استضافت
الإذاعة الرسمية، رئيس حزب الوئام السيد "بيجل"، على وجه السرعة، وذلك
بعد إعلان ترشحه لرئاسيات 21 يونيو. وقد بدا واضحا من سرعة الاستضافة، ومن شكلها،
بأن عملية نزع "عمامة الوطنية" من رأس السيد مسعود الذي رفض الترشح،
ووضعها على رأس السيد بيجل قد بدأت، وربما يبلغ الحماس بالقوم بأن يضعوا تلك
العمامة على رأس السيد بيرام والذي كان قد وعده صاحب "العمامة الزرقاء" ذات يوم مثير،
وأمام حشد من الناس، بأنه سيطبق فيه شرع الله.
ففي شرع
القوم فإن الترشح لرئاسيات 21 يونيو يجب ما
قبله من حرق أمهات كتب المذهب المالكي، ومن الإساءة إلى كبار علماء البلد، وقد
يكون ذلك مما اعتمد عليه المجلس الدستوري في تزكية ترشح السيد بيرام. وإن رفض
الترشح في رئاسيات 21 يونيو يهوي بصاحبه
في قعر الفساد والعمالة، حتى ولو كان في صحيفته الكثير من "العمل
الصالح".
ذلك شيء يسير
من شرع القوم، أردتُ أن أتحدث عنه بشكل عابر، وذلك من قبل البدء في الحديث عن
واحدة من علامات خيباتنا الكبرى.
تحدث السيد
بيجل في مقابلته مع الإذاعة الرسمية،
وبحضور قيادات من حزب الوئام، عن المعارضة المسؤولة، وكثيرا ما يتحدث السيد بيجل
عن المعارضة المسؤولة، وكأن أية معارضة غير معارضته هو، فهي معارضة غير مسؤولة.
وبمنطق "المعارضة
المسؤولة" فعليكم أن لا تستغربوا، إذا
ما نُظمت انتخابات 21 يونيو في موعدها، أن يطل عليكم السيد بيجل من المكتب الذي صوت فيه بتصريح يقول فيه بأنه قد صوت للمرشح محمد ولد
عبد العزيز، وذلك لأن المعارضة المسؤولة لا تتنكر للانجازات، وللمرشح محمد ولد عبد
العزيز الكثير من الانجازات.
فما السيد
بيجل إلا ذلك "المعارض المسؤول"
الذي شاهدتموه في مقاطعة "كرمسين" وهو يتصبب عرقا خلال استقباله للرئيس،
وقد برر السيد بيجل ذلك بأن منصبه الانتخابي يفرض عليه مثل ذلك الاستقبال وذلك
أيضا مما تقتضيه "المعارضة المسؤولة". فيا بيجل المشكلة ليست في
الاستقبال، وإنما المشكلة هي في المبالغة بالحفاوة في الاستقبال، فمبالغتكم في
الحفاوة قد جعلت الكثير من الناس يصنف كل الاستقبالات التي نظمها الحزب الحاكم
للرئيس في شرق البلاد وغربها، يصنفها، إذا ما قارنها باستقبالكم له، بأنها كانت
استقبالات فاترة يطبعها الكثير من الجفاء.
وما السيد
بيجل إلا ذلك المعارض المسؤول الذي شاهدتموه أكثر من مرة يرفع بطاقته الحمراء في
وجه أي حوار جديد مع المعارضة الغير مسؤولة. وهو نفسه الذي شاهدتموه يغضب غضبا لم
تشاهدوه عند قادة الحزب الحاكم كلما جاء ذكر لكلمة حوار جديد.
بالمناسبة
ألم تلاحظوا بأن السلطة الحاكمة قد أوقفت الحوار عندما لم تتفق مع المنتدى، وكأن
الحوار لم يكن إلا بين السلطة والمنتدى. أليس من حقنا أن نتساءل : لماذا لم تواصل
السلطة الحوار مع المعاهدة بعد توقفه مع المنتدى؟ ألم تقل المعاهدة بأنها لاحظت
خروقات كثيرة في الانتخابات التشريعية الماضية وأنها تريد أن تصححها من خلال هذا
الحوار الجديد؟ فلماذا لم تستجب السلطة لمطلب واحد من مطالب المعاهدة والتي لم تكن
مطالبها تعجيزية؟ فهل يعني كل ذلك بأن المعاهدة ما هي إلا جزء من ملحقات الأغلبية؟
ألا يعطي ذلك الحجة، لمن كان في قلبه ذرة من معارضة، لأن لا يترشح، تماما كما فعل
السيد مسعود؟
خذوا هذه مني
: ما خُلق السيد بيجل للمعارضة، وما خلقت المعارضة للسيد بيجل، ولم تكن معارضة
بيجل لانقلاب 8 من أغسطس 2008 إلا حالة عابرة فرضتها ظروف قاهرة.
كان على
السيد بيجل أن يدعي زعامة "الموالاة المسؤولة" لا "المعارضة
المسؤولة"، فلو أنه ادعى الأولى لصدقه الناس، أما أن يدعي الثانية فذلك مما
لا يمكن تصديقه إطلاقا.
وإذا ما
تحدثنا بلغة ميكانيكية فصيحة، فإنه يمكننا تشبيه نظام معاوية بالسيارة المتهالكة
التي لم تعد قادرة على الحركة، وبالتالي لم يعد بالإمكان تسويقها، والذي حدث صبيحة
3 أغسطس 2005 هو أن السيارة تم "نحرها" وتفكيكها إلى قطع غيار كثيرة،
ليتم من بعد ذلك تسويق القطع، فكان لسوق المعارضة نصيبها غير القليل، وكان لسوق
الموالاة نصيبها الكثير.
وبالتأكيد
فإن القطع التي استقرت في سوق حزب الوئام كانت من أهم قطع السيارة المتهالكة.
ولكم أن تسألوا
: هل كان من الأفضل أن نترك السيارة المتهالكة متماسكة، أم أن نقوم بتفكيكها
وبتوزيع قطعها بين الموالاة والمعارضة؟
حقا، إنه لمن
المؤسف جدا، أننا وبعد مرور ما يقترب من العقد من الزمن على تفكيك السيارة، فها
نحن اليوم على أبواب انتخابات رئاسية يتنافس فيها العسكري الذي كان أكثر قربا من
الرئيس معاوية، والوزير الذي كان أكثر قربا من معاوية، والسيدة التي كانت أكثر
قربا، والتي ارتبط اسمها بديوان الرئيس معاوية.
ولو أن الأمر
ارتبط برجال كانوا حول معاوية، وبنساء كن حوله، لهان الأمر، ولكن المشكلة ليست
مشكلة رجال ونساء فقط، بقدر ما هي مشكلة عقليات وأساليب لم تتغير أبدا.
إن رجال 2014
هم نفسهم الرجال الذين كانوا حول معاوية منذ ما يزيد على عقد من الزمن..
وإن النساء
هن نفس النساء..
وإن
المبادرات هي نفس المبادرات..
حفظ الله
موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق