الأربعاء، 6 أغسطس 2025

خلال 17 يومًا فقط... فقدنا 29 مواطنا في حوادث سير!


من صبيحة يوم الأحد 20 يوليو إلى مساء الثلاثاء 5 أغسطس 2025، فقدنا — على الأقل — 29 موريتانيا بسبب حوادث السير
.

نعم، 29 شخصا فقدناهم خلال 17 يوما فقط!

وبلغة المتوسطات الإحصائية، فإننا خلال الأسبوعين الأخيرين، كنا نفقد مواطنا موريتانيا كل 14 ساعة في حادث سير!

هذا ليس مجرد رقم... هذه أرواح بشرية: آباء وأمهات، أطفال وشباب، خرجوا من بيوتهم في سفر، لكنهم لم يعودوا أبدًا!

وللمقارنة فقط:

اعتمادًا على معدل الوفيات الذي وثقناه طيلة 12 سنة تمتد من 2003 إلى 2015، فإن الأرقام كانت تقول إن هذه الفترة شهدت 103301 حادث سير، أُصيب فيها 37509 بجروح، وتوفي فيها 2667.

وهذا يعني، بلغة المتوسطات الإحصائية، أنه في كل ساعة وست دقائق يقع حادث سير، وفي كل ثلاث ساعات ونصف يُصاب موريتاني في حادث سير، وفي كل 42 ساعة يتوفى موريتاني بسبب حادث سير؛

يعني هذا أن متوسط الوفيات قد انتقل خلال الأسابيع الأخيرة من حالة وفاة كل 42 ساعة إلى حالة وفاة كل 14 ساعة فقط، وهذا يعني أن متوسط عدد الوفيات تضاعف ثلاث مرات خلال الأسبوعين الأخيرين.

ومما يجعل حوادث السير الأخيرة أشد قسوة وأكثر إيلاما، هو أن أغلبها كان ضحاياه أُسرًا بكاملها، وبعضها لم يُبقِ على أم ولا أب ولا طفل!

ليس هذا مجرد وصف درامي، بل هو ما حدث بالفعل على طرقنا خلال الأيام الماضية.

والأسوأ من كل ذلك، أن الرقم الذي أوردناه (29 وفاة) ليس الرقم النهائي، فهذا الرقم يمثل فقط عدد الذين توفوا وقت الحادث أو بعده بقليل، أما من تُوفي لاحقًا متأثرًا بإصابته، فلم يتم احتسابه، وذلك بسبب غياب نظام متابعة طبية وإحصائية دقيقة للضحايا.

مع أن المعايير الدولية تعتبر كل وفاة تحدث خلال 30 يومًا بعد الحادث ضمن وفيات حوادث السير، إلا أننا في موريتانيا ما زلنا لا نُدرج الذين توفوا بعد الحادث بأيام قليلة ضمن وفيات حوادث السير.

إننا لا نبالغ إذا قلنا:

إن ما شهدناه خلال هذه الأيام الماضية يُعدُّ الحصيلة الأكثر دموية في البلاد خلال فترة زمنية قصيرة، وربما لم نفقد من قبل هذا العدد الكبير من الضحايا خلال 17 يومًا فقط، على الأقل منذ انطلاقنا في الحملة عام 2016، مع أننا كنا شهودًا على حوادث ذات حصيلة ثقيلة، كحادث "الكلم 82" على طريق الأمل، الذي وقع صبيحة يوم الجمعة 17 مارس من العام 2023، وراح ضحيته 13 شخصا دفعة واحدة.

لنجعل من كل هذا الألم دافعًا إلى المزيد من التوعية...

لقد قررنا في حملة "معًا للحد من حوادث السير" أن تكون أنشطتنا في موسمنا التوعوي التاسع، والذي سينطلق بعد أيام قليلة، أكثر كثافة، وأكثر تنوعًا، وسنكون — بإذن الله — أشد إصرارًا وأكثر عزيمة على المساهمة في وقف هذا النزيف، والحد بالتالي من حوادث السير.

نحن بحاجة، في هذه البلاد، إلى أن يتعامل كل فرد منا مع حوادث السير باعتبارها كارثة وطنية مستمرة... لا تُقارن كلفتها البشرية بأي كارثة أخرى.

ولأن الحياة لا تُعوَّض...

ولأن الطرق تقتل أحلامنا بصمت...

ولأن حالة وفاة واحدة على الطرق هي فاجعة في حد ذاتها...

لكل ذلك، فنحن بحاجة إلى أن نتعاون جميعًا: مسؤولين، ومواطنين، وسائقين، وإعلاميين، وقبل ذلك علماء وأئمة...

نتعاون جميعًا لنوقف هذه المجازر اليومية.

هناك تعليق واحد: