الجمعة، 21 فبراير 2014

عن لقاءات الوزير الأول


كانت الدعوة التي وجهها الوزير الأول لرئيس حزب اتحاد قوى التقدم دعوة مفاجئة، بل ومربكة إلى حد ما، وذلك لأنها تزامنت مع الإعلان عن موعد محدد لتنظيم منتدى الديمقراطية والوحدة، ذلك المنتدى الذي ستشارك فيه أحزاب معارضة، ونقابات، ومنظمات، وحركات شبابية، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة.

كان توقيت الدعوة مربكا، ولكن ورغم ذلك فقد كانت تلبيتها من طرف رئيس حزب اتحاد قوى التقدم لها ما يبررها، وذلك لأن رئيس هذا الحزب بالذات كان قد رفض دعوة سابقة للوزير الأول، في حين قبلها بعض شركائه السياسيين، ولذلك فلم يكن من اللائق برئيس حزب اتحاد قوى التقدم بأن يرفض دعوة الوزير الأول للمرة الثانية، خاصة إذا ما علمنا بأن هذا الحزب هو من الأحزاب التي عُرفت بدعوتها الدائمة إلى الحوار.
بعد هذه الدعوة بدأت الأسئلة تطرح، وكانت الإجابة الأكثر وجاهة بأن الدعوة كانت من أجل التشويش على منتدى المعارضة والوحدة، ولذلك فقد كان رفض رئيس حزب التكتل للدعوة التي وجهت إليه، له أيضا ما يبرره، حتى وإن كنتُ من الذين يعتقدون بأن قبول اللقاء بالوزير الأول مع رفض نقاش كل الأمور التي تتعلق بالانتخابات الرئاسية من قبل انتهاء أعمال المنتدى كان هو الأسلم في نظري، وذلك حتى لا تجد السلطة ما تدعم به دعواها التي تقول بأن المعارضة هي من يرفض دائما الحوار.
كنتُ أتمنى أن يقبل رئيس حزب التكتل بتلبية الدعوة مع رفض الحديث عن الانتخابات الرئاسية، وذلك بحجة أن موقف التكتل، وكذلك بقية الأطراف المشاركة في المنتدى لن يتحدد إلا بعد اكتمال أعمال المنتدى.
اللافت للانتباه أن الوزير الأول كان قد عبر لرئيس حزب اتحاد قوى التقدم عن استعداد الحكومة لتنظيم انتخابات رئاسية "توافقية"، وبطبيعة الحال فلكلمة "توافقية" دلالات سياسية كبيرة، اللهم إلا إذا كان الوزير الأول قد نطق تلك الكلمة دون أن يولي لدلالتها أي اهتمام، تماما كما قال ذات مرة بأن حكومته الرابعة ستكون حكومة كفاءات موسعة!!
ولأن هناك لغة ثانية يتكلم بها الوزير الأول فلم يكن من الممكن أن نعرف إن كان الوزير الأول كان يقصد بكلمة توافقية التي تلفظ بها أمام رئيس اتحاد قوى التقدم انتخابات توافقية، أم أنه كان يقصد بها شيئا آخر، تماما كما كان يقصد بحكومة كفاءات موسعة شيئا آخر غير حكومة كفاءات موسعة.
ولمعرفة ما يقصده الوزير الأول بانتخابات توافقية، دعونا نبتعد قليلا عن أحاديث الوزير الأول، ودعونا نستمع لما يقوله الناطق الرسمي باسم الحكومة (وزير الاتصال)، والذي لا شك بأنه من الذين يحسبون حسابا للكلمات التي ينطقونها، خاصة إذا كانت تلك الكلمات قد تم النطق بها في مؤتمر صحفي جاء بعد الاجتماع الثاني لحكومة الكفاءات الموسعة.
يصف وزير الاتصال لقاء الوزير الأول برئيس حزب اتحاد قوى التقدم بأنه أمر طبيعي، وبأنه يدخل في إطار الانفتاح الحكومي على مختلف المواطنين، ليس إلا.
وربما يكون من المهم هنا أن أنبه وزير الاتصال على أن هناك مواطنين يعتصمون أمام مبنى الوزارة الأولى كانوا أولى بأن تفتح لهم الحكومة أبواب إداراتها، وأن تنفتح عليهم من قبل الانفتاح على رئيس حزب سياسي لم نسمع بأنه قد طلب لقاءً بالوزير الأول.
إنه لمن الغريب جدا، أن يتحمس وزير أول للقاء رئيس حزب سياسي معارض، ثم يذهب به الحماس بعيدا إلى أن يعلن استعداد حكومته لتنظيم انتخابات رئاسية توافقية، ثم يأتي من بعد ذلك بيومين وزير الاتصال ليعلق على ذلك اللقاء بتعليق فاتر جدا، ويقول بأنه مجرد لقاء عادي يدخل في إطار فتح أبواب الإدارة أمام المواطنين.
ولأنه ليس لدينا ما يثبت أن تعليق وزير الاتصال على لقاء الوزير الأول برئيس حزب اتحاد قوى التقدم، قد جاء من بعد علم وزير الاتصال برفض رئيس حزب التكتل لقاء الوزير الأول، ولأنه ليس لدينا ما يثبت ذلك، فإنه لا يمكننا أن نفسر تعليق وزير الاتصال بأن قد جاء كردة فعل قوية على رفض رئيس حزب التكتل لقاء الوزير الأول.
ولكن ما دمنا لا نستطيع أن نفسر التعليق الفاتر لوزير الاتصال على لقاء الوزير الأول برئيس حزب اتحاد قوى التقدم بأنه ردة فعل على رفض رئيس حزب التكتل لقاء الوزير الأول، فبمَ نستطيع أن نفسر هذا التناقض الواضح بين دعوات الوزير الأول وتصريحات وزير الاتصال؟
لا أملك إجابة على هذا السؤال، ولكن أنصحكم بأن لا تفسروا الأمر بأنه ناتج عن ارتباك، وذلك لأن حكومة الكفاءات الموسعة لا يمكنها أن ترتبك في أسبوعها الثاني.
حفظ الله موريتانيا.. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق