الأربعاء، 26 فبراير 2025

عندما تغيب الإشارة الصفراء نقع في ورطة!


هذه الإشارة إن صادفتك في شارع، فإنك ستقع في ورطة حقيقية، فأنت إن توقفت احتراما للإشارة الحمراء تكون قد خالفت قانون السير بحجز الطريق أمام أصحاب السيارات الذين هم خلفك، والذين يرون الإشارة الخضراء ويريدون أن يعبروا ملتقى الطرق من قبل أن تتبدل الألوان.
وأنت إن تجاوزت في هذه الحالة تكون قد خالفت قوانين السير لعدم احترام الإشارة الحمراء، وربما تسجل عليك غرامة إذا كان هناك شرطي عند ملتقى الطرق، أو كانت هناك كاميرا مثبتة في ملتقى الطرق هذا.
بالمناسبة، كل ما قرأتم سابقا ليس هو ما أردت أن أقوله تعليقا على هذه الصورة. هناك كلام آخر هو ما  أريد قوله،  وقد يرى البعض منكم بأن لا علاقة له بالصورة. أما أنا فأرى أن له علاقة قوية بالصورة، ولولا تلك العلاقة لما وجدت رغبة جامحة في قوله بعد مشاهدة الصورة.
خلاصة الكلام الذي أريد قوله هو أن الإشارة الصفراء كثيرا ما تغيب دائما في الفيسبوك، فلا إشارة صفراء في الفيسبوك يمكن أن تنقلك من موقف أحمر شديد الاحمرار، إلى موقف أزرق أو أخضر شديد الاخضرار، أو العكس.
في الفيسبوك هناك فقط لونان أو رأيان أو موقفان متناقضان تماما من كل قضية أو ملف يثاران في هذا الفضاء، ولا يوجد بين الرأيين أو الموقفين أو اللونين، رأي آخر أو لون آخر يأخذ شيئا من اللون الأحمر وشيئا من اللون الأزرق، ليتحول في النهاية إلى لون أصفر بمستويات مختلفة تبعا للنسبة التي أخذ من اللون الأحمر وتلك التي أخذ من اللون الأزرق.
فمثلا إذا أخذنا ملف الهجرة، وهو آخر ملف يستقطب المدونين بشدة، فسنجد أن هناك من يرى أن ملف الهجرة يجب أن يصبغ باللون الأحمر، ولذا فإن الهجرة يجب أن تتوقف فورا، وفورا تعني بالفعل فورا. وهناك طائفة ثانية تراه من الملفات التي يجب أن تبقى دائما باللون الأزرق، أي أن الحدود يجب أن تبقى مفتوحة - كما كانت - لكل المهاجرين القادمين من الجنوب أو الشمال أو الشرق أو الغرب، إن كان هناك أصلا من يأتينا مهاجرا من الغرب.
في هذا النقاش غاب تماما اللون الأصفر، اللون الذي يمكن اعتبار أصحابه يرون أن ما يحدث من هجرة إلى بلادنا يجب أن نتعامل معه كما نتعامل مع الإشارة الصفراء، أي أننا إذا لم نتجاوز الآن من خلال التحرك السريع، فإن الإشارة ستتحول قطعا إلى اللون الأحمر، وهو ما يعني أننا إذا لم نتخذ حلولا عاجلة لوقف تدفق المهاجرين إلى بلادنا، فإن ملف الهجرة سيتحول قريبا من اللون الأصفر إلى اللون الأحمر.
ويبقى أن أقول إن المواقف الصفراء في هذا الملف متباينة هي أيضا، وليست متساوية من حيث درجة الإصفرار، فهناك أصفرار قريب جدا من الإحمرار، وهذا هو موقفي الشخصي من الملف ( وما يمنعني من الدخول في المنطقة الحمراء هو وجود الكثير من الموريتانيين في غرب إفريقيا وفي دول أخرى). وفي المقابل فهناك أصفرار قريب جدا من اللون الأزرق، وفي اعتقادي أن هذا اللون عبر عنه  الرئيس محمد جميل منصور في منشوره الأخير عن الهجرة، ويبقى الرئيس جميل هو أكثر السياسيين في موريتانيا تحركا في المنطقة الصفراء، ومن النادر جدا أن تجده في المنطقة الزرقاء أو الحمراء.   
سياسيا يمكن أن نعبر عن المنطقة الصفراء، وبشكل عام،  بالموالاة الناصحة والتي يمثلها حاليا (جمع) أو بالمعارضة المسؤولة التي كان يمثلها في العهد السابق حزب الوئام من قبل انصهاره في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق