تشهد المباريات الدائرة بين فريقي الأغلبية والمعارضة كثيرا من الخشونة في اللعب. وهي خشونة تكاد أن توقف المباراة التي كان من المفترض أن تمتد لخمس سنوات كاملة. ومن المؤسف حقا أن هذه المباراة قد شهدت في بدايتها الكثير من ألفاظ السب والقدح والشتم التي لا تتناسب ـ بأي حال من الأحوال ـ مع الروح الرياضية التي كان من المفترض أن يتحلى بها لاعبو كل فريق، وخاصة "اللاعبون الكبار".
ولأن الجمهور الرياضي المتابع للمباراة بدأ يشعر بشيء من الخيبة من سوء اللعب الذي يمارسه الفريقان. ولأنه بدأ يمل من متابعة المباراة التي أصبحت مقرفة جدا. فقد ارتأيت أن أنصب نفسي حكما افتراضيا، وأن أرفع بعض البطاقات الصفراء، والحمراء، في وجوه بعض اللاعبين، وذلك بهدف إعادة المباريات إلى شكلها الذي يتمناه الجمهور.
وأنا أعرف بأن الكثير من "المعلقين الرياضيين" قد ينتقد طريقتي في التحكيم. وأعترف صراحة بأني لا أستطيع أن أدافع عنها لأني لا أتقن التحكيم الرياضي. بل أني أكثر من ذلك، أجد صعوبة بالغة في إكمال متابعة مباريات كاملة، حتى ولو كانت شديدة الإثارة.
ستكون أول البطاقات الحمراء في هذه المباريات موجهة إلى الثنائي الشهير القائد لفريق المعارضة. وهي موجهة ـ أساسا ـ ضد كلامهما في"التسخينات" التي نظمها فريق بني معارض يوم السبت 17 ابريل، في الساحة المجاورة للمسجد العتيق، وبحضور آلاف المشجعين.
في ذلك اليوم تحدث قادة الفريق المعارض، بكلام مشفر، لم تعرفه الملاعب الرياضية من قبل، ونتمنى أن لا تعرفه من بعد. وهو كلام يدعو ـ بعد فك تشفيره ـ الجيش للتدخل من أجل حسم التصفيات. وهذه الدعوة الغريبة لم نسمع مثلها من الفريق المعارض، حتى أثناء تلك المباريات غير المتكافئة التي كانت تنظم في المواسم الرياضية التي سبقت الثالث من أغسطس من عام 2005.
لقد كانت تلك الدعوة دعوة صادمة، خاصة بالنسبة لمشجعي فريق بني معارض. وهو ما جعلني ـ بوصفي حكما افتراضيا ـ أرفع أول البطاقات الحمراء في وجه أصحاب تلك الدعوة.
وقد يكون من المناسب هنا ذكر بعض الأسباب التي جعلتني أرفع تلك البطاقة الحمراء، في وجه أشهر لاعبَيْن وطنِيَيْن عرفتهما الملاعب الرياضية منذ إطلاق أول موسم رياضي عام 1991 م :
1ـ لم يعد الجمهور الرياضي بشكل عام يرغب في تدخل النادي العسكري في التصفيات الرياضية التي تنظم بين الفرق المدنية. خاصة بعد تدخل أحد عشر لاعبا ـ عفوا أحد عشر ضابطا ـ يوم السادس من أغسطس من عام 2008 وهو التدخل الذي كادت البلاد إثره أن تنزلق نحو الهاوية.
2ـ يعتقد بعض قادة الفريق المعارض بأن تدخل النادي العسكري سيكون لصالحهم هذه المرة. ولقد فاتهم بأن العسكر عندما يتدخل لوقف المباريات، فإنه عادة ما ينظم مباريات جديدة تكون نتائجها محسومة مسبقا لأحد أندية فريق الأغلبية التي لم تكن على الواجهة. لذلك فإن أي تدخل عسكري لن يكون لصالح فريق بني معارض.
3 ـ إن الدعوة لتدخل لاعبين من العسكر تتناقض تماما مع تلك الدعوات التي كان يطلقها الفريق المعارض، والتي كان يطالب من خلالها من النوادي العسكرية بضرورة الابتعاد عن الملاعب الرياضية والتزام الحياد، وترك المنافسات التي تنظم بين الفرق المدنية دون أي تدخل عسكري.
4 ـ هذه الدعوة التي أطلقها بعض اللاعبين الكبار من فريق بني معارض ستعطي مبررا لفريق بنى السلطة لوصف الفريق المعارض بأنه فريق انقلابي يدعو للتدخل العسكري. رغم أن تلك الصفة كانت من ميزات فريق بني موالاة ، تماما كما حدث مع الفساد الذي هجر بعض رموزه مرابع الأغلبية، وولوا وجوههم شطر مضارب بني معارض.
لقد ترك فريق بني معارض اللاعبين المفسدين الذين كانوا من أشد خصوم المعارضة، والذين تربوا وترعرعوا وشابوا في فريق الأغلبية، تركهم يتسللون إلى فريقه، الذي ظل معروفا وإلى وقت قريب، باستقامة لاعبيه.
لذلك أصبح أغلب الجمهور الرياضي يعتبر فريق بني معارض مأوى للاعبين المفسدين. وربما يتحول هذا الفريق، في نظر الجمهور الرياضي ، وفي المستقبل القريب، إذا ما تواصلت دعوات قادته للتدخل العسكري، إلى فريق مفسد، وانقلابي كذلك. ولا داعي للعجب فهذا هو حال الدنيا.
5 ـ إن هذه الدعوة الغريبة قد يعتبرها الخصم حجة كافية تؤكد أن قادة الفريق المعارض لم يعد لديهم من "اللياقة البدنية " ما يكفي لمواصلة اللعب في مباريات طويلة. لذلك فإن اعتزالهم قد أصبح مطلبا ملحا وضروريا لتجديد الفريق المعارض الذي أصبح يحتاج إلى ضخ دماء جديدة، قادرة على المنافسة، دون أن تحتاج لدعوة النادي العسكري لحسم التصفيات.
6 ـ لقد كان من المفترض أن يركز قادة الفريق المعارض، على كشف أخطاء فريق الموالاة، بدلا من الدعوة لتدخل الفريق العسكري. ولقد كان بإمكانهم أن يكشفوا للجمهور الرياضي بأن الفريق الحاكم لم يغير طريقة اللعب كما وعد بذلك. وهو اليوم يلعب بنفس الخطة الخبيثة، التي كان يلعب بها النادي الجمهوري الذي سيطر على الملاعب الرياضية، إلى غاية 3 أغسطس من عام 2005.
لقد كان الجمهور الرياضي يتوقع أن فريق التصحيح، سيغير طريقة لعبه، فإذا به يعجز حتى عن تغيير اللاعبين. وإذا به يحتفظ في صفوفه باللاعبين الكبار الأربع الذين كانوا يتناوبون على قيادة النادي الجمهوري في الفترة مابين ( 1991 إلى 2005 ). كما أن نفس الطريقة البائسة، التي كان يستخدمها النادي الجمهوري في تسجيل مشجعيه، هي نفس الطريقة التي يستخدمها اليوم نادي الاتحاد من أجل الجمهورية لتسجيل وتنصيب جمهوره الرياضي.
ولقد كان الأولى بقادة الفريق المعارض، أن لا يقاطعوا المتاح من البرامج الرياضية في الإعلام الرسمي، وذلك لكي يبينوا للجمهور الرياضي أن فريق الأغلبية، الذي وعد قبل التصفيات الأخيرة بتقديم مباريات جماهيرية وشعبية شيقة لإمتاع جمهوره الرياضي في الأحياء الأكثر فقرا، لم ينجح ـ حتى الآن ـ في الوفاء بذلك الوعد.
7 ـ إن من أخطاء الثنائي القيادي للفريق المعارض، أنه لا يجيد فن الاستماع للحظة التاريخية، ولا يجيد استغلال الفرص النادرة التي يصعب أن تتكرر. فالجمهور الرياضي لا يزال يتذكر ذلك الخطأ الفادح الذي ارتكبه رئيس نادي التحالف، أثناء الشوط الثاني من مباريات 2007، حيث امتنع ذلك اللاعب الكبير من تسجيل الهدف القاتل في شباك الخصم، الذي كان مكشوفا، وبشكل كامل، في تلك اللحظة. ولقد اختار رئيس نادي التحالف أن يستدير بالكرة، في حركة غريبة، وأن يسددها في اتجاه مرمى فريق بني معارض، ليحقق بذلك فوزا ثمينا لخصومه. وهو الفوز الذي كان سببا في حصول الانتكاسة الرياضية، التي عرفتها البلاد فيما بعد.
تخيلوا كيف كان سيكون حالنا لو أن قائد فريق التحالف، سدد الكرة في ذلك اليوم، في اتجاه مرمى "الخصم".
لقد تسببت تلك الركلة المشينة، في فوز فريق الأغلبية الذي كان يقوده في ذلك الوقت "اللاعب المؤتمن". وهو اللاعب الذي ظلم نفسه كثيرا، عندما ترشح لقيادة الفريق، كما ظلمه كذلك كل من صوت له، وبالأخص قائد نادي التحالف، الذي كان سببا مباشرا في تسليم مقاليد الرياضة في البلد للاعب لم يبذل جهدا كبيرا لذلك، فقد ظل غائبا عن الملاعب الرياضية، وعن ممارسة الرياضة، خلال كل المواسم التي عرفتها البلاد منذ العام 1991.
ويكفي لمعرفة مدى ظلمنا للاعب المؤتمن، الذي فضلناه عن قائد نادي التكتل، أن نعود لتصريحه في قناة الجزيرة حيث قال بأن أول شيء فعله، بعد إجباره على الاعتزال يوم السادس من أغسطس عام 2008 هو أنه أخذ يقرأ الشعر في زنزانته، ثم نام بعد ذلك قرير العين وكأن شيئا لم يحدث!!!
لقد نام اللاعب الطيب، في ليلة سهر فيها أغلب الجمهور الرياضي، سواء منه مشجعو فريق الأغلبية ومشجعو فريق المعارضة، نظرا لجسامة ما حدث في صبيحة السادس من أغسطس.
ونفس الشيء حدث مع قائد نادي فريق التكتل، الذي لم يستمع جيدا لتلك اللحظة الفريدة، التي منحها له التاريخ يوم السادس من أغسطس. فبدلا من أن يقول لا، اختار أن يرحب بتدخل الفريق العسكري، والذي تسبب تدخله في تراجع كبير للمنافسات الرياضية.
وتخيلوا هنا أيضا كيف كان سيكون حالنا لو أن رئيس نادي التكتل قال يوم السادس من أغسطس لا للانقلاب.
وإنه لمن المؤسف حقا أن السمعة الرياضية، كالكرامة، تحتاج إلى سنين عديدة من العمل الدؤوب والشاق لبنائها، ولكنها لا تحتاج إلا لدقائق معدودة لنسفها.
لقد أضاع قائد التكتل مجدا كبيرا بناه في سنين عجاف، بالامتناع عن قول كلمة من حرفين فقط، يوم السادس من أغسطس. لقد رفض أن يقول كلمة لا، في ذلك اليوم، لذلك فهو يتحمل جزءا من مسؤولية ما تعيشه البلاد في أيامنا هذه. تماما كما يتحمل رئيس نادي التحالف، جزءا من المسؤولية، لأنه رفض أن يسدد الكرة في الاتجاه الصحيح، أثناء الشوط الثاني من التصفيات الرئاسية لعام 2007.
أقول هذا الكلام لأن هذا الثنائي يحاول أن يقول لنا اليوم، بأن " الجنرال" هو وحده الذي يتحمل مسؤولية ما تعيشه البلاد اليوم، وأن إزاحته هي المخرج الوحيد، للخروج من أزمتنا الرياضية.
وإنه لمن المناسب أن أعيد فقرات من رسالة مفتوحة، كنت قد كتبتها لرئيس نادي التكتل، بوصفي مشجعا منحازا، لا حكما محايدا. وهي الرسالة المفتوحة الوحيدة التي كتبتها للاعب من خارج فريق السلطة. فقد كان قائد التكتل ـ في تلك اللحظة ـ هو أشهر لاعب على الإطلاق لأنه لم يكن قد ارتكب هفوة كبيرة، عكس غيره. ولقد نشرت هذه الرسالة قبل السادس من أغسطس، بأيام معدودات، وفي العديد من الصحف الوطنية ( الفجر، الأمل، السفير، البديل..).
ولقد كنت كغيري أشعر حينها بأن هناك حدثا كبيرا سيقع، رغم أني لم أستطيع أن أحدد بالضبط ملامحه. ولقد كتبت في تلك الرسالة مخاطبا نجم المعارضة الشهير، والذي كان يعيش في تلك الأيام قمة عطائه : [ أنا واحد من 47% التي أدلت بأصواتها لكم. ولقد تمنيت نجاحكم في الانتخابات الرئاسية لأن عقدين من النضال، والكفاح، والعطاء، والتجوال من سجن في قلب العاصمة إلي سجن في قرية نائية، كانت تكفي ثمنا لتأشيرة دخول القصر الرئاسي (...)
واليوم من حقكم ـ ولا يحق لأحد أن يلومكم على ذلك ـ أن تشاركوا في إسقاط حكومة، كنتم أنتم أول من طالب بإسقاطها، ومن حقكم كذلك، وأنتم من يمثل المعارضة، أن تتحالفوا مع الأغلبية، من أجل إسقاط حكومة جاءت من رحم الأغلبية.
ومن حقكم أيضا أن تتحالفوا مع الأغلبية لسد الأبواب، أمام حزبين، هما أصدقاء الأمس، وأعداء اليوم ، وتركهما معلقين، لا إلي هؤلاء، ولا إلي هؤلاء، ولو إلي حين.
ومن حقكم، بالتعاون مع حلفائكم الجدد، أن تستفزوا رئيس الدولة، وأن تجبروه على حل البرلمان الذي يرأسه أحد خصومكم الكبار، ممن تسبب وبشكل مباشر في حرمانكم من دخول القصر لتحرموه أنتم من رئاسة برلمان لا يملك فيه إلا عددا محدودا من النواب (....) وما أستطيع أن أقوله الآن هو أن هذه " الرحلة الممتعة " في ظاهرها ستضعف هذا البلد كثيرا، وربما تؤدي في النهاية إلي " ذبح" الديمقراطية ب "سكاكين" ديمقراطية.
ولن يقبل " الجنرال " برئيس قوي مثلكم، ولن تقبلوا أنتم بأقل من الرئاسة، ولن أجازف أنا بمحاولة التنبؤ بنتائج هذا الصراع الذي لا بد من أن يحدث.
بالمقابل هناك رحلة أخرى، قد تبدو في ظاهرها شاقة، لكنها في النهاية ستعزز من أركان مؤسساتنا الديمقراطية، وستمنحنا فرصة فريدة لبناء مؤسسات مدنية قوية، وجيش جمهوري قوي.
علينا جميعا أن نتفق علي مقولتكم الشهيرة، التي تقول إن العمل السياسي لا يمكن أن يمارسه من لم ينزع بدلته العسكرية. وعلينا أن نعمل جميعا من أجل تحقيق ذلك، حتى ولو أجبرنا ذلك على أن نعمل ساقا بساق، ومنكبا بمنكب، مع خصوم كثر بزي مدني، كان بإمكاننا أن نتخلص منهم جميعا في "طرفة عين " . وأعتقد أن الوقت مناسب تماما لذلك. والقرار في هذه اللحظة الحرجة، هو بيدكم، وبيدكم أنتم وحدكم .
وهذا القرار ربما يكون له الأثر السلبي على " التكتل " في المدى القريب، ولكنه من الناحية الإستراتيجية سيخدم " التكتل " كثيرا. وهو بالتأكيد سيخدم في المدى القريب، والبعيد، بلدكم الذي طالما أعلنتم ـ ونحن نصدقكم في ذلك ـ أن طموحكم لأجله.] انتهى الاقتباس.
لذلك فنحن جميعا مسؤولون عما تعاني منه الرياضة في هذا البلد، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة طبعا. لذلك فإن أول شيء علينا أن نفعله من أجل تطوير الرياضة في بلدنا هو أن ننسى الماضي، وأن نكون رياضيين حقا. وأن لا نقبل بممارسة أي تصرف في الملاعب الرياضية، أو التفوه بما يخالف القيم الرياضية المعروفة. وهذا هو بالضبط ما جعلني أرفع أول بطاقة حمراء، ضد تصريحات الثنائي الشهير الذي يقود فريق بني معارض، وهي التصريحات التي دعت بشكل صريح إلى ممارسة " الخشونة "في الملاعب الرياضية.
وقبل أن أطلق صفارة النهاية، أعدكم بأن البطاقة الثانية ستكون أشد احمرارا، وسأرفعها في وجه لاعب من فريق الأغلبية، وهو تحديدا، رئيس نادي الاتحاد من أجل الجمهورية.
وإلى البطاقة الحمراء الثانية إن شاء الله، أقول لكم: تصبحون على مباريات نظيفة....
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org
ولأن الجمهور الرياضي المتابع للمباراة بدأ يشعر بشيء من الخيبة من سوء اللعب الذي يمارسه الفريقان. ولأنه بدأ يمل من متابعة المباراة التي أصبحت مقرفة جدا. فقد ارتأيت أن أنصب نفسي حكما افتراضيا، وأن أرفع بعض البطاقات الصفراء، والحمراء، في وجوه بعض اللاعبين، وذلك بهدف إعادة المباريات إلى شكلها الذي يتمناه الجمهور.
وأنا أعرف بأن الكثير من "المعلقين الرياضيين" قد ينتقد طريقتي في التحكيم. وأعترف صراحة بأني لا أستطيع أن أدافع عنها لأني لا أتقن التحكيم الرياضي. بل أني أكثر من ذلك، أجد صعوبة بالغة في إكمال متابعة مباريات كاملة، حتى ولو كانت شديدة الإثارة.
ستكون أول البطاقات الحمراء في هذه المباريات موجهة إلى الثنائي الشهير القائد لفريق المعارضة. وهي موجهة ـ أساسا ـ ضد كلامهما في"التسخينات" التي نظمها فريق بني معارض يوم السبت 17 ابريل، في الساحة المجاورة للمسجد العتيق، وبحضور آلاف المشجعين.
في ذلك اليوم تحدث قادة الفريق المعارض، بكلام مشفر، لم تعرفه الملاعب الرياضية من قبل، ونتمنى أن لا تعرفه من بعد. وهو كلام يدعو ـ بعد فك تشفيره ـ الجيش للتدخل من أجل حسم التصفيات. وهذه الدعوة الغريبة لم نسمع مثلها من الفريق المعارض، حتى أثناء تلك المباريات غير المتكافئة التي كانت تنظم في المواسم الرياضية التي سبقت الثالث من أغسطس من عام 2005.
لقد كانت تلك الدعوة دعوة صادمة، خاصة بالنسبة لمشجعي فريق بني معارض. وهو ما جعلني ـ بوصفي حكما افتراضيا ـ أرفع أول البطاقات الحمراء في وجه أصحاب تلك الدعوة.
وقد يكون من المناسب هنا ذكر بعض الأسباب التي جعلتني أرفع تلك البطاقة الحمراء، في وجه أشهر لاعبَيْن وطنِيَيْن عرفتهما الملاعب الرياضية منذ إطلاق أول موسم رياضي عام 1991 م :
1ـ لم يعد الجمهور الرياضي بشكل عام يرغب في تدخل النادي العسكري في التصفيات الرياضية التي تنظم بين الفرق المدنية. خاصة بعد تدخل أحد عشر لاعبا ـ عفوا أحد عشر ضابطا ـ يوم السادس من أغسطس من عام 2008 وهو التدخل الذي كادت البلاد إثره أن تنزلق نحو الهاوية.
2ـ يعتقد بعض قادة الفريق المعارض بأن تدخل النادي العسكري سيكون لصالحهم هذه المرة. ولقد فاتهم بأن العسكر عندما يتدخل لوقف المباريات، فإنه عادة ما ينظم مباريات جديدة تكون نتائجها محسومة مسبقا لأحد أندية فريق الأغلبية التي لم تكن على الواجهة. لذلك فإن أي تدخل عسكري لن يكون لصالح فريق بني معارض.
3 ـ إن الدعوة لتدخل لاعبين من العسكر تتناقض تماما مع تلك الدعوات التي كان يطلقها الفريق المعارض، والتي كان يطالب من خلالها من النوادي العسكرية بضرورة الابتعاد عن الملاعب الرياضية والتزام الحياد، وترك المنافسات التي تنظم بين الفرق المدنية دون أي تدخل عسكري.
4 ـ هذه الدعوة التي أطلقها بعض اللاعبين الكبار من فريق بني معارض ستعطي مبررا لفريق بنى السلطة لوصف الفريق المعارض بأنه فريق انقلابي يدعو للتدخل العسكري. رغم أن تلك الصفة كانت من ميزات فريق بني موالاة ، تماما كما حدث مع الفساد الذي هجر بعض رموزه مرابع الأغلبية، وولوا وجوههم شطر مضارب بني معارض.
لقد ترك فريق بني معارض اللاعبين المفسدين الذين كانوا من أشد خصوم المعارضة، والذين تربوا وترعرعوا وشابوا في فريق الأغلبية، تركهم يتسللون إلى فريقه، الذي ظل معروفا وإلى وقت قريب، باستقامة لاعبيه.
لذلك أصبح أغلب الجمهور الرياضي يعتبر فريق بني معارض مأوى للاعبين المفسدين. وربما يتحول هذا الفريق، في نظر الجمهور الرياضي ، وفي المستقبل القريب، إذا ما تواصلت دعوات قادته للتدخل العسكري، إلى فريق مفسد، وانقلابي كذلك. ولا داعي للعجب فهذا هو حال الدنيا.
5 ـ إن هذه الدعوة الغريبة قد يعتبرها الخصم حجة كافية تؤكد أن قادة الفريق المعارض لم يعد لديهم من "اللياقة البدنية " ما يكفي لمواصلة اللعب في مباريات طويلة. لذلك فإن اعتزالهم قد أصبح مطلبا ملحا وضروريا لتجديد الفريق المعارض الذي أصبح يحتاج إلى ضخ دماء جديدة، قادرة على المنافسة، دون أن تحتاج لدعوة النادي العسكري لحسم التصفيات.
6 ـ لقد كان من المفترض أن يركز قادة الفريق المعارض، على كشف أخطاء فريق الموالاة، بدلا من الدعوة لتدخل الفريق العسكري. ولقد كان بإمكانهم أن يكشفوا للجمهور الرياضي بأن الفريق الحاكم لم يغير طريقة اللعب كما وعد بذلك. وهو اليوم يلعب بنفس الخطة الخبيثة، التي كان يلعب بها النادي الجمهوري الذي سيطر على الملاعب الرياضية، إلى غاية 3 أغسطس من عام 2005.
لقد كان الجمهور الرياضي يتوقع أن فريق التصحيح، سيغير طريقة لعبه، فإذا به يعجز حتى عن تغيير اللاعبين. وإذا به يحتفظ في صفوفه باللاعبين الكبار الأربع الذين كانوا يتناوبون على قيادة النادي الجمهوري في الفترة مابين ( 1991 إلى 2005 ). كما أن نفس الطريقة البائسة، التي كان يستخدمها النادي الجمهوري في تسجيل مشجعيه، هي نفس الطريقة التي يستخدمها اليوم نادي الاتحاد من أجل الجمهورية لتسجيل وتنصيب جمهوره الرياضي.
ولقد كان الأولى بقادة الفريق المعارض، أن لا يقاطعوا المتاح من البرامج الرياضية في الإعلام الرسمي، وذلك لكي يبينوا للجمهور الرياضي أن فريق الأغلبية، الذي وعد قبل التصفيات الأخيرة بتقديم مباريات جماهيرية وشعبية شيقة لإمتاع جمهوره الرياضي في الأحياء الأكثر فقرا، لم ينجح ـ حتى الآن ـ في الوفاء بذلك الوعد.
7 ـ إن من أخطاء الثنائي القيادي للفريق المعارض، أنه لا يجيد فن الاستماع للحظة التاريخية، ولا يجيد استغلال الفرص النادرة التي يصعب أن تتكرر. فالجمهور الرياضي لا يزال يتذكر ذلك الخطأ الفادح الذي ارتكبه رئيس نادي التحالف، أثناء الشوط الثاني من مباريات 2007، حيث امتنع ذلك اللاعب الكبير من تسجيل الهدف القاتل في شباك الخصم، الذي كان مكشوفا، وبشكل كامل، في تلك اللحظة. ولقد اختار رئيس نادي التحالف أن يستدير بالكرة، في حركة غريبة، وأن يسددها في اتجاه مرمى فريق بني معارض، ليحقق بذلك فوزا ثمينا لخصومه. وهو الفوز الذي كان سببا في حصول الانتكاسة الرياضية، التي عرفتها البلاد فيما بعد.
تخيلوا كيف كان سيكون حالنا لو أن قائد فريق التحالف، سدد الكرة في ذلك اليوم، في اتجاه مرمى "الخصم".
لقد تسببت تلك الركلة المشينة، في فوز فريق الأغلبية الذي كان يقوده في ذلك الوقت "اللاعب المؤتمن". وهو اللاعب الذي ظلم نفسه كثيرا، عندما ترشح لقيادة الفريق، كما ظلمه كذلك كل من صوت له، وبالأخص قائد نادي التحالف، الذي كان سببا مباشرا في تسليم مقاليد الرياضة في البلد للاعب لم يبذل جهدا كبيرا لذلك، فقد ظل غائبا عن الملاعب الرياضية، وعن ممارسة الرياضة، خلال كل المواسم التي عرفتها البلاد منذ العام 1991.
ويكفي لمعرفة مدى ظلمنا للاعب المؤتمن، الذي فضلناه عن قائد نادي التكتل، أن نعود لتصريحه في قناة الجزيرة حيث قال بأن أول شيء فعله، بعد إجباره على الاعتزال يوم السادس من أغسطس عام 2008 هو أنه أخذ يقرأ الشعر في زنزانته، ثم نام بعد ذلك قرير العين وكأن شيئا لم يحدث!!!
لقد نام اللاعب الطيب، في ليلة سهر فيها أغلب الجمهور الرياضي، سواء منه مشجعو فريق الأغلبية ومشجعو فريق المعارضة، نظرا لجسامة ما حدث في صبيحة السادس من أغسطس.
ونفس الشيء حدث مع قائد نادي فريق التكتل، الذي لم يستمع جيدا لتلك اللحظة الفريدة، التي منحها له التاريخ يوم السادس من أغسطس. فبدلا من أن يقول لا، اختار أن يرحب بتدخل الفريق العسكري، والذي تسبب تدخله في تراجع كبير للمنافسات الرياضية.
وتخيلوا هنا أيضا كيف كان سيكون حالنا لو أن رئيس نادي التكتل قال يوم السادس من أغسطس لا للانقلاب.
وإنه لمن المؤسف حقا أن السمعة الرياضية، كالكرامة، تحتاج إلى سنين عديدة من العمل الدؤوب والشاق لبنائها، ولكنها لا تحتاج إلا لدقائق معدودة لنسفها.
لقد أضاع قائد التكتل مجدا كبيرا بناه في سنين عجاف، بالامتناع عن قول كلمة من حرفين فقط، يوم السادس من أغسطس. لقد رفض أن يقول كلمة لا، في ذلك اليوم، لذلك فهو يتحمل جزءا من مسؤولية ما تعيشه البلاد في أيامنا هذه. تماما كما يتحمل رئيس نادي التحالف، جزءا من المسؤولية، لأنه رفض أن يسدد الكرة في الاتجاه الصحيح، أثناء الشوط الثاني من التصفيات الرئاسية لعام 2007.
أقول هذا الكلام لأن هذا الثنائي يحاول أن يقول لنا اليوم، بأن " الجنرال" هو وحده الذي يتحمل مسؤولية ما تعيشه البلاد اليوم، وأن إزاحته هي المخرج الوحيد، للخروج من أزمتنا الرياضية.
وإنه لمن المناسب أن أعيد فقرات من رسالة مفتوحة، كنت قد كتبتها لرئيس نادي التكتل، بوصفي مشجعا منحازا، لا حكما محايدا. وهي الرسالة المفتوحة الوحيدة التي كتبتها للاعب من خارج فريق السلطة. فقد كان قائد التكتل ـ في تلك اللحظة ـ هو أشهر لاعب على الإطلاق لأنه لم يكن قد ارتكب هفوة كبيرة، عكس غيره. ولقد نشرت هذه الرسالة قبل السادس من أغسطس، بأيام معدودات، وفي العديد من الصحف الوطنية ( الفجر، الأمل، السفير، البديل..).
ولقد كنت كغيري أشعر حينها بأن هناك حدثا كبيرا سيقع، رغم أني لم أستطيع أن أحدد بالضبط ملامحه. ولقد كتبت في تلك الرسالة مخاطبا نجم المعارضة الشهير، والذي كان يعيش في تلك الأيام قمة عطائه : [ أنا واحد من 47% التي أدلت بأصواتها لكم. ولقد تمنيت نجاحكم في الانتخابات الرئاسية لأن عقدين من النضال، والكفاح، والعطاء، والتجوال من سجن في قلب العاصمة إلي سجن في قرية نائية، كانت تكفي ثمنا لتأشيرة دخول القصر الرئاسي (...)
واليوم من حقكم ـ ولا يحق لأحد أن يلومكم على ذلك ـ أن تشاركوا في إسقاط حكومة، كنتم أنتم أول من طالب بإسقاطها، ومن حقكم كذلك، وأنتم من يمثل المعارضة، أن تتحالفوا مع الأغلبية، من أجل إسقاط حكومة جاءت من رحم الأغلبية.
ومن حقكم أيضا أن تتحالفوا مع الأغلبية لسد الأبواب، أمام حزبين، هما أصدقاء الأمس، وأعداء اليوم ، وتركهما معلقين، لا إلي هؤلاء، ولا إلي هؤلاء، ولو إلي حين.
ومن حقكم، بالتعاون مع حلفائكم الجدد، أن تستفزوا رئيس الدولة، وأن تجبروه على حل البرلمان الذي يرأسه أحد خصومكم الكبار، ممن تسبب وبشكل مباشر في حرمانكم من دخول القصر لتحرموه أنتم من رئاسة برلمان لا يملك فيه إلا عددا محدودا من النواب (....) وما أستطيع أن أقوله الآن هو أن هذه " الرحلة الممتعة " في ظاهرها ستضعف هذا البلد كثيرا، وربما تؤدي في النهاية إلي " ذبح" الديمقراطية ب "سكاكين" ديمقراطية.
ولن يقبل " الجنرال " برئيس قوي مثلكم، ولن تقبلوا أنتم بأقل من الرئاسة، ولن أجازف أنا بمحاولة التنبؤ بنتائج هذا الصراع الذي لا بد من أن يحدث.
بالمقابل هناك رحلة أخرى، قد تبدو في ظاهرها شاقة، لكنها في النهاية ستعزز من أركان مؤسساتنا الديمقراطية، وستمنحنا فرصة فريدة لبناء مؤسسات مدنية قوية، وجيش جمهوري قوي.
علينا جميعا أن نتفق علي مقولتكم الشهيرة، التي تقول إن العمل السياسي لا يمكن أن يمارسه من لم ينزع بدلته العسكرية. وعلينا أن نعمل جميعا من أجل تحقيق ذلك، حتى ولو أجبرنا ذلك على أن نعمل ساقا بساق، ومنكبا بمنكب، مع خصوم كثر بزي مدني، كان بإمكاننا أن نتخلص منهم جميعا في "طرفة عين " . وأعتقد أن الوقت مناسب تماما لذلك. والقرار في هذه اللحظة الحرجة، هو بيدكم، وبيدكم أنتم وحدكم .
وهذا القرار ربما يكون له الأثر السلبي على " التكتل " في المدى القريب، ولكنه من الناحية الإستراتيجية سيخدم " التكتل " كثيرا. وهو بالتأكيد سيخدم في المدى القريب، والبعيد، بلدكم الذي طالما أعلنتم ـ ونحن نصدقكم في ذلك ـ أن طموحكم لأجله.] انتهى الاقتباس.
لذلك فنحن جميعا مسؤولون عما تعاني منه الرياضة في هذا البلد، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة طبعا. لذلك فإن أول شيء علينا أن نفعله من أجل تطوير الرياضة في بلدنا هو أن ننسى الماضي، وأن نكون رياضيين حقا. وأن لا نقبل بممارسة أي تصرف في الملاعب الرياضية، أو التفوه بما يخالف القيم الرياضية المعروفة. وهذا هو بالضبط ما جعلني أرفع أول بطاقة حمراء، ضد تصريحات الثنائي الشهير الذي يقود فريق بني معارض، وهي التصريحات التي دعت بشكل صريح إلى ممارسة " الخشونة "في الملاعب الرياضية.
وقبل أن أطلق صفارة النهاية، أعدكم بأن البطاقة الثانية ستكون أشد احمرارا، وسأرفعها في وجه لاعب من فريق الأغلبية، وهو تحديدا، رئيس نادي الاتحاد من أجل الجمهورية.
وإلى البطاقة الحمراء الثانية إن شاء الله، أقول لكم: تصبحون على مباريات نظيفة....
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق