بدءا لابد من
القول بأن لقاء الشعب، ولقاء الخبرات، ولقاء الشباب وغير ذلك من الأفكار التي جاء بها النظام الحالي هي أفكار رائعة لا
يمكن لأي كان إلا أن يرحب بها كفكرة، ولكن ذلك الترحيب سيتحول حتما إلى استياء كبير
من تلك اللقاءات عندما نطرح الأسئلة التالية:
ما الذي
استفاده الشعب الموريتاني بعد أربعة
لقاءات له مع الرئيس؟
ما الذي تحقق
للخبرات المهاجرة بعد لقائها بالرئيس؟
وماذا تحقق للشباب
بعد لقاء الشباب والرئيس الذي تم في نهاية مأمورية؟
ولمعرفة ما الذي
تحقق للشباب الموريتاني من لقاء البارحة دعونا نتوقف مع الملاحظات التالية:
1 ـ لا حديث
عن البطالة: إن أي لقاء بالشباب لا يتم فيه الحديث عن البطالة التي يمكن تصنيفها على
أنها هي مشكلة الشباب الرئيسية هو لقاء بلا فائدة وبلا جدوى.
لقد كان من
اللافت أن كل الذين سُمح لهم بالتحدث لم يكن من بينهم أي عاطل عن العمل، حتى أن
الشاب الوحيد الذي حاول أن يتحدث عن البطالة تم منعه من ذلك ، وذلك بحجة أنه ينتمي
إلى ورشة غير معنية بالبطالة، وأن عليه أن يلتزم بالموضوع، ولستُ هنا بحاجة لأن
أذكركم بأن النظام كان قد تم تجاوزه عدة مرات في لقاء البارحة، وقد سُمح لأشخاص بأن
يتحدثوا رغم أن تحدثهم لم يكن أصلا في البرنامج .الحالة الوحيدة التي تم منعها من
الحديث، وبقسوة، كانت حالة الشاب الذي أراد أن يتحدث عن مشكلة الشباب الأولى، أي عن
البطالة.
وليتَ الحديث
عن البطالة تم حظره على الجميع بما في ذلك الرئيس، حتى لا نسمع منه بأن نسبة
البطالة قد انخفضت في عهده إلى أن وصلت إلى 10% فقط. إن في هذه النسبة مغالطة
كبيرة، فإما أن تكون المقاييس التي تم استخدامها لحساب هذه النسبة تختلف عن
المقاييس التي كان يتم استخدامها سابقا. وإما إنها نسبة غير صحيحة أصلا. فأن تنخفض
نسبة البطالة من 30% إلى10% فهذا يعني أن النظام الحالي قد قام بتشغيل أربعمائة
ألف عاطل عن العمل، وهو ما يمثل نسبة 20% من العاطلين عن العمل، وهذا لم يحدث
إطلاقا. ويكفي أن أذكر بأن الرقم الكبير الذي جاء به الوزير الأول في مقابلة مع
جريدة الأهرام لم يصل إلى هذا الرقم، فقد قال الوزير الأول بأن حكومته قد شغلت مائة
ألف عاطل عن العمل في وظائف مؤقتة، ونصفها في وظائف دائمة، فإذا ما صدقنا هذه
الأرقام المبالغ فيها جدا، وإذا ما اعتبرنا بأن عدد العاطلين عن العمل ظل ثابتا(وهذا
مستحيل)، وإذا ما استخدمنا نفس المقاييس التي كانت مستخدمة في حساب نسبة البطالة
فإن ذلك سيعني بأن نسبة البطالة قد انخفضت من 30% إلى 22.5% ، وهذا بعيد تماما عن
نسبة 10% التي جاء به الرئيس في لقاء الشعب، وكررها في لقاء الشباب.
2ـ لقد كان
حضور اللغة الفرنسية طاغيا: وإذا ما تجاهلنا مسألة الهوية، وإذا ما تجاهلنا
الدستور، فإن الحضور الطاغي للفرنسية في اللقاء هو أيضا يثير قلق العاطلين عن
العمل، والذين يعتبر جلهم من حملة الشهادات بالعربية، وهم الذين يعانون من تهميش
واضح عند الاكتتاب لصالح حملة الشهادات الفرنسية، وذلك لتفرنس الإدارة.
لقد كانت ورشة
التعليم هي الأولى، ولقد تحدث أول متحدث في هذه الورشة باللغة الفرنسية. كما كانت
اللافتة الوسطى خلف الرئيس خالية تماما من العربية، ولم يترجموا ما كتب عليها بالفرنسية
إلى اللغة العربية، ويضاف إلى ذلك كله بأن المداخلتين المسجلتين للموريتانيين في
الخارج كانتا أيضا بالفرنسية.
3 ـ أرقام
فلكية وتصدير للكهرباء : يصر الرئيس ـ وبشكل مستفز ـ إلى أن يؤكد دائما في لقاءاته
بأن خزائن الدولة ملآى بالمليارات وذلك في الوقت الذي يعيش فيه المواطن ظروفا في غاية
الصعوبة. وقد قال الرئيس في لقائه بالشباب بأن لديه 76 مليار أوقية جاهزة، وقال
بأن هناك وزارات لم تستنفد ميزانياتها كاملة، والطريف في الأمر بأن من بين تلك
الوزارات وزارة الصحة، والتي قال أحد المتحدثين (وهو طبيب) بأنه ظل يطلب من
وزرائها المتعاقبين بأن يوفروا للمستشفيات
تجهيزات ضرورية ومهمة جدا، ولا تتجاوز كلفتها 50 مليون أوقية فقط.
وتحدث الرئيس
عن تصدير الكهرباء إلى بعض الدول المجاورة، ورغم ذلك فمازلنا نسمع عن احتجاجات
بسبب غياب وانقطاع الكهرباء، ومازالت الكهرباء تنقطع وبشكل يومي، وما تزال أسعارها
عندنا غالية رغم أننا نصدرها، ورغم أن الحكومة السنغالية وهي التي ربما تكون من
بين الدول المستوردة للكهرباء الموريتانية قد تمكنت من خفض سعر الكهرباء ب50% مرة
واحدة.
4 ـ اتهامات
لمنظمة الشفافية: لقد عودنا الرئيس إلى أن يحمل كافة الأخطاء للتراكمات أو
لمعارضيه، بما فيهم أولئك الذين لم يتولوا في حياتهم أية وظائف إدارية. ولكن
الجديد في لقاء الشباب هو أن اتهامات الرئيس امتدت هذه المرة لتشمل المنظمات
الدولية، ولمؤشراتها التي تصدرها في كل عام.
5 ـ لا أعتقد
بأن اختيار المشاركين كان شفافا، وذلك نظرا لغياب أي أفكار مقنعة، فباستثناء ثلاث
مداخلات ( مداخلة المحاسب، وخبيرة التغذية، وأستاذ نواذيبو)، فكل المداخلات الأخرى
لم تكن على المستوى. وقد أظهرت غالبية الشباب المشارك ميلا فاضحا للتصفيق،ومن
الأمثلة على ذلك : متدخلو ورشة البيئة وملحقاتها، والذين طالبوا الرئيس بالترشح
لمأمورية ثانية، وكذلك المتدخل الرئيسي عن ورشة العدالة وملحقاتها، والذي رغم أنه
نُبه إلى أن مدة مداخلته ستكون من دقيقة ونصف إلى دقيقتين، إلا أنه مع ذلك كرر
كلمة السيد الرئيس ثلاثين مرة (لقد أحصيتها)، كما كرر كلمة الأمل أربع مرات.
وتبقى
التصفيقة الأكثر إثارة هي تصفيقة جيل "الآيباد والآيفون"، والذي قال
الناطق باسمه في اللقاء بأنهم سيغنون ويرقصون خلف الرئيس، حتى وإن لم يكن بإمكانهم
أن يصوتوا للرئيس في الانتخابات القادمة، وهو الأمر الذي أحس الطفل المتدخل بأنه
هو الغاية أصلا من تنظيم لقاء الرئيس
بالشباب.
حفظ الله
موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق