يبدو
أن المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد عبد العزيز قد بدأت تميط اللثام عن وجهها غير
الصبوح، ويبدو أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز كان قد وضع برنامجا انتخابيا غير
معلن لمأموريته الثانية، ويمكن تلخيص هذا البرنامج الانتخابي غير المعلن في جملة
واحدة تقول : سأبذل قصارى جهدي في مأموريتي الثانية من أجل أن تستعيد
"قيم" التصفيق والتطبيل والتملق والنفاق المكانة اللائقة بها، وذلك من
قبل أن أدعوكم إلى مأمورية ثالثة.
فهنيئا
لكم يا سيادة الرئيس لقد حققتم من برنامجكم الانتخابي غير المعلن ما يزيد على نسبة
70% من قبل اكتمال السنة الأولى من مأموريتكم الثانية. وإذا كنا قد شككنا سابقا في
نسبة 70% التي قلتم في العام 2010 بأنها كانت قد تحققت من برنامجكم الانتخابي
الأول في عامكم الأول من مأموريتكم الأولى، فإننا اليوم لن نشكك في 70% إذا ما قلتم لنا بأنها قد تحققت
من برنامجكم الانتخابي الثاني من قبل اكتمال عامكم الأول من مأموريتكم الثانية. لن
نشكك في هذه النسبة، ولكن بشرط أن تقولوا لنا بأن هذه 70% خاصة ببرنامجكم
الانتخابي الغير معلن.
وإذا
ما ظلت الأمور تسير بهذا الشكل فلن يكون غريبا أن نسمع غدا في وسائل التطبيل
الرسمي من يقول : وبتوجيهات "نيرة" و برعاية "سامية" من رئيس
الجمهورية فقد تمكنت بلادنا في الأشهر القليلة الماضية من تحقيق "قفزات
نوعية" في مجال ترسيخ "قيم" النفاق والتطبيل والتملق. وإذا ما ظلت
وتيرة الانجازات تسير بهذه السرعة الرهيبة فإن كل القيم "السلبية" من
"صدق" و"عزة نفس" و "كرامة" ستختفي تماما من بلادنا،
وعندها فسيكون من السهل جدا أن يتم إخراج الموريتانيين في مسيرات شعبية ضخمة تطالب
بتمزيق الدستور الموريتاني، وبرمي المادة 29 من هذا الدستور، وبالقسم الذي جاء
فيها، في مكب القمامة بتفيريت.
وإذا
كان لي أن أوجه نصيحة لجيوش المطبلين
والمصفقين في شرق البلاد وفي غربها، في شمالها وفي جنوبها، فستكون هذه : يا أيها
المطبلون خذوا حذركم، إن تصفيقكم وتطبيلكم يسجل الآن بالصوت والصورة، ولذلك فإنكم
ستجدون أنفسكم في حرج شديد، وستتمنون في وقت قد ترونه بعيدا، وقد نراه قريبا، لو
أنكم لم تصفقوا ولم تطبلوا لهذا النظام.
ولكي
أعطيكم صورة دقيقة عن خطورة الموقف الحرج الذي ستجدون فيه أنفسكم غدا، فإني
سأذكركم الآن بشيء قليل مما كنتم تقولون بالأمس.
لقد كان مولاي الحسن ولد الإمام أشريف المعروف ب"لمشعشع"
هو من أول من أطلق في العام 2015، ومن ولاية الحوض الغربي، مبادرة مطالبة بمأمورية
ثالثة، وقبل ذلك بعقدين من الزمن،
وتحديدا في شهر مايو من العام 1995، وحسب
ما جاء في الصفحة الشخصية للصحفي ماموني مختار، والذي كان في ذلك الوقت يراسل
الوكالة الموريتانية للأنباء من ولاية
كوركول، فقد قال لمشعشع في اجتماع عقد بمنزل
والي "كوركول" حينها، وتم
تخصيصه للتحضير لزيارة رئيس الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي: "صحيح
أنني لست
من سكان كوركل، أنا رجل من الشمال، ومعاوية هو من كلفني شخصيا بتمثيله في جميع
مناطق الضفة بما فيها ولاية كوركل، وقبل معاوية لم تطأ قدماي أراضي الضفة، وبعد
معاوية لن تروني هنا، وربما لن تروني في موريتانيا، لأنها لن تكون مهمة عندي بعد
معاوية".
لقد رأيناك يا أيها "المبادر"..لقد رأيناك بعد
عشر سنوات من بعد سقوط معاوية وأنت تطلق مبادرة تطالب من خلالها بمأمورية ثالثة
لمن كان قد انقلب على معاوية!!
بعد "لمشعشع" جاء
الدور على السيد عبد الله السالم ولد أحمدوا، والذي كان فيدرالي حزب الشعب، وفيدرالي
الحزب الجمهوري، وهو الآن مستشار رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية. لقد قال السيد
عبد الله السالم ولد احمدوا حرفيا، وفي نفس الاجتماع المذكور سابقا، وحسب مراسل
الوكالة الموريتانية للأنباء في كوركول في ذلك الوقت: "إن معاوية نعمة أنعم
الله بها علي موريتانيا لانتشالها من الانهيار الذي كان يهددها قبل 12/12/1984 ومن
واجب كل فرد من الشعب الموريتاني أن يدعو له بعد صلاته بطول العمر ودوام الصحة، حتى
تتحقق سياساته لتنمية موريتانيا وتعزيز استقلالها".
يمكنكم الآن أن تٍسألوا السيد ولد أحمدوا إن كان قد
دعا لمعاوية بعد أدائه لصلاة الظهر في يوم الأربعاء الموافق ليوم الثالث من أغسطس
من العام 2005 أم أنه كان قد انشغل عن الدعاء بالمشاركة في المسيرات المؤيدة
للانقلاب على معاوية ؟
أما المبادرة الثالثة، فقد
جاءت أيضا من ولاية اترارزة، وكان صاحبها هو السيد أحمدو ولد الياهي. ولقد حدثني
معالي السفير والوزير السابق محمد فال ولد بلال، عن صاحب هذه المبادرة، والذي كان
قد التقى به ولأول مرة في داكار في حفل غنائي، حيث كان السيد أحمدو ولد الياهي
يغني حينها في بعض الحفلات الغنائية.
بعد ذلك اللقاء طلب معالي
الوزير السابق من السيد أحمدو ولد الياهي أن يعود معه إلى أرض الوطن، وقد اكتتبه
بعد العودة كسائق في وزارة الدولة للتوجيه
الوطني، والتي كان السيد محمد فال ولد بلال يعمل بها في ذلك الوقت . بعد انقلاب
1978 تمت إقالة السيد محمد فال ولد بلال من وظيفته، وتم سجنه بعد ذلك، وانقطعت عنه
أخبار أحمدو ولد الياهي إلى أن فوجيء به ذات يوم يزوره في مكتبه بالحزب الجمهوري
الديمقراطي الاجتماعي في عهد معاوية. وقد أخبره في تلك الزيارة بأنه قد أصبح يمتلك
وكالة لتأجير السيارات، وبأنه يريد من الحزب أن يتعاقد مع وكالته كلما كان الحزب بحاجة
لإيجار سيارات.
صاحب المبادرة الرابعة، كان السيد
السالم المين ولد عابد، والذي شاهدتموه على شاشة الموريتانية وهو يدعو من كيدي
ماغا إلى تمزيق الدستور والرئيس يبتسم له، وبالطبع فلا يخفى عليكم ما في تلك
اللقطة من إهانة للدستور . لقد مزق الدستور شر تمزيق بتلك الابتسامة.
لقد أتيح لي أن أتعرف على السيد السالم المين في
العام 2000، ولقد كنتُ أسمع منه ثناءً على معاوية يفوق ما سمعت منه يوم أمس من
ثناء على ولد عبد العزيز.
هؤلاء هم الأربعة الذين
سارعوا إلى مطالبة الرئيس ولد عبد العزيز بالترشح لمأمورية ثالثة. إنهم نفس
الأربعة الذين كانوا يتسابقون في الأمس ويتنافسون في التصفيق والتطبيل لمعاوية
ولحزبه الحاكم.
وتلكم لقطات من سير هؤلاء
المبادرين الأربعة الذين يقودون اليوم موجة عارمة من التصفيق والتطبيل تكاد أن تجرف
كل شيء في هذا البلد، وبما في ذلك القسم الذي جاء في المادة التاسعة والعشرين من
الدستور الموريتاني.
الآن يمكنكم أن تعودوا إلى
النوم.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق