الأحد، 16 مارس 2014

"حكومة الماعز"!!


مر أسبوعان على جريمة تمزيق المصاحف، وعلى الاحتجاجات الواسعة التي أعقبت تلك الجريمة البشعة. مر أسبوعان بالتمام والكمال، ومع ذلك لم نسمع إلى حد الآن عن أي تحقيق تم القيام به لمعرفة من ارتكب جريمة تمزيق المصاحف، ولا لمعرفة من كان وراء قتل الشاب الذي سقط شهيدا في تلك الاحتجاجات.
مر أسبوعان كاملان، ومع ذلك فلم تحدثنا الحكومة عن نتائج تحقيقاتها حول تلك الجريمة البشعة، ولكنها بدلا من ذلك حدثتنا عن نتائج تحقيق آخر، قامت به "حكومة الماعز"على وجه السرعة، وشكلت له لجنة خاصة، وذلك لمعرفة أسباب وفاة معزاة في ولاية انشيري.

لقد أكد وزير الطاقة والمعادن في خطاب له أمام مجلس الشيوخ يوم السبت الموافق 15 ـ 03 ـ 2014 بثته التلفزة الرسمية،  بأن المعزاة التي توفيت منذ أيام في ولاية انشيري كانت وفاتها طبيعية، جاء ذلك التأكيد بعد أن  تلقى  الوزير رسالة نصية عبر هاتفه نعت له معزاة في انشيري، الشيء الذي جعله يسارع إلى تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في أسباب وفاة تلك المعزاة، ولقد أكدت اللجنة بعد اكتمال تحقيقها بأن وفاة المعزاة كانت طبيعية، وأنها كانت بسبب سقوطها في بئر أو في حفرة كبيرة بالمنطقة.
لقد حددت "حكومة الماعز" أسباب وفاة معزاة انشيري بدقة عجيبة، ولكنها لم تحدد أسباب وفاة شاب موريتاني أمام القصر الرئاسي بنفس تلك الدقة. ولقد فتحت "حكومة الماعز" تحقيقا على وجه السرعة لمعرفة أسباب وفاة معزاة انشيري، وشكلت لجنة لذلك، وذلك بعد أن وصلت لسيادة وزير الطاقة رسالة نصية بوفاة المعزاة، ولكن الحكومة لم تهتم إطلاقا  برسائل أخرى مباشرة وغير نصية أرسلها آلاف المحتجين الغاضبين بسبب تمزيق المصاحف، ولم تهتم بوفاة شاب موريتاني، ولذلك فلم تشكل لجنة للتحقيق فيما حدث مساء الأحد في مسجد خالد بن الوليد، ولا أخرى لمعرفة ما الذي حدث بالضبط يوم الاثنين في شوارع العاصمة.
إن قصص هذه الحكومة مع الماعز لا تقتصر فقط على معزاة انشيري، فمن قبل وفاة معزاة انشيري كان وزير آخر قد اتهم بشكل مبطن معزاة أخرى بتمزيق المصاحف في مسجد خالد بن الوليد.
وفي نفس اليوم الذي تحدث فيه وزير الطاقة عن معزاة انشيري، أطلت علينا الوكالة الموريتانية للأنباء بخبر آخر عن الماعز، ولكنه هذه المرة من بلدية ساني بمقاطعة كنكوصة حيث أشرف هناك وزير التنمية الريفية على إطلاق واحد من المشاريع العملاقة لحكومة الماعز، وهو المشروع الذي وزع من خلاله وزير التنمية الريفية 200 معزاة  على 200 أسرة فقيرة، أي بمعدل معزاة واحدة لكل أسرة فقيرة (ربما يكون سفر الوزير والوفد المرافق له إلى مقاطعة كنكوصة قد كلف خزينة الدولة ما يزيد على ثمن 200 معزاة).
أما في يومنا هذا، الموافق (16 ـ 03 ـ 2014)  فقد أصدرت المجموعة الحضرية بيانا توضيحيا أعلنت فيه من بين أمور أخرى بأنها تحتجز 32 رأسا من الماعز في مقاطعة تفرق زينة لوحدها.
ألا يكفي كل هذا ليؤكد لكم بأننا أمام "حكومة ماعز"؟
فأن يتهم وزير معزاة بتمزيق المصاحف في مقاطعة التيارت، وأن يفتح وزير آخر تحقيقا عاجلا لمعرفة سبب وفاة معزاة في انشيري، وأن يوزع وزير آخر 200 معزاة على 200 أسرة فقيرة في ساني، وأن تحتجز المجموعة الحضرية 32 معزاة في مقاطعة تفرق زينة، أن يحدث هذا كله في نفس اليوم تقريبا، فهذا يعني بأننا أمام حكومة قد تفرغت بشكل كامل لهموم الماعز، ويعني أيضا بأن عامنا هذا سيكون عام الماعز.
الطريف في الأمر أن هذه الحكومة التي تفرغت تماما للماعز  كانت قد عجزت في وقت سابق عن تحديد مصير معزاة اختفت من مقاطعة عرفات في "ظروف غامضة"، الشيء الذي جعل مالكها وهو شيخ كبير يذهب إلى الرئاسة ويحتج مع المحتجين هناك مطالبا الرئيس بأن يعيد له معزاته المختفية،  وهو ما جعلني حينها بعد أن طالعتُ الخبر في بعض المواقع الإخبارية أكتب رسالة مفتوحة إلى الرئيس باسم ذلك الشيخ الكبير، وذلك من قبل أن أوقف كتابة الرسائل المفتوحة لسيادة الرئيس، وقد كان عنوان تلك الرسالة المفتوحة: "أعيدوا لي معزاتي ..يا سيادة الرئيس".

حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق