الأحد، 23 ديسمبر 2012

إني أحاول أن أكون موريتانيا..


1 ـ هذه حقيقة أمري
لا أدري لِمَ يصر البعض على أنه لا يمكن لأي أحد في هذا البلد أن يكون صاحب رأي "مستقل"؟ شخصيا عندما أقرر أن أنتسب إلى أي حركة أيديولوجية، أو إلى أي حزب سياسي فإن ذلك لن يكون قطعا في الثلث الأخير من الليل، ولن أخفي ذلك الانتساب، بل إني سأجعله تاجا أضعه على رأسي، وسأجاهر به، وسأفتخر به، وسأدافع عنه، أينما حللتُ، وأينما نزلتُ.
فمن حسن حظي، أو من سوئه ـ إذا شئتم ـ هو أني صريح جدا في مثل هذه الأمور.
ثم إنه لا شيء يدعو المرء لإخفاء انتمائه الأيديولوجي أو السياسي في هذا البلد المؤدلج والمسيس، والذي لا يزال الكثير من أبنائه يفتخر بالايدولوجيات، ويعيش على تراثها، ويستحضر خصومات وصراعات رموزها وقادتها، تلك الصراعات التي دارت على أرض غير أرضنا، وفي زمن ليس بزماننا هذا، ومع ذلك لا زالت حاضرة، وكأنها دارت يوم أمس على بطحاء انبيكت لحواش أو الشامي إن كانت للشامي بطحاء.
وحقيقة أمري، أو على الأصح، هكذا أريدها، هي أني أحاول دائما أن آخذ من كل طيف سياسي أو إيديولوجي أحسن ما فيه، وأترك له ما أعتقد بأنه قد لا يكون مفيدا لي ولا لبلدي.
ومن هذا المنطلق فيمكن لهواة التصنيفات ولعشاق التخندقات أن يصنفونني، إذا كان لابد من تصنيفي:
قوميا متطرفا إذا ما تعلق الأمر بالدفاع عن اللغة العربية في هذا البلد.
إسلاميا متعصبا في حياتي الخاصة والعامة، وفي كل ما له علاقة بالقضايا الإسلامية.
يساريا متشددا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الفقراء والبسطاء من الناس.
وليبراليا "متنورا" إذا تعلق الأمر بالدفاع عن قيم الديمقراطية والحرية المقيدة طبعا بضوابط وبحدود الشرع.


2 ـ وهذه هويتي..

أشعر بأن كل مسلمي العالم هم إخوتي، هم أشقائي، وأن من واجبي أن أفرح لفرحهم، وأن أتألم لآلامهم، وأن أنتصر لهم أينما كانوا، ولكن ذلك لا يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ  بأن مسلمي موريتانيا ليسوا هم الأقرب إلى نفسي من كل مسلمي العالم، بمن في ذلك مسلمي فلسطين و الشيشان و بورما أو مسلمي أي بقعة أخرى من بقاع العالم.
وأعتز أيضا بعروبتي، وأعتز بانتمائي لهؤلاء القوم الذين يسمون بالعرب، أحب لغتهم وثقافتهم وتاريخهم وأمجادهم، وأشعر بالانتماء لهم أينما كانوا، ولكني أحب من قبلهم عرب موريتانيا وأفارقتها.
فالموريتاني العربي أقرب إليَّ وأحب من كل عرب العالم..
والموريتاني الأفريقي أقرب إليَّ وأحب من كل عرب العالم..
وأشعر بالانتماء لإفريقيا، وأحب الأفارقة أينما كانوا، ولكن أفارقة موريتانيا وعربها أقرب إليَّ وأعز من عن كل أفارقة في العالم ومن كل عربه.
إني أحاول ـ  وأقول أحاول ـ  أن أكون موريتانيا من قبل أن أكون عربيا أو إفريقيا..
لا مانع عندي من الانتماء لأي تيار إيديولوجي، ولكني لابد من قبل ذلك من أن أكون موريتانيا.
ودعوني أقولها لكم فصيحة وصريحة: إن أصعب شيء يواجهه الموريتاني في حياته هو أن يكون موريتانيا من قبل أن يكون شيئا آخر، وهذا هو التحدي الأكبر في مسألة الهوية عند الموريتانيين.
تصبحون وأنتم موريتانيون...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق