السبت، 22 ديسمبر 2018

كيف نرد على مبادرات التزلف والتطبيل؟


وأخيرا أطلق "إطارات وعجلات" ولاية اترارزة مبادرتهم التزلفية التطبيلية، والتي من المؤكد بأنها ستشكل شرارة لموجة عارمة من التزلف والتطبيل قد تعم كل ولايات الوطن في الأيام والأسابيع القادمة، وخاصة الولايات الشمالية والجنوبية، مع احتمال قوي أن تصل رياح هذه الموجة التزلفية التطبيلية إلى الولايات الشرقية.

إن التردد الذي يمكن أن يحصل في الولايات الشرقية لن يكون بكل تأكيد لأسباب أو لدوافع وطنية تميز أهل هذه الجهة عن غيرها من جهات الوطن، فمن المعروف بأن أهلنا في الشرق لا يُنافسون في التزلف والتطبيل للحكام. إن سبب ذلك التردد سيكون نتيجة لصراع خفي بين رموز التزلف في الولايات الشرقية والذين يكفيهم  من "الخزي والعار" أن يسبقهم متزلفو اترارزة لإطلاق مبادرة تطالب ببقاء الرئيس، هؤلاء سيصارعون أصحاب النزعة الجهوية في المنطقة، والذين يرون بأن هذه المبادرات لم تطلق فقط تزلفا للرئيس، وإنما أطلقت كذلك من أجل الوقوف ضد ترشيح "ولد غزواني" المنحدر من المناطق الشرقية، أي أن هناك دافعا جهويا لإطلاق مبادرة "إطارات وعجلات " أترارزة، تم تغليفه ـ وبذكاءـ   بغطاء تطبيلي تزلفي،  فهل ستكون الغلبة في الولايات الشرقية لأصحاب النزعة الجهوية أم للمتزلفين؟ ذلك سؤال لا يهمنا ولن ننشغل بالإجابة عليه. إن السؤال الذي يهمنا والذي علينا أن نبحث له عن إجابة هو ذلك السؤال الذي يقول ما هو الرد الأنسب الذي على المعارضة أن ترد به على هذه الموجة من  المبادرات التزلفية المطالبة بتعديل الدستور والتمديد؟
إن الرد الأنسب على هذه المبادرات يجب أن يكون من خلال التركيز على الأنشطة ذات الصلة بالتحضير لملف رئاسيات 2019، وذلك حتى لا يتكرر في رئاسيات 2019 ما حدث في رئاسيات 2009، أي أن تنشغل المعارضة حتى آخر لحظة بقضايا أخرى عن التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية.
لقد تزامن إطلاق مبادرة "إطارات وعجلات" اترارزة مع إعلان المعارضة عن اتفاق أكبر مكوناتها على التقدم بمرشح توافقي، ولذا فمن المحتمل جدا أن تنشغل المعارضة عن البحث عن ذلك المرشح التوافقي، وعن التحضير لحملته بالرد على هذه المبادرات، وقد ظهر شيء من ذلك.
إنه علينا أن لا نقلل من حجم الخصم، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بمكائد الحكم، فالرئيس محمد ولد عبد العزيز قد أثبت بأنه ليس بالخصم البسيط إذا ما تعلق الأمر بحيل ومكائد الحكم.
ومن المعلوم بأنه من مصلحة الرئيس ولد عبد العزيز أن يُشغل المعارضة بمواضيع جانبية في هذه الفترة الحرجة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية، وإن من مصلحته أيضا أن يستمر في إرباك موالاته حتى آخر لحظة لكي لا تنفض من حوله، ولذلك فقد تم تأجيل موعد مؤتمر الحزب الحاكم إلى شهر مارس من العام 2019، أي أن المؤتمر الذي كان من المفترض أن يميط اللثام عن خيارات النظام تم تأجيله إلى آخر لحظة، أي أنه لن ينعقد إلا بشكل شبه متزامن مع إعلان مرشح النظام.
على المعارضة أن تركز على موضوع ملف رئاسيات 2019، وأن لا تنشغل ـ أكثر من اللازم ـ  بالرد على مبادرات التزلف والتطبيل التي تنادي بالتمديد، والتي لا يُراد منها إلا إشغال المعارضة عن التحضير الجيد لملف رئاسيات 2019.
لا يعني الكلام أعلاه بأنه يجب تجاهل هذه المبادرات التزلفية بشكل كامل، بل يجب الوقوف ضد هذه المبادرات والتشهير بالقائمين عليها، ودون أن يشغل ذلك المعارضة عن أولوية الأولويات، أي التحضير الجيد لرئاسيات 2019 . إن تجاهل هذه المبادرات بشكل كامل قد يعطي انطباعا بأن هناك إمكانية ما للتمديد، خاصة وأن الكثير ممن هم حول الرئيس لن يتوقفوا عن مطالبته بالتمديد والبقاء في الحكم، وذلك على الرغم من أنهم يعلمون جيدا بأن التمديد يعني عدم الاستقرار، وبأنه سيكون بمثابة تشريع لانقلاب عسكري قد يأتي سريعا وقد يتأخر، ولكنه في النهاية سيأتي، وحينها سيكون أول من يتبرأ من الرئيس محمد ولد عبد العزيز هم هؤلاء الذين يتنافسون اليوم في إطلاق المبادرات المطالبة بالتمديد له. 
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق