الخميس، 15 ديسمبر 2011

رسالتان مشفرتان من مهرجان المعارضة..!!


لقد وجهت الجماهير المشاركة في مهرجان الغضب الشعبي، رسالتين مشفرتين، إلى جهتين لم يعرف عنهما سابقا أنهما تجيدان قراءة الرسائل المشفرة، ولا الرسائل غير المشفرة.

الرسالة الأولى : لقد أثبت مهرجان المعارضة بأن هناك غضبا شعبيا عارما، ضد النظام الحالي. ويمكن القول بأن هناك نسبة هامة من الجمهور التي حضرت للمهرجان، والتي جاءت لتعبر عن غضبها واستيائها، لم تكن معارضة، بل كانت من الفقراء الذين صوتوا ـ وبحماس ـ لمرشح الفقراء، في يوم انتخابي عصيب.

ومن اللافت للانتباه ـ وأنا هنا أعتمد على استفتاء في محيطي الخاص ـ بأن الكثير ممن صوت ل"مرشح الفقراء" بحماس شديد، أصبح اليوم يعارضه بحماس أشد، وذلك بعد أن أصيب بخيبة أمل، وبصدمة كبيرة، من الفجوة الهائلة، والتي تتسع مع مرور الأيام، بين الوعود الانتخابية لرئيس الفقراء، وانجازاته الميدانية.

إن الفقراء الذين أوصلوا الرئيس بتصويتهم الكثيف، هم وحدهم الذين يستطيعون أن يفرضوا عليه الإصلاح، وهم وحدهم الذين بإمكانهم أن يزيحوه إذا لم يقرأ وبشكل جيد رسالتهم المشفرة التي أرسلوها له، يوم أمس، من ساحة مسجد ابن عباس، وعبر البريد السريع والمضمون.

الرسالة الثانية: لقد أثبت الفقراء بأنهم هم وحدهم الذين يمكنهم أن ينفخوا الحياة في روح المعارضة، وأن يعيدوا لها الحياة التي فقدتها منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية.

وأعتقد بأن الكثيرين ممن جاؤوا للمهرجان، إنما جاؤوه بعد أن أحسوا بأن المعارضة قد بدأت تستعيد خطابها التقليدي، وبدأت تهتم بالهموم الحقيقية للمواطنين ( الأسعار، الفقر، الفساد، الجفاف، الصحة ، التعليم ...) بدلا من الاهتمام بقضايا أخرى لا تهم المواطن العادي، بما في ذلك الوقوف مع المفسدين الذين ساهموا في نهب ثروات البلد، حتى وإن كان عقابهم نتيجة لتصفية حسابات سياسية. ومن المفارقات التي تستحق التأمل، أنه في الوقت الذي كانت المعارضة تقيم مهرجانها، بحضور الآلاف من الفقراء المتحمسين، في مثل ذلك الوقت كان أحد رجال الأعمال الذي انشغلت به المعارضة لعدة أشهر عن هموم الفقراء، كان في ذلك الوقت يقيم مأدبة عشاء كبيرة لرئيس الحزب الحاكم وحاشيته.

إن الرسالة المشفرة التي وجهها الفقراء للمعارضة تقول : نحن وحدنا هم من يستطيع أن يبعث فيكم الحياة، ونحن وحدنا هم من يستطيع أن ينقذكم في اللحظات الحرجة، كما أنقذناكم في مهرجانكم هذا، فعليكم من الآن أن تعلموا بأن الابتعاد عن همومنا، والانشغال بقضايا أخرى قد يضركم كثيرا.

كان على قادة المعارضة أن يعتذروا للشعب الموريتاني، عن كل أخطائهم التي ارتكبوا في الماضي، كما اعتذر رئيس حزب حاتم، فذلك كان سيمنحهم مصداقية أكثر، وكان سيساعد في فتح صفحة جديدة مع جماهيرهم، والتي كثيرا ما خذلوها بمواقف سياسية بليدة، في لحظات فارقة من تاريخ هذا البلد.

وبالمختصر المفيد، فيمكن القول بأن الحضور الكثيف لمهرجان الغضب الشعبي، قد وجه رسالتين مشفرتين إحداهما للمعارضة، والثانية للنظام الحاكم.

فالرسالة الموجهة للمعارضة تقول : إن الشعب غاضب فهل سيكون بإمكان المعارضة أن تستثمر غضب الشعب واستيائه، لما فيه مصلحة البلاد، أم أنها ستخذله كما خذلته من قبل.

والرسالة الموجهة للنظام تقول: إن الشعب غاضب، وإن الفقراء الذين أوصلوا الرئيس للحكم، هم وحدهم الذين بإمكانهم أن يسحبوه منه، إذا ما ظل يدير لهم ظهره.

فهل سيقرأ الرئيس رسالته المشفرة، من قبل أن تقرأ المعارضة رسالتها، ويبدأ بإصلاحات عميقة، حتى لا تستثمر المعارضة الغضب الشعبي لصالحها؟ أم أن المعارضة ستقرأ رسالتها من قبل أن يقرأ النظام رسالته، ومن قبل أن يبدأ إصلاحات عميقة طال انتظارها؟

تصبحون وأنتم تجيدون قراءة الرسائل..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق