تابعت ـ كغيري من
الموريتانيين ـ النسخة الثالثة من "لقاء الشعب"، وسجلت أثناء تلك
المتابعة بعض المختصرات التي كنت أنشرها ـ أولا بأول ـ على صفحتي الخاصة، وهي
مختصرات عدت إليها في صبيحة هذا اليوم، وقمت بترتيبها وتبويبها في النقاط التالية:
1 ـ كنت من الميالين
جدا للغة الأرقام، ولكن الأرقام التي قدمها الرئيس في بداية لقائه لم تكن أرقاما
مقنعة، بل كانت أرقاما ميتة لا تنبض بالحياة، ولا تزرع أي ثقة في نفوس المواطنين
كما كان يحدث عادة عندما يتم الحديث لهم بمثل تلك الأرقام الكبيرة.
هذه الأرقام الكبيرة
لم تنعكس على مستوى معيشة المواطنين، ولم تتسبب في زيادة الأجور أو الرواتب، ولم
تخلق فرصا جديدة للتوظيف، ولم تحسن من أداء المؤسسات المعنية بالتنمية وبمكافحة
الفقر ( فوكالة تشغيل الشباب تمر بأسوأ فتراتها منذ أسسها الرئيس الأسبق معاوية،
وصناديق الادخار والتي لعبت دورا تنمويا ملحوظا في عهد المدير الذي سُجن بسبب
الفساد، لم يعد لها أي دور مرئي أو غير مرئي في محاربة الفقر أو في الدفع بعجلة
التنمية).
2 ـ افتخر الرئيس بتصاعد
بعض الأرقام، وهي أرقام ستظل في تصاعد مستمر مهما كان الرئيس الذي يقودنا، فتصاعد
تلك الأرقام أمر طبيعي جدا، بل وحتمي، ولا علاقة له بأي انجاز.
ومن بين تلك الأرقام
المتصاعدة تحدث الرئيس عن تزايد عدد الأطباء في عهده، وفي ذلك مغالطة كبيرة، فالأطباء الذين تخرجوا في عهد الرئيس الحالي، لا
يحق له أن يعتبرهم من انجازاته، ولا يحق ذلك أيضا للرئيس السابق، ولا للرئيس
الأسبق، فهؤلاء الأطباء هم من انجازات الرئيس معاوية لأنه قد تم إرسالهم للتكوين
في أواخر سنوات حكمه.
أما الأطباء الذين
يحق للرئيس الحالي أن يفتخر بهم فهم أولئك الذين سيتخرجون بعد ثلاث سنوات من الآن،
أي أولئك الذين بدؤوا تكوينهم بعد السادس من أغسطس من العام 2008.
وما ينطبق على
الأطباء ينطبق على غيرهم من أصحاب التخصصات.
3 ـ حصر الرئيس أسباب
انتشار البطالة في عدم مواءمة التكوين مع المناهج التعليمية، ويبقى السؤال المطروح
هنا هو : ما الذي فعله الرئيس لكي يوائم
بين مخرجات التعليم وسوق العمل؟ والجواب السريع على ذلك السؤال: لا شيء حتى الآن.
فمنتديات التعليم والتي
لا تحتاج لإمكانيات مالية ضخمة تأخرت كثيرا عن موعدها، وهي لا زالت من الوعود التي
لم تنجز، رغم مرور ثلاث سنوات على تنصيب الرئيس أي أنها لازالت خارج 70%.
ومما زاد من تعقيد
الأمور هو اختيار وزراء للتعليم لهم مشاغل سياسية ( وزير التعليم الثانوي هو
الأمين العام للحزب الحاكم، وزير الدولة للتهذيب هو الوزير المُفرغ للحوار).
أما فيما يخص التكوين
المهني فقد ارتكبت الحكومة الحالية أخطاء جسيمة عندما زادت مدة التكوين، فما نحتاجه
في هذه البلاد هو تكوين قصير مع زيادة عدد المستفيدين، حتى يستفيد أكبر عدد ممكن
من الشباب، وذلك لأن نسبة هامة من ثروتنا يتم استنزافها من طرف يد عاملة غير
متخصصة، وفي هذا المجال فنحن نحتاج ـ على المدى القصير ـ إلى برامج واسعة في
التثقيف الحرفي وحملات توعية على أهمية الحرف وممارستها، وهذا هو ما أهمله النظام
الحالي . أما تكوين يد عاملة عالية التخصص فذلك يجب أن يكون في إطار خطة متوسطة أو
بعيدة المدى.
4 ـ تحدث الرئيس عن انجازات كبيرة على مستوى المياه،
ميدانيا يمكنني أن أقول بأن مقاطعة "مكطع لحجار" عطشت كثيرا ولم تتدخل
الحكومة، وفاض فيها الماء وغرقت دون أن تتدخل الحكومة أيضا.
5 ـ تحدث الرئيس عن
70% من الإنجازات التي تحققت من برنامجه، والحقيقة أن هذا الرقم بالذات أصبح فاقدا
للمصداقية من كثرة استخدامه. ففي نهاية العام الأول من مأمورية الرئيس تحدث بعض
أنصاره عن 70% من الانجازات التي تحققت، وفي نهاية العام الثاني تحدثوا عن 70% من
الإنجازات التي تحققت، وفي نهاية العام الثالث تحدث الرئيس عن 70% ، وربما يتحدث
عن نفس الرقم في العام القادم، وفي العام الذي يليه إن كتب له أن يتحدث حينها في "لقاء
مع الشعب".
كنا نتمنى أن نسمع
مرة عن 40 % تحققت من قبل تحقق 70%، ونسمع
بعدها عن 60 % تحققت، ثم نسمع عن 70% بعد ذلك، أما نسمع من أول يوم في المأمورية
عن 70%، ونسمع عنها في آخر يوم فذلك مما لا يليق بنا كمواطنين لا زلنا نعيش خارج
المصحات النفسية، وتلك نعمة عظيمة تستحق الشكر الكثير.
6 ـ حاول الرئيس ـ
على عكس عادته ـ أن يضبط جوابه، وأن يزن
كلماته عندما بدأ يتحدث عن مبادرة مسعود، ولذلك دلالته، عكس رئيس حزب الوئام الذي
كان حديثه عن المبادرة أقل إيجابية ولذلك أيضا دلالته.
7 ـ لوحظ أن الرئيس
كان يعطي الأوامر أثناء اللقاء ولا يستجاب له، فقد طلب من المنظمين أن يأتوه بصاحب
اللافتة، ويسمحوا له بالتحدث إن كان لديه شيئا يريد أن يقوله، ولكن الذي حدث بعد
ذلك أن صاحب اللافتة تم القبض عليه
واعتقاله.
8 ـ لقد تم انقطاع
الخط لمرة واحدة، وكان ذلك أثناء حديث
المتدخل الوحيد الذي بدا من أول كلمة له أنه كان سينتقد الرئيس، ولم ينقطع الخط عن
أي واحد من المتدخلين الآخرين الذين امتدحوا الرئيس. ولقد قال الصحفي المدير للقاء
بأن المتدخل هو الذي قطع الخط، وتلك كلمة كنا نسمعها دائما، كلما أرادت التلفزة أن
تقطع الخط عن متدخل مشاكس، مما يعني أن التلفزة لا تتغيرا أبدا حتى في ليلة
"اللقاء بالشعب".
9 ـ لم يسمح للتدخل
إلا لشيخ متقاعد ( والمتقاعدون هم الأكثر حظا في عهد الرئيس الحالي ولازالت مجالس
الإدارات مخصصة لهم، وبشكل كامل)، ومقاول (بدا متناقضا في حديثه فقد قال بأن
الأوضاع على ما يرام في الوقت الذي قال بأن حقوقه وحقوق غيره ضائعة منذ عام)، هذا
فضلا عن واحد من الصم والذين أصبحت تدخلاتهم من ثوابت "لقاء الشعب"، بالإضافة
لرئيس حزب الوئام، وهؤلاء الأربعة هم الذين مثلوا الشعب المتواجد في ميدان
الملعب!!!!
10 ـ لم يكن أداء
الصحفيين جيدا، بل كانت أسئلتهم باهتة ودون المستوى، ولا تتناسب مع الحدث، حتى
أنهم نسوا في هذا العام مشاكلهم التي تخصهم كصحفيين.
11 ـ تحدث الرئيس عن
الأرواح البريئة التي أزهقت في ظل حكمه وكأنها مسألة عادية، أولا يذكر الرئيس بأنه
كان قد اعتبر ـ لتبرير الانقلاب ـ قتل شاب
في كنكوصة بالجريمة النكراء، وهي حقا جريمة نكراء لا تقل بشاعة عن الجرائم التي ارتكبت
في عهده.
12 ـ أظهر الجمهور
المتواجد في الملعب، وهو "الصفوة" التي استخلصها الحزب الحاكم من
مناضليه، أظهر عدم اكتراث بحديث الرئيس، وتشاغل بأحاديث جانبية أثناء حديث الرئيس،
ولذلك دلالته. فقط عندما تكون هناك حاجة
للتصفيق، أو ضرورة لترديد اسم الرئيس يستفيق ذلك الجمهور.
13 ـ فيما يخص الحديث
عن القاعدة، وعن شمال مالي، والأمن بصفة
عامة، فذلك مجال أعتقد أن الرئيس قد حقق فيه انجازات تذكر، وأنا من الذين يدعمونه
في تلك الجزئية، رغم بعض التحفظات على بعض التفاصيل، ولست من الذين يعتبرون أن ما
يقوم به الجيش الموريتاني يمكن عده حربا بالوكالة.
تصبحون وقد حققتم فعلا
70% من برامجكم الشخصية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق