الخميس، 8 نوفمبر 2012

القصاصة (3) / كن كحبات البُن!!!



يحكى فيما يحكى، أن طباخا حكيما كانت له ابنة واجهت في حياتها العديد من المشاكل، وكانت ابنة الطباخ الحكيم كلما خرجت من مصيبة أو أزمة وقعت في مصيبة أو أزمة أشد عمقا وأكثر حدة.
وذات يوم شكت ابنة الطباخ لوالدها الحكيم، من كثرة المصائب والمشاكل التي تواجهها في حياتها، فما كان من الوالد إلا أن أخذ ابنته إلى المطبخ، وهناك قدم لها درسا في غاية الروعة وفي منتهى الحكمة.
في المطبخ، أخذ الطباخ الحكيم جزرة وبيضة وملعقة من البن، ووضع كل ذلك في الماء ليغلى فوق نار هادئة، مع إضافة ملاعق من السكر، وأخذ يراقب البيضة والجزرة ومعلقة البن وهي تتفاعل مع الماء المغلي، ودون أن ينطق بكلمة.
وبعد صمت طويل، التفت الطباخ الحكيم إلى ابنته، وطلب منها أن تتأمل ما حدث للجزرة والبيضة وملعقة البن بعد أن تعرضت لنفس درجات الحرارة العالية، ودعونا نعتبر أن حرارة الماء المغلي تمثل المخاطر والمصائب والمشاكل التي نواجهها في حياتنا.
أخذت الفتاة تتأمل الجزرة والبيضة وملعقة البن، دون أن تلاحظ شيئا مذكورا، ولم تجد ما تعلق به، سوى القول بأنها لاحظت أن البيضة أصبحت صلبة من الداخل، ولم تستطع قشرتها أن تحمي أحها ومحها ( بياضها وصفارها) من تأثيرات الماء المغلي، وأن الجزرة التي كانت رخوة أصبحت أيضا صلبة، أما البن فقد اختلط بالماء وامتزج به، وغير من طعم الماء حتى أصبح طعمه رائعا.
قال الطباخ الحكيم لابنته بأنه رغم تعرض الجزرة والبيضة وملعقة البن لنفس النار، أي لنفس التهديدات والمخاطر الخارجية، إلا أن ردود أفعالها كانت مختلفة ومتباينة، وهذا هو ما يحدث مع البشر في تعاملهم مع المشاكل.
فالبيضة والتي قد تبدو لمن يراها من بعيد ذات قشرة قادرة على حمايتها من الداخل، سرعان ما تُظهر العكس عندما تواجه حرارة الماء المغلي، فيبدأ داخلها يتأثر، فيزداد قسوة ومرارة.، هناك الكثير من الناس كالبيضة، فعندما تراه تعتقد في البداية بأن له قشرة تحميه، ولكن مع أول مواجهة للمخاطر والمصائب فإن يتحول إلي شخص يعاني قلبه من القسوة والمرارة.
أما الجزرة والتي تعاني أصلا من رخوة طبيعية، ولا تمتلك قشرة تحميها من المخاطر،فإنه ليس من الغريب أن تزداد قسوة وتصلبا بفعل حرارة الماء المغلي، هناك من الناس من هو كالجزرة رخوا وليست له قشرة تحميه لذلك فلا غرابة أن يتحول مع أول أزمة أو مشكلة إلى شخص يعاني من القسوة والمرارة.
أما حبات البن التي أريدك أن تكون مثلها فإنها تتمكن من تغيير الماء المغلي وتغيير طعمه، أي تغيير المخاطر والمصائب المحيطة بها فتعطيها طعما لذيذا وحلوا تزداد حلاوته كلما زادت حرارة الماء.
إذا لم تستطع أن تكون كحبات البن، فعليك أن تكون كقلم الرصاص، والذي سيكون هو موضوع القصاصة الرابعة، إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق