السبت، 29 يونيو 2013

حفظ الله مصر



تعظم الأخطاء السياسية بالزمان والمكان الذي ترتكب فيه، ولا شك أن الأخطاء التي تم ارتكابها في مصر ما بعد الثورة هي من أبشع الأخطاء السياسية، ومن أشنعها، وذلك لأنها أدت في المحصلة النهائية  إلى هذا الانقسام الخطير الذي تعيشه مصر اليوم، والذي سيبلغ ذروته بعد ساعات قليلة.
المقلق في هذا الانقسام الخطير الذي تعيشه مصر اليوم، هو أنه لم يقسم المجتمع المصري إلى ثوار وفلول، وإنما قسم القوى الثورية نفسها إلى فسطاطين اثنين انضم الفلول ـ كل الفلول ـ لواحد منهما، وهو الفسطاط الذي يتظاهر الآن ضد الرئيس مرسي.

وبالتأكيد فإن الفلول من أنصار النظام السابق سيبذلون جهودا استثنائية، ولن يتورعوا عن القيام بأي فعل من شأنه أن يزيد من حالة الاحتقان بين القوى الثورية المتصارعة. سيرتكب الفلول كل الحماقات التي من شأنها أن تتسبب في حصول عنف بين تلك القوى، أو في اتساع رقعته إن هو حدث لسبب أو لآخر.
ومن المؤسف حقا أن مهمة الفلول في إحداث فتنة لن تكون صعبة في مثل هذا اليوم المصري العصيب، وذلك بسبب التوتر والاحتقان الذي سيخيم على الجميع بعد ساعات ستعتبرها كل الأطراف المتصارعة ساعات مصيرية وحاسمة بالنسبة لها، ولمشروعها السياسي.
فالفلول سيفعلون كل شيء في الساعات القادمة من أجل تحقيق مشروعهم، والمتمثل في إشعال الفتنة بين المصريين، وذلك حتى يغيب الأمن وتعم الفوضى في مصر، فيندم  المصريون ـ بسبب ذلك ـ على إسقاطهم لنظام مبارك.
والمعارضون سيفعلون كل شيء في الساعات القادمة، وذلك حتى يجبروا الرئيس مرسي على الرحيل.
وأنصار الرئيس مرسي لن يبخلوا بأي شيء يمكن أن يساعدهم في حماية الشرعية الممثلة في بقاء مرسي رئيسا لمصر حتى تكتمل مأموريته.
ستأتي كل طائفة من تلك الطوائف الثلاث بخيلها وبرجلها وبالملايين من أنصارها وأتباعها، وستحاول كل طائفة أن تحقق أهدافها في هذا اليوم المصري العصيب، والذي سيصل فيه مستوى التوتر والاحتقان إلى مستويات غير مسبوقة.
لذلك فإن كل شيء يمكن أن يحدث في مصر بعد ساعات معدودة..
كل شيء يمكن أن يحدث بعد ساعات، وبما في ذلك أن يقوم الجيش بعملية استيلاء على السلطة، وهو ما يعني وأد التجربة الديمقراطية المصرية في عامها الأول.
وحينها ستكتشف القوى الثورية بمعارضيها وبمواليها بأنها هي التي تسببت بغبائها وبحماقتها وبأنانيتها في وأد تجربة مصرية فريدة، كان يمكن لها ـ إن استمرت ـ أن تكون نموذجا في المنطقة.

حفظ الله موريتانيا..  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق