الأحد، 1 يونيو 2014

منعرج الرابع من يونيو


لاشك أن المسيرة التي سينظمها المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في الرابع من يونيو ستشكل منعرجا هاما في المسار الديمقراطي، فهذه المسيرة إما أن تكون مسيرة حاشدة قادرة على أن توجه رسائل واضحة وغير مشفرة للرأي العام الوطني والدولي خلاصتها أن الشعب الموريتاني لن يقبل بانتخابات 21 غير التوافقية. وإما أن تكون مسيرة عادية وبمشاركة جماهيرية عادية وهو ما سيغري السلطة بالاستمرار في انتخاباتها الأحادية التي لا تفتح أملا أمام إمكانية التناوب السلمي على السلطة، وعندما يفقد  الناس الأمل في إمكانية حدوث التناوب السلمي على السلطة فإن الأبواب ستفتح على مصراعيها أمام ثورة أو أمام انقلاب، أي أمام أساليب التغيير الأكثر خطورة، والتي لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجها.

إن التناوب على السلطة أصبح ضرورة حتمية في عالم اليوم، وهو إما أن يُفتح له الأمل من خلال انتخابات توافقية وشفافة، أو أنه سيحدث بطرق أخرى، أقل أمانا، كالانقلابات أو الثورات، ولذلك فعلى الذين لا يتمنون حدوث انقلاب أو ثورة في هذا البلد، أن يبذلوا جهدا من أجل فرض انتخابات توافقية وشفافة، وعليهم أن يعلموا بأنهم كلما تقاعسوا عن بذل ذلك الجهد فإنهم بذلك يمهدون لحدوث انقلاب أو ثورة في هذا البلد.
إن النضال من أجل فرض التناوب السلمي على السلطة لم يعد في عالم اليوم مجرد قضية سياسية تخص الأحزاب السياسية خاصة منها تلك المعارضة، وإنما أصبح قضية وطنية على الجميع أن يشارك في فرضها، لأنها إذا لم تتحقق بالأساليب الديمقراطية الآمنة فإنها ستتحقق بأساليب أخرى قد لا تكون آمنة دائما كالانقلابات أو الثورات.
إن دعم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة لم يعد عملا سياسيا بحتا، وإنما أصبح عملا وطنيا، وبعبارة أدق فإن النضال في هذا المنتدى لم يعد "فرض كفاية" خاصا بالأحزاب السياسية، وإنما أصبح "فرض عين" يجب أن يشارك فيه الجميع كالنقابات وكمنظمات المجتمع المدني وحتى الأفراد الذين قد لا تكون لهم أي انتماءات سياسية.
إن الاستقلالية والحياد لم يعد لهما أي معنى في مثل هذه الظرفية الحرجة، والشخص الذي يدعي الاستقلالية أو الحياد فيما يحدث الآن، إنما هو شخص غارق ـ وحتى التراقي ـ  في مستنقع السلبية.
فكيف يمكن لشخص عاقل راشد يحب وطنه و يطمح لأن يعيش في بلد ديمقراطي آمن، كيف له أن يظل شخصا "مستقلا" أو "محايدا" وهو يشاهد سلطة تتعمد على أن تجعل من الدولة وبكل مقدراتها، وبكل هيئاتها مجرد "مناضل" عادي في حزب من أحزاب الموالاة؟
كيف يمكن لشخص عاقل وراشد أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يشاهد رابطة العلماء التي كان يجب أن تظل هيئة محايدة ومستقلة وبعيدة عن الصراعات السياسية، يشاهدها وهي تناشد الرئيس بأن يترشح لمأمورية رئاسية ثانية، وتسن بذلك سنة المبادرات السيئة..كيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا وهو يستمع لرئيس رابطة الأئمة ينشد وبحماس قصيدة عصماء من قصائد الحملة الانتخابية؟
وكيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يشاهد أعلى هيئة دستورية في البلاد وهي تزور توقيعات العمد والمستشارين البلديين لهذا المرشح الرئاسي أو ذاك؟
وكيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يقرأ بيانا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان تندد فيه ـ وبقوة ـ بمقاطعة أحزاب المعارضة لانتخابات 23 من نوفمبر؟
وكيف يمكن لذلك الشخص أن يظل محايدا أو مستقلا وهو يشاهد السلطة وهي تبذل جهودا جبارة لإضعاف الأحزاب السياسية ولإقصائها من العمل السياسي، وإبدالها بالقبائل والشرائح والجهات والأعراق مما أعادنا وبقوة إلى دولة القبائل والجهات والأعراق؟
إنه من الساذج جدا أن يتمسك أي مواطن موريتاني بالاستقلالية أو بالحياد في هذه الظرفية التي نشاهد فيها أعلى سلطة دينية في البلد، وأعلى سلطة حقوقية في البلد، وأعلى سلطة دستورية في البلد وهي تناضل في صفوف الموالاة بلا خجل وبلا حياء.
إن الحياد في مثل هذه الظرفية الحرجة لا يعني حيادا، وإنما يعني تشجيعا للسلطة في انتخاباتها الأحادية، أي أنه يعني غلق كل الآمال أمام التناوب السلمي على السلطة، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى حدوث ثورة أو انقلاب في هذا البلد.
إن على الأغلبية الصامتة في هذا البلد أن تتحرك الآن، ليس انتصارا للمنتدى، وإنما انتصارا للوطن وانتصارا للديمقراطية، وعلى تلك الأغلبية الصامتة أن تعلم بأن الاختلال قد أصبح واضحا بين السلطة التي تستخدم كل مقدرات الدولة وأحزاب المعارضة التي لا تمتلك إلا جهود مناضليها، وإذا لم تتدخل الآن الأغلبية الصامتة من الموريتانيين لدعم المنتدى في صراعه مع السلطة لفرض انتخابات توافقية وشفافة يشارك فيها الجميع، ويرضى بنتائجها الجميع، فإن الأمور ستسير إلى مزيد من التأزم الذي سيخلق أرضية ملائمة لحدوث انقلاب أو ثورة لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجهما.
إن على كل من يؤمن بالديمقراطية وبالتناوب السلمي على السلطة أن يبذل جهدا في سبيل إنجاح مسيرة الرابع من يونيو، فإن نجحت هذه المسيرة فإن الباب سيفتح أمام التناوب السلمي على السلطة، وإن فشلت ـ لا قدر الله ـ فإن باب الانقلابات والثورات سيفتح.
إن أبواب التغيير لا يمكن أن تسد كلها وفي وقت واحد، لا يمكن أن تسد كلها وفي وقت واحد..ذلك ما قلناه في "نداء الرابع من دجمبر" في نهاية العام الماضي، وذلك ما جعلنا، ونحن مجموعة من النشطاء المستقلين نطالب بضرورة قيام حلف وطني من الأحزاب السياسية ومن الحركات الشبابية ومن النقابات ومن منظمات المجتمع المدني ومن الشخصيات المستقلة من أجل خلق توازن مع السلطة، وبالتالي فتح باب الأمل من جديد أمام التناوب السلمي على السلطة، وذلك حتى لا تدخل البلاد في انقلاب جديد، أو في ثورة لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجها.
وتبقى كلمة عتاب خاصة بخمسة آلاف من أصدقائي في العالم الافتراضي: لماذا غاب عن عالمكم الافتراضي أي حديث عن مسيرة الرابع من يونيو؟ ولماذا يا شباب تواصل ويا شباب التكتل ويا شباب اتحاد قوى التقدم ويا شباب حاتم ويا شباب بقية الأحزاب المعارضة، لماذا لم تتحدثوا عن مسيرة المنتدى في صفحاتكم الشخصية؟ فهل ذلك بسبب أنكم لا تشعرون حتى الآن بالانتماء للمنتدى الوطني الذي انخرطت فيه الأحزاب التي تنتمون لها؟
حقيقة لا بد للمراقب أن يشعر بشيء من الحيرة وذلك لأنه عندما يكون هناك أي نشاط للتكتل أو لتواصل أو لحاتم أو للقاء أو لاتحاد قوى التقدم فإنه يكثر الحديث عن ذلك النشاط  في صفحات شباب تلك الأحزاب، أما إذا كان النشاط يخص المنتدى الذي تنخرط فيه كل تلك الأحزاب فإنك لا تجد من يتحدث عنه إطلاقا ..إنه لأمر محير جدا.
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق