هذه مجموعة من أخطاء
المعارضة والتي كان من المفترض أن أقدمها خلال حفل الإفطار الذي نظمته المنسقية في
فندق "إيمان"، ولأني لم أتمكن من تقديمها في الحفل المذكور فقد ارتأيت
أن أصيغها من جديد، وذلك لأقدمها بشكل أكثر تفصيلا من خلال هذا المقال.
الخطأ الأول : إن المعارضة تتصرف في بعض الأحيان وكأنها لا تنتمي إلى هذا البلد، أو كأنها تريد أن تشجع الرئيس الحالي على المزيد من اختزال البلد في شخصه.
ولا شك أن هذا التصرف قد يبدو غريبا من معارضة كثيرا ما اتهمت الرئيس الحالي بالاستحواذ على البلد، وباختزاله في شخصه. وحتى يتضح ما أريد قوله هنا فإنه لابد من العودة قليلا إلى بعض مواقف المعارضة من أحداث ماضية:
١ ـ غابت المعارضة عن احتفال الجيش بخمسينيته، ولقد كان من الممكن أن تشارك المعارضة في تلك الاحتفالية من خلال منصة خاصة بها تنصبها في مكان ما من الشارع الرابط بين المطار والإذاعة. وكان بإمكان المعارضة أن تكون مثل العديد من المواطنين الذين شاركوا الجيش في ذلك اليوم في احتفالاته رغم أنهم من معارضي النظام.
وقد ظلت المعارضة تتحدث عن الجيش بوصفه مجرد مؤسسة تابعة لقائد انقلاب السادس من أغسطس، مع أن الذي كان يجب أن يحصل هو أن تعمل المعارضة من أجل كسب ثقة الجيش، بل والعمل على إحداث شرخ بين مؤسسة الجيش وقادة الانقلاب. ولعل أول محاولة للفصل بين الجيش وقادة الانقلاب هو تلك المحاولة التي جاءت في خطاب للرئيس السابق أعل، في أول مهرجان يحضره من مهرجانات المعارضة، حيث قال بأن ما حدث في السادس من أغسطس لم يكن انقلابا، بل كان مجرد تمرد نفذه بعض العسكريين.
الخطأ الثاني: من الأخطاء التي ارتكبتها السلطة والمعارضة معا هو أنهما قد غابتا عن الصلاة على أرواح ضحايا الطائرة العسكرية التي سقطت قرب المطار، وذلك رغم أن الصلاة كانت في مسجد ابن عباس، أي في قلب العاصمة حيث توجد أغلب الوزارات وكل القيادات العسكرية. وكنت حينها قد تحدثت عن ذلك الغياب الغريب، من خلال مقال تحت عنوان: "لا تمت وأنت في طائرة عسكرية".
بعد تلك الفاجعة غير النظام من سلوكه، إلا أن المعارضة ظلت على حالها. ففي فاجعة الدعاة استقبل الرئيس الجثامين في المطار، كما أنه استقبل أهالي الضحايا في القصر الرئاسي، هذا فضلا عن دفع تعويضات لأهالي الضحايا، وإرسال وفد رسمي للأهالي، وآخر لنقل الجثامين.
حدث كل ذلك في ظل غياب تام لكل قادة المعارضة، والذين لم يحضر أي واحد منهم لاستقبال الجثامين، ولا للصلاة على أرواح الشهداء، هذا إذا ما استثنينا نائب رئيس حزب تواصل.
وتكرر غياب قادة المعارضة عن لقاءات فريق المرابطين، خاصة منها اللقاء الأخير مع الفريق السنغالي، والذي تمكن فيه منتخبنا الوطني من تحقيق انتصار باهر.
غاب قادة المعارضة كلهم أجمعين عن ذلك اللقاء الكروي الحاسم، في حين قرر الرئيس ووزيره الأول الحضور لتشجيع المنتخب الوطني في مبارياته الحاسمة.
ومن قبل ذلك لم تفكر المعارضة في تأسيس لجنة ثقاقية من أحزابها لدعم ممثلي موريتانيا في مسابقة أمير الشعراء، وظل الدعم مقتصرا على بعض الجهود الفردية لبعض الشباب المحسوب على المعارضة.
إن غياب المعارضة المتكرر عن حضور الصلاة على أرواح ضحايا الفواجع والكوارث، وغيابها عن دعم المنافسات الثقافية والرياضية التي تشارك فيها موريتانيا قد أعطى صورة سيئة عن هذه المعارضة. كما أنه فوق ذلك يدعم حجج خصوم المعارضة، والذين يقولون دائما بأن المعارضة لا تفكر إلا في السلطة، ولا شيء غير السلطة.
الخطأ الثالث: في بعض الأحيان تأتي ردود أفعال المعارضة بطيئة وفاترة في حين تكون ردود السلطة سريعة وحاسمة، مع أن المفترض هو أن يحصل العكس.
وكمثال على ذلك دعونا نعد إلى حادثة محرقة الكتب الفقهية، والتي جاءت في وقت كانت فيه المعارضة تتمتع بدعم شعبي لافت.
بعد تلك المحرقة طلبت من المعارضة في مقال عاجل أن تخرج فورا للتنديد بالمحرقة، وأن تحمل مسؤولية ما حصل للسلطة. ولكن المعارضة تأخرت كعادتها، وهو تأخر استغلته السلطة من خلال تسيير مظاهرات حاشدة إلى القصر للتنديد بتلك المحرقة، ولتحميل المعارضة وقادتها جزءا من المسؤولية فيما حصل.
لقد استغلت السلطة تلك المحرقة لتشويه المعارضة، ولما اكتملت عملية التشويه قامت بالإفراج عن مرتكبي المحرقة، بعد أن كانت قد وعدت بتطبيق الشريعة في حقهم.
ذلك هو ما حدث حينها ، مع أن الذي كان يجب أن يحدث هو المشهد التالي : في يوم السبت الموالي ليوم المحرقة، كان من المفترض أن تقوم المعارضة بتنظيم مسيرة إلى القصر للتنديد بالمحرقة و لتحميل السلطة جزءا من المسؤولية. فلو أن المعارضة نظمت تلك المسيرة لتمكنت من إرباك السلطة، ولما وجد النظام فرصة لتشويه سمعة المعارضة ولإرباكها في لحظة كانت فيها المعارضة تملك أسهما شعبية مرتفعة.وبالمنسبة فإن القائد السياسي الناجح هو ذلك الذي يستطيع أن يتخذ موقفا مبكرا وسليما من حدث لا يزال في بداية تفاعله، ولا يزال يلفه الغموض، وهذا بالذات هو ما يفشل فيه قادة المعارضة في كثير من الأحيان.
٤ ـ أما على الصعيد السياسي فيمكن القول بأن المعارضة لا تمتلك رؤية واضحة،وأن الكثير من أنشطتها ومواقفها يطبعها التخبط والعبثية.
وكمثال على ذلك، فيمكن القول بأن تركيز المعارضة في هذه الفترة كان يجب أن ينصب على هدف واحد، وهو محاولة اكتساب المعاهدة والعمل على قيام حلف معها، وذلك من أجل فرض انتخابات شفافة، أو إفشال أي انتخابات تنظم من طرف واحد في حالة العجز عن فرض انتخابات شفافة.
وهنا قد يقول قائل بأن رئيس الجمعية الوطنية كان قد خذل المعارضة في لحظة حرجة، وللرد على ذلك القول، فسأكتفي بأن أذكر بأن كل مكون من مكونات المعارضة الحالية كان قد خذل المعارضة في لحظة حرجة من تاريخها. ثم إن المعارضة التي تصالحت مع الكثير من رموز نظام ولد الطايع من الأولى بها أن تتصالح مع رموز معارضي ذلك النظام.
صحيح أن الرئيس مسعود قد يجد نفسه في المستقبل القريب مضطرا هو وكتلته للابتعاد عن النظام ولمقاطعة الانتخابات القادمة، وذلك بسبب تصرفات النظام. ولكن سيبقى دائما هناك فرق كبير بين أن يعود الرئيس مسعود وكتلته إلى المعارضة المقاطعة نتيجة لسوء معاملة النظام لهم، وأن يعودوا للمعارضة المقاطعة نتيجة لعمل منظم ومدروس قامت به المعارضة المقاطعة من أجل كسب واستقطاب المعارضة المحاورة، وإعادتها بالتالي إلى موقعها الطبيعي.
وللأخطاء بقية..
حفظ الله موريتانيا..
الخطأ الأول : إن المعارضة تتصرف في بعض الأحيان وكأنها لا تنتمي إلى هذا البلد، أو كأنها تريد أن تشجع الرئيس الحالي على المزيد من اختزال البلد في شخصه.
ولا شك أن هذا التصرف قد يبدو غريبا من معارضة كثيرا ما اتهمت الرئيس الحالي بالاستحواذ على البلد، وباختزاله في شخصه. وحتى يتضح ما أريد قوله هنا فإنه لابد من العودة قليلا إلى بعض مواقف المعارضة من أحداث ماضية:
١ ـ غابت المعارضة عن احتفال الجيش بخمسينيته، ولقد كان من الممكن أن تشارك المعارضة في تلك الاحتفالية من خلال منصة خاصة بها تنصبها في مكان ما من الشارع الرابط بين المطار والإذاعة. وكان بإمكان المعارضة أن تكون مثل العديد من المواطنين الذين شاركوا الجيش في ذلك اليوم في احتفالاته رغم أنهم من معارضي النظام.
وقد ظلت المعارضة تتحدث عن الجيش بوصفه مجرد مؤسسة تابعة لقائد انقلاب السادس من أغسطس، مع أن الذي كان يجب أن يحصل هو أن تعمل المعارضة من أجل كسب ثقة الجيش، بل والعمل على إحداث شرخ بين مؤسسة الجيش وقادة الانقلاب. ولعل أول محاولة للفصل بين الجيش وقادة الانقلاب هو تلك المحاولة التي جاءت في خطاب للرئيس السابق أعل، في أول مهرجان يحضره من مهرجانات المعارضة، حيث قال بأن ما حدث في السادس من أغسطس لم يكن انقلابا، بل كان مجرد تمرد نفذه بعض العسكريين.
الخطأ الثاني: من الأخطاء التي ارتكبتها السلطة والمعارضة معا هو أنهما قد غابتا عن الصلاة على أرواح ضحايا الطائرة العسكرية التي سقطت قرب المطار، وذلك رغم أن الصلاة كانت في مسجد ابن عباس، أي في قلب العاصمة حيث توجد أغلب الوزارات وكل القيادات العسكرية. وكنت حينها قد تحدثت عن ذلك الغياب الغريب، من خلال مقال تحت عنوان: "لا تمت وأنت في طائرة عسكرية".
بعد تلك الفاجعة غير النظام من سلوكه، إلا أن المعارضة ظلت على حالها. ففي فاجعة الدعاة استقبل الرئيس الجثامين في المطار، كما أنه استقبل أهالي الضحايا في القصر الرئاسي، هذا فضلا عن دفع تعويضات لأهالي الضحايا، وإرسال وفد رسمي للأهالي، وآخر لنقل الجثامين.
حدث كل ذلك في ظل غياب تام لكل قادة المعارضة، والذين لم يحضر أي واحد منهم لاستقبال الجثامين، ولا للصلاة على أرواح الشهداء، هذا إذا ما استثنينا نائب رئيس حزب تواصل.
وتكرر غياب قادة المعارضة عن لقاءات فريق المرابطين، خاصة منها اللقاء الأخير مع الفريق السنغالي، والذي تمكن فيه منتخبنا الوطني من تحقيق انتصار باهر.
غاب قادة المعارضة كلهم أجمعين عن ذلك اللقاء الكروي الحاسم، في حين قرر الرئيس ووزيره الأول الحضور لتشجيع المنتخب الوطني في مبارياته الحاسمة.
ومن قبل ذلك لم تفكر المعارضة في تأسيس لجنة ثقاقية من أحزابها لدعم ممثلي موريتانيا في مسابقة أمير الشعراء، وظل الدعم مقتصرا على بعض الجهود الفردية لبعض الشباب المحسوب على المعارضة.
إن غياب المعارضة المتكرر عن حضور الصلاة على أرواح ضحايا الفواجع والكوارث، وغيابها عن دعم المنافسات الثقافية والرياضية التي تشارك فيها موريتانيا قد أعطى صورة سيئة عن هذه المعارضة. كما أنه فوق ذلك يدعم حجج خصوم المعارضة، والذين يقولون دائما بأن المعارضة لا تفكر إلا في السلطة، ولا شيء غير السلطة.
الخطأ الثالث: في بعض الأحيان تأتي ردود أفعال المعارضة بطيئة وفاترة في حين تكون ردود السلطة سريعة وحاسمة، مع أن المفترض هو أن يحصل العكس.
وكمثال على ذلك دعونا نعد إلى حادثة محرقة الكتب الفقهية، والتي جاءت في وقت كانت فيه المعارضة تتمتع بدعم شعبي لافت.
بعد تلك المحرقة طلبت من المعارضة في مقال عاجل أن تخرج فورا للتنديد بالمحرقة، وأن تحمل مسؤولية ما حصل للسلطة. ولكن المعارضة تأخرت كعادتها، وهو تأخر استغلته السلطة من خلال تسيير مظاهرات حاشدة إلى القصر للتنديد بتلك المحرقة، ولتحميل المعارضة وقادتها جزءا من المسؤولية فيما حصل.
لقد استغلت السلطة تلك المحرقة لتشويه المعارضة، ولما اكتملت عملية التشويه قامت بالإفراج عن مرتكبي المحرقة، بعد أن كانت قد وعدت بتطبيق الشريعة في حقهم.
ذلك هو ما حدث حينها ، مع أن الذي كان يجب أن يحدث هو المشهد التالي : في يوم السبت الموالي ليوم المحرقة، كان من المفترض أن تقوم المعارضة بتنظيم مسيرة إلى القصر للتنديد بالمحرقة و لتحميل السلطة جزءا من المسؤولية. فلو أن المعارضة نظمت تلك المسيرة لتمكنت من إرباك السلطة، ولما وجد النظام فرصة لتشويه سمعة المعارضة ولإرباكها في لحظة كانت فيها المعارضة تملك أسهما شعبية مرتفعة.وبالمنسبة فإن القائد السياسي الناجح هو ذلك الذي يستطيع أن يتخذ موقفا مبكرا وسليما من حدث لا يزال في بداية تفاعله، ولا يزال يلفه الغموض، وهذا بالذات هو ما يفشل فيه قادة المعارضة في كثير من الأحيان.
٤ ـ أما على الصعيد السياسي فيمكن القول بأن المعارضة لا تمتلك رؤية واضحة،وأن الكثير من أنشطتها ومواقفها يطبعها التخبط والعبثية.
وكمثال على ذلك، فيمكن القول بأن تركيز المعارضة في هذه الفترة كان يجب أن ينصب على هدف واحد، وهو محاولة اكتساب المعاهدة والعمل على قيام حلف معها، وذلك من أجل فرض انتخابات شفافة، أو إفشال أي انتخابات تنظم من طرف واحد في حالة العجز عن فرض انتخابات شفافة.
وهنا قد يقول قائل بأن رئيس الجمعية الوطنية كان قد خذل المعارضة في لحظة حرجة، وللرد على ذلك القول، فسأكتفي بأن أذكر بأن كل مكون من مكونات المعارضة الحالية كان قد خذل المعارضة في لحظة حرجة من تاريخها. ثم إن المعارضة التي تصالحت مع الكثير من رموز نظام ولد الطايع من الأولى بها أن تتصالح مع رموز معارضي ذلك النظام.
صحيح أن الرئيس مسعود قد يجد نفسه في المستقبل القريب مضطرا هو وكتلته للابتعاد عن النظام ولمقاطعة الانتخابات القادمة، وذلك بسبب تصرفات النظام. ولكن سيبقى دائما هناك فرق كبير بين أن يعود الرئيس مسعود وكتلته إلى المعارضة المقاطعة نتيجة لسوء معاملة النظام لهم، وأن يعودوا للمعارضة المقاطعة نتيجة لعمل منظم ومدروس قامت به المعارضة المقاطعة من أجل كسب واستقطاب المعارضة المحاورة، وإعادتها بالتالي إلى موقعها الطبيعي.
وللأخطاء بقية..
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق