مرة
أخرى يعود الجدل حول مشاركة المنتدى في الحوار، وذلك بعد أن سربت بعض المواقع
أخبارا تفيد بوجود اتصالات سرية بين السلطة والمنتدى. إنه يمكننا أن نحدد ملامح الحوار
الذي سيشارك فيه المنتدى من خلال النقاط التالية:
1 ـ إن
المنتدى لن يغل يد الحوار إلى العنق ليتهم بذلك من طرف الشعب الموريتاني على أنه
هو من يعرقل الحوار، ولكنه في المقابل، لن يبسطها كل البسط، ليقعد ملوما محسورا،
إنه لن يبسطها إلى ذلك الحد الذي سيجعله يقبل بالمشاركة في أي حوار عبثي يرفع فيه
شعار "خذ وطالب" لتبرير المشاركة، فما يمكن أخذه من مكاسب في حوار عبثي بلا
ضمانات سيضيع غدا، وما حوار المعاهدة مع السلطة في العام2011 عنا ببعيد. كما أن
بسط يد الحوار لن تجعل المنتدى يقبل بأن يشارك في أي حوار عبثي على نية الانسحاب
منه إذا ما أظهرت السلطة عدم جديتها. إن مثل هذا النوع من المشاركة سيضر المنتدى،
وسيحقق للسلطة مكاسب كبيرة لم تكن تحلم بها في مثل هذه الظرفية بالذات.
2 ـ لن يتردد المنتدى في القيام بأي جهد يمكن أن
يساهم في إفشال أي حوار عبثي تعلن عنه السلطة من طرف واحد. ولقد أفشل المنتدى حوار
السابع من سبتمبر، وها هو بمقاطعته الواسعة يلغي موعد حوار الأسابيع الأربعة.
3
ـ إن المنتدى ليس منظمة سياسية خيرية، ولا يمكن أن نتوقع منه أن يشارك في أي حوار
لا يراد منه إلا إخراج السلطة من الورطة التي وقعت فيها بسبب الإعلان عن موعد
مرتجل للحوار، بل على العكس من ذلك، فعلينا أن نتوقع من المنتدى أن يبذل كل ما في
وسعه من أجل تعقيد الأمور على السلطة، ومن أجل إظهار فشلها. هذا الكلام يعني،
وبلغة سياسية فصيحة وصريحة، أن المنتدى لن يساهم ـ بأي حال من الأحوال ـ في إخراج السلطة من ورطة الأسابيع الأربعة، ولن
يساهم في إخراجها من أزمة مجلس الشيوخ، ولا في تهيئة الأجواء المناسبة للقمة
العربية القادمة. إن المنتدى لن يقبل بالمشاركة في لقاءات واتصالات لا يراد منها
إلا الخروج من ورطة الأسابيع الأربعة، أو التخفيف من غضب الشيوخ، أو تهيئة الأجواء
المناسبة للقمة العربية القادمة.
4 ـ إن المنتدى، وهذا هو ما يقوله بالسر والعلانية،
لن يقبل في هذه المرة بلقاء الوزير الأمين العام للرئاسة إلا إذا كان ذلك اللقاء
من أجل استلام الرد المكتوب على الممهدات. لقد قبل المنتدى في مرة سابقة أن يلتقي بالوزير الأمين العام
للرئاسة دون أن يكون هناك أي تعهد بتقديم رد مكتوب، لقد قبل بذلك اللقاء من أجل أن
يثبت للشعب الموريتاني بأنه ـ أي المنتدى ـ لا يرفض الحوار، وإنما السلطة هي التي
ترفض الحوار. لقد كان القبول بذلك اللقاء
عملا سياسيا موفقا أظهر من خلاله المنتدى عدم جدية السلطة في الحوار، أما الآن وقد
ظهر للجميع عدم جدية السلطة فإن المنتدى لم يعد ليقبل بأي لقاء مع الوزير الأمين
العام للرئاسة إلا إذا كان ذلك اللقاء من أجل تسلم الرد المكتوب.
5 ـ إن تصريح
الرئيس ليومية"l’Opinion " الفرنسية باحترام القسم
قد تلقاه المنتدى بشكل إيجابي، حتى وإن كان ذلك التصريح قد تم توجيهه في الأساس
إلى جهات غربية. إن رفض إطلاق هذا التصريح من منبر وطني، وإن عدم توجيهه إلى
الشركاء السياسيين في الوطن لما طالبوا بذلك لن يساعد في بناء الثقة بين السلطة
والمعارضة، الشيء الذي قد يكون ضروريا من
قبل إطلاق أي حوار. ولكن وعلى الرغم من كل ذلك، فإن المنتدى قد اعتبر ذلك التصريح
تصريحا إيجابيا، ويمكن ـ في المقابل ـ أن يترتب عليه تراجع المنتدى عن مطلبه
المتعلق بضرورة إقالة الوزراء الثلاثة الذين أساؤوا إلى الدستور من قبل استئناف
اللقاءات الممهدة للحوار. على السلطة أن تعلم بأن الإصرار على الرد المكتوب لا
يزال قائما، وللتذكير فإن الرد المكتوب قد تمت المطالبة به من قبل تصريحات الوزراء
الثلاثة، ولذلك فإنه على السلطة ألا تتوقع بأن تصريحات الرئيس في اليومية الفرنسية
سيتجاوز مفعولها الإيجابي إزالة الضرر الذي تسببت فيه تصريحات الوزراء الثلاثة.
6 ـ إن المنتدى لن يستجدي الحوار، ولن يشارك إطلاقا
في أي حوار عبثي، وهو منشغل عن كل ذلك بإكمال برنامجه الاحتجاجي الناجح الذي انطلق
من النعمة ولعيون وكيفه ووصل حتى الآن إلى نواذيبو وكيهيدي ونواكشوط، وسيصل في
المستقبل إلى بقية ولايات الوطن. إن تنظيم المزيد من الأنشطة الاحتجاجية سيبقى هو
أولوية المنتدى في المرحلة القادمة، ولن يقبل المنتدى بأن ينشغل عن تلك الأنشطة
بحوارات عبثية لا تقدم ولا تؤخر.
7 ـ إن
الحوار الذي يريده المنتدى هو ذلك الحوار الذي سيستفيد من أخطاء حوار داكار، وهو
ذلك الحوار الذي يؤسس لديمقراطية حقيقية، ويضمن تحقيق مبدأ التناوب السلمي على
السلطة. إنه ذلك الحوار الذي يحقق التغيير الآمن مقابل الخروج الآمن من السلطة،
فالمنتدى يعلم ـ ومن خلال بعض التجارب التي مرت بها بعض دول المنطقة ـ بأن التغيير
قد لا يكون آمنا في كل الأحوال، وبأنه قد يشكل خطرا على البلاد، فكم من انقلاب
أراق دما كثيرا، وكم من ثورة فككت بلدا، تلك حقائق يعلمها المنتدى، ولكن ـ وفي
المقابل ـ فإنه على السلطة أن تعلم أيضا بأنه ما كل خروج من السلطة سيكون آمنا،
فكم من رئيس في المنطقة خرج من قصره إلى السجن أو إلى المنفى أو إلى المقبرة.
إن الحوار الجاد
الذي يريده المنتدى، هو ذلك الحوار الذي يحقق معادلة التغيير الآمن مقابل
الخروج الآمن من السلطة، أي الخروج من قبل حصول انقلاب أو ثورة. إن أي حوار لا
يؤسس لديمقراطية حقيقية، ولا يحقق مبدأ التناوب السلمي على السلطة في أفق العام
2019 أو من قبل ذلك، إن أي حوار لا يحقق ذلك، لن يكون المنتدى طرفا فيه.
تنبيه : إن الجزء الأكبر من هذه المساحة سيخصص خلال
شهر رمضان الكريم لمقالات تحث على العمل الخيري، وأخرى في تنمية وتطوير الذات
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق