الأربعاء، 29 يونيو 2011

تعليق سريع على بيان مثير



طالعت للتو بيان الاتحاد من أجل الجمهورية الذي رد فيه على بيان سابق لاتحاد قوى التقدم، والذي كان ـ هو بدوره ـ قد نشر بيانا سابقا، يرد فيه على بيان سابق للاتحاد من أجل الجمهورية.
إن قراءتي السريعة لهذا البيان جعلتني أخرج بملاحظات سريعة ارتأيت أن أقدمها ـ "خاما" ـ للسادة القراء.
لقد أصبح من المؤكد بأن هناك في الأغلبية من يريد أن يُفشل للحوار، ونحن هنا أمام احتمالين:
الاحتمال الأول : أن يكون الرئيس نفسه يسعى لإفشال الحوار، ومع أن ذلك قد يكون محتملا إلا أنه سيبقى مستبعدا، خاصة وأنه كان في وقت سابق قد أعلن بأنه مستعد لأن يتحاور في كل شيء بما في ذلك الحوار حول انتخابات مبكرة. وإذا كان الرئيس يسعى لإفشال الحوار فربما يكون قد أعطى "تعليماته السامية" للأغلبية، وللاتحاد خصوصا، أثناء اجتماع الأمس بأن يتولى الاتحاد تلك المهمة، وبالتالي فإن بيان الاتحاد قد يكون تمهيدا ـ وطبقا للتعليمات السامية ـ لصياغة رد سلبي للأغلبية سيعلن عنه قريبا.
مشكلة هذا الاحتمال أنه يتناقض مع الكثير من المعطيات لعل من أهمها أن الرئيس هو أكبر مستفيد من الحوار في هذا الوقت، نظرا لتصاعد الاحتجاجات وتناميها سواء كانت نقابية، أو شبابية، أو شعبية لذلك فمن المستبعد أن يعطي في مثل هذا الوقت تعليمات من هذا النوع.
ولقد قلت سابقا، في تعليق سريع، على خطاب نائب الجمعية الوطنية الذي افتتح به الدورة الحالية، أن هناك تحالفا جديدا قد ينشأ بين رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية، وإن كلا الرجلين قد يقدم تنازلات وتضحيات كبيرة لصالح الطرف الآخر. وقلت وقتها إن زعيم التحالف قد يضحي بالمعارضة من أجل هذا الحلف الجديد، وهو ما كاد أن يحدث في الأيام الماضية. وقلت ـ كذلك ـ بأن الرئيس قد يضحي بأغلبيته من أجل هذا الحلف الجديد وهو ما يقودنا للاحتمال الثاني.
الاحتمال الثاني : أن يكون حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو الذي يسعى لإفشال الحوار بعد أن أصبح يشعر بمضايقة "الضيف الثقيل" والذي يمثله هنا التحالف الشعبي ، فالتحالف لن يرضى بأن يكون مجرد ضيف ينتظر ما سيقدم له، بل إنه سيحاول أن يحشر نفسه في المطبخ، ويحدد ـ بالتالي ـ ما يجب أن يقدم لــ"أبناء الدار" وعلى رأسهم الابن الأكبر ( الاتحاد من أجل الجمهورية) الذي أصبح يشعر بأنه لم يعد هو الابن المدلل، خاصة بعد أن يولد التوأمين السياميين (حزب العصر وحزب الغد).
وهذا الاحتمال تدعمه عدة نقاط من أهمها:
1 ـ اختيار التوقيت : إن نشر هذا البيان في مثل هذا اليوم، أي بعد يوم واحد من اجتماع الرئيس بالأغلبية، وقبل إعلان رد الأغلبية على الحوار ليؤكد بأن الاتحاد يسعى فعلا لعرقلة الحوار، وهو يعلم بأن اتحاد قوى التقدم سيرد قريبا وبلغة أقسى، فاتحاد قوى التقدم يسعى بدوره لإفشال الحوار، وسيرتاح لهذا البيان لأنه سيمنحه فرصة الرد في مثل هذا الوقت الهام. وإذا ما أضفنا إلى هذا البيان، البيان السابق للاتحاد من أجل الجمهورية، والذي جاء مباشرة بعد إعلان المعارضة لقبولها للحوار، والذي كانت أيضا لغته قاسية، فإن البيانيين وتوقيتهما ليؤكد بأن هناك شيئا ما يطبخه الاتحاد من أجل الجمهورية في مطابخه الخلفية.
2 ـ إن مطالبة زعيم التحالف للاتحاد من أجل الجمهورية بأن يسعى بشكل جاد إلى الحوار خلال مهرجانه ليوم أمس في تجكجة ليوحي بأن زعيم التحالف بدأ يستشعر بوجود عدم رغبة في الحوار من طرف الاتحاد من أجل الجمهورية.
3 ـ إن محاولة الاتحاد في بيانه للتذكير ببعض أوجه الخلاف بين أحزاب المعارضة، وإشارته الصريحة لبعض الانتقادات الموجهة لاتحاد قوى التقدم في وثيقة التحالف الأخيرة المعنونة ب :"كيف ومتى يكون الموقف صحيحا؟" لم يكن الغرض منه انتقاد قوى التقدم، وإنما كان من أجل إفشال مساعي "مسعود" الأخيرة الهادفة للتصالح مع بقية أحزاب المعارضة. فزعيم التحالف عندما جر المنسقية لقبول الحوار بادر إلى الاعتذار لأحزاب المعارضة عن بعض الانتقادات التي صدرت منه خلال الأيام التي سبقت قبول المنسقية للحوار، لذلك فقد حاول البيان أن يذكي من جديد الخلافات بين قادة المعارضة لعلك ذلك يساعد في إفشال الحوار.
4 ـ إن إصرار المعارضة على الحوار مع الرئيس كطرف، وليس مع أغلبيته التي لا تشكل ـ حسب المعارضة ـ شريكا مؤهلا للحوار، مع تجاهل الرئيس وتهميشه لهذه الأغلبية، في ظل تصاعد الهجرة المعاكسة من الأغلبية إلى المعارضة. كل ذلك قد يشجع الاتحاد إلى عرقلة الحوار الذي لن يحقق له مكاسب سياسية في ظل الظرفية الحالية.
وإذا كان الاحتمال الثاني واردا، فذلك يعني بأننا سنكون أمام مواقف مثيرة في الأيام المقبلة، ربما نعيش خلالها فصلا جديدا من فصول موريتانيا الجديدة، فربما تتحول الأغلبية إلى معارضة جديدة، وذلك بعد أن أصبحت هذه الأغلبية تشعر بأن الكل يدفعها إلى أن تكون معارضة، خاصة رئيس الجمهورية الذي أصبح يستمع لزعيم التحالف أكثر من استماعه لأغلبيته مجتمعة أو منفردة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق