الجمعة، 8 مارس 2013

اللابسات من " النضال " جلاببا !!



بمناسبة الثامن مارس أهديكم هذا المقال الذي نُشر قبل أربعة أعوام من الآن، ولذلك فقد تلاحظون بأنه لم يتحدث عن نساء الربيع العربي. ولنساء الربيع العربي أهدي هذه الكلمة الغير مأثورة : أقوال غير مأثورة (2013/26) : وراء كل ثورة عظيمة امرأة عظيمة..

اللابسات من " النضال " جلاببا !!
ربما لو كان "المتنبي" حيا بيننا وشاهد تلك اللقطات العنيفة التي تعاملت بها شرطتنا الوطنية مع النساء الديمقراطيات لقال شعرا غير الذي قال ..

لم يشفع لنسائنا أنهن أردن أن يعبرن سلميا وبشكل متحضر ودستوري عن موقفهن السياسي.. ولم تخجل شرطتنا الوطنية من هذا الحماس الزائد والقسوة الغريبة التي تعاملت بها مع نساء من بينهن منتخبات ووزيرات ومثقفات و طالبات عاديات .. خاصة أن هذا الحماس يتحول ـ في الغالب ـ  إلي فتور شديد، وأن تلك القسوة تتبدل إلي ليونة غير بريئة عند التعامل مع اللصوص والمجرمين الذين "نهبوا " الأمن والاطمئنان من عاصمتنا   الفتية .
لو كان "المتنبي " حيا لقال شعرا غير الذي قال، ولأبدل ثوب الحرير بثوب من النضال أو بثوب من لكمات الشرطة تفوح منه رائحة مسيلات الدموع.
لقد مات "المتنبي" الشاعر منذ مئات السنين، وأصبح لدينا شعراء وكتاب يرأسون اتحادات يتنافسون في مدح من يحشر جنده لخوض معارك شرسة ضد النساء.
ولقد مات "المتنبي" الرجل منذ مئات السنين، وأصبح لدينا " رجال " يصفقون بأيديهم وأرجلهم ويزغردون ملء حناجرهم  فاضطرت النساء للخروج إلي الشارع، واحتجاز الخطوط الأمامية للدفاع عن الكرامة، وعن الديمقراطية، وعن خيارات شعب بكامله كتب في دستوره بأن الطريق إلي القصر يمر حتما بصناديق الاقتراع، فجاء  ضابط بدبابة ـ عفوا بممحاة ـ ليمحو ما كتبه الشعب ثم ليكتب بعد ذلك كلمات غامضة فيها كثير من العجرفة وقليل من اللباقة. فيها انقلاب عسكري وانتخابات محسومة سلفا يتنافس علي هامشها ثلاثة مرشحين تحت الطلب علي الأصوات اللاغية. وذلك قبل أن يأتي تصحيح آخر يقوده ضابط آخر يمحو نتائج  تلك الانتخابات التي  لن تكون ـ قطعا ـ أكثر شرعية ولا أكثر قدسية من الانتخابات التي سبقتها.
فالانقلابات تولد حبلي بتوائم من الانقلابات الفاشلة والناجحة. من هنا كان لا بد من معارضة انقلاب السادس من أغسطس وهي معارضة يجب أن تتعدد صورها دون عنف ودون أن يراق فيها كأس ماء لأي مواطن مع الاستعداد الكامل لتحمل أي ردة فعل عنيفة قد تلجأ لها السلطات الحاكمة تماما كما عبرت عن ذلك الوزيرة المناضلة في قناة " العربية " بمناسبة تدشين مخيم الاعتصام النسوي .
فيا   "رجال الترحال" صفقوا بأرجلكم وزغردوا ببطونكم .. ويا نساء الديمقراطية ناضلن وكافحن.. فربما تولد من بينكن "خنساء" تنتصر لأخواتها وتنشدنا شعرا فيه عزة  وفيه نخوة  بعد أن أصبح شعر "الرجال" كله تصفيق وزغاريد ..
واليوم لم يعد يحق لأي أحد أن يستكثر علي النساء النسبة المخصصة لهن في المجالس المنتخبة لأنهن الآن يدفعن نصف الفاتورة أو أكثر لاستعادة الديمقراطية .. واليوم أصبحت هناك نخبة سياسية ناعمة تتشكل .. نخبة قادرة علي أن تضحي من أجل المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة .. فعن أي مصلحة خاصة تبحث " الوزيرتان "؟ فواحدة  فقدت وظيفتها قبل الانقلاب رغم بصمتها الإيجابية التي تركت .. والثانية لو خففت قليلا من حدة معارضتها لحصلت علي ما يفوق وزارتها المسلوبة .. وعن أي مصلحة خاصة تبحث الشيخة الفنانة التي  اختارت موقفا تسبب في أن يعود الإعلام الرسمي لمحاصرتها من جديد ؟ وعن أي مصلحة خاصة تبحث شيخة أخري تنازلت عن حقها الشرعي ورفضت منذ تنصيبها أن تتسلم راتبها الذي تقول أنه من حق الحزب الذي أوصلها إلي هذا المنصب ؟ وعن أي مصلحة خاصة يمكن أن تحققها نائبة وسيدة أعمال بمعارضتها للسلطات الحاكمة ؟
إنه من الظلم الكبير أن نقول بأن النساء الديمقراطيات يبحثن عن مصلحتهن الخاصة من خلال معارضتهن للسلطات الحاكمة.. وإنه من الجهل الكبير أن تتوقع السلطات الحاكمة أن نضال النساء هو مجرد نضال عبثي قصير النفس وبلا تأثير ..
فالتاريخ يقول عكس ذلك .. والمرأة عندما تتخذ موقفا وتقتنع به فإنها تكون أكثر استعداد للتضحية من الرجل ..
في أمريكا رفضت " روزا باركاس " أن تترك مكانها في الحافلة لرجل أبيض كما  تعود الرجال السود أن يفعلوا .. مما سمح بعد مرور 54 سنة  لأسرة سوداء أن تعيش اليوم تحت سقف البيت الأبيض .. في الهند أسست طفلة صغيرة عرفت فيما بعد  بـ "انديرا غاندي" أصغر جهاز مخابرات في العالم وذلك عندما كانت تتظاهر باللعب مع أصدقائها الصغار قرب الجيش البريطاني المحتل لبلدها وذلك من أجل جمع معلومات عن هذا الجيش وتقديمها للمقاومة .. في مصر استطاعت الفتاة " إسراء عبد الفتاح " لوحدها ـ والتي عرفت فيما بعد بفتاة "الفيس بوك" ـ  أن تنظم حملتها الشهيرة التي سمتها " خليك في بيتك " والتي حركت إضرابات هزت مصر كلها.. بل أن طريقة "إسراء" تم اعتمادها بعد ذلك في الأردن   .. وفي لبنان وبينما كان الجيران يبحثون عن  " سناء محيدلي "  التي تأخرت ذات يوم .. فوجئ اللبنانيون ـ بكاملهم ـ  بعروس الجنوب تبث وصيتها في قناة تلفزيونية لبنانية وذلك بعد أن نفذت عملية استشهادية كان ضحيتها أكثر من 50 إصابة  بين قتيل وجريح من الجيش الإسرائيلي  ..وفي تركيا أصرت " مروة صفاء قواقجي " البرلمانية الشهيرة ـ التي ألفت فيما بعد كتابها الرائع والشيق والمثير  " ديمقراطية بلا حجاب " ـ أن تدخل البرلمان التركي  بحجابها وهو ما تسبب بعد ذلك في أن تسحب منها الجنسية التركية ..و"مروة " لم تزل تناضل حتي اليوم من أجل بلدها ..
نحن اليوم بحاجة إلي نساء كمروة قادرات علي أن يؤلفن ـ ميدانيا ـ كتابا من سطر واحد عنوانه "ديمقراطية بلا انقلابات " ديمقراطية تنتج نخبة تحترم الشعب لا ديموقراطية تفرز نخبة  سياسية تصف الشعب ـ الذي جعل منها شيئا مذكورا ـ  بالغوغاء ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق