الجمعة، 23 مارس 2012

المعارضة الموريتانية والحنين للانقلابات..!!



لقد استغربت كثيرا أن تندد الحكومة الموريتانية ـ وبشكل قوي ـ  بالانقلاب في جمهورية مالي من قبل أن تندد به المعارضة الموريتانية، والتي كان من المفترض أن تكون مواقفها من الانقلابات مواقف تلقائية وفورية ومنددة بأقسى العبارات الممكنة، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بانقلاب في دولة شقيقة ومجاورة، وعلى رئيس منتخب بشكل شفاف، وكان من المنتظر أن يترك السلطة نهائيا بعد أسابيع معدودة.
نددت الحكومة الموريتانية بانقلاب مالي، وفي ذلك كلام كثير يمكن أن يقال، ولكن ذلك الكلام لن يكون موضوع هذا المقال.
ولم تندد المعارضة ـ وحتى كتابة هذه السطورـ بانقلاب مالي، وفي ذلك أيضا كلام كثير يمكن أن يقال، سأكتفي بالقليل منه في هذا المقال.
قد نتفهم أن تتأخر حكومة انقلابية في التنديد بانقلاب، وقد نتفهم ذلك أكثر لأن تنديدها بالانقلاب قد تكون له انعكاسات سيئة على الموريتانيين المتواجدين في مالي. وقد يجعل منه الانقلابيون في مالي ذريعة لأن يتعاملوا بفظاظة مع الموريتانيين المتواجدين هناك، والذين قد يحملونهم مسؤولية موقف الحكومة الموريتانية من الانقلاب.
قد نتفهم أن تتأخر الحكومة الموريتانية في اتخاذ موقف من الانقلاب، حفاظا على أمن الموريتانيين هناك. ولكن ما لا يمكن تفهمه هو أن تتأخر المعارضة الموريتانية ـ لا الحكومة ـ في التنديد بانقلاب متعجرف على رئيس منتخب كان سيترك السلطة بعد أسابيع قليلة.
ومما يثير الاستغراب أكثر أن المعارضة الموريتانية كانت معروفة وإلى وقت قريب برحمتها وبشفقتها بالماليين لدرجة أنها أظهرت في وقت سابق  غضبا شديدا،  لانتهاك السيادة المالية، وهو غضب لم يُظهره الماليون أنفسهم عندما "استباح" الجيش الموريتاني أراضيهم لمطاردة عناصر القاعدة ولقتالهم هناك.
يومها نددت المعارضة الموريتانية بانتهاك السيادة المالية من طرف نظام ولد "عبد العزيز".
فكم هي غريبة المعارضة الموريتانية، وكم هي غريبة مواقفها، فغريب موقفها يوم نددت بانتهاك الجيش الموريتاني للسيادة المالية، وغريب موقفها يوم التزمت بالصمت عندما انقلب ضباط صغار على رئيس منتخب يعيش آخر أيام مأموريته.
لقد نددت المعارضة بانتهاك الجيش الموريتاني للأراضي المالية ليس حبا للماليين وإنما كرها لنظام "ولد عبد العزيز".
واليوم تلتزم المعارضة الصمت ليس كرها للماليين، ولا للديمقراطية المالية، وإنما نتيجة لأن المعارضة وقعت في حيرة شديدة، فهي من جهة تنتظر بفارغ الصبر انقلابا هنا، لذلك فهي لا تريد أن تندد بانقلاب هناك.
لقد كان حزب اللقاء الديمقراطي هو الحزب المعارض الوحيد الذي ندد ـ حتى الآن ـ بالانقلاب، ولكن في بيان التنديد بالانقلاب تم تخصيص فقرة هامة من البيان لتحميل "ولد عبد العزيز" مسؤولية حدوث الانقلاب في مالي.
فيا أيها المعارضون احترموا عقولنا قليلا، واسمحوا لنا أن نقول لكم بأن حنينكم لحدوث انقلاب يكاد يفضحكم.
واعلموا أيها المعارضون، يا من ترفعون  شعار " الرحيل" بأن الجماهير في تونس أجبرت بثورتها دكتاتور تونس على الرحيل، ولم يُسمع عن تلك الجماهير بأنها تسولت لضباط في الجيش التونسي لكي ينقلبوا على دكتاتور تونس.
واعلموا أيضا بأن المصريين لم يطلبوا من الجيش بأن ينقلب على دكتاتور مصر، وإنما أجبروه على الاستقالة، ولكن بعد استقالته كان لابد من تدخل الجيش لشغل منصب الرئاسة بشكل مؤقت.
أيها المعارضون إن الرحيل الذي يأتي نتيجة لانقلاب لن يكون خير من أي رحيل سابق، أما الرحيل الذي تفرضه الجماهير فقد يشكل بداية لمرحلة جديدة.
تصبحون على معارضة لا تلتزم بالصمت عند حدوث  انقلاب....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق