نحن في مشهد سياسي معقد ولكنه أيضا مشهد سياسي في حالة تشكل، وهو
مفتوح على كل الاحتمالات، خاصة في الفسطاط الذي يسمى ب"الأغلبية
الداعمة"، وبالأخص على مستوى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، والذي يحتمل أن
يعقد مؤتمره في شهر نوفمبر القادم.
هذا الحزب قد يموت، وقد يتفكك، وقد يبقى حيا يرزق: قد يضعف، وقد يحتفظ
بشيئ من القوة، وكل هذه الاحتمالات ستبقى مفتوحة، وذلك تبعا لتطورات المشهد
السياسي في الأشهر القادمة.
المؤكد في الوقت الحالي أن هذا الحزب غائب تماما، وأن ما يوجد منه الآن
هو لجنة تسيير مؤقتة شكلها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وهي تدين بكامل الولاء
للرئيس الذي شكلها.
ومن المؤكد أيضا بأن في هذا الحزب من لا تعجبه تلك اللجنة، وفيه من
يريد لهذا الحزب أن يبدأ مرحلة جديدة يكون فيها الولاء المطلق للرئيس الحالي لا
للرئيس السابق.
هذه الطائفة الأخيرة أمامها
الآن فرصة ثمينة للتشكل وللتعبير عن نفسها، والتعبير عن "النفس" في هذا
الوقت لا يعني بالضرورة أن تصرح بأن
ولاءها للرئيس الحالي وليس للرئيس السابق، فذلك أمرٌ سابق لأوانه، وإنما يعني
إظهار شيئ من القدرة على التشكل والتميز، وذلك في انتظار تطورات المشهد السياسي
داخل الحزب وداخل فسطاط الأغلبية الداعمة.
يمكن لهذه الطائفة أن تتشكل الآن تحت شعار الدفاع عن الحزب وعن خطابه
وعن فلسفته وعن "المبادئ" التي تأسس عليها، والتي أصابها نائب رئيس
اللجنة المؤقتة في مقتل عندما قال في مقابلته على البرلمانية بأنه لا فرق بين حزب
الاتحاد من أجل الجمهورية والحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي..ألم يكن الثابت
الوحيد في الخطاب السياسي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية في كل السنوات الماضية
أنه حزب جاء ليجدد وجاء ليشكل ثورة على الخطاب السياسي التقليدي وعلى العقلية البائدة
التي كانت تقوم عليها الأحزاب الحاكمة سابقا، وخاصة منها الحزب الجمهوري
الديمقراطي الاجتماعي؟
ألم يسئ نائب رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير الحزب في مقابلته إلى قيادات
الحزب ومناديبه، وذلك عندما وصفهم بالصغار وقال بأنهم غير معنيين بانتخاب رئيس الحزب؟
هناك فرصة ثمينة متاحة الأن لأن يتشكل تيار داخل الحزب تحت شعار
الدفاع عن مبادئ الحزب وعن قياداته ومناديبه، وذلك في انتظار تطورات الأمور . المهم أن يمتلك هذا التيار القدرة على التحرك في
أي لحظة، وذلك وفق ما تمليه تطورات الأمور .
أين الفريق البرلماني الرافض لمبادرة التمديد؟
إن العمل السياسي المحترف يحتاج إلى ذكاء وإلى فطنة وإلى القدرة على اقتناص
أي فرصة سياسية قد تتاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق