الخميس، 19 يوليو 2018

ولد بلاَّل رئيسا للجنة الانتخابات : هذا خبر مفرح


أن يتم اقتراح وانتخاب معالي السفير والوزير السابق محمد فال ولد بلال رئيسا للجنة الانتخابات، فذلك خبر مفرح سيعطي لهذه اللجنة والتي كانت قد تعرضت لانتقاد واسع عند تشكيلها، سيعطيها شيئا من مصداقية هي في أمس الحاجة إليه.
لقد تعرفت على معالي الوزير السابق محمد وفال ولد بلال من خلال ما يكتب، وأذكر أني علقت على أحد مقالاته التي كتبها وهو يشغل منصب سفير موريتانيا في قطر، وكان ذلك التعليق بداية لنقاشات طويلة مع السفير كانت تتم عبر الهاتف، وكنا نناقش خلالها الكثير من قضايا الشأن العام.

تعرفت من بعد ذلك وعن قرب على معالي الوزير السابق، وكان ذلك في مطلع العام 2014، ففي مطلع ذلك العام عملتُ معه ولأسابيع في لجنة كان يرأسها، وقد تم تكليفها بالتحضير للأيام التشاورية التي سينبثق عنها فيما بعد تشكيل المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.
لا أخفيكم بأني كنتُ ضد تكليف معالي الوزير السابق برئاسة تلك اللجنة، وكانت حجتي أنه شغل منصب وزير في نظام ولد الطايع، ولا أخفيكم أيضا بأن جل تركيزي خلال عمل اللجنة، كان منصبا على شيء واحد، وهو رصد أخطاء معالي الوزير.
لقد كان عمل اللجنة شاقا، ولقد كانت الخلافات بين أعضائها قوية، وكاد الخلاف أن يؤدي إلى إلغاء الأيام التشاورية بعد أن تم توجيه الدعوات للحضور إليها، ومع ذلك فقد نجح معالي الوزير السابق في تذليل الصعاب، وقد تمكن بخبرته وبدبلوماسيته من إدارة الخلاف ومن أداء المهمة الموكلة إليه على أحسن وجه.
لقد أتاحت لي تلك التجربة، وأنا الذي كنت أترصد أخطاء الرجل، أن أتعرف على خصال ما كنتُ أظن بأني سأجدها في وزير من وزراء نظام ولد الطايع، وليعذرني وزراء ولد الطايع على ما تشكل في ذهني من صور نمطية لهم.
لقد فوجئت بتواضع الوزير وبحسن أخلاقه، ففي كثير من الأحيان كانت الاجتماعات والنقاشات تستمر لساعات طوال، وكان الوزير يصر دائما على أن يوصلني بعد كل اجتماع بسيارته إلى حيث أسكن في مقاطعة توجنين، ليعود هو من بعد ذلك، وقد أرهقه التعب إلى منزله في تفرغ زينة.
وفاجأني الرجل أيضا بحماسه الشديد لإشراك الشباب في تشكيلة المنتدى، وقد أصر على أن يمثل الشباب بقوة في واجهة التشكيلة الجديدة، كما أصر على ظهور الشباب على المنصة الرسمية، ولم يمنع من تحقيق أمنيته تلك إلا انسحاب حركة 25 فبراير في آخر لحظة، والتي كانت يومها تمثل الشباب المعارض. في المقابل لقد رفض معالي الوزير أن يظهر على المنصة الرسمية عند إطلاق الأيام التشاورية، وذلك على الرغم من مطالبة  اللجنة التحضيرية بظهور رئيسها على المنصة الرسمية.
لقد تم اختياري مقررا عاما للأيام التشاورية، وهي مهمة لم أحسن أداءها، ولقد كنت أفاجأ خلال تلك الأيام برئيس اللجنة التحضيرية، وهو يقوم بكل تواضع بتأدية مهام السكرتيريا، فكان يقوم بتصوير الوثائق وبتسليمها من بعد ذلك للمعنيين!
جمعتني ـ من بعد ذلك ـ  الأمانة التنفيذية للمنتدى بمعالي الوزير السابق، فعملتُ معه لعدة أشهر، وهو ما مكنني من اكتشاف المزيد من تواضعه وحسن أخلاقه، مع القدرة الكبيرة على أداء المهام الموكلة إليه على أحسن وجه.
هذه التجربة التي جمعتني مع معالي الوزير السابق ( اللجنة التحضيرية  للأيام التشاورية + الأمانة التنفيذية للمنتدى) جعلتني أستبشر خيرا بخبر اقتراحه لرئاسة لجنة الانتخابات، وإني على ثقة بأن معالي الوزير سينجح في مهتمه الجديدة، خاصة وأنه :
1 ـ شخصية توافقية : فهو كان قياديا في المنتدى (المعارضة المقاطعة)، وشارك في الحوار (المعارضة المحاورة)، وقد تم اقتراحه الآن من الأغلبية مما يعني بأنه ليس ببعيد عنها. كل هذا يعني بأن الرئيس الجديد للجنة الانتخابات سيكون مقبولا من طرف كل الأقطاب السياسية (المعارضة المقاطعة + المعارضة المحاورة + الموالاة)، وسيكون في نهاية المطاف قادرا على كسب ثقة كل هذه الأقطاب السياسية.
2 ـ الخبرة والكفاءة : يتمتع معالي الوزير السابق بما يلزم من خبرة وكفاءة لتأدية المهمة الموكلة إليه على أحسن وجه.
3 ـ الحكمة والبصيرة: لا أحد يستطيع أن يصنف المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد مثلما يفعل معالي الوزير من خلال مقالاته المنشورة، فهو يدرك بأن البلاد تعيش ـ بشكل أو بآخر ـ مرحلة انتقالية، وبأن هذه المرحلة ليست مرحلة للمبالغة في إظهار الولاء للنظام الحاكم. وهو يدرك فوق ذلك كله بأنه قد أتيحت له فرصة ثمينة لأن يسجل اسمه بأحرف من ذهب في صفحات التاريخ السياسي للبلد، وبأن استغلال تلك الفرصة يتطلب منه الحرص على  تنظيم انتخابات شفافة يرضى الجميع بنتائجها.
يدرك معالي الوزير السابق الذي يكتب حاليا مذكراته، بأن أحسن ما يختم به تلك المذكرات هو أن يسجل في آخر صفحة منها بأنه أشرف على تنظيم انتخابات شفافة في ظرفية سياسية بالغة التعقيد، فمثل تلك الخاتمة سترفع رأسه، وستعلي من شأنه لدى الأجيال الحالية ولدى ألأجيال القادمة.
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق