في الوقت الذي كنا نتوقع فيه من وزارة التنمية الريفية أن تبذل جهودا استثنائية لمواجهة الانعكاسات السلبية للانخفاض الشديد في مستوى الأمطار لهذا العام، فإذا بهذه الوزارة، على العكس من ذلك، تبذل جهودا كبيرة في سبيل إغلاق أهم مشروع تابع لها، وهو المشروع الوحيد الذي كان بإمكانه أن يخفف من الآثار السلبية التي ستنعكس على سكان القرى والأرياف في هذا العام العصيب.
إن مشروع التنمية الريفية الجماعية ( PDRC ) الذي انطلق في العام 2005 لمدة 6 سنوات قابلة للتجديد، والذي يستفيد من تدخلاته حوالي أربعمائة ألف من سكان البلاد، يتوزعون على 850 قرية، تابعة ل141 بلدية ريفية، في 10 ولايات وهي : الحوضين ـ لعصابة ـ كوركول ـ لبراكنة ـ أترارزة ـ آدرار ـ تكانت ـ كيدي ماغا، وانشيري، إن هذا المشروع قد حقق انجازات ملموسة وذلك بشهادة:
أولا القرى المستفيدة : ويمكن التأكد من ذلك من خلال الاتصال المباشر بالمستفيدين أنفسهم في أي قرية من القرى 850 المستفيدة من تدخلات المشروع، أو من خلال الزيارة الميدانية لتلك القرى ومشاهدة الانجازات بشكل مباشر، أو من خلال الاستماع لشهادة السلطات الجهوية في الولايات العشر المستفيدة.
ثانيا المقاطعات التي لا يتدخل فيها المشروع: وهذه المقاطعات تقدمت إلى الجهات المعنية من أجل إلحاق القرى التابعة لها بالقرى المستفيدة من تدخلات المشروع، وذلك بعد أن شاهدت إنجازات مشروع ( PDRC ) الميدانية في القرى التي يتدخل فيها. ويمكن هنا أن نذكر على سبيل المثال مقاطعة كنكوصة وأمبود وولد ينج التي طالبت بأن تُضاف إلى المقاطعات التي يتدخل فيها المشروع، بعد حرمانها من تدخلات ( PDRC ) لأن مشروع (PASK) يتدخل فيها. ولقد طالبت هذه المقاطعات بأن تُحرم من تدخلات (PASK) إذا كان ذلك سيجعلها تستفيد من تدخلات ( PDRC ). ومن الغريب أن الوزارة مددت لمشروع (PASK) منذ أسبوعين رغم عدم رضا الممولين عنه، ورغم عدم رضا المقاطعات المحدودة التي يتدخل فيها. كما أن الوزارة على وشك أن تمدد لمشروع (PEDIAM) في حين أنها تعرقل تمديد ( PDRC ).
ثالثا شهادة الجهات الممولة : إن مشروع ( PDRC ) هو المشروع الموريتاني الوحيد الذي اختاره البنك الدولي، لهذا العام، ضمن 23 مشروعا في كامل إفريقيا، أشاد بجهودها. والبنك الدولي يختار المشاريع على أساس عدة معايير من أهمها: القدرة على الإبداع، تحقيق الأهداف، حسن الشراكة، والقدرة على خلق فرص للشغل، مما يعني أن مشروع( PDRC ) حقق نتائج معتبرة في تلك المجالات. كما أن البنك الدولي كان قدم هبة قدرها 8 مليون دولار في إطار برنامج التدخل الخاص، ولكنه اشترط أن يستلمها ( PDRC ) مما يعكس مدى ثقة الجهات الممولة في هذا المشروع . كما أنه وعد ب12 مليون دولار أخرى كهبة، واشترط أن يتم تسليمها ل:( PDRC )، إلا أن الوزارة أصرت على أن يستلمها (PEDIAM)، وهو ما جعل البنك الدولي يتلكأ في تقديم هذه الهبة. ولقد استغربت بعثة من البنك الدولي زارت موريتانيا مؤخرا عدم تحمس الحكومة الموريتانية لتمديد المشروع المذكور، ولقد عبرت البعثة لوزير الاقتصاد والتنمية عن استغرابها، وهو ما أثار استغراب الوزير نفسه، والذي قال للبعثة بأن قرار التمديد يعود لوزارة التنمية الريفية، تلك الوزارة التي تضع العوائق الكثيرة أمام تمديد ( PDRC )، سعيا منها لإغلاقه لمصلحة مشروعات فاشلة بشهادة المستفيدين والممولين معا، كمشروع (PASK) و مشروع (PEDIAM).
إننا في "ضحايا ضد الفساد" لا نقدم هنا تزكية لمشروع ( PDRC ) ولا لحسن تسييره. فتقديم تزكية لأي مشروع، أو إدارة، أو مؤسسة عامة في بلدنا قد يكون مجازفة كبيرة، إلا أننا في المقابل لا نستطيع أيضا أن ننكر إنجازات ملموسة شاهدناها بأعيننا في قرى عديدة، ولا نستطيع كذلك أن نتجاهل شهادات ايجابية لمواطنين كثر في الأرياف استفادوا من تدخلات المشروع المذكور، والذي يعتبرونه هو المشروع الوحيد الذي يهتم فعلا بالتنمية في قراهم.
ولأننا في "ضحايا ضد الفساد"نسعى دائما لأن نُسْمِع أنين المستضعفين والضحايا لأعلى سلطة في البلاد، فقد قررنا الوقوف مع المتضررين من عدم التمديد لمشروع ( PDRC )، وإسماع شكاويهم للجهات المعنية، حتى يمدد لهذا المشروع، والذي يعتبر ـ بحق ـ هو المشروع الأقرب من سكان القرى والأرياف من بين كل المشاريع التابعة لوزارة التنمية الريفية.
ويكفي أن نعلم بأن هذا المشروع قد تمكن من تحقيق الانجازات التالية:
1 ـ لقد ساعد هذا المشروع القرى التي يتدخل فيها، ومكنها من تأسيس 856 تعاونية للتنمية الاجتماعية، ينتسب لها 5000 عضو. وقد استفاد أعضاء تلك التعاونيات من التكوين في مجالات ذات صلة مباشرة بتنمية قراهم.
2 ـ لقد قام المشروع بتحويل 7.1 مليار أوقية، أي ما يعادل 59% من مجمل تمويل المشروع، في الحسابات البنكية ل865 تعاونية قروية، وذلك في إطار تمويل 2521 مشروع جماعي صغير. وهذا ما يمثل 84% من العدد الإجمالي للمشاريع التي طالبت تلك القرى بتمويلها.
3 ـ تمويل 160 تعاونية نسوية بمبلغ إجمالي قدره 100 مليون أوقية.
4 ـ المساعدة في فك العزلة : ولقد أنجز ( PDRC ) 55 مشروعا لفك العزلة في 10 قرى، وكانت القيمة الإجمالية تقدر بما يزيد على 900 مليون أوقية. كما قام بتمويل وبلورة الإستراتيجية الوطنية لفك العزلة في الوسط الريفي.
5 ـ إعداد 856 خطة تنموية لصالح القرى المستفيدة، فضلا عن التعاقد مع 202 منظمة غير حكومية.
6 ـ تجهيز كافة المندوبيات الجهوية لوزارة التنمية الريفية، في الولايات التي يتدخل فيها المشروع بالسيارات وبالدراجات النارية وبغير ذلك من المستلزمات الضرورية لعمل تلك المندوبيات.
7 ـ دعم المشاريع الصغيرة في القرى الريفية، حيث استفادت 200 وحدة صغيرة من التكوين في مجال التسيير والتنظيم .
8 ـ خلق فرص العمل: يشغل ( PDRC ) 184 عاملا في وظائف وأشغال مختلفة من بينها 56 من أصحاب الشهادات (باكالوريا+ 4)، 25 (باكالوريا+2)، 130 وكيل.
فلماذا لا تمدد الحكومة الموريتانية لهذا المشروع الهام، الذي يشغل 184 عاملا، والذي يتدخل في 850 قرية في 10 ولايات، والذي زكته الجهات الممولة والجهات المستفيدة من تدخلاته؟ ذلك سؤال ننتظر من الجهات المعنية الإجابة عليه।
ضحايا ضد الفساد
نواكشوط بتاريخ 30ـ 11 ـ2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق