أولا : عونا نتفق بأن أمريكا وإسرائيل ومن يسير خلفهما يخطط ليل نهار لتدمير بلدان العرب والمسلمين..لا خلاف على هذا. ومن المؤكد بأن أمريكا لن تجد أي فرصة لتدمير أي بلد عربي و إسلامي إلا واستغلتها أحسن استغلال.
ثانيا : متى نقول بأن هذا الرئيس العربي أو ذاك عميلا لأمريكا؟ إذا ما ابتعدنا عن الشعارات الجوفاء، فإنه يمكن أن نقول بأن أي رئيس عربي يظلم جزءا من شعبه، أي رئيس عربي لا يقيم العدل في بلده، أي رئيس عربي يبذر ثروات شعبه، ولا يحدث تنمية..كل أولئك هم عملاء لأمريكا حتى ولو كانت أذكارهم تبدأ بالصباح بالموت لأمريكا، وتنتهي بالمساء بالموت لإسرائيل. إنهم عملاء لأمريكا شاؤوا ذلك أم أبوا، وذلك لأنهم تركوا فجوات يمكن أن تتسلل منها أمريكا وإسرائيل لتخريب بلدان عربية ولتدميرها من خلال استغلال قضايا ظلم، أو استغلال قضايا فساد، أو استغلال غياب الحرية والديمقراطية، أو استغلال الفقر وغياب تنمية رغم وجود ثروات طائلة كان يمكن أن تحدث تنمية لو تم تسييرها بشكل جيد.
3 ـ متى نقول بأن هذا الرئيس أو ذاك هو عدو لأمريكا؟..هناك مؤشرات عديدة لعل من أهمها هو أن أي رئيس يحدث تنمية في بلده، ويقيم العدل، ويفتح المجال لحرية الرأي هو شخص عدو لأمريكا، وذلك لأنه قد حصن بلده من مؤامرات أمريكا، ولم يتح لهذا العدو الأبدي أن يستغل فجوة من الفجوات أو يتآمر مع بعض المظلومين لتخريب بلد عربي إسلامي.
4 ـ لقد كنتُ أعتقد ـ من قبل ما يسمى بالربيع العربي ـ بأن بشار هو أكثر حكمة وأرجح عقلا وأكثر عداء لأمريكا من شاب مثله، ورث الحكم مثله، وأعني هنا محمد السادس ملك المغرب.
ولكن بعد الثورات العربية فقد تغيرت وجهة نظري تماما، ولقد أيقنتُ بأن محمد السادس هو خير من ألف بشار ..فمحمد السادس تمكن من أن يجنب بلاده الخراب والدمار، وقام بإصلاحات ربما تكون مؤلمة لملك شاب مثله، وقليلة على تطلعات شعب يعيش في العقد الثاني بعد الألفين، ولكن تلك الإصلاحات جنبت المغرب الخراب والحروب والأهلية. أما بشار فقد رفض أن يقدم أي إصلاح، ومهما كانت بساطته، وذلك رغم أنه وجد الفرصة المناسبة لذلك. لم يسمح بتشكيل الأحزاب، ولا بحرية الصحافة، ولا ...، ولا..بل إنه لم يسمح حتى باستخدام مسيلات الدموع لمواجهة المتظاهرين من شعبه ..فكان أول شيء يستخدمه هو الرصاص الحي فمات من مات، وما حدث بعد ذلك فأنتم تعرفونه. لقد حل الخراب بسوريا، وضاعت سوريا، وسواء بقى بشار في السلطة أو سقط فإن سوريا قد ضاعت للأسف.
دعونا الآن نطرح السؤال التالي : أيهما كان أكثر عمالة لأمريكا : محمد السادس أم بشار (لقد اخترت الاثنين لأن كلاهما شابا، ولأن كلاهما ورث الحكم من أبيه، ولأن أحدهما كان يردد دوما بأنه يحارب أمريكا وأعداء العرب، أما الثاني فإننا فلم نسمع منه يوما بأنه رفع شعارا معاديا لأمريكا)، ومع ذلك، وفي المحصلة النهائية فإن بشار قد خرب بلدا كنا نعول عليه كثيرا في نهضة العرب والمسلمين. أما محمد السادس فيكفيه فخرا في هذا الزمن العربي الرديء بأنه حافظ على بلاده، وجنبها خرابا كاد أن يحل بها.
والآن دعونا نتخيل التالي : أن بشار قرر مع بدء الاحتجاجات في سوريا أن يقوم بنسبة 40% فقط من الإصلاحات التي تقدم بها محمد السادس بعد انطلاق الاحتجاجات والمسيرات في بلده. فلو أن بشار فعل ذلك لكانت سوريا تنعم اليوم بالسلم، ولما شهدت خرابا، ومهما خططت أمريكا ومن يسير خلفها لإحداث مثل ذلك الخراب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق