الخميس، 26 يونيو 2014

واعترف المترشحون بفشل انتخابات 21 يونيو!!



لن نذهب بعيدا للبحث عن أدلة تؤكد فشل انتخابات ٢١يونيو، فيكفي أن نلقي السمع لما قاله ثلاثة من  المترشحين الخمسة بعد الإعلان المؤقت عن النتائج لنتأكد من فشل انتخابات ٢١ يونيو.

وإذا كان قديما قد قيل : وشهد شاهد من أهلها، فنحن اليوم يمكننا أن نقول وبكل اطمئنان: وشهد ثلاثة من أهلها، فهذه  ثلاث شهادات لثلاثة من المترشحين، أقدمها لكم، وكل واحدة من هذه الشهادات تكفي لوحدها لتؤكد فشل الانتخابات.
فالشهادة الأولى التي سأقدمها لكم كدليل على فشل انتخابات 21 يونيو هي شهادة قد جاءت على لسان الفائز الأول في هذه الانتخابات، أي أنها جاءت على لسان الرئيس محمد ولد عبد العزيز نفسه، وكان ذلك خلال حديثه في المقابلة التي أجراها مع إذاعة فرنسا الدولية وصحيفة "لموند"، فقد قال الرئيس في تلك المقابلة بأن ترشح السيد بيرام كان مهما للديمقراطية، فهم كانوا بحاجة للذهاب إلى الانتخابات بمترشحين.
إن هذا القول يعني ضمنيا بأن المقاطعة السياسية لانتخابات 21 يونيو كانت ناجحة تماما، وهو ما جعل السلطة تعيش أزمة  حادة في المترشحين، ولذلك فقد كان ترشح بيرام مهما بالنسبة للسلطة، وذلك لأنه قد يساهم في حل أزمة المترشحين.
ولكي ندرك حجم هذه الأزمة، فيكفي أن نعرف بأن البحث عن حلول لها قد أوقع السلطة في أزمة أخرى أشد، وهي أزمة ذات طابع أخلاقي وقانوني وسياسي.
فالسلطة وبكل أجنحتها وأذرعها ظلت وحتى وقت قريب تعتبر السيد بيرام مجرما يجب أن يقام عليه الحد، هكذا قال رئيسها، هكذا قال قضاؤها، هكذا قال أئمتها وعلماؤها، هكذا قال إعلامها الرسمي، هكذا قال قادة الأحزاب الداعمة لها، ثم فجأة فإذا بالسلطة تبسط السجاد الأحمر لمن كانت تعتبره مجرما ، وإذا بمجلسها الدستوري يزكيه، ويقبله مرشحا لأعلى منصب في الجمهورية.
إن هذا الانقلاب الخطير في الموقف من السيد بيرام يعني من بين أشياء أخرى، بأننا نعيش في دولة بلا مؤسسات، وبأن القضاء ورابطة الأئمة والعلماء والمجلس الدستوري والأحزاب الموالية بأن كل تلك المؤسسات إنما تتخذ موقفها حسب تقلبات مزاج الرئيس، فإن غضب الرئيس على مواطن ما غضبوا هم على ذلك المواطن وتسابقوا في إدانته، وإن رضي الرئيس عن ذلك المواطن رضوا هم عنه، وتنافسوا في تزكيته. وقد كان من حق السيد بيرام أن يسأل : لماذا لم يخرج الفقهاء في مسيرة منددة بإطلاق سراحه ما داموا قد اعتبروا في وقت سابق بأنه مجرم مرتد يجب أن  يطبق عليه الحد؟
وإذا كانت انتخابات 21 يونيو قد عرفت أزمة حادة في المترشحين، فإنها أيضا قد عرفت أزمة أخرى لا تقل حدة، ولكن هذه المرة على مستوى الخطاب السياسي، وعلى مستوى البرامج الانتخابية.
دعونا نستمع لهذه الشهادة من المترشح إبراهيما مختارصار، وكمل نقلها عنه موقع وكالة الأخبار المستقلة فقد قال صار بأن التصويت في انتخابات 21 يونيو كان عرقيا، وإنه متأكد من أن الزنوج صوتوا له، ولحراطين صوتوا لبيرام ولد الداه ولد اعبيد والبيظان صوتوا لمحمد ولد عبد العزيز.
فنحن إذًا لم نكن أمام تنافس على برامج انتخابية، كما يحدث عادة في أي انتخابات، وإنما كنا في تنافس عرقي وشرائحي وبرعاية الرئيس الذي ظل يكرر دائما بأن مأموريته الثانية ستقوم على ركيزتين أساسيتين وهما: تجديد الطبقة السياسية وتعزيز الوحدة الوطنية.
وبعيدا عن شعارات السلطة، فإنه يمكننا القول بأن انتخابات 21 يونيو قد شكلت نكسة كبيرة لشعار تجديد الطبقة السياسية، وكذلك لشعار تعزيز الوحدة الوطنية، والذي ثبت وبأكثر من دليل بأن السلطة الحالية لا تهتم به، بل إنها على استعداد كامل للمخاطرة بوحدتنا الوطنية من أجل تحقيق مكاسب سياسية آنية، وكثيرا ما تفشل في تحقيق تلك المكاسب الآنية.
لقد شجعت السلطة الحالية على الاصطفاف العرقي والشرائحي، وفتحت إعلامها الرسمي للخطابات العنصرية والعرقية، وقد فعلت كل ذلك من أجل رفع نسبة المشاركة في انتخابات 21 يونيو، وهو الشيء الذي لم يتحقق لها.
أما الشهادة الثالثة التي سنقدمها في هذا المجال، فهي شهادة جاءت على لسان الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، أي على لسان المترشح بيجل.
فمن المعروف أن السيد بيجل كان هو أكبر معارض لأي حوار جديد، وهو الذي كان يُظهر غضبا شديدا كلما ألمحت السلطة على إمكانية تنظيم حوار جديد مع منسقية المعارضة، ولقد ظلت تلك المواقف السلبية التي كان يعبر عنها السيد بيجل كلما تم الحديث عن إمكانية إجراء أي حوار جديد  بين السلطة ومنسقية المعارضة تثير استغراب المهتمين بالشأن العام، خاصة أن مواقف السيد بيجل ظلت دائما أكثر تصلبا وحدة من مواقف الحزب الحاكم ومن بقية الأحزاب الموالية.
الغريب في الأمر أن السيد بيجل سيكون هو أول من يطلب بضرورة ااستئناف الحوار السياسي بين أطراف المشهد السياسي في أول ظهور له بعد الإعلان عن نتائج انتخابات 21 من يونيو.
فلماذا ظل السيد بيجل يقف دائما ضد الحوار؟ ولماذا ظهر فجأة وهو يطالب بالحوار في أول حديث له بعد الإعلان عن نتائج انتخابات 21 يونيو؟
أعتقد أن الإجابة واضحة لكم، فالسيد بيجل، قد أصبح مقتنعا بأن انتخابات 21 يونيو قد فشلت تماما في حل الأزمة السياسية، بل إنها زادت من تعقيدها لدرجة جعلت من الحوار الذي لم يكن مهما من قبل تلك الانتخابات، قد أصبح ضروريا وحتميا بعد تنظيم تلك الانتخابات. أقول هذا الكلام على افتراض أن السيد بيجل هو صاحب المبادرة في المطالبة بالحوار، أما إذا كانت هذه المطالبة قد جاءت استجابة لرسالة عاجلة وصلته من الرئيس عزيز، فإن ذلك قد يكون دليلا إضافيا على فشل انتخابات 21 يونيو.

حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق