الاثنين، 28 أكتوبر 2019

لا لإقصاء أصحاب الشهادات العربية من الاكتتاب في شركات الغاز


يستبشر العاطلون عن العمل بما قد تحمله إليهم الشركات العاملة في مجال استخراج الغاز من وظائف، ولكن، ومع قراءة أول إعلان اكتتاب من إحدى الشركات العاملة في هذا المجال فإن تلك البشرى ستتحطم على جدار الترجمة الآلية والركيكة لذلك الإعلان.
يظهر من خلال الإعلان بأن تلك الشركة قد بخلت حتى باكتتاب موظف واحد يعرف من اللغة العربية ما يمكنه من تدقيق الترجمة الآلية ل Google""، حتى تكون تلك الترجمة قابلة- على الأقل - للقراءة والفهم لمن يطلع عليها من أصحاب الشهادات العربية.
إن هذه الشركة التي بخلت باكتتاب موظف واحد يمكن أن يكتب إعلان اكتتاب بلغة عربية سليمة لا ينتظر منها أن تكتب حملة شهادات باللغة العربية، ولا أن تكتب يدا عاملة لا يتكلم أصحابها غير العربية.
المستفز في الأمر أن وزارة النفط والمعادن نشرت على موقعها هذا الإعلان المسيء للغة الرسمية لموريتانيا، ودون أن تدققه لغويا أو تفرض على الشركة المعنية تدقيقه.

إن لغة هذا الإعلان تذكر بظاهرة في منتهى الخطورة، وهي من الظواهر المسكوت عنها بشكل كامل، وتتلخص هذه الظاهرة في أن الشركات الأجنبية العاملة في موريتانيا، والسفارات وممثليات المنظمات الدولية والمشاريع التابعة لتلك المنظمات لا تكتب أصحاب الشهادات العربية، وذلك على الرغم من كونها تعمل في بلد تقول المادة السادسة من دستوره بأن لغته الرسمية هي اللغة العربية.
الأخطر من كل ذلك هو أن هذه السفارات والمنظمات والممثليات تميز بين الموريتانيين حسب مكوناتهم وأعراقهم عند أي عملية اكتتاب، حتى ولو كان كل المتقدمين للاكتتاب يتقنون اللغة الفرنسية!
من الطبيعي جدا أن يهجر الناس أي لغة لا توفر لهم العمل ولا تجلب لهم الرزق، حتى وإن نصت كل مواد دستور تلك الدولة على أن تلك اللغة هي اللغة الرسمية لتلك البلاد.
إن استمرار تهميش اللغة العربية في الإدارة، واستمرار حرمان أصحاب الشهادات العربية من التوظيف في الشركات والسفارات والممثليات العاملة في موريتانيا، إن استمرار هذا الحال على حاله  سيكون في صالح اللغة الفرنسية وسيؤدي إلى المزيد من هيمنتها على الإدارة في هذه البلاد.
المضحك المبكي هو أنه عندما يطلق ضحية من ضحايا التهميش اللغوي في الإدارة صرخة مبحوحة للفت الانتباه على ذلك التهميش، عندها تتعالى الأصوات للتذكير بأننا في بلد متعدد الأعراق، وبأن اللغة العربية ليست لغتنا جميعا، وبأننا بحاجة إلى اللغة الفرنسية كلغة انفتاح وتواصل ...المقصود من كل ذلك هو أن يبقى الحال على حاله، أي أن تبقى اللغة الرسمية للبلاد مهمشة في الإدارة وفي مجال العمل، أي في مجال تحصيل الأرزاق، وبطبيعة الحال فإن تهميشها في هذا المجال سيجعل البعض يهجرها إلى لغة قد تساعده في تحصيل رزقه.
نعم لتفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني في الإدارة وفي كل السفارات والممثليات والمنظمات والشركات العاملة على أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
قد نفهم اشتراط اللغة الانجليزية عند الاكتتاب في هذه الشركات وذلك بوصفها لغة عالمية مسيطرة، ولكن عندما يغيب اشتراط اللغة الانجليزية فإنه في هذه الحالة يجب أن تساوى الفرص بين حاملي الشهادات العربية والفرنسية، إن لم تمنح الأولوية لأصحاب الشهادات العربية.
لقد آن الأوان لوقف حرمان أصحاب الشهادات العربية من كثير من فرص التوظيف التي ستتيحها الشركات العاملة في مجال استخراج الغاز، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال تفعيل المادة السادسة من الدستور الموريتاني، ومن خلال إشعار تلك الشركات بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في هذه البلاد.
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق