الأربعاء، 20 أغسطس 2014

شكرا للجيش إن كان قد أصدر قرارا بتعريب مراسلاته

 مرت ساعات طويلة وأنا أتردد بين موقعي الجيش الوطني والوكالة الموريتانية للأنباء للتأكد من خبر يتعلق باتخاذ قرار بتعريب المراسلات الداخلية للجيش الوطني، وهو الخبر الذي تناقلته بعض المواقع الوطنية اعتمادا على تصريح  من مصدر رسمي في إدارة الاتصال بأركان الجيش الوطني، ومع أنه لم ينشر ـ وحتى الآن ـ  أي شيء عن هذا الخبر في الموقعين المذكورين، إلا أني مع ذلك قد وجدتني ملزما بتقديم بعض الملاحظات السريعة حول هذا القرار التاريخي إن كان قد تم إصداره فعلا.

1 ـ إن الجيش الوطني يستحق منا جميعا أن نتقدم له بخالص الشكر إن كان قد اتخذ قرارا تاريخيا وسياديا بهذا الحجم، وهو يستحق منا شكرا أكثر إن فعَّل هذا القرار.
2 ـ  إن تاريخ إصدار مثل هذا القرار يجب أن يتحول إلى عيد تحتفل به المؤسسة العسكرية، وذلك لأن الجيش الوطني لم يكن يتمتع بكامل سيادته من قبل إصدار وتفعيل هذا القرار التاريخي والسيادي، فالجيش كان يستخدم في مراسلاته وقراراته لغة غير دستورية، ولا تأخذ مكانتها إلا لكونها لغة المستعمر، ولذلك فإن اليوم الذي سيتم فيه التوقف عن استخدام تلك اللغة الغير دستورية في مراسلات الجيش يجب أن يتحول إلى يوم عيد لهذا الجيش.
3 ـ إن مما يثير الاستغراب حقا هو أن هذا القرار التاريخي والسيادي لم ينشر في موقع الجيش ولا في موقع الوكالة الموريتانية للأنباء وذلك رغم مرور أربع وعشرين ساعة على نشر خبر إصداره في بعض المواقع الخاصة.
4 ـ رغم الترحيب الواسع بهذا القرار التاريخي والسيادي إلا أن هناك بعض الأصوات  التي بدأت تشكك في أهمية اتخاذ مثل هذا القرار، بل إن بعضها، ولأسباب معلومة، بدأ ينتقد هذا القرار، وذلك بوصفه يدخل في إطار ما يسمونه هم بالتعريب القسري.
الغريب في الأمر أننا لم نسمع أحدا من أولئك يتحدث في أي يوم من الأيام عن الفرنسة القسرية التي تعرض لها،  ويتعرض لها الشعب الموريتاني منذ استقلاله، وحتى يوم الناس هذا.
على أولئك أن يعلموا بأن اللغة الفرنسية لم تكن معروفة عند كل مكونات وأعراق هذا البلد من قبل قدوم الاستعمار، وهي ليست اللغة الأم لأي طائفة من الموريتانيين، ولا هي بلغة الدين الإسلامي الذي يوحد مكونات هذا الشعب، ولا هي بلغة الدستور، ولا هي باللغة التي تزداد مكانتها عالميا حتى نجد تفسيرا لتمسك البعض منا بها.
نحن نعلم بأن مرور أي لحظة إضافية على هذه الوضعية الغير دستورية التي يعيشها الجيش وتعيشها مختلف الإدارات الحكومية منذ الاستقلال وحتى اليوم، سيشكل خدمة إضافية للغة الفرنسية، وهو سيزيد من تمكن هذه اللغة ومن تغلغلها، وبالتالي فإنه سيزيد من صعوبة التخلص منها مستقبلا، حتى ولو كان ذلك التخلص تدريجيا. ونحن نعلم بأن وقوفكم ضد هذه القرارات الجزئية في انتظار لحظة إجماع وطني قد لا تأتي أبدا إنما هو خدمة للغة الفرنسية ولتمكنها، وذلك لأن هذه اللغة هي المستفيد الأول من بقاء الحال على حاله، أما لغاتنا الوطنية، وفي مجملها، فهي الخاسر الأكبر من بقاء الحال على حاله.
 فلتسمعوها منا عالية فصيحة مدوية : لا للفرنسة القسرية..أما إعادة الاعتبار لإحدى أو لكل لغاتنا الوطنية ( العربية ، البولارية ، السنونكية، الولفية) فهو لا يمكن أن نعتبره فعلا قسريا، وإنما هو بمثابة عودتنا إلى ذواتنا، إلى ديننا، إلى دستورنا، إلى سيادتنا.
نعم للتعريب ..
نعم للبولرة (إن جاز التعبير)..
نعم للسوننكة..
نعم للولوفة..
لا..وألف لا للفرنسة القسرية للشعب الموريتاني.
حفظ الله موريتانيا..   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق