إني أحلم بأن أستيقظ ذات يوم على وطن حقيقي، يكون انتماء المواطن فيه للوطن من قبل أن يكون للقبيلة، أو للجهة ، أو للعرق، أو للشريحة.
السبت، 28 مايو 2011
الأسد والرامة٭/ تم نشرها في يناير 2009
عزيزي القارئ، سنبدأ ورقة اليوم بطرح اللغز التالي ، يقول اللغز: كيف يصطاد الأسد الغزال مع العلم أن الغزال أسرع بكثير من الأسد ؟
أرجوك قبل أن تواصل قراءة هذه الزاوية، فكر جيدا في حل هذا اللغز.
من أجل المساعدة، سأطرح عليك هذا اللغز بالصيغة التالية: ما هو هدفك في الحياة ؟
للأسف، الكثير من القراء قد لا يجد جوابا علي هذا السؤال، البعض الآخر سيفكر لمدة قبل أن يجيب علي السؤال وهذا لا فرق بينه وبين الفريق الأول .
فريق ثالث سيجيب بشكل متلعثم وسيتحدث عن أهداف غير واضحة ومبهمة وهذا أيضا لا يختلف كثيرا عن الفريقين السابقين .
جميع هؤلاء ـ وهذا لابد من قوله ـ لا يعرف ما يريد لذلك فأي طريق سلكه سيوصله إلي اللاشيء طبعا.
هذا النوع من الناس لا يتعدي كونه مجرد رقم عادي ، يولد ، يعيش ما كُتِبَ له ثم يموت دون أن يترك أثرا خلفه ودون أن يضيف للحياة أي شيء جديد .
الأقلية من القراء هي التي ستجيب بشكل واضح وسريع وستتحدث عن أهداف محددة وطموحة وقابلة للتحقيق ، هذه الأقلية هي التي تفرز أرقاما صعبة .
ومن المؤسف هنا أن غالبية الفئة الأخيرة لا تستطيع أن تكون أرقاما صعبة لأنها لا تستطيع أن تحقق أهدافها التي رسمت وذلك بسبب كثرة التفاتها إلي الوراء نتيجة لوسوسة المثبطين ، فغالبية الناس لا يكفيها أنها بلا أهداف تعيش من اجلها بل أنها أكثر من ذلك تسعي ـ بقصد أو بغير قصد ـ إلي تثبيط وتشكيك أصحاب الأهداف الكبرى في إمكانية تحقيق أهدافهم .
أيضا من الأسباب التي تؤدي إلي موت الهدف لدي غالبية الفئة الأخيرة هو أن الكثير من هؤلاء يعتقد أنه عندما يحدد هدفا نبيلا يسعي إلي تحقيقه سيفرش له السجاد الأحمر وستنثر له الورود والأزهار في طريقه لتحقيق ذلك الهدف النبيل .
هذا لن يحدث إطلاقا ، لن يحدث إطلاقا ، لن يحدث إطلاقا ....
بل علي العكس من ذلك ، فكلما كان الهدف طموحا وعظيما كلما كان ذلك يعني أن الطريق إليه ستكون مليئة بالأشواك وبالتحديات وبالابتلاءات ، لن يكون هناك سجاد أحمر ولا ورود إلا في نهاية الطريق ، هذه حقيقة أكيدة يمكن التأكد منها في كل مرة تعود فيها إلي حياة أحد العظام ممن حقق هدفا عظيما في حياته .
في احدي الأوراق الماضية تحدثنا عن ما واجهه " أديسون " من أجل تحقيق هدفه الذي تمثل في البحث عن وسيلة ما لإنارة العالم ليلا ،اليوم سنقدم كمثال آخر الياباني الذي أسس شركة "هوندا " المعروفة ، هذا الياباني عندما أسس مصنعه لأول مرة من خلال بعض الأموال التي اقترضها قصفت الولايات المتحدة الأمريكية هذا المصنع فدمرته بشكل كامل أثناء الحرب العالمية الثانية ، بعد ذلك أعاد هذا الياباني للمرة الثانية تأسيس مصنعه ، فكان أيضا التدمير الكامل مرة أخري وذلك بفعل زلزال مدمر ضرب المنطقة التي كان يوجد فيها المصنع .
لم يلتفت هذا الياباني إلي الوراء ، لو التفت إلي الوراء لما استطاع أن يشيد مصنعه ، والالتفاتة إلي الوراء قد تكون في بعض الأحيان قاتلة ، هذا هو السر الذي يتمكن من خلاله الأسد من افتراس الغزال .
فالأسد عندما يحدد هدفا وهو هنا افتراس الغزال ، يبدأ مباشرة بالجري وراء الغزال ولا يلتفت ـ إطلاقا ـ إلي الوراء إلا بعد أن يصطاد الغزال ، أما مشكلة الغزال ـ الذي يتمثل هدفه في محاولة النجاة من افتراس الأسد ـ فهي أنه يظل يلتفت دوما إلي الوراء من أجل تحديد المسافة التي تفصل بينه وبين الأسد .
هذه الالتفاتة القاتلة هي التي تؤثر سلبا علي سرعة الغزال، وهي التي تقلص من الفارق بين سرعة الأسد والغزال وبالتالي تمكن الأسد من اللحاق بالغزال ومن ثم افتراسه .
لو لم يلتفت الغزال إلي الوراء لما تمكن الأسد من افتراسه .
إضاءة : للكبار أهداف ..... وللصغار رغبات ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٭الرامة هي كلمة كنعانية قديمة بمعني الغزال ، ولقد اخترت أن أستخدمها هنا من أجل الإجابة علي سؤال طرحه كثير من المشاهدين بعد أحداث " غزة " الأخيرة ، ف "رامتان " تعني الغزالتان ( والمقصود هنا قطاع غزة والضفة الغربية ) وهي وكالة فلسطينية بدأت بجهد متواضع قبل أن تصل إلي ما وصلت إليه اليوم .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق