الأحد، 30 سبتمبر 2018

عن تغطية الجزيرة

هناك نقاش و"تجاذب تدويني حاد" حول مدى مهنية قناة الجزيرة في تغطيتها للأحداث الأخيرة في موريتانيا...هذه نقاط سريعة للمشاركة في هذا النقاش.
1ـ بدءا لابد من القول بأن هذا الحدث يستحق تغطية واسعة فإغلاق مركز وجامعة يتبعان لشخص بحجم ومكانة الشيخ محمد الحسن ولد الددو وإطلاق حملة تحريضية من أعلى سلطة في البلاد ضد الحزب الذي احتل المرتبة الثانية في آخر انتخابات..إن كل ذلك يستحق تغطية واسعة من قناة الجزيرة ومن غيرها.


2 ـ  إذا ما قارنا مستوى تغطية الجزيرة لهذا الحدث، حيث خصصت له في أقل من أسبوع (تغطية في الحصاد؛ حلقة من برنامج سيناريوهات؛ حلقة من الاتجاه المعاكس..بالإضافة الى تغطية في النشرات الإخبارية )..إذا ما قارنا هذه التغطية بتغطية الجزيرة لحدث آخر لا يقل أهمية، بل إنه قد يكون أهم من الناحية السياسية، وأقصد هنا إسقاط التعديلات الدستورية من طرف الشيوخ وإغلاق غرفتهم وسجن أحد أعضاء المجلس وإخضاع 13 شيخا للرقابة القضائية...هنا سنجد بأن المهنية قد غابت، فهذا الحدث -أو الزلزال السياسي- الذي يعد من أهم الأحداث السياسية في موريتانيا لم تهتم به الجزيرة، ولم تخصص له برنامجا واحدا، وكانت تلك مفارقة عجيبة.
3 ـ لا خلاف على أن اهتمام الجزيرة بهذا الحدث لم يكن لدوافع مهنية فقط ...فمن أسباب الاهتمام بهذا الحدث أنه ضد تيار إسلامي وأنه من الراجح أن تكون لحكام الإمارات والسعودية صلة بالموضوع.
4 ـ من ينتقد الجزيرة على تغطيتها الواسعة تجاهل تغطية واسعة أخرى يقوم بها إعلام عربي آخر يحسب على الإمارات والسعودية ومصر..مشكلة هذا الإعلام الأخير بأنه بلا مصداقية وبلا تأثير وتلك مشكلته وليست مشكلة الجزيرة.
وأنا أكتب هذا المنشور تذكرت صدفة على الظفيري الذي كان نجما في الجزيرة ولما استقال منها بسبب الأزمة الخليجية اختفى تماما عن الأنظار، ولم يستطع الإعلام المنافس للجزيرة أن يستفيد من مؤهلاته...هنا تكمن الفوارق بين الجزيرة ومنافسيها.
5 ـ قد يكون هناك خلاف حول مستوى تغطية الحدث، لكن الشيء الذي لا خلاف عليه هو أن التغطية نفسها كانت مهنية وموضوعية حيث ظهرت كل الآراء عكس ما يحدث عند منافسي الجزيرة...ففي الحصاد والاتجاه المتعاكس كانت كل وجهات النظر ممثلة وبأحسن تمثيل...في سيناريوهات تم اختيار ضيوف غير مصنفين إلى حد ما، ويمتلكون من الاستقلالية والمهنية ما يؤهلهم لنقاش الحدث بموضوعية.
6 ـ هناك من يرى بأن اهتمام الجزيرة بموضوع كهذا قد يكون نذير شؤم وذلك باعتبار أن الجزيرة خبيرة في إشعال الفتن ..اللافت في الأمر أن هذه الطائفة تقع في تناقض فاضح، وذلك لأنها تقول في الوقت نفسه بأن الجزيرة قد فقدت مصداقيتها ولم تعد تمتلك أي تأثير.
هناك تناقض آخر يقع فيه هؤلاء وهو أنهم يظهرون حرصا على امن البلاد، ويطالبون بإبعادها عن الفتن، ومع ذلك يتهمون حزبا بمائة ألف منتسب أو يزيدون بالتطرف والإرهاب...لا شيء أخطر على موريتانيا من تقديمها إلى العالم من طرف حكوماتها والمدافعين عن حكوماتها بأنها بلاد يوجد بها مائة ألف متطرف وإرهابي.
7 ـ لن أختم هذه النقاط من قبل أن أقول بأن تغطية قناة الساحل الموريتانية لهذا الحدث كانت بعيدة تماما عن الموضوعية والمهنية.

نعم للجزيرة أخطاء، ولكنها ستبقى - على الرغم من ذلك - هي القناة الأكثر مهنية والأكثر مصداقية، ولا مجال لمقارنتها مع غيرها من الفضائيات العربية.
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق