الاثنين، 20 مايو 2013

وسمعت صوتي مسجلا


في النصف الأول من عقد الثمانينات كنت طالبا في ثانوية لعيون، ولا أذكر حينها بأن أناملي قد لامست أزرار لوحة كمبيوتر، ولا آلة طابعة، ولا أذكر بأني تحدثت ولو بشطر كلمة في هاتف ثابت أو متحرك، وأستطيع أن أجزم لكم بأني في تلك الفترة لم أكن أملك حسابا بريديا، ولا حسابا على الانترنت، ولا حسابا بنكيا، ولا أي حساب من أي نوع.


وما زلت حتى الآن أذكر حدثا عظيما، حدث قبل ذلك بسنوات قليلة، وهو الحدث الذي تمكنت من خلاله أن أسمع ـ ولأول مرة ـ صوتي مسجلا..ربما تعتقدون وأنتم الذين تملكون الآن ما تملكون من آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الاتصال، بأن سماع الشخص لصوته مسجلا بأنه من الأمور السخيفة والتافهة التي لا تستحق أن تذكر..أحرى أن تصنف بأنها من الأحداث العظيمة.
صدقوني لقد شكل سماع صوتي في المسجل فتحا مبينا وحدثا عظيما، في ذلك الوقت، ولم يكن ليحصل لولا أن بعض الأقارب أرادوا أن يرسلوا شريطا مسجلا لابنهم التاجر في ساحل العلاج، وكنت حاضرا لعملية التسجيل، مما سمح لي بأن أحصل على دقيقة من الكلام في الشريط، تزيد أو تنقص قليلا.
"
أنت أتسجلي واللا ما أتسجلي" : كانت تلك كلمة شائعة في ذلك الوقت، وكانت تستخدم عند البدء في عملية تسجيل ..
المهم، وهذا هو أغرب ما في الأمر كله، هو أنه ورغم غياب كل تلك الوسائل إلا أن لحظات الفراغ والشعور بالوحدة كانت أقل عندنا مما هي عندكم الآن، يا من تملكون أكثر من شخصية (افتراضية وواقعية)، ويا من تملكون آلاف الأصدقاء، ومئات المتابعين، وعشرات الحسابات بأسماء حقيقية أو مستعارة، هذا فضلا ثلاثة هواتف في الغالب، واتصال مفتوح على العالم من خلال شبكة الانترنت.
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق