الأحد، 25 أبريل 2010

خاص برئيس الجمهورية


لم أكن أتوقع بأني سأجد نفسي مضطرا للتحدث عن قضايا "شخصية" في سلسلة هذه الرسائل المفتوحة التي أكتب للرؤساء، والتي وصلت ـ بالمناسبة ـ إلى خمسين رسالة مفتوحة منها تسع كتبتها لكم بعد التنصيب، وتسع قبله.
ولم أكن أتوقع أني سأضطر ـ في رسالتين متتاليتين ـ لأن أطلب منكم التدخل من أجل إطلاق برنامج تنموي شبابي في التلفزيون، لا أطالب مقابل تقديمه أي تعويض مادي، وإن كانت المطالبة بذلك التعويض تحق لي.
فلم يكن إذن من الوارد أن أكتب عن هذه الهموم التي قد تبدو وكأنها هموما"شخصية", ولكن المشكلة تكمن في أن الإدارة وحتى أيامنا هذه، لا زالت ترفض أن تتعامل بشكل إيجابي مع أي قضية لا يستخدم صاحبها الوسائل المعروفة لإنجازها.
ولقد كان بإمكاني ـ يا سيادة الرئيس ـ أن أستخدم تلك الوسائل، وأن أنجز أشياء كثيرة أخفقت في تحقيقها في الماضي، ولكني كنت قد أخذت على نفسي عهدا أن لا أستخدم أي وساطة، حتى لغاية عادلة، لأني أعتقد بأن أهم ما يمكن أن يخدم به هذا البلد هو التوقف عن استخدام الوساطة.
كان بإمكاني ـ كما يفعل الغير ـ أن أستنفر بعض "الوجهاء"، وفي القبيلة وجهاء كثر. ولقد كان بالإمكان استخدام بعض العلاقات الشخصية. وفي الحكومة الحالية وزيران من أصدقائي في الجامعة، ولن يبخل أي واحد منهما باتصال هاتفي بموظف إداري من أجل إنجاز مهمة بسيطة وعادلة لصديق.
لقد ابتعدت عن تلك الأساليب لأني كنت ـ ولا أزال وسأبقى ـ أتخيل بأني أعيش في بلد تحكمه قوانين، لا في قبيلة تتحكم فيها العلاقات. حتى ولو كان الواقع يصرخ في وجهي منذ عقدين من الزمن لينبهني على أني أعيش في وهم كبير.
وفي هذه الرسالة سأقدم لكم نموذجا سيئا لتعامل الإدارة مع المواطنين العاديين من أمثالي، وهو ليس إلا مجرد مثال، وقد لا يكون هو الأسوأ من بين أمثلة كثيرة تحدث يوميا في عهد تقريب الإدارة من المواطن.
وهذا المثال السيئ سأقدمه لكم من التلفزيون الذي كان من المفترض أن يتحسن أداؤه ـ ولو لأسابيع محدودة ـ بعد زيارتكم له، وبعد أوامركم المتكررة للقائمين عليه.
لقد حاولت ومنذ ثمانية أشهر أن أتطوع للتلفزيون ببرنامج في التنمية البشرية والذي هو مجال التخصص، ولكني فوجئت برفض التلفزيون لذلك دون أن تقدم لي الأسباب.
ولقد استغربت كثيرا رفض برنامج تنموي هادف، في الوقت الذي تنفق فيه القنوات الأخرى أموالا ضخمة على مثل تلك البرامج التثقيفية والتعليمية الهامة جدا، والتي لها جمهور واسع جدا، ومتنامي بشكل لافت، وخاصة من فئة الشباب. تلك الفئة المظلومة من طرف الجميع وبالأخص من طرف الإعلام الرسمي الذي لا يقدم لها إلا البرامج التافهة والرديئة والساذجة.
سيدي الرئيس أنا مواطن موريتاني من فقراء هذا البلد، ولدي همومي الشخصية الكثيرة، ومع ذلك فإني كثيرا ما أخصص جزءا من وقتي للتفكير في هموم هذا البلد. كما أني أحاول ـ كلما كان ذلك ممكنا ـ تقديم حلول ميدانية لبعض تلك الهموم .
وفي هذا الإطار أسست مركزا تنمويا خيريا، بجهود ذاتية، وذلك من أجل تقديم بعض الدورات الرائدة في مجال محاربة الفقر وفي التنمية البشرية، بالإضافة إلى برامج تعليمية أخرى.
ولقد استطعنا في المركز وبفضل بعض الخبرات الوطنية المتطوعة أن نقدم دورات عديدة استفاد منها ما مجموعه 300 متدرب ومتدربة. ولقد حاولنا آنذاك أن يقدم التلفزيون بعض تلك الدورات حتى يستفيد منها أكبر قدر ممكن من المستهدفين ولكننا فشلنا في ذلك.
وبعد عام وعدة أشهر اضطررنا لأن نغلق المركز مؤقتا، ولأسباب تستحق بدورها أن تكتب عنها عدة رسائل مفتوحة. ويكفي القول هنا أنه لولا إغلاق المركز لكان بالإمكان تقديم 40 مسعفا أوليا تم تخريجهم من المركز. وكان يمكن أن يمدوا يد العون للحماية المدنية يوم فاجعة لكصر التي تسبب فيها الغاز، والتي أظهرت مدى الحاجة إلى التكوين في هذا المجال.
المهم أنه بعد إغلاق المركز قمنا بوضع تصور لتحويل بعض الدورات الهامة التي كنا نقدمها في المركز إلى برنامج تلفزيوني أسبوعي.
وفي هذا الإطار كتبنا لوزير الاتصال السابق، وللوزير الحالي، واللذين كانت ردودهما إيجابية من خلال تكليف مدير السمعيات البصرية بدراسة الفكرة. وأعقب ذلك توجيه رسالتين من الوزارة إلى مدير التلفزيون مطالبة بالتعامل الإيجابي مع الفكرة.
ورغم ما أظهره مدير التلفزيون من اهتمام بالفكرة أثناء مقابلتي له فإنه ظل يرفض عمليا أن يتم إطلاق البرنامج المذكور. وهناك رسالة في مكتبه منذ ثلاثة أسابيع من الوزارة لم يرد عليها حتى الآن.
وإليكم ـ يا سيادة الرئيس ـ ملخصا للتصور الذي تم تقديمه إلى الجهات المعنية، بما فيه مستشاركم للاتصال والذي وعد بالهاتف بأنه سيتدخل ويكلم مدير التلفزيون، وهو الشيء الذي لا أعرف إن كان قد حصل أم لا؟
اسم البرنامج : ساعة تنمية.
مدة البرنامج :ساعة كاملة.
جمهور البرنامج : يركز البرنامج أساسا على الشباب.
هدف البرنامج : خلق فضاء مناسب يساعد على التغيير نحو الأفضل.
فكرة البرنامج : سيقدم البرنامج سلسلة مستمرة ـ إن شاء الله ـ من الحلقات في مجالات متعددة : اكتشاف الذات ـ التخطيط ـ إدارة الوقت ـ صناعة النجاح ـ التحفيز الذاتي ـ التفكير الإبداعي ـ التعامل مع المشاكل ـ اتخاذ القرارات ـ العصف الذهني ـ التغيير .... إلخ
وسيكون لكل حلقة عنوانها الخاص، وسيتم افتتاح كل حلقة من هذه الحلقات بقصة شيقة للإثارة، لها صلة بموضوع الحلقة. ويطرح في نهايتها سؤال الحلقة. بعد ذلك يتم الاستماع إلى أجوبة بعض الشباب الجامعي الحاضر (10 ـ 12 ) ، وتتم مناقشة بعضها بشكل سريع، كما سيتم الاستماع لأجوبة بعض المشاهدين الذين قد يتصلون بالبرنامج. المدة 15 إلى 20 دقيقة.
ثم يقدم جواب لسؤال الحلقة، وهو جواب سيكون مدخلا للموضوع حيث يتم تقديم بعض المعلومات والأفكار من أجل إكساب الحضور والمشاهدين بعض المهارات الهامة التي قد تفيدهم في بناء وتطوير ذواتهم. المدة 20 إلى 25 دقيقة.
في الخمس دقائق الأخيرة يتم تقديم نموذج ناجح له صلة بموضوع الحلقة (شخصية عالمية، مؤسسة ، منظمة ...) كلما أمكن ذلك.
تختتم كل حلقة بإضاءة تلخص كل الحلقة، وتلك الإضاءة قد تكون حكمة أو مثلا أو مقولة مشهورة ..
سيدي الرئيس، لقد حاولت الاتصال بمدير التلفزيون من أجل معرفة الأسباب التي جعلته يتراجع عن قبول هذا البرنامج. و لم أستطع الوصول إليه، وطلبت من سكرتيرته أكثر من مرة أن تصلني به عن طريق الهاتف ولكنها رفضت ذلك.
لذلك فأنا لا أملك أي تفسير لرفض البرنامج، وكل ما أستطيع قوله هنا هو أن ذلك الرفض يتناقض بشكل صارخ مع تعليماتكم وأوامركم التي استبشرنا بها خيرا يوم زيارتكم للتلفزيون.
وفي الأخير أقول لكم ـ بمناسبة اكتمال خمسين رسالة ـ بأني لا أملك إلا كلمة أكتبها لمن يقود هذا البلد، ولقد كتبتها في الماضي، وهاأنذا أكتبها اليوم، وسأكتبها لكم غدا إن كان في العمر بقية..
وفقكم الله لما فيه خير البلد.. وإلى الرسالة العاشرة إن شاء الله.
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق