الشبهة الأولى:
يبرر التواصليون
قرار مشاركتهم في انتخابات 23 نوفمبر بأن هذا القرار ما كان له أن يتخذ لولا تصويت هيئات الحزب المعنية وبأغلبية واضحة
لصالح قرار المشاركة في هذه الانتخابات.
وهذا الكلام يعني
بلغة ديمقراطية فصيحة، بأن حزب تواصل هو حزب مؤسسات، لا تتخذ فيه القرارات بشكل
فردي، وإنما تتخذ فيه القرارات وفق أحدث الآليات الديمقراطية المتبعة لدى أعرق
الأحزاب في أعرق الديمقراطيات.
وهذا الكلام يعني
أيضا بأنه على كل من تهمه الديمقراطية في هذا البلد أن يهلل لهذا القرار الحزبي
الذي اتخذه حزب تواصل وفق أحدث الأساليب والآليات الديمقراطية المتبعة لدى أعرق
الأحزاب في أعرق الديمقراطيات في العالم.
أليس هذا بمنطق
سليم؟ فلماذا إذاً تنتقد قرار المشاركة
الذي اتخذه حزب تواصل وفق آليات ديمقراطية سليمة إذا كنتَ حقا من المدافعين عن
الديمقراطية؟
هذا سؤال سمعته أكثر
من مرة، وهذا سؤال سأجيبكم عليه الآن.
إن من أهم الأسباب
التي جعلتني أنتقد قرار تواصل بالمشاركة في الانتخابات هو أنه قد اتخذ وفق أساليب
ديمقراطية لا لبس فيها، وربما لو كان هذا القرار قد اتخذ وفق آليات غير ديمقراطية
لانتقدته بحدة أقل.
أتدرون لماذا صوتت الأغلبية
في هيئات الحزب على قرار خاطئ وخطيرا كهذا،
من الواضح بأنه سيشكل ضربة قوية للمعارضة، وبأنه سيشكل أيضا نكسة كبيرة
للديمقراطية في هذا البلد وذلك لأنه يدعو للمشاركة في انتخابات ستكون أسوأ من كل
الانتخابات التي أعقبت انقلاب 3 أغسطس
2005؟
أتدرون لماذا صوتت الأغلبية
في هيئات الحزب على المشاركة في انتخابات ستشكل عودة كبيرة إلى الوراء إذا ما
قورنت بانتخابات 2009 أو بانتخابات 2007 والتي كانت هي بدورها أفضل بكثير من
انتخابات 2009؟
الجواب هو أن
المصالح الحزبية الضيقة كانت أكثر حضورا لدى المصوتين أثناء تصويتهم على المشاركة
في الانتخابات أكثر من حضور المصلحة العليا للوطن ولديمقراطيته الناشئة. وهذا يعني
أن الحزب قد تم تأسيه أصلا على أسس غير سليمة، وعلى عقيدة سياسية غير سوية تضع
المصلحة الضيقة للحزب فوق المصلحة العليا للبلد.
وهذا الاستنتاج
المفزع الذي يتعلق بأهم حزب في البلاد هو الذي جعلني ازداد قناعة بحاجتنا الماسة في
هذا البلد إلى تأسيس حزب موريتاني غير تقليدي يعمل وفق آليات وأساليب غير تقليدية،
وذلك ما كنتُ قد دعوت إليه في وقت سابق من خلال مقال يمكن مطالعته من هنا:
الشبهة الثانية :
يبرر بعض التواصليين قرارهم الخاطئ بقرار آخر
جاء من بعده وهو القرار الذي اتخذه المكتب التنفيذي لحزب اتحاد قوى التقدم وأعلن
من خلاله المشاركة في انتخابات 23 نوفمبر.
ويحتج أولئك بأن
لوائح الحزب كانت جاهزة ومكتملة مما يعني أنه كانت هناك نية مبيتة لدى الحزب للمشاركة
في تلك الانتخابات، وأنه ظل يكتم ذلك في انتظار أن يعلن تواصل عن مشاركته ليتخذ هو
منها حجة للمشاركة.
وللرد على هذه
الشبهة أقول بأن العمل على إعداد اللوائح حتى تكون كاملة وجاهزة في أي وقت ليس من
الأمور التي يمكن أن ننتقد بها حزب اتحاد قوى التقدم الذي كان يشارك كبقية أحزاب
المنسقية في حوار كان من المتوقع له أن يتوصل إلى اتفاق يفضي إلى انتخابات توافقية
يشارك فيها الجميع.
إن استغلال الوقت،
وإعداد لوائح جاهزة خلال فترة الحوار ليس من الأمور التي يمكن أن ننتقد بها حزب
اتحاد قوى التقدم، وليس من الأمور التي يمكن أن نحكم من خلالها وبشكل قاطع بأنه
كانت للحزب نية مبيتة بالمشاركة، فإعداد تلك اللوائح يمكن أن نعتبره من باب
الاستعداد الجيد والمبكر لانتخابات كان من المتوقع لها أن تنظم بشكل توافقي.
وبغض النظر عن نية
حزب اتحاد قوى التقدم أثناء إعداده للوائحه الانتخابية، إلا أنه مع ذلك يمكننا
القول بأن حزب قوى التقدم قد أخطأ بإعلان مشاركته في انتخابات 23 نوفمبر كما أخطأ
تواصل من قبله، ولكن الفرق بينهما هو أن تواصل يتحمل جزءا من الخطأ الذي ارتكبه
اتحاد قوى التقدم بإعلان مشاركته، أما اتحاد قوى التقدم فإنه لا يمكن أن نحمله
جزءا من خطأ تواصل، حتى ولو ثبت لدينا بأنه كان ينوي المشاركة في انتخابات 23 نوفمبر
من قبل أن يعلن تواصل عن مشاركته فيها.
لا يمكن أن نحاسب
الأحزاب على نياتها.
ثم إنه علينا أن
نتوقف عن تبرير أخطائنا بأخطاء الآخرين، لقد آن الأوان لأن نتوقف عن ذلك، وإلا فإن
المهزلة لن تنتهي، وسيكون من حق أحزاب المنسقية التي قررت المقاطعة الآن أن ترتكب
غدا أخطاء جسيمة ثم تبرر تلك الأخطاء بالأخطاء التي ارتكبها تواصل و اتحاد قوى
التقدم يوم 4 أكتوبر من العام 2013، أو بأخطاء أخرى محتملة كانت تنوي بعض الأحزاب
الأخرى أن ترتكبها في المستقبل.
وفي الأخير إليكم
المفارقات الثلاث:
ـ شارك تواصل واتحاد
قوى التقدم في حكومة ولد الوقف فكان بداية لنهاية حكومة ولد وقف بتلك الطريقة
المفجعة التي انتهت بها.
ـ قاد تواصل واتحاد
قوى التقدم الدعوة لإطلاق حوار مع السلطة الحاكمة، فلم يتوصل ذلك الحوار إلى أي
اتفاق، وانتهى إلى اللاشيء.
ـ أعلن تواصل واتحاد
قوى التقدم عن مشاركتهما في انتخابات 23 نوفمبر، وربما يكون ذلك الإعلان سببا في
أن تفشل هذه الانتخابات و أن تنتهي إلى اللاشيء.
حفظ الله
موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق