الاثنين، 24 يونيو 2013

هذا ما فهمتُ من خطاب الرئيس مسعود!!


لم أستمع حتى اللحظة للنص الكامل لخطاب الرئيس مسعود، ولكني ـ في المقابل ـ طالعتُ جزءا هاما من الخطاب في أكثر من موقع إخباري. ولقد فهمتُ بعد القراءة الأولى لما نُشر من فقرات الخطاب، بأن الرئيس مسعود إنما أراد أن يوجه من خلال أول خطابه له، في أول مهرجان شعبي لكتلته الداعمة، جملة من البرقيات العاجلة إلى صناديق بريد مختلفة من أهمها:
أولا : برقية تم إرسالها إلى صندوق بريد الرئيس عزيز
وهذه البرقية كانت واضحة وصريحة جدا، وتتضمن ما يلي:

1 ـ  إن الحكومة الموسعة، أو حكومة التوافق الوطني بلغة أخرى، هي جوهر المبادرة، ومن يرفض الحكومة الموسعة فقد رفض المبادرة كلها. (لا حظوا أن الرئيس مسعود حسب المنشور من خطابه، لم يذكر أي بند آخر من بنود مبادرته، ولم يتحدث إلا عن بند الحكومة الموسعة، ولاحظوا أيضا بأنه هذه المرة لم يطلب من المنسقية أن لا تتمسك بحكومة توافق وطني في حالة رفض الرئيس عزيز لها، بل على العكس فقد أصبح مسعود نفسه هو من أشد المتمسكين بمطلب تشكيل حكومة وفاق وطني).
2 ـ إن أي انتخابات لا يشارك فيها الجميع، ولا تنظم وفق مسطرة يقبل بها كل الطيف السياسي أو أغلبه هي انتخابات مرفوضة،لأنها لن تُخرج البلاد من أزمتها، وضعوا ما شئتم من خطوط تحت كلمة أزمة.  
إنها برقية واضحة وصريحة جدا، ولا أدري إن كان الرد عليها سيكون صريحا أو غامضا؟ إيجابيا أم سلبيا؟ وهل سيكون سريعا، أي في فقرة من فقرات خطاب الرئيس عزيز في العاصمة الاقتصادية؟ أم أنه سيتأخر حتى خطاب رمضان؟ أم أنه سيتأخر أكثر من ذلك؟ أم أنه  لن يتم الرد عليها أبدا؟
ثانيا : برقية تم إرسالها إلى بريد حزب من أحزاب المعاهدة (لا داعيَّ لذكر اسمه):
هذه البرقية على العكس من البرقية السابقة لم تكن صريحة، بل كانت مشفرة، ولفك شفرتها دعونا نتوقف مع هذه الفقرة المتناقضة التي جاءت في خطاب الرئيس مسعود.
توعد الرئيس مسعود ـ في حالة رفض المبادرة ـ  بأمرين اثنين:
ـ أن الكتلة الداعمة للمبادرة  لن تظل محايدة.
ـ وأنها في نفس الوقت لن تكون في صف أي طرف من الطرفين المتصارعين، ولن ترجح كفة طرف على حساب طرف آخر.
فكيف يمكن الجمع بين عدم الحياد، وعدم ترجيح كفة أي طرف من الطرفين المتصارعين؟
من الواضح بداهة بأنه لا يمكن الجمع بين الأمرين في وقت واحد، ولأنه لا يمكن الجمع بين الأمرين، فدعونا نتخيل، وأقول نتخيل، المشهد التالي:
أثناء التحضير للمهرجان، ولخطاب الرئيس مسعود، أراد الرئيس مسعود أن يكون في خطابه تهديدا صريحا للرئيس عزيز في حالة عدم قبول المبادرة، ولكن أحد أحزاب المعاهدة رفض أن يُوجَه في الخطاب أي تهديد مباشر لحليفه، أي للرئيس عزيز، وهو ما قبله الرئيس مسعود رضوخا للحزب المذكور، وكذلك خوفا من أن تتجبر المنسقية بعد الخطاب، فيزداد خطابها حدة، ويزداد تمسكها بمطلب الرحيل.
وللتذكير فما أحدثكم عنه الآن هو مجرد خيال في خيال.
رضخ الرئيس مسعود لمطلب حزب المعاهدة الذي لا داعيَّ لذكر اسمه، ولكنه مع ذلك لم يستطع إلا أن يتوعد الطرفين بهذا الأسلوب الغامض، والحقيقة أن هذا التهديد الغامض إنما المقصود به هو الرئيس عزيز، والذي يحمله الرئيس مسعود الجزء الأكبر من الأزمة التي تمر بها البلاد، وكذلك حليفه في المعاهدة، ذلك الحليف الذي أصبحت تربطه علاقة قوية بالرئيس عزيز، وهي علاقة باتت تقلق كثيرا الرئيس مسعود، وتقلق كذلك كل داعمي المبادرة.
إن البرقية الموجهة هنا من طرف الرئيس مسعود، إنما تُخاطب حزبا من أحزاب المعاهدة، وبلغة مشفرة، وذلك لتقول له بأن الرئيس مسعود وأنصار المبادرة ماضون في تهديد الرئيس عزيز إذا لم يقبل بالمبادرة، وما على الحزب المذكور في حالة ما إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود إلا أن يخرج وحيدا من المعاهدة، وينضم لحليفه عزيز، وحينها فستجد المعاهدة بأنها قد أصبحت أقرب إلى المنسقية، أو أن المنسقية قد أصبحت أقرب للمعاهدة، ولا يهم أي العبارتين استخدمنا هنا، المهم أن عملية ترجيح كفة على حساب أخرى لابد وأنها  حاصلة.
ثالثا : برقية مختصرة إلى بريد منسقية المعارضة : نظفوا خطاباتكم، وتقبلوا الرئيس عزيز رئيسا لي ولكم، يرحمكم الله.
رابعا : برقية إلى الشعب الموريتاني: المبادرة لم تعد مبادرة مسعود، وإنما أصبحت مبادرتكم أنتم، فادعموها بما تملكون، والله لا يضيع أجر المحسنين.
ختاما : لاشك أن مبادرة مسعود تمتلك نقاط قوة كثيرة لعل من أهمها أن الشعب الموريتاني بطبعه هو شعب مسالم، لا يميل إلى الصراعات، وإنما يفضل لغة الحوار، وبالتالي فالمبادرة تتناغم تماما مع مزاج الشعب الموريتاني. ولكن تبقى نقطة الضعف الكبيرة التي تواجه هذه المبادرة، هو ضعف الأداء الإعلامي للقائمين عليها، ويكفي أن نعرف بأن مهرجان "التوافق الوطني" لم يتم الترويج له في صفحات التواصل الاجتماعي، ولم تتم الدعاية له، وأن المبادرة نفسها لم يتم تسويقها في مواقع التواصل الاجتماعي.
ولو أن داعمي مبادرة مسعود كانوا يملكون حضورا إعلاميا كحضور المنسقية، خاصة في شبكات الإعلام الجديد، لتغيرت أمور كثيرة، ولأصبح من حق الرئيس مسعود أن يتوعد وأن يهدد كل من لم يقبل بمبادرته.   

حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق