لم يعد الأمر يحتمل التجاهل
وعدم الاكتراث، حتى وإن بدا للكثيرين منكم بأنه مجرد أمر عادي. لم يعد بالإمكان
السكوت عن هذه الحوادث التي تحصد أرواح الأبرياء بالليل والنهار. صحيح أن هذه
الحوادث تتكرر يوميا، وأنها لكثرتها لم تعد تشكل خبرا..صحيح كل ذلك، ولكن دعونا نتوقف
ـ ولو للحظة ـ مع هذا الحادث.
سيارة أجرة من نوع "رينو
21" تسير بسرعة جنونية على طريق "صكوك"، وفجأة تعترضها شاحنة لنقل
مواد البناء، وتصطدم بها بقوة، وهو ما أدى إلى انشطار سيارة الأجرة من الأعلى،
وإلى إصابة الركاب إصابات بالغة في أعلى الجسم، وكانت الحصيلة ثقيلة : موت أربعة
من الركاب، وإصابة اثنين إصابات بالغة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم ارحم واغفر لمن مات من
الركاب، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، وعجل اللهم بشفاء الجريحين، وإنا لله وإنا
إليه راجعون.
لم يكن هذا السائق يشكل حالة استثنائية، فكثير هم أولئك الذين يسوقون سياراتهم بسرعة مجنونة، فكم من شاب متهور يسوق سيارته بسرعة جنونية، وكم من سائق سيارة أجرة طائش يسوق سيارته بنفس السرعة، ومع ذلك فإن السلطات لا تهتم، والمجتمع لا يهتم، والصحافة لا تهتم، وأهل السياسة وأصحاب الرأي لا يهتمون.
فهل فيكم من مر به يومٌ ولم يصادف في طريقه سيارة يقودها صاحبها بسرعة جنونية على شارع عام، وكأنه يريد أن يقتل نفسه، ويقتل معه أبرياء آخرين لا ذنب لهم إلا أنهم وجدوا في المكان الخطأ، أي وجدوا في طريق ذلك القاتل المجنون، ولا أريد أن أكتفي بوصفه بأنه مجرد سائق متهور.
صحيح أن من يقود سيارته بتلك السرعة المجنونة قد يسلم مرة، وقد يسلم مرات، ولكن "ما كل مرة تسلم الجرة"، فقد يحدث أن تقع الكارثة، وأن تكون الحصيلة ثقيلة، كما حدث يوم أمس على طريق "صكوك"، وأدى إلى موت أربعة مواطنين أبرياء.
لم يكن هذا السائق يشكل حالة استثنائية، فكثير هم أولئك الذين يسوقون سياراتهم بسرعة مجنونة، فكم من شاب متهور يسوق سيارته بسرعة جنونية، وكم من سائق سيارة أجرة طائش يسوق سيارته بنفس السرعة، ومع ذلك فإن السلطات لا تهتم، والمجتمع لا يهتم، والصحافة لا تهتم، وأهل السياسة وأصحاب الرأي لا يهتمون.
فهل فيكم من مر به يومٌ ولم يصادف في طريقه سيارة يقودها صاحبها بسرعة جنونية على شارع عام، وكأنه يريد أن يقتل نفسه، ويقتل معه أبرياء آخرين لا ذنب لهم إلا أنهم وجدوا في المكان الخطأ، أي وجدوا في طريق ذلك القاتل المجنون، ولا أريد أن أكتفي بوصفه بأنه مجرد سائق متهور.
صحيح أن من يقود سيارته بتلك السرعة المجنونة قد يسلم مرة، وقد يسلم مرات، ولكن "ما كل مرة تسلم الجرة"، فقد يحدث أن تقع الكارثة، وأن تكون الحصيلة ثقيلة، كما حدث يوم أمس على طريق "صكوك"، وأدى إلى موت أربعة مواطنين أبرياء.
ومع أن الأعمار بيد الله، إلا
أنه مع ذلك يمكننا القول بأن هذا الحادث كان يمكن أن لا يقع، لو أنه كانت هناك
سلطات أمنية تقوم بعملها. إن السلطات الأمنية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية،
وهي الشريك الأول في هذه الجريمة أو الفاجعة التي راح ضحيتها أربعة أبرياء رمتهم الأقدار في طريق هذا السائق المتهور.
ومن الشركاء في هذه الجريمة
يمكن أن نتحدث عن السائق نفسه، والذي يمكن اعتباره هو من باشر تنفيذ هذه الفاجعة،
وذلك عندما قرر أن يقود سيارته بسرعة جنونية.
اللافت في الأمر أن المجتمع
الموريتاني الذي لا يهتم إطلاقا بالوقت، والذي ربما يكون من أكثر الشعوب إهدارا
للوقت، إلا أنه مع ذلك تسود فيه قيادة السيارات بسرعة جنونية، وكأن هناك من هو في
عجلة من أمره.
إنه على كل من تعود أن يقود
سيارته بسرعة جنونية أن يعلم بأنه إذا قادها بسرعة تصل إلى 100 كلم للساعة فإنه سيقطع
مسافة 100 كلم في 60 دقيقة. أما إذا قادها بسرعة تصل إلى 120
كلم للساعة فإنه سيقطع مسافة 100 كلم في 50 دقيقة، ولن يتعدى الوقت الموفر في
الحالتين 10 دقائق فقط.
فهل تستحق عشر دقائق أن نضحي بأرواحنا وبأرواح أبرياء آخرين لم يكن لهم من ذنب إلا أن الأقدار رمتهم على طريقنا؟
فهل تستحق عشر دقائق أن نضحي بأرواحنا وبأرواح أبرياء آخرين لم يكن لهم من ذنب إلا أن الأقدار رمتهم على طريقنا؟
ويمثل الركاب الشريك الثالث
الذي تسبب في حصول هذه الفاجعة، فمع أن الأعمار بيد الله، إلا أن الركاب كان
بإمكانهم أن يطلبوا من السائق أن يخفف من سرعته، وإن لم يفعل كان عليهم أن يتركوا
لذلك السائق قنبلته المتحركة، ويبحثوا هم عن سيارة أجرة أخرى.
ولعلكم تتذكرون فاجعة أليمة أخرى
حدثت منذ شهرين تقريبا على طريق الأمل (الطريق السريع للموت) قرب مدينة "بوتلميت"، والتي نتجت عن
اصطدام حافلة نقل بشاحنة، وتسبب ذلك الحادث في الموت الفوري لسبعة من ركاب الحافلة، وجرح
آخرين. قبل وقوع الحادث بأقل من ساعة قرر اثنان من الركاب النزول من الحافلة،
والتنازل عن بقية التذكرة، وذلك بعد أن طلبا من السائق أن يوقف الحافلة لينام
قليلا بعد أن أخذته غفوة أكثر من مرة وهو يسوق الحافلة.
هذا القرار السليم والمتحضر
الذي اتخذه أو اتخذته اثنتان من ركاب الحافلة كان هو السبب في نجاتهما من موت محقق.
الشريك الرابع في جريمة أو فاجعة
الأمس هو المجتمع بكامله، فالأئمة والخطباء والوعاظ شركاء في الفاجعة لأنهم لم
يعطوا لهذا الأمر حقه على المنابر، والمجتمع المدني شريك لأنه لا توجد منظمات
فاعلة تتولى توعية الناس لتفادي مثل هذه الحوادث، والصحافة شريك لأنها لم تلعب
دورها في هذه القضية، والكتاب والمدونون هم أيضا شركاء لأنهم كثيرا ما ينشغلون عن هذا الأمر بمواضيع أخرى أقل أهمية وأقل
خطورة، والأسرة هي أيضا من الشركاء الذين يساهمون في حصول مثل هذه الحوادث
الأليمة.
هناك أسر كثيرة لا تتردد في
منح سيارات لأبنائها المراهقين، وترك هؤلاء الأبناء يهددون حياة الناس. لقد بلغني
أن هناك مراهقا كان قد قتل خلال السنوات الأخيرة أربعة أبرياء في ثلاثة حوادث
متفرقة، وكانت أسرة المراهق وقبيلته تتدخل بعد كل حادث، ليعود هذا الفتى المراهق
لقيادة إحدى سيارات أهله، وبنفس أسلوبه الطائش.
وأذكر أيضا أن أحد هؤلاء الشباب الطائشين كان يقود ذات مرة سيارته بسرعة جنونية، فاصطدم بسيارة متوقفة، ودخلت سيارته في محل على الطريق ..الحمد لله، الحادث لم يتسبب في خسارة بشرية، ولكن اللافت في الأمر أن والدة الشاب جاءت دقائق بعد حصول الحادث، ووجدت صاحب السيارة التي تضررت كثيرا من الحادث ينتقد الشاب على فعلته، فلم يكن من والدة الشاب إلا أن خاطبت وبغضب صاحب السيارة المتضررة، وقالت له :
وأذكر أيضا أن أحد هؤلاء الشباب الطائشين كان يقود ذات مرة سيارته بسرعة جنونية، فاصطدم بسيارة متوقفة، ودخلت سيارته في محل على الطريق ..الحمد لله، الحادث لم يتسبب في خسارة بشرية، ولكن اللافت في الأمر أن والدة الشاب جاءت دقائق بعد حصول الحادث، ووجدت صاحب السيارة التي تضررت كثيرا من الحادث ينتقد الشاب على فعلته، فلم يكن من والدة الشاب إلا أن خاطبت وبغضب صاحب السيارة المتضررة، وقالت له :
يا هذا ..اسكت ..حدد لنا ثمن
سيارتك وسندفعه لك الآن!!.
إن هؤلاء الذين يسوقون سياراتهم بتلك السرعة المجنونة، وسواء كانوا شبابا من أبناء أسر ميسورة، أو كانوا سائقي سيارة أجرة، هم أكثر تهديدا للمجتمع من الإرهابيين والمتطرفين، وذلك لأنهم يقتلون من الأبرياء أضعاف ما يقتل الإرهابيون والمتطرفون، ومع ذلك فلا أحد يهتم بأمرهم، فإلى متى نظل نتجاهل أمر هؤلاء القتلة الذين يعيشون بيننا؟
حفظ الله موريتانيا..إن هؤلاء الذين يسوقون سياراتهم بتلك السرعة المجنونة، وسواء كانوا شبابا من أبناء أسر ميسورة، أو كانوا سائقي سيارة أجرة، هم أكثر تهديدا للمجتمع من الإرهابيين والمتطرفين، وذلك لأنهم يقتلون من الأبرياء أضعاف ما يقتل الإرهابيون والمتطرفون، ومع ذلك فلا أحد يهتم بأمرهم، فإلى متى نظل نتجاهل أمر هؤلاء القتلة الذين يعيشون بيننا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق