقيات الطرق الحيوية.

كرمٌ هنا وبخلٌ هناك

من المعروف أن الموريتاني هو بطبيعته شخص كريم، والشعب الموريتاني يعدُّ من أكرم الشعوب، ومع ذلك فإن هذا الشعب الكريم بفطرته بخيلٌ جدا في الشارع، ومن الصعب جدا أن يتكرم عليك موريتاني من نخبة المجتمع أو عامته بأن يعطيك الأسبقية في الطريق، حتى وإن كنتَ في أشد الحاجة لذلك، بل إن بعضنا قد يبخل بفتح الطريق لسيارة الإسعاف.

وحدهم الأجانب هم الذين يتكرمون بمنح الطريق وإعطاء الأولوية لمن يحتاجها، وذلك مع الاعتراف بأن الكثير من الأجانب أصابته عدوى فوضوية الموريتانيين في الشارع، وأصبح أكثر فوضوية من الموريتانيين، فمنهم من أصبح يتصرف على الشارع برعونة كبيرة تعبر عن مدى استخفافه بأهل هذا البلد الذي يقيم فيه.

ومن قبل أن أختم هذه الفقرة لابد أن أشير إلى جفاف المشاعر الذي يعاني منه السائق الموريتاني، فأنتَ عندما تشذُّ عن القاعدة، وتقرر أن تتكرم بفتح الطريق لصاحب سيارة، فإنه يبخل عليك في الغالب الأعم، بأن يرفع إليك يده شاكرا.

من يُهدر الساعات الطوال قد يحرص على الثواني!

الشعب الموريتاني قد يكون من الشعوب الأكثر إهدارا للوقت، ويكفي لتبيان ذلك، أن نُذَكِّر ب"جيمات" الشاي الثلاثة، والتي من بينها جِيمٌ تجعل من عملية إبطاء الشاي هدرا للوقت شرطا من شروط صحته.  الغريب في الأمر، أن هذا الشعب المعروف بإهداره للوقت قد تجد فيه من يُظهر حرصا مبالغا فيه لاستغلال الوقت، قد لا تجده في أي بقعة من العالم، وذلك لدرجة أنه لا يقبل بالتوقف ـ ولو لثانية واحدة ـ عند إشارة المرور في انتظار الضوء الأخضر.

البعض منا قد يُخاطر بحياته وبحياة غيره حتى لا يضيع ثانية واحدة يتبدل فيه لون إشارة المرور، ومن يشاهد ذلك الحرص المبالغ فيه لاستغلال ثانية واحدة عند ملتقيات الطرق، قد يطرح السؤال : ما الذي جعل ذلك الشخص يُخاطر بحياته لكسب ثانية واحدة عند إشارة الضوء؟

لا بأس، سأتكرم عليكم بالجواب : ربما يكون مستعجلا لأنه في طريقه إلى جلسة شاي سيهدر فيها الساعات الطوال من وقته!

لمن ملكية الشارع؟

كثيرٌ من سالكي الطرق يتعامل مع الشارع، وكأنه ملكية خاصة به، ولذا فهو قد يتوقف في وسطه في الوقت الذي يشاء وبالطريقة التي يشاء ليتبادل أطراف الحديث مع شخص يعرفه، التقى به صدفة على الشارع، وربما يتوقف ليشتري بضاعة، أو ليحمل راكبا، أو لأي سبب آخر كان.

وعندما يستفزك هذا التصرف الغريب، فتطلب ممن مارسه أن يفتح لك الطريق، قد يلتفت إليك غاضبا، ويقول لك : هل الشارع شارعك، وكأنه شارعه هو الذي ورثه عن آبائه وأجداده، والذي يمتلك عليه وثيقة تؤكد ملكيته!

يا هذا، الشارع ليس لي ولا لك، وهو ملكية عامة للجميع، ولكل واحد منا الحق في استخدامه واستغلاله بشكل سليم، ولكن لا يحق لأي منا أن يستخدمه بشكل غير سليم.

 الواعظ الصغير

 تتعرض الشوارع لعمليات اعتداء من طرف جهات عديدة، فشركات الاتصال والماء والكهرباء والبلديات وغيرها، كل واحدة من هذه الجهات قد تأتي إلى شارع ما فتحفر فيه حفرة لتنفيذ بعض الأشغال، ثم تترك تلك الخفرة دون أي ترميم.

عمليات الاعتداء على الشوارع يشارك فيه المواطنون، فأصحاب المنازل المحاذية للشوارع قد يقتطعون منها قطعة فيحولونها إلى ملكية خاصة تضرب فيها خيمة، أو يشيد فيها خزان ماء، أو تجعل حظيرة للماعز.

ويبقى أصحاب المتاجر والباعة الصغار والمتسولون هم الأكثر اعتداءً على الشوارع، وأذكر أننا في حملة "معا للحد من حوادث السير" نظمنا زيارة ميدانية لحادث سير وقع في تفرغ زينة (عملية دهس)، توفي فيها شاب صغير كان يبيع بطاقات الرصيد والسجائر، وكان يستخدم كيسا خشبيا صغيرا وكرسيا كمحل بيع على الشارع.

بعد الحادث بيومين زرنا للمرة الثانية نفس المكان، فوجدنا الأخ الأصغر للشاب المتوفي يستخدم نفس المحل لبيع بطاقات الرصيد والسجائر، فطلبنا منه أن يبتعد قليلا عن الشارع حتى لا تتكرر معه المأساة التي حدثت مع أخيه الأكبر، فامتنع، وقال لنا بأن الأعمار بيد الله، وأن ما حدث مع أخيه كان قدرا مكتوبا. لقد تلقينا يومها موعظة من واعظ صغير يبيع بطاقات الرصيد والسجائر على قارعة الطريق.

خسائر مادية ومشاكل نفسية

قد تذهب إلى عملك في الصباح الباكر، فتصل إليه بعد تأخر طويل، بسبب اختناق مروري ناتج عن ممارسات خاطئة لسالكي الطريق، وقد يكبدك هذا التأخر أو يكبد الجهة التي تعمل معها خسائر كبيرة، ولا تتوقف الخسائر على الجانب المادي فقط.

فأنت قد تذهب إلى عملك بفائض من حماس، وفي حالة نفسية جيدة، ولكنك لا تصل إليه إلا وقد أصبحت في حالة نفسية سيئة جدا، بسبب ما تلاقي على الشارع من مسلكيات مستفزة، فهذا سائق قد يسد الطريق أمامك دون مبرر، وذاك قد يصدمك بسيارته، وثالث قد يسبك دون سبب وجيه، وهكذا يستمر الحال معك على طول الطريق إلى ان تستنفد أخرة ذرة من فائض الحماس الذي كان لديك، وذلك من قبل وصولك إلى مكان العمل.

خذها قاعدة لقياس مستوى الصبر: من لديه القدرة على أن يتجول في شوارع العاصمة نواكشوط ليوم كامل دون أن يغضب لمرة واحدة، فهذا يعني أنه يمتلك صبرا استثنائيا يحسد عليه.

يا هذا ..إنك تخدع نفسك.

من غرائب مجتمعنا أنك قد تجد فينا من تعلم في أرقى الجامعات العالمية، وعاد إلى بلده بحمْل كبير من الشهادات، ومع ذلك تجده عندما يسافر ويقترب من نقطة تفتيش للدرك أو الشرطة يمدُّ يده لحزام الأمان الذي لم يستخدمه من قبل، ويثبته قليلا، وعندما يتجاوز نقطة التفتيش يتخلص منه بسرعة، وقد بدت على وجهه ملامح نشوة الانتصار، وذلك لشعوره الزائف بأنه خدع عناصر نقطة التفتيش بتثبيته المؤقت لحزام الأمان، متجاهلا بأنه لم يخدع إلا نفسه، وأنه عندما يقع حادث سير لا قدر الله،  فإن الذي سيتضرر هو، لا عناصر الأمن الذين يعتقد أنه خدعهم بحركته الغبية تلك.

الكثير من السائقين، ولكي يتخلص من "الصوت المزعج" الذي تطلقه بعض السيارات الحديثة عندما لا يتم تثبيت أحزمة الأمان، يلجأ إلى اقتناء قطع حديدية صغيرة تستخدم لإسكات الصوت الذي تطلقه السيارات الحديثة عندما لا تُثَبت أحزمة الأمان.

الرابح هو من يرتكب المزيد من الأخطاء

إن الذين يربحون الوقت على شوارعنا، هم أولئك الذين يرتكبون الأخطاء، فعندما يقع اختناق مروري، فإن الذين يخرجون أولا من ذلك الاختناق هم أولئك الذين تسببوا فيه بكثرة أخطائهم، ثم يليهم بعض السائقين الذين لم يتسببوا في الاختناق، ولكنهم قلدوا من سبقهم في ممارسة نفس الأخطاء ليخرجوا من الزحام، ولأن هؤلاء لا يجدون من يعاقبهم، فيبقى العاضون بالنواجذ على قوانين السير في مؤخرة الركب، وهم آخر من يخرج من الزحام.

ولهذا فكثيرا ما يتخلى البعض عن قوانين السير، سعيا للخروج من الزحمة، وذلك عندما يرى بأن من يتخلى عن قوانين السير أولا، هو من يخرج أولا من الزحمة.

هل من حلول؟

رغم كل هذه الفوضى التي نعيشها اليوم على شوارعنا، فإن الحلول موجودة وسهلة، وهي تتمثل في التطبيق الصارم لقوانين السير، ولعل البشرى التي يمكن أن نقدمها هنا بعد كل التشاؤم أعلاه، هي أن المجتمع الموريتاني مجتمع سهل الانقياد، فهو مجتمع فوضوي بدرجة لا يمكن أن تُتخيل إذا كانت الفوضى هي من تحكم الشوارع، وهو قد يتخلى عن تلك الفوضى في أي لحظة عندما يشعر بأن هناك صرامة وجدية في تطبيق القانون، وأنه لا تراجع عن ذلك، وأن الكل يتساوى في العقوبة، سائق سيارة الأجرة وسائق السيارة الفاخرة التي يملكها الوزير أو الجنرال أو رجل الأعمال.

قد لا يصدق بعضكم أن المجتمع الموريتاني سهل الانقياد إلى النظام وإلى تطبيق القانون، عندما يتضح له أنه لا مفر من ذلك، فمن لا يصدق ذلك، فإليه هذا الدليل.

في العام 2010 كانت شوارع العاصمة نواكشوط، وكعادتها دائما، من قبل ومن بعد،  تعيش فوضى في حركة السير، وكان هناك استثناء واحد، عند ملتقى الطرق الموجود بجنب "نادي الضباط".

كان السائق في العاصمة نواكشوط ـ وخاصة سائق سيارة الأجرة ـ يقود سيارته بفوضويته المعهودة، ولكن عندما يصل إلى ملتقى نادي الضباط يتحول إلى سائق من نوع آخر، يتصرف بشكل حضري، وذلك لأنه كان يدرك بأن الشرطي الموجود هناك (الشيخ صار رحمه الله) لا يقبل تحت أي ظرف أي رشوة، ويتساوى عنده سائق السيارة الفاخرة وسائق السيارة المتهالكة، وكان يؤدي عمله بحيوية وحماس، وكانت الابتسامة لا تفارقه، حتى من بعد قضاء عدة ساعات تحت الشمس وهو ينظم حركة السير في أحد ملتقيات طرق العاصمة.

كان السائقون يلتزمون بقوانين السير عندما يصلون إلى ملتقى نادي الضباط، وذلك لأنهم يدركون ـ تمام الإدراك ـ  بأن القانون سيطبق بشكل صارم على الجميع ودون أي تمييز، وكانوا يعودون إلى فوضويتهم التي جبلوا عليها، عندما يتجاوزون ملتقى طرق نادي الضباط.

رحم الله الشيخ صار، فما أحوجنا إليه في هذه الأيام. لقد منحناه في العام 2010 وساما شعبيا، وذلك بعد أن قضينا معه يوما تحت الشمس عند ملتقى نادي الضباط تشجيعا له،  وقد انضم إلينا فيما بعد في حملة معا للحد من حوادث السير بعد تقاعده، وكان عضوا شرفيا فيها، وكنا على صلة به إلى أن توفي بعد معاناة من المرض في يوم الخامس من نوفمبر من العام 2022 .

هل ستنجح حملة فك الاختناق المروري؟

إن تكرار نفس الأساليب قد يؤدي إلى نفس النتائج، وذلك مما لا يبشر على الحملة،  ولعل من الأخطاء التي ارتكبت في هذه الحملة أن أساليب التحسيس بها لم تتغير، فقد تمت إعادة نفس أساليب التحسيس التي كانت تُستخدم سابقا، مجموعة من الموظفين الرسميين تنظم لهم التلفزة أو الإذاعة مقابلات يتحدثون فيها بنفس الطريقة التي كان يتحدث بها أسلافهم في أواخر القرن الماضي.

فمن الملاحظ أن التحسيس بالحملة غائب تماما في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت هي الأكثر تأثيرا، فالإعلام الرسمي لم يعد له أي تأثير يذكر رغم ما يبتلع سنويا من ميزانيات ضخمة.

ومن جهة تحسيسية أخرى، فإني لا أدري إن كانت النقابات المهنية للسائقين قد أشركت في هذه الحملة، ولا أدري كذلك إن كان المجتمع المدني بصفة عامة قد أشرك فيها ام لا؟ المؤكد عندي الآن هو أننا في حملة معا للحد من حوادث السير لم نُشعر من أي جهة بهذه الحملة، ولم يطلب منا أن نشارك فيها.

في بعض الأحيان، وفي مثل هذه الحالات، قد تُشرك منظمات وجمعيات حقائب لا وجود لها على أرض الواقع، وذلك نظرا لعلاقة أصحابها بهذا المسؤول أو ذاك، وقد عودتنا وزارة التجهيز والنقل على مثل ذلك في السنوات الأخيرة.

ومهما يكن من أمر، فهذه الحملة ستبقى حملة مهمة جدا، ويجب أن تنجح بعد الإعلان عن انطلاقها، وبغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبت أثناء التحضير.

إن هذه الحملة التي ستنطلق بعد أقل من ساعتين،  يجب أن تتواصل وتستمر حتى تنجح، ولا شيء أخطر من الاستمرار في التغاضي عن هذه الفوضوية التي نعيشها في الشوارع، لا شيء أخطر من ذلك، إلا أن تطلق حملة للحد من تلك الفوضوية ثم تتوقف في منتصف الطريق من قبل الوصول إلى نتائج حاسمة.

هذه الحملة ستشكل أول امتحان جدي للحكومة الحالية، وهي يجب أن لا تتوقف، ومهما كانت كلفتها على المواطنين، وستكون لها ـ وبكل تأكيد ـ  كلفة كبيرة على المواطنين، فتوقفها في منتصف الطريق سيعقد هذا الملف مستقبلا، وسيجعل حله أكثر صعوبة، فمثل هذه الحملات التي لا تستمر يكون ضررها أكبر من نفعها، وذلك لأنها ستشجع سالكي الطرق على المزيد من الفوضى في الشوارع، وستؤكد لهم بأن الحكومة غير جادة في وقف هذه الفوضى.

إننا في حملة "معا للحد من حوادث السير" نشجع حملة الحد من الاختناق المروري رغم عدم إشراكنا فيها بصفتنا منظمة مجتمع مدني فاعلة في المجال، ونعلن بهذه المناسبة بأننا لن ندخر أي جهد توعوي وتحسيسي في سبيل إنجاحها.   

حفظ الله موريتانيا..

الصورة يظهر فيها الشيخ صار رحمه الله بعد تقاعده في اجتماع مع بعض أعضاء الحملة تحضيرا لنشاط تحسيسي.


الجمعة، 30 أغسطس 2024

لابد من فرض سرعة محددة على حافلات شركات النقل...


 من يشاهد حطام هذه السيارة قد يُخيٍَل إليه أنها أصيبت بصاروخ يحمل الكثير من المتفجرات.

هذا الحطام ليس نتيجة لقصف صاروخ، وإنما هو نتيجة لتصرف سائق حافلة متهور حاول أن يتجاوز سيارة على مرتفع ( الخطأ الأول)، وكان يسير بسرعة مفرطة ( الخطأ الثاني)، فاصطدم بسيارة هيليكس تتبع لوكالة تأجير سيارات قادمة من الاتجاه المعاكس، وكانت هي أيضا تسير بسرعة، فحدثت الفاجعة، حيث توفي بشكل فوري اثنين من ركاب السيارة نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته، وأصيب الراكب الثالث بجروح بليغة، وقد نُقل إلى الخارج لتلقي العلاج، نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالشفاء العاجل، وأن يعيده إلى ذويه ومحبيه وهو في صحة وعافية. كما أصيب أيضا عدد من ركاب الحافلة بجروح متفاوتة الخطورة، نسأل الله تعالى أن يمن عليهم جميعا بالشفاء العاجل.

منذ سنوات ونحن نطالب بفرض سرعة محددة على حافلات شركات النقل، ولكننا لم نجد تجاوبا حتى الآن.

زرنا أغلب شركات النقل، وطلبنا من ملاكها وضع مثبتات السرعة، فلم يستجب لنا منهم أحد، وذلك مع العلم أن هناك شركات قليلة تضع مثبتات السرعة في حافلاتها.

بعد ذلك راسلنا وزارة التجهيز والنقل في نهاية العام 2019 وردت علينا في بداية العام 2020 بأنها ستفرض سرعة محددة على حافلات النقل، ولكنها لم تقم بذلك حتى الآن.

اليوم لم يعد بالإمكان تأجيل الاستجابة لهذا الطلب، فلابد من فرض سرعة قصوى على حافلات النقل على الأقل، ولدينا في الحملة بعض الحلول التقنية والفعالة.

المقلق في الأمر أنه خلال زيارتنا لموقع الحادث رصدنا شاحنة وحافلة بحمولتين زائدتين، وقد تجاوزتا العديد من نقاط التفتيش دون أن يتم إيقاف أي منهما ( الصور مرفقة).




وفي طريق العودة إلى نواكشوط كاد أن يصدمنا سائق متهور حاول أن يتجاوز أربع سيارات في وقت واحد.

على شبكتنا الطرقية يمكن لأي سالك للطريق أن يفقد حياته، ليس نتيجة لأخطاء ارتكبها أثناء القيادة، وإنما لأنه - وبكل بساطة - كان في الموقع الخطأ وفي التوقيت الخطأ، أي أنه كان في طريق سائق متهور تعود على أن يخاطر بحياته، وبحياة كل من يقع على طريقه.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع

#معا_للحد_من_حوادث_السير



الأربعاء، 28 أغسطس 2024

لماذا لم نتحمس في الأغلبية لمحاربة الفساد؟


إن أي متابع فطن للشأن العام لابد وأن تكون قد استوقفته ردود الأفعال المتباينة على خطابين هامين وشبه متزامنين ألقاهما فخامة رئيس الجمهورية في مناسبتين مختلفتين، تم تنظيمهما أو تخليدهما في آخر شهرين من العام الماضي.

يتعلق الخطاب الأول بخطاب الذكرى الحادية والستين للاستقلال، والذي تحدث فيه الرئيس ـ وبشكل واضح ـ عن الفساد وخطورته. أما الخطاب الثاني فهو خطاب وادان، والذي تحدث فيه الرئيس ـ وبشكل واضح أيضا ـ عن خطورة التراتبية الاجتماعية والخطاب المكرس لها.

كانت ردود الأفعال على الخطابين متباينة جدا، وذلك على الرغم من أنهما تحدثا عن موضوعين لا يمكن التفريق بينهما على مستوى الخطورة وإلحاح المواجهة، وإذا كان لابد من التمييز بينهما فيجب أن يكون لصالح محاربة الفساد، ذلك أنه لن يكون بإمكاننا أن نتحدث عن لحمة اجتماعية وعن استقرار في ظل تفشي الفساد، وهذا ما أشار إليه الرئيس في خطاب الاستقلال عند تعداده لمخاطر الفساد والتي ذكر منها: " هتكه قواعد دولة القانون، بما يضعف ثقة الأفراد فيها، ويصيب النسيج الاجتماعي في الصميم". إن تفشي الفساد قد أصبح بالفعل من أخطر ما يهدد اللحمة الاجتماعية واستقرار البلد، فالفئات الهشة والفقيرة في المجتمع لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الفقر والتهميش والصبر على ذلك، في الوقت الذي ترى فيه موارد البلد وخيراته ينهبها المفسدون ويبذرونها تبذيرا.

كانت ردود الأفعال على الخطابين متباينة جدا، فخطاب وادان حُظي بردود أفعال إيجابية واسعة، فنظم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية مهرجانا حاشدا لتثمينه، وأشاد العديد من السياسيين المحسوبين على المعارضة بمضامينه. أما بالنسبة لخطاب الاستقلال الذي ركز على الحرب على الفساد فإنه لم يحظ بما يستحق من اهتمام لا في فسطاط الأغلبية، ولا في فسطاط المعارضة.

فلماذا هذا التمييز الواضح بين الخطابين؟ فهل هناك من الطبقة السياسية من لا يرتاح لمحاربة الفساد؟ ثم أين هم ضحايا الفساد وغالبية الشعب الموريتاني من ضحايا الفساد؟ ولماذا لم يُظهروا أية ردة فعل إيجابية على خطاب الاستقلال، تثمينا له ودعوة لتنفيذ ما جاء فيه من وعود هامة؟

إن ضحايا الفساد هم أولى الناس بتبني خطاب الاستقلال، وهم الذين كان يجب عليهم أن يظهروا مناصرتهم ودعمهم لأي خطوة تتخذ في هذا الاتجاه عند تقاعس غيرهم لأسباب مفهومة أو غير مفهومة. هذه فقرة من مقال : "ألم يحن الوقت لإطلاق حراك شعبي ضد الفساد والمفسدين؟"، والذي نُشر يوم السبت، الموافق 19 فبراير 2022.

ما أشبه الليلة بالبارحة

لا جديد يذكر، فبعد مرور سنتين ونصف على نشر هذا المقال، فما تزال الأغلبية على حالها، وما زال حزب الإنصاف ـ على الأقل من حيث ردود الأفعال ـ غير متحمس لرفع شعار محاربة الفساد، ولوعود الرئيس المتكررة بمحاربته، فمن يتابع أنشطة الحزب في الفترة الأخيرة قد يجد اهتماما بالعديد من القضايا، ولكنه لن يجد أي اهتمام يذكر بمحاربة الفساد مع أن محاربة الفساد كانت هي الأكثر حضورا في خطابات وتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية خلال الفترة الأخيرة.

لقد كنتُ من الذين توقعوا أن لا يُظهر حزب الإنصاف تحمسا كبيرا للحرب على الفساد، وهذا شيء طبيعي جدا، فالفساد لا تُمارسه المعارضة وذلك لكونها ليست هي من يتولى تسيير شؤون البلد، وإنما يمارس من داخل الأغلبية من طرف بعض الموظفين السامين أو رجال الأعمال أو غيرهم، ولذا فلا غرابة أن لا يتحمس الكثير من داعمي الرئيس لفتح أي ملف فساد جديد، وذلك خوفا من أن يتوالى فتح ملفات الفساد، فيصلهم الضرر عند فتح ملف من تلك الملفات.

إن مما يزيد الأمور تعقيدا هو أن المعارضة تقف هي كذلك  في خندق واحد مع بعض الأطراف في الأغلبية بخصوص محاربة الفساد، فالمعارضة تُسارع دائما إلى القول بعدم الجدية وبتصفية الحسابات عند فتح أي ملف فساد جديد، فهي لا تريد أصلا أن تنسب أي عمل يستحق التثمين لرئيس الجمهورية الذي تعارضه، ثم إنها تقتات إعلاميا وسياسيا وشعبيا على رفع شعار "فساد النظام"، ومحاربة الفساد من طرف النظام الحاكم ـ أي نظام حاكم ـ  ستعني تراجع شعبية ومصداقية المعارضة.

هناك شريك ثالث في المواقف السلبية من محاربة الفساد، وهو المجتمع التقليدي، فمن المعروف أن كل موظف، صالحا كان أو مفسدا، ينحدر من قبيلة أو شريحة أو جهة، ولذا فمن الطبيعي جدا أن تقف كل قبيلة مع ابنها المفسد عندما يفتح ضده ملف فساد، وذلك بحجة أنه ليس بالمفسد الوحيد في هذه البلاد، فلماذا يُختار هو دون غيره من المفسدين؟

ويبقى الشريك الرابع الذي يتصرف وكأنه غير متحمس لمحاربة الفساد يتمثل في بعض الطيبين الذين يدعمون بغباء كل ما تقوم به الأطراف السابقة من عمليات تشويش عند فتح أي ملف فساد، فيشككون في أي ملف فساد يفتح، ويتساءلون لماذا لم تفتح ملفات فساد أخرى، وكأنه بالإمكان أن تفتح ملفات الفساد كلها دفعة واحدة. 

خلاصة القول في هذه الفقرة هي أن أغلب الطيف السياسي النشط سيحاول أن يربك أي ملف فساد يُفتح، لأسباب ودوافع مختلفة، وذلك في وقت تغيب فيه أي جهة داعمة لفتح ذلك الملف.

ما العمل؟

من المؤكد أن أكثر من 95% من الشعب الموريتاني تؤيد الحرب على الفساد، ولكن المشكلة أن هذه ال95% ستبقى غثاء كغثاء السيل، إذا لم تجد آليات للتعبير سياسيا أو إعلاميا أو شعبيا عن دعمها لمحاربة الفساد، وعن ترحيبها بكل ملف فساد يفتح في إطار محاربة الفساد.

إننا اليوم في أمس الحاجة إلى أن تظهر منظمات مدنية ومبادرات سياسية قادرة على أن تعبر سياسيا وإعلاميا عن دعم الشعب الموريتاني لمحاربة الفساد، على أن تمتلك تلك المبادرات من اليقظة والجاهزية ما يمكنها من إظهار الدعم لكل ملف فساد يُفتح، والمطالبة بعد ذلك بفتح المزيد من ملفات الفساد، وفق قاعدة "خُذْ وطالب"، أو على الأصح "ادعم وطالب"، أي ادعم أي ملف فساد يُفتح، ثم طالب بعد ذلك بفتح ملف فساد جديد، وهكذا...

إننا في "منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية" على قناعة تامة بأن الموريتانيين غير المفسدين معنيون جميعا بمحاربة الفساد، سواء كانوا معارضين أو موالين أو مستقلين، ولهذا فقد دعونا إلى تأسيس حلف وطني لمحاربة الفساد، ولكن هذه القناعة لن تمنعنا من القول بأن واجب محاربة الفساد في هذه المأمورية الرئاسية تقع أولا على داعمي الرئيس، وذلك لجملة من الأسباب، لعل من أهمها:

1 ـ أن الفساد تمارسه بعض الأطراف في الأغلبية، بحكم أن الأغلبية الداعمة هي التي تتولى تسيير شؤون البلد، ولذا فواجب محاربته يجب أن تتحمله الأغلبية من قبل المعارضة التي لا علاقة لها بتسيير شؤون البلد؛

2 ـ أن تعليمات فخامة رئيس الجمهورية المتعلقة بمحاربة الفساد كانت واضحة جدا وصريحة جدا، والأغلبية أولى من غيرها بتنفيذ تعليمات فخامة الرئيس؛

3 ـ أن الأغلبية ـ لا المعارضة ـ هي التي صوتت على برنامج "طموحي للوطن"، والذي تضمن التزامات واضحة وقوية بمحاربة الفساد، والأغلبية بعد تصويتها على هذا البرنامج أصبحت مسؤولة مع الرئيس عن تنفيذه، وخاصة ما يتعلق منه بمحاربة الفساد.

إن الكل معني بمحاربة الفساد، ولكن الأغلبية تقع عليها المسؤولية الأكبر، ومن داخل الأغلبية فيمكن القول أن المسؤولية تقع بشكل أكثر إلحاحا على الشباب والأطر النظيفة داخل هذه الأغلبية.

لقد أعطى فخامة الرئيس مكانة غير مسبوقة للشباب في برنامجه الانتخابي، وجسد ذلك بضخ دماء شبابية في أول حكومة تشكل في المأمورية الأولى، وبرفع المكانة لبروتوكولية للوزارات المعنية بالشباب، وجسده كذلك بالالتزام بمحاربة الفساد، والشباب هم الأكثر تضررا من الفساد، ومع كل ذلك، فما زال الشباب عموما، والشباب في الأغلبية خصوصا، وفي الإنصاف بشكل أخص، غائبا تماما عن المشهد السياسي والإعلامي، وعاجزا عن إطلاق مبادرات داعمة للحرب على الفساد في ظل عدم تحمس الأغلبية التقليدية لها، لأسباب مفهومة وغير مفهومة.

على الشباب وعلى الأطر النظيفة في الأغلبية أن يكونوا أكثر حيوية ونشاطا، وعليهم أن يبادروا للتعبير سياسيا وإعلاميا وجماهيريا عن دعم الشعب الموريتاني لمحاربة الفساد، وإصلاح الإدارة، والتمكين للشباب، وعليهم أن يعلموا أننا إذا لم نحارب الفساد بشكل جاد في هذه المأمورية، فإن مصير البلد، ومصير النظام، ومصيرنا جميعا سيكون مفتوحا على كل الاحتمالات الأكثر تشاؤما.  

حفظ الله موريتانيا..


الأربعاء، 21 أغسطس 2024

مقترحات إلى معالي وزير التجهيز والنقل

 


في السابع من أغسطس من العام 2016، وعند الكلم 29 من طريق الأمل، ومن حفرة تقع على هذا المقطع، وقد كان مليئا حينها بالحفر، أعلنا في ضحى ذلك اليوم، وكنا ثمانية أعضاء مؤسسين، عن إطلاق حملة "معا للحد من حوادث السير".

لقد اخترنا كلمة حملة لهذا المشروع التوعوي الطموح لكي نتيح للجميع فرصة المشاركة فيه، فالحملات تتاح المشاركة فيها للجميع، ثم إن لكل حملة مواسم تكثف فيها الأنشطة، ونحن في حملة معا للحد من حوادث السير نكثف أنشطتنا التوعية خلال موسم الخريف، وفي فترة الأعياد. هذا عن اختيارنا لكلمة حملة، أما عن اختيارنا ل"معا" فقد كان لسبيين اثنين:

أولهما : لقناعتنا بأن الكل شريك ـ بدرجة أو أخرى ـ  فيما يحدث من مجازر يومية على شبكتنا الطرقية، وإذا كانت السلطة تتحمل المسؤولية الأكبر، فذلك لا يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ  بأن السائقين والركاب والمواطنين بصفة عامة لا يتحملون  هم أيضا جزءا من المسؤولية، وبما أن الكل يتحمل جزءا من المسؤولية، كبيرا كان أو صغيرا، فإن الكل مطالب ـ في المقابل ـ بالمساهمة في التوعية ضد حوادث السير، ولهذا فقد اخترنا هذه التسمية التي تبدأ  ب"معا" بدلا من "أوقفوا حوادث السير" أو "أوقفوا مجازر الطرق"،  وهي عبارات كانت متداولة في ذلك الوقت بشكل واسع، وكانت تحاول أن تلقي بالمسؤولية على جهة واحدة، وهو ما يعطي الانطباع بأن من أطلقها يبرئ نفسه من المسؤولية، وبأنه ـ وهذا هو أخطر ما في الأمر ـ  ليس على استعداد للمشاركة ميدانيا في الجهود الرامية للحد من حوادث السير.

 

ثانيهما : أننا كنا نستحضر عند إطلاق حملة معا للحد من حوادث السير العديد من المشاكل الأخرى التي نعاني منها، ولذا فقد كنا نفكر عند الانطلاقة في تخصيص حملة توعوية في كل عام لواحدة من "أمهات المشاكل" التي نعاني منها في هذا البلد، ففي العام 2016 نطلق  مثلا حملة "معا للحد من حوادث السير"، وفي 2017 نطلق حملة "معا للحد من القمامة" ، وفي 2018 نطلق حملة "معا للحد من تزوير الأدوية "، وفي  2019 نطلق "معا للحد من الانفلات الأمني" ، وفي 2020 نطلق حملة "معا لحماية المستهلك"، وهكذا. ولكن، وبعد إطلاقنا لأول حملة من "حملات معا" وجدنا بأن موضوع حوادث السير هو موضوع في غاية التعقيد، وأنه يحتاج لجهد توعوي طويل النفس، يجب أن يمتد لسنوات إن لم أقل لعقود.

لم تكن الانطلاقة سهلة، وقد وجدنا مضايقات كثيرة من الجهات الحكومية المعنية بالسلامة الطرقية، ربما لاعتقادها أننا أطلقنا الحملة لإظهار تقصيرها، ولم يكن الأمر كذلك، فنحن لم نطلق هذه الحملة لإظهار تقصير أي جهة معنية بالملف، وإنما أطلقناها لتأدية الدور الذي يجب علينا أن نؤديه بصفتنا نشطاء في المجتمع المدني، وهذا الدور يجب أن يشمل حسب اعتقادنا : التوعية أولا، رصد النواقص والاختلالات ثانيا، وتقديم الحلول والمقترحات ثالثا، مع الاستعداد في كل وقت للتعاون والشراكة مع الجهات المعنية في كل ما من شأنه أن يساهم في الحد من حوادث السير.

وفي إطار الشق المتعلق برصد النواقص وتقديم المقترحات، جاءت هذه الرسالة الموجهة إلى معالي وزير التجهيز والنقل  لتقدم له حزمة من المقترحات التي أرى بأنها قد تكون مفيدة، وأن الأخذ بها قد يساهم كثيرا في الحد من حوادث السير.

1 ـ  تشير بعض الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة ضحايا حوادث السير على المقطع ( نواكشوط ـ بوتلميت) قد وصلت في بعض الفترات إلى 1/3 من مجموع ضحايا حوادث السير في عموم البلاد، ومن هنا يتضح أن هذا المقطع يستحق أن يمنح أولوية خاصة في مجال التوعية، وكذلك في مجال تطوير البنى التحتية. لقد آن الأوان لأن تشيد على هذا المقطع طريق سريع، أو طريق مزدوج من اتجاهين، ومن الضروري أن يتحقق هذا المطلب خلال هذه المأمورية، وذلك لأنه لم يعد قابلا للتأجيل.

2 ـ يعدُّ طريق الأمل هو الطريق الأهم في البلاد، وهو شريان حياة للعديد من ولايات الوطن، هذا فضلا عن كونه يربطنا بدولة مالي، والتي لا تمتلك أي منفذ بحري، ومن هنا وجب أن يمنح هذا الطريق الحيوي عناية خاصة. المؤسف أن هذا الطريق توجد به دائما ومنذ عقود مقاطع متهالكة، وكلما رممت الوزارة مقطعا متهالكا منه، وعادة ما يكون ترميمها سيئا، تهالكت مقاطع أخرى، وهكذا دواليك.

منذ عقود،  لم يحدث أن سلك طريق الأمل  سالك، أو سافر عليه مسافر من نواكشوط إلى النعمة إلا ووجد مشقة كبيرة بسبب تهالك العديد من المقاطع على هذا الطريق، هذا فضلا عن الخسائر الاقتصادية التي تتسبب فيها تلك المقاطع لأصحاب السيارات التي تسلك هذا الطريق.

ألم يحن الوقت لأن تتخذ الوزارة قرارا جديا بأن ترمم كل المقاطع المتهالكة من هذا الطريق في وقت متزامن، وأن يكون ذلك الترميم بجودة عالية، تتناسب مع حجم وطبيعة السيارات والشاحنات التي تسلك هذا الطريق، وأن تكون بعد ذلك الصيانة فورية، أي أن ترمم وبشكل فوري كل حفرة تظهر هنا أو هناك على هذا الطريق، حتى ولو كانت صغيرة.

أليس من حق المواطن الموريتاني أن يَحلم بأن يسافر ـ ولو لمرة واحدة في عمره ـ من نواكشوط إلى النعمة عبر طريق الأمل دون أن يجد حفرة واحدة تؤذيه؟ أليس من واجبكم ـ يا معالي الوزير ـ أن تحققوا له هذا الحلم في هذه المأمورية؟

3 ـ إن تشييد الطرق وترميمها بشكل جيد لن يقلل من حوادث السير، ولن يوقف من مجازر الطرق، بل على العكس من ذلك، فقد يتسبب في المزيد من الحوادث المميتة، إذا لم يصاحبه الكثير من الحملات التوعوية، وإذا لم يصاحبه كذلك إجبار سالكي الطرق على التقيد بإجراءات السلامة الطرقية.

لا أملك إحصائيات دقيقة لإثبات ما قلت حاليا، فالإحصائيات غير متوفرة أصلا، وتلك واحدة من النواقص الكثيرة التي يجب أن تحظى باهتمام الوزارة. لا أملك إحصائيات دقيقة، ولكن متابعتي للحوادث التي سُجِّلت على طريق (روصو ـ  نواكشوط) في فترتين، أولاهما الفترة التي كان فيها الطريق متهالكا، ولعل الجميع يتذكر تلك الفترة، وثانيهما الفترة الحالية، فالطريق حاليا في وضعية جيدة، ولا توجد به مقاطع متهالكة، ومع ذلك فإن حوادث السير لم تتراجع، بل ربما تكون قد ازدادت، على الأقل حسب ما يتم تداوله من أخبار حوادث السير في مواقع التواصل الاجتماعي .

من المفارقات اللافتة أن حوادث السير ازدادت على طريق (روصو ـ نواكشوط) بعد أن أصبح هذا الطريق في وضعية أفضل، وإذا كانت هذه المفارقة صحيحة، والراجح عندي أنها صحيحة مع أنه ليست لدي إحصائيات دقيقة، فهذا يعني بأن هناك ضرورة في فرض التقيد بإجراءات السلامة الطرقية، وهناك ضرورة كذلك لإطلاق المزيد من حملات التوعوية، وخاصة عندما يكون الطريق في وضعية مقبولة قد تغري بزيادة السرعة، ولذا فإن النقاط التالية ستكون عبارة عن مقترحات ذات صلة بالتوعية والتقيد بإجراءات السلامة الطرقية.

4 ـ من المتفق عليه أن السرعة المفرطة هي السبب الأول في حوادث السير، ومن هنا تبرز أهمية اتخاذ إجراءات صارمة للحد من السرعة المفرطة، ويتأكد الأمر بالنسبة لسيارات النقل، وذلك لأنها تحمل في العادة عددا أكبر من الركاب، وعندما يقع حادث سير نتيجة للسرعة المفرطة، فإن عدد الضحايا يكون أكبر في سيارات النقل، هكذا تقول لغة الاحتمالات، ويزداد احتمال سقوط ضحايا أكبر عندما يكون الحادث  تعرضت له حافلة تحمل عشرات الركاب.

ومن أجل فرض التقيد بالسرعة الآمنة، على الأقل بالنسبة للحافلات التي تمارس النقل، فقد تقدمنا في يوم 27 دجمبر 2019 برسالة إلى معالي وزير التجهيز والنقل نطالب فيها بفرض وضع مثبتات السرعة في كل الحافلات التي تمارس النقل، وقد تلقينا في يوم 03 يناير 2020 ردا من الوزارة بأنها ستلزم جميع شركات النقل بوضع مثبتات السرعة في حافلاتها، حتى لا تتجاوز سرعتها 90 كلم للساعة كحد أقصى، وهو الشيء الذي لم يحصل حتى الآن.

ونظرا لاهتمامنا الجدي بهذا الموضوع فقد بحثنا عن حلول أخرى لفرض سرعة محددة على حافلات النقل دون استخدام مثبتات السرعة، وقد وجدنا حلا عند بعض الشركات المتخصصة في التقنيات الحديثة، نعتقد أنه مثاليا، وهو حل قائم على تقنية بسيطة جدا، وتكاليفه المادية قليلة جدا.

يتمثل هذا الحل في وضع شرائح إلكترونية بالسيارات والحافلات التي تمارس النقل، وعندما تتجاوز السيارة السرعة المحددة لها فإن الشريحة ترسل بشكل فوري رسالة نصية بذلك، ويمكن أن ترسلها لعدة جهات في وقت متزامن : نقاط التفتيش ـ المصالح المعنية في الوزارة ـ سلطة تنظيم النقل الطرقي ـ حملة معا للحد من حوادث السير إن كانت هناك رغبة في إشراك المجتمع المدني في مراقبة سرعة سيارات وحافلات النقل.

هذا المقترح عملي وقليل الكلفة ماديا، وسيمكن الوزارة إن أخذت به من تحقيق الآتي :

ا ـ مراقبة سرعة سيارات وحافلات النقل على عموم التراب الوطني بشكل فوري، وإلزامها بالتقيد بالسرعة المحددة؛

ب ـ مراقبة تحرك سيارات وحافلات النقل بشكل مستمر، فهذه الشرائح تمكن من تحديد موقع السيارة في أي وقت، وهو ما سيمكن من ضبط الرسوم والأتاوات التي تأخذها الإدارات المعنية من الناقلين، أي أن الأخذ بهذا المقترح سيزيد من المداخيل وسيوقف عمليات التحايل في هذا المجال؛

ج ـ هذا المقترح له أيضا فوائد أمنية، وذلك لكونه يساعد في رصد حركة سيارات النقل على الحدود، وهو ما قد يساهم في ضبط ومراقبة من يدخل إلى بلادنا من الأجانب.

5 ـ في مطلع العام 2022 تطوع لنا في الحملة أحد المهندسين الشباب بإعداد تطبيق يمكن السائق من معرفة وضعية الطريق في أي وقت، وذلك من خلال تحديد أماكن وجود الحفر وألسنة الرمال، والمقاطع المتهالكة، والمقاطع التي توجد بها أشغال، هذا فضلا عن أماكن وجود سيارات الإسعاف، وأرقام الهواتف التي قد تهم السائق.

بطبيعة الحال، فإن هذا التطبيق يحتاج إلى تحديث المعلومات كل أربع عشرين ساعة على الأقل، وتحديث المعلومات يحتاج إلى تعاون الجهات المعنية ( نقاط تفتيش الدرك والشرطة ـ مؤسسة أشغال صيانة الطرق ـ مصلحة السلامة الطرقية بوزارة الصحة...إلخ).

راسلنا كل الجهات المعنية، ولم نجد أي اهتمام بالموضوع، ومع ذلك فالتطبيق ما زال موجودا، وهو مجاني، ويمكن أن يتم تطويره، ومن المهم جدا أن يتم العمل به في ظل الاهتمام الحالي بعصرنة الإدارة وتقريب خدماتها من المواطن؛

6 ـ فرض المزيد من القيود في منح رخصة السياقة، والتي تحولت للأسف إلى وثيقة تباع بسعر معلوم عندما تكون هناك دورة، مع ضرورة العمل بأسلوب التنقيط لسحب الرخص ممن يرتكب عددا معينا من المخالفات.

7 ـ اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحمولة الزائدة، والبحث عن حلول ناجعة وسريعة للتعامل مع الشاحنات التي تنقلب على الطرق، والتي تتسبب دائما في شل حركة السير لساعات، وقد تتسبب أيضا في حوادث سير مميتة.

8 ـ  توفير طائرة إسعاف طبية للتدخل السريع في الحوادث التي تقع في الأماكن البعيدة، أو تلك التي تتسبب في سقوط العديد من الضحايا، ولا يفوتني هنا أن أشيد بما تحقق في السنوات الأخيرة من  توفير لسيارات الإسعاف على مختلف المحاور الطرقية، وهذا مما تعهد لنا به فخامة الرئيس عندما سلمناه في العام 2019 عريضتنا المطلبة، ولم تكن في ذلك الوقت توجد سيارة إسعاف واحدة خاصة بضحايا حوادث السير، وقد كان الكثير من ضحايا حوادث السير ينقل في تلك الفترة كما تنقل البضائع في سيارات النقل، وهو ما كان يتسبب في تفاقم الإصابة، بل وموت بعض المصابين.

9 ـ الاهتمام بالتوعية أكثر، وإطلاق حملات توعوية بالشراكة مع المجتمع المدني في موسم الخريف، وخلال فترة الأعياد، وعند الافتتاح الدراسي.

إننا بحاجة إلى الكثير من الحملات التوعوية لتصحيح تصرفاتنا الخاطئة، ولتغيير سلوكنا الغريب على الشارع، فمن يشاهد الطريقة التي نسوق بها السيارات، قد يعتقد بأننا نخطط في كل يوم لعملية انتحار جماعي، فهذا يقود سيارته بسرعة جنونية، وذاك لا يتوقف عند إشارة الضوء الحمراء، وثالث منشغل بهاتفه، ورابع لم يستخدم طول حياته حزام الأمان، وخامس يتوقف على الشارع في الوقت الذي يشاء وبالطريقة التي يشاء.

10 ـ استحداث برامج توعوية قصيرة تبث في قناة الموريتانية وغيرها من مؤسسات الإعلام الرسمي في أوقات ذروة المشاهدة وقبيل نشرات الأخبار؛

11 ـ إطلاق حملات للتوعية حول خطورة منح وتأجير السيارات للمراهقين والقصر، مع إدخال وتعميم مادة السلامة الطرقية في المناهج الدراسية.

سيتواصل إن شاء الله تقديم مقترحات أخرى لوزراء آخرين..

حفظ الله موريتانيا..