الاثنين، 8 يونيو 2015

انتخابات وعبر !!

دعونا نتوقف قليلا مع ست انتخابات تم تنظيمها في السنة الأخيرة في ست دول من عالمنا العربي والإسلامي، ودعونا نتأمل قليلا في النتائج التي أفرزتها تلك الانتخابات، ودعونا نأخذ بعض العبر السريعة من تلك النتائج.
إن المفاجأة الأولى التي قد تصدمنا هي أن الطغاة العرب كلما كانوا أشد بطشا بشعوبهم، كلما كان ذلك سببا في حصولهم على نتائج أفضل.



إن هناك ثلاثة طغاة عرب قتلوا الآلاف من شعوبهم، أو تسببوا في قتل الآلاف، ومع ذلك فقد كانت نتائجهم في الانتخابات الرئاسية على النحو التالي: الطاغية "السيسي" حصل على 96.91% ، والجزار "بشار" حصل على 88.7%، في حين حصل الفاشل "عمر البشير" الذي تفككت السودان في عهده على نسبة 94.5 %.
تلكم كانت هي النسب الأعلى التي تم الحصول عليها فيما تم تنظيمه من انتخابات في عالمنا العربي في السنة الماضية.
بعد هؤلاء الطغاة الثلاثة، تأتي نجاحات أخرى في عالمنا العربي، ولكنها بنسب أقل، حتى وإن ظلت مرتفعة. ولقد تم تسجيل هذه النسب التي جاءت في المستوى الثاني من طرف "العزيزين" اللذين لم يتلوثا بدماء شعبيهما، ولكنهما في المقابل كانا قد قدما أداءً سيئا. لقد حصل الرئيسان : "عبد العزيز بوتفليقة" و"محمد ولد عبد العزيز" على نسب متساوية، في انتخابات شبه متزامنة، وتتشابه من حيث عدد المتنافسين، ومن حيث وجود مرشحة واحدة في كل من الحالتين. لقد حصلا على نسبة 81%.
خذوها مني قاعدة : إن النسبة المزورة ـ وأقول المزورة ـ  التي ينجح بها الحاكم في الديمقراطيات العربية والإسلامية  تتناسب طرديا مع فشله ومع مقدار ما يرتكب من مجازر ضد شعبه.
ولذلك فلم يكن غريبا أن تكون النتيجة الأسوأ التي تم تسجيلها في هذا العام، هي تلك النتيجة التي سجلها حزب العدالة والتنمية ممثلا في شخص "أردوغان"، والذي لم يحصل إلا على نسبة 41% في انتخابات يونيو مما حرمه من تشكيل الحكومة منفردا، والذي حصل يوم أمس على نسبة 49% وبشق الأنفس مما سيمكنه من تشكيل الحكومة منفردا، وذلك رغم ما حققه "أردوغان" وحزبه من إنجازات عظيمة في العقد الأخير.
دعونا نتوقف قليلا مع بعض تلك الانجازات الكبيرة التي تحققت في تركيا خلال العقد الأخير، والتي لم يحصل صاحبها إلا على نسبة 49% من أصوات الشعب التركي، وذلك رغم أن الطغاة العرب الذي يذبحون شعوبهم ليل نهار كانوا قد حصلوا زورا وبهتانا على نسب تقترب أو تزيد على 90%.
لقد تحدثت الكاتبة الأردنية  "إحسان الفقيه" في مقال لها عن انجازات "أردوغان" في ثمانية وعشرين نقطة، وسأكتفي هنا بتقديم بعض تلك النقاط دون احترام لترتيبها الأصلي، ومع شيء من التصرف تفرضه ضرورة الاختصار، وتفرضه أيضا ضرورة المشاغبة.
1 ـ الناتج القومي لتركيا في العام 2013  اقترب من تريليون ومائة مليار دولار وهو ما يساوي مجموع الناتج المحلي لأقوى ثلاث اقتصاديات في الشرق الأوسط : إيران، السعودية والإمارات، هذا بالإضافة إلى الأردن، وسوريا، ولبنان.
2 ـ لقد قفزت تركيا في عهد العدالة والتنمية من المركز الاقتصادي 111 عالميا إلى المركز 16، وذلك بمعدل عشر نقاط سنويا، وهو ما يعني دخول تركيا إلى نادي مجموعة العشرين الكبار في العالم ( G-20 ).
3 ـ  يعد مطار اسطنبول الدولي أكبر مطار في أوروبا ويستقبل في اليوم الواحد 1260 طائرة، هذا فضلا عن مطار صبيحة الذي يستقبل نصف هذا العدد .
4 ـ الخطوط الجوية التركية تفوز كأفضل ناقل جوي في العالم لثلاث سنوات على التوالي.
5 ـ  في عشر سنوات زرعت تركيا مليارين و 770 مليون شجرة مثمرة . بالمناسبة متى سيكتمل غرس مليون شجرة التي كان الرئيس عزيز قد وعد بغرسها منذ خمس سنوات؟
6 ـ تمكنت  تركيا  في عهد حكومة أردوغان من صناعة أول دبابة مصفحة، وأول ناقلة جوية، وأول طائرة بدون طيار، وأول قمر صناعي عسكري حديث متعدد المهام. بالمنسبة ما هي آخر أخبار مصنع تركيب الطائرات العسكرية في بلادنا؟
7 ـ شيد اردوغان في عشر سنوات 125 جامعة جديدة، و189 مدرسة، و510 مستشفى،   و169 ألف فصل دراسي حديث لا يتجاوز عدد الطلاب في الفصل الواحد 21 طالبا أو طالبة. بالمناسبة هل تذكرتم مشهد مدير مدرسة في بلادنا وهو يدير مدرسته من تحت شجرة؟ وبالمنسبة أيضا فما هو مصير مشروع المائة ألف طاولة؟ ولماذا لم يعد يذكره ذاكر؟
8 ـ عندما اشتدت الأزمة الاقتصادية واجتاحت أوروبا وأمريكا رفعت الجامعات الأمريكية والأوروبية الرسوم الجامعية بينما أصدر أردوغان مرسوما بجعل الدراسة في كل الجامعات والمدارس التركية مجانية وعلى نفقة الدولة. بالمناسبة ما هو جديد أخبار المنح التي كانت حكومتنا الموقرة قد ألغتها في عام التعليم؟
9 ـ  في عشر سنوات كان دخل الفرد في تركيا 3500 دولار، وفي العام 2013 وصل إلى 11 ألف دولار وهو أعلى من متوسط دخل المواطن الفرنسي،  وارتفعت قيمة العملة التركية في هذه الفترة ثلاثين مرة.. لا تسألونني من فضلكم عن حال الأوقية التي سيتم تخفيضها في الفترة القادمة، ولا تسألونني عن نسبة الفقر والبطالة في بلادنا.
10 ـ  في عهد أردوغان تضاعفت الرواتب والأجور ثلاث مرات، وانخفضت نسبة البطالة من 38% إلى 2%. مساكين هم العمال في بلادنا، ومساكين هم حملة الشهادات الذين يبحثون عن وظيفة، ومساكين هم جماعة "أنا علمي".
11 ـ  تبنت حكومة اردوغان عملية تدوير القمامة لاستخراج الطاقة وتوليد الكهرباء ليستفيد منها ثلث سكان تركيا وقد وصلت الكهرباء إلى 98% من منازل الأتراك في المدن والأرياف !!بمناسبة تدوير القمامة في تركيا فما هو حال أهلنا في تيفيريت؟ وعلى ذكر وصول الكهرباء إلى الريف التركي، فمتى سيتوقف انقطاع الكهرباء عن العاصمة نواكشوط؟
12 ـ   أنار أردوغان أكبر جسر معلق في العالم على شواطئ البحر الأسود بأضخم إنارة، وعلى ذكر الشواطئ، فهل فيكم من شاهد أي أثر لمدينة رباط البحر في آخر زيارة له لشاطئ المحيط الأطلسي؟

صحيح أن هناك فوارق كبيرة بين الرئيس التركي والرئيس الموريتاني، ولكن الصحيح أيضا هو أن هناك فوارق أكبر بين الشعب التركي الذي لم يمنح لصاحب هذه الانجازات العظيمة إلا نسبة أقل من 50% والشعب الموريتاني وغيره من الشعوب العربية التي تعودت على منح رؤسائها نسبا تفوق 80%.
ــــــــــــــ

*هذا المقال كنتُ قد نشرته بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التركية الماضية، وأعيد نشره اليوم، مع شيء من التصرف، وذلك بمناسبة إعادة الانتخابات التركية وحصول حزب العدالة والتنمية على نسبة 49%.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق