السبت، 9 أغسطس 2025

الصدمة أولاً… الرسالة التوعوية ثانياً!


بعد تسع سنوات من العمل في مجال التوعية ضد حوادث السير، تعلمت درساً واحداً لا يتغير: أي رسالة توعوية لا تُقدَّم بعد صدمة وجدانية ستبقى ضعيفة التأثير، وربما بلا أثر على الإطلاق.

لهذا، أضع أمامكم أربع قصص واقعية، يمكن من خلالها توجيه رسائل توعوية مؤثرة.

(1)

 لباس العيد الذي لم يُلبَس

رب أسرة يعمل في نواكشوط، حصل على إجازة أسبوع بمناسبة العيد. اتصل بزوجته وأطفاله في النعمة، وأخبرهم أنه قادم ومعه لباس العيد الذي اشتراه لهم.

في المساء، رن هاتف الزوجة، وعلى شاشته ظهر رقم الزوج.

الأطفال تسابقوا إلى الهاتف، فاز الابن الأكبر بالاستيلاء عليه، أخذ يرد، لكن الصوت لم يكن صوت أبيه.

صوت غريب قال: "أعطِ الهاتف لوالدتك".

الزوجة أمسكت الهاتف، فإذا بالصوت يقول: "هذا الرقم كان آخر ما اتصل به مالك الهاتف… يؤسفني أن أخبرك أن مالك الهاتف تُوفِّي قبل دقائق في حادث سير… بسبب السرعة المفرطة".

 رسالة للآباء وأصحاب السيارات الخصوصية: السرعة المفرطة قد تُحوّل أفراح العيد إلى أحزان.

(2) 

من معيل إلى عالة

أب خمسيني اشترى سيارة "رينو" بقرض من قريب. في إحدى سفرياته على طريق الأمل، انقلبت سيارته التي كانت تسير بسرعة جنونية عدة مرات بسبب حفرة صغيرة على الطريق، فتحولت السيارة إلى خردة.

وخرج هو من المستشفى بعد فترة طويلة من العلاج أنفق فيها كل مدخراته، خرج على كرسي متحرك، بعاهة دائمة، بلا عمل، ومديون.

رجل كان يعيل أسرة، فأصبح بحاجة لمن يعوله.

 رسالة إلى السائق:

الحفرة على الطريق قد لا تستطيع تغييرها، ولكنك تستطيع أن تغيّر السرعة التي تقود بها، فسرعة سيارتك أنت من يحددها ويضبطها. فاضبطها على السرعة المناسبة، حتى لا تتحول سيارتك إلى خردة، وتتحول أنت إلى عاهة مستديمة.

(3)

 مقعد فارغ في الفصل

أستاذ ينادي أسماء تلاميذ فصله لإعلان نتائجهم في آخر اختبار.

"فلان"… لا يرد.

يرد زميله ودموعه تنهمر: "فلان تُوفِّي البارحة في سباق ليلي بالسيارات".

رسالة إلى الشباب:

السباق ليلاً قد تستمتع به لدقائق… لكنك قد تفوز في نهايته بأمتار من القماش تكفَّن فيها.

(4) 

المجسم الذي يُكَلِّم السائقين

على طريق الأمل، سائق يلمح مجسماً لم يره من قبل: هيكل سيارة محترقة، آثار النيران ما زالت واضحة. يبدأ في تأمل المجسم، يشاهد قنينة إطفاء بجانب هيكل السيارة، يخفض بصره قليلاً، فيشاهد لافتة كُتب عليها: "اقتناء قنينة إطفاء بسعر رخيص قد ينقذ نفساً بشرية غالية".

هنا يتذكر فاجعة الكلم 75، فيترحم على الدركي محمدو ولد إبراهيم، وعلى كل أفراد أسرته الذين توفوا معه، ثم يقرر أن يشتري قنينة إطفاء عندما يصل إلى العاصمة.

تصوّروا أن نفس هذا الشخص، التقى قبل ذلك بأحد نشطاء حملة "معاً للحد من حوادث السير"، في نشاط توعوي عند نقطة تفتيش، وطلب منه أن يقتني قنينة إطفاء حماية لنفسه ولسالكي الطريق من الحرائق… تصوّروا كيف ستكون ردة فعله؟

الصورة المرفقة لأميلمنين منت إبراهيم، أخت الدركي محمدو ولد إبراهيم، الذي قضى هو وأسرته في السيارة الموجودة على النصب التوعوي.

أميلمنين أوصت، في مقطع مصور، كل من سيرى المجسم التوعوي أن يترحم على أخيها وعلى كل أفراد أسرته الذين توفوا معه، كما دعت السائقين إلى التقيد بكل إجراءات السلامة الطرقية. فهي لا تريد لذويهم أن يعيشوا ما عاشت هي من ألم ومعاناة بسبب فقدان أغلى الأحبة في حادث سير.

ختاما: إن التوعية الناجحة تبدأ بالصدمة… لأن القلب حين يهتز، يبدأ العقل في الإصغاء.

#السلامة_الطرقية_مسؤولية_الجميع 

#معا_للحد_من_حوادث_السير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق