لن أتمكن لأسباب قاهرة من المشاركة في السلسلة البشرية التي ستنظمها حركة
25 فبراير في ضحى هذا اليوم، وهي السلسلة التي سترفع خلالها الحركة الكثير من نقاط
الاستفهام. سترفع الحركة نقاط استفهام كثيرة تعبيرا عن نقاط استفهام أكثر تتزاحم
في رأس كل موريتاني، وترتسم على شفتيه، منذ الإعلان عن حادثة الثالث عشر من
أكتوبر.
ولقد اختارت الحركة أن ترفع نقاط الاستفهام دون أن تتحدث عن تلك النقاط،
تاركة بذلك الفرصة لكل مواطن موريتاني أن يؤول نقاط الاستفهام كما يشاء، وبالطريقة
التي يشاء. المهم أن الحركة تريد بوقفتها الصامتة هذه أن تلفت الانتباه إلى نقطة
الاستفهام الكبيرة التي أصبحت تغطي كل شيء في سماء هذا البلد، منذ حادثة إطلاق
النار على الرئيس.
خمسة أيام مرت على الحادثة، ومع ذلك فلا زالت نقاط الاستفهام تكبر يوما
بعد يوم، ولا زالت الشائعات تنجب المزيد من الشائعات، والتي تنجب هي بدورها المزيد
من الشائعات.
فهل تحولنا إلى بلد المليون شائعة وشائعة؟ وهل انتقلنا فجأة من بلد
المليون شاعر إلى بلد المليون روائي؟ ولماذا يصر كل موريتاني على أن تكون له
روايته الخاصة به عن حادثة الثالث عشر من أكتوبر؟ ولماذا تصر الجهات الرسمية ـ وهي
الثرثارة بطبعها ـ على أن تستمر في صمتها الغريب؟ فهل هي تريد بذلك أن يظهر المزيد
من القصص والروايات حول حادثة إطلاق النار على الرئيس؟ ألا يكفي الجهات الرسمية ما
ظهر حتى الآن من روايات ومن قصص مثيرة؟
حقا لقد أبدعت حركة 25 فبراير في رفع نقطة استفهام كبيرة في مثل هذا
الوقت الحرج الذي تتزاحم فيه نقاط الاستفهام في رأس كل موريتاني، ولعل من أبرز تلك
النقاط المتزاحمة، يمكننا أن نذكر النقاط التالية:
لماذا استمرت وسائل الإعلام الرسمي في طربها وفي سمرها الأدبي بعد
الإعلان عن هذه الحادثة الأولى من نوعها؟ ولماذا تأخر الإعلام الرسمي في ذكر أي
خبر عن الحادثة؟ ولما لا يزال هذا الإعلام يرفض تقديم أي تفاصيل عن الحادثة؟
ولماذا جاءت الرواية الرسمية مرتبكة؟ ولماذا لم ترد الجهات الرسمية ـ حتى
الآن ـ على الشكوك التي تثيرها روايتها الرسمية خاصة بعد أن أكدت بعض الجهات
الطبية استحالة أن تكون الحادثة قد وقعت على بعد 35 كلم من العاصمة؟ فلم يكن
منطقيا حسب تلك الجهات الطبية أن يصاب الرئيس بنزيف على بعد 35 كلم من العاصمة ثم
يأتي إلى المستشفي العسكري وهو يمشي على قدميه؟ فالطبيعي حسب تلك الجهات أن يدخل
الرئيس في غيبوبة بعد دقائق قليلة من الإصابة.
ولماذا لم ترد الجهات الرسمية بعد أن ثبت بأن الشخص الذي قيل بأنه كان مع
الرئيس لحظة الحادثة قد تأكد بأنه كان على بعد مئات الكيلومترات من مكان الحادثة
لحظة وقوعها؟
ولماذا لم يظهر بعد الحادثة إلا القادة العسكريين؟ فلماذا لم يظهر وزير
الصحة مثلا وهو المعني أولا بمرض الرئيس؟ ولماذا لم يظهر حتى الآن المجلس الدستوري
ليتحدث عن الجانب الدستوري للحادثة؟ وهل هو مجرد عجز مؤقت لا يستدعي أي ترتيبات
دستورية؟ ولماذا لم يحدثنا الإعلام الرسمي عن مرض الشخصية الثانية أي رئيس مجلس
الشيوخ، والذي يتعالج هو بدوره في فرنسا؟ ولماذا لم يظهر أي دور للسلطة القضائية؟ ولماذا لم يظهر المدعي العام ، ولماذا لم يزر
مكان الحادثة؟ ولماذا لم يحقق فيها؟ ولماذا نُقل الرئيس إلى مستشفى عسكري لا يجوز
للأطباء فيه أن يتحدثوا عن حالة المريض إلا لقائده العسكري مع العلم بأن الرئيس هو
القائد الأعلى للقوات المسلحة؟ ولماذا ظهرت نقاط التفتيش بشكل مفاجئ قبل الحادثة؟
ولماذا اختفت تلك النقاط بعد الحادثة؟
ولماذا ظهرت من جديد؟ ولماذا تعاطفت كل
الطوائف السياسية مع الرئيس، على الأقل إنسانيا ، باستثناء الحزب الحاكم الذي شغله
البحث عن موعد للانتخابات عن متابعة صحة الرئيس؟
ولماذا يستقبل قائد الأركان سفير دولة قطر؟ فَلِم لم يستقبله وزير
الخارجية أو الوزير الأول؟ وبالمناسبة فلماذا لم يتعاطف معنا أي من المشاركين في
قمة الفرانكفونية رغم أن وزير الخارجية كان موجودا هناك لحظة الحادثة، ومن المفترض
أن يكون قد أبلغ المشاركين عن الحادث والذي كان نتيجة لرصاصات خاطئة حسب الرواية
الرسمية مما يجعله غير سياسي ومما يجعل التعاطف أولى؟ ولماذا لم تتعاطف معنا إلا تونس
والجزائر من بين كل الدول العربية؟ ومن الذي يدير شؤون البلد الآن؟ وهل سيكون ما
بعد الثالث عشر من أكتوبر ـ وهذه هي نقطة الاستفهام الكبيرة والأكثر أهمية ـ مختلفا
عما قبله؟
تصبحون على أجوبة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق