الأربعاء، 20 مارس 2013

اليوم العالمي للسعادة!!


قررت الأمم المتحدة أن يكون يوم 20 مارس من عامنا هذا هو أول يوم يُخلد بوصفه يوما عالميا للسعادة. وبهذه المناسبة فإني أتمنى لجميع أصدقائي حياة سعيدة، لا يوما سعيدا فقط.
وبهذه المناسبة أيضا فإني أود هنا أن أنبه إلى أن المقاييس المتبعة لدى الأمم المتحدة قد لا تكون هي المقاييس السليمة لقياس السعادة، فصاحب هذا المسكن الظاهر أمامكم قد يكون أكثر سعادة ممن يسكن في قصر مشيد.
أرجوكم اقرؤوا هذه القصة بتأمل، وهي قصة حقيقية كنت قد نشرتها في وقت سابق.

 المتسول القنوع.!!
البارحة، وبعد صلاة العشاء، خرج علينا شاب في المسجد، وقال بأنه يعاني من مرض خطير، وأن أحد أدويته التي يستعملها يوميا قد نفد تماما، أما الدواء الثاني فلا يزال يملك منه ما يكفي ليومين.
الشاب المريض قال بأنه لا يطلب من المصلين ثمن الدواء الثاني الذي كاد أن ينفد، وإنما يكتفي بثمن الدواء الذي نفد نهائيا، والذي قال بأنه لا يمكن له نهائيا أن يتوقف عن استعماله ولو ليوم واحد، وقال الشاب المريض بأن ثمن الدواء المنتهي 1900 أوقية.
أخذ المصلون (وهم من الفقراء) يتبرعون للشاب المريض، ولما حصل الشاب على المبلغ اللازم لشراء الدواء، أعلن ذلك، وأخبر بقية المصلين بأنه لم يعد بحاجة إلى تبرعاتهم، لأن ثمن الدواء قد اكتمل، قال ذلك وخرج إلى حال سبيله.
لم يطلب ذلك الشاب المريض ما يعينه على شراء الدواء الثاني الذي سينفد بعد يومين، ولم ينتظر حتى يحصل على مائة أوقية أو مائتين فوق سعر الدواء ربما يكون بحاجة إليها لركوب تاكسي إلى الصيدلية.
لم ينتظر أي شيء من ذلك، وإنما أخذ ثمن الدواء وخرج، أخذه وكأنه قد حاز الدنيا بما فيها.
خرج ذلك الشاب بعد أن ترك في نفسي، وفي نفوس بقية المصلين شيئا من سعادة، لا يقدر بثمن !! فأن تصادف في هذا الزمن الذي عُرف أهله بالجشع إنسانا بتلك القناعة فذاك شيء لا يقدر بثمن.
فكم هو عظيم ذلك الشاب الفقير المريض والذي رغم معاناته إلا أنه تمكن من أن يُسعد الكثير من الأصحاء، بسلوكه النادر، و بقناعة قل نظيرها، وبعزة نفس لم يستطع المرض والفقر والمعاناة أن يخفوها.
خرج الشاب المريض وترك خلفه حكمة من أبلغ الحكم، حكمة لم تكلف جماعة المسجد سوى 1900 أوقية، حكمة تقول : مهما كانت درجة شقائك ومعاناتك فإنه بإمكانك دائما أن تسعد الآخرين، ممن قد يُخَيَّل إليهم بأنهم أكثر سعادة منك.
خرج الشاب المريض وقلت في نفسي : كم سأكون سعيدا لو استطعت أن أكون بمثل رضا وقناعة ذلك الشاب المريض؟ وكم ستكون أنتَ سعيدا لو كنتَ قنوعا مثله؟ وكم ستكونين أنتِ سعيدة لو كنتِ مثله؟ وكم سنكون نحن جميعا سعداء لو كنا مثله؟
مشكلتنا أننا لا نستطيع أن نكون قنوعين كقناعته، فتلك نعمة عظيمة منحها الله له مقابل نعم أخرى سُلبت منه.
قطعا لو كنا مثله فستكون موريتانيا رائعة وخالية من الفساد.
فتخيلوا لو كان الرئيس والوزراء والمدراء والتجار والساسة والمثقفون والعلماء والرجال والنساء والشباب والأطفال بمثل قناعة ذلك الشاب المتسول 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق