الأربعاء، 6 فبراير 2013

حاربوهم بالرقص!!



من الطبيعي جدا أن تتباين مواقف الأحزاب السياسية من الحرب الدائرة على حدودنا، و من الطبيعي جدا أن نتفهم تلك المواقف سواء كانت مؤيدة أو منددة بتلك الحرب، وذلك لأن الحالة المالية كانت قد وصلت إلى درجة من التعقيد والالتباس لم يعد فيها من الممكن أن نلوم أولئك الذين أيدوا الحرب، ولا أولئك الذين عارضوها، ولا الطائفة الثالثة التي لم تؤيد ولم تعارض، وإنما اختارت أن تلتزم بالصمت.
ويكفينا هنا أن تلك الطوائف الثلاث قد أجمعت على موقف واحد فيما يتعلق بتدخل بلادنا في الحرب، حيث أجمع الكل على أن لا تشارك موريتانيا في الحرب.
أعود فأقول بأنه من الطبيعي جدا أن نتفهم ترحيب حزب سياسي بالتدخل الفرنسي في مالي، ولكن الشيء الذي لا يمكننا أن نتفهمه هو أن ترحب منظمات تدعي بأنها منظمات حقوقية بالحرب في مالي، وأن ترقص على إيقاع طبول تلك الحرب.
فمن المعروف وفي كل بقاع العالم بأن المنظمات الحقوقية قد عُرفت بمعارضتها الشديدة والمبدئية لكل أشكال الحروب، بما في ذلك تلك الحروب التي لا يمكن لأي كان أن يشكك في شرعيتها. بل إن هذه المنظمات أصبحت في بعض الأحيان، وفي كثير من بلدان العالم، تشكل عائقا في وجه العدالة، وذلك لوقوفها ضد تطبيق أحكام قاسية على عتاة المجرمين.
فلماذا شذت منظماتنا الحقوقية عن كل المنظمات الحقوقية في العالم وأيدت حربا لم يتفق الجميع على شرعيتها؟
وحتى وإن قبلنا بأن منظماتنا الحقوقية ليست بمنظمات حقوقية، وإنما هي تشكيلات سياسية في لبوس حقوقي، فإنه أيضا من حقنا أن نتساءل : لماذا شذت منظماتنا الحقوقية عن إجماع الطبقة السياسية وطالبت بأن تمنح بلادنا العناية والتعاون الكامل مع الذين يخوضون الحرب في مالي؟
فكم هو غريب أن ترقص منظمات حقوقية على طبول حرب.
والغريب أن ذلك الرقص لم يكن على طريقة التصفيق عند التبت : لقد استقبل التبتيون المستعمر البريطاني بالتصفيق، فظن الانجليز بأن تصفيق التبت كان للترحيب بهم، وفاتهم بأن التصفيق في معتقدات التبت كان يستخدم  لطرد الأرواح الشريرة.
فهل كان رقص منظماتنا الحقوقية هو لطرد الأرواح الشريرة التي ربما تكون قد جاءت إلى المنطقة مع الجنود الفرنسيين؟
بالتأكيد لا، فالرقص عند منظماتنا الحقوقية حتى وإن كانت له غايات عديدة إلا أنه ليس من بينها طرد الأرواح الشريرة التي جاءت مع الجنود الفرنسيين.
ولعل من أغرب أهداف الرقص عند المنظمات الحقوقية هو أنه قد يستخدم لمحاربة السلفيين. لقد طلبت تلك المنظمات الحقوقية من الشعب الموريتاني أن يحارب "الامبريالية السلفية" بالرقص.
وعموما فلو كانت الحروب يمكن أن نكسبها بالرقص لانتصرنا في كل حروبنا بدءا بالحرب على الأمية والسمنة، وانتهاءً بالحرب على الفساد وعلى البلاستيك.
فنحن قد حققنا الاكتفاء الذاتي من الرقص، فمثلا في الأسبوع الماضي ظهرت رقصة غريبة وبائسة في مهرجان تيشيت، وهي رقصة كانت تحت عنوان :"يا لمرابط أرانك ضليت". وقد أظهرت تلك الرقصة إماما يرقص في سجوده وفي قيامه وأثناء  وضوئه، وخلال الدعاء. وكان طلابه من خلفه يرقصون ويقولون " "يا لمرابط أرانك ضليت". فهل هذا النوع من الرقص هو الذي طالبت به المنظمات الحقوقية لمواجهة المد السلفي بشقيه السني المالكي والسني الوهابي حسب المصطلحات المستخدمة في قاموس تلك المنظمات؟
تصبحون على منظمات حقوقية أكثر رشدا.

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا مقال جميل وفكر رائع أنا معجب من أول قراءة

    ردحذف