السبت، 25 يونيو 2011

سامحونا أيها الشهداء...



سامحونا إن لم نودعكم يوم رحيلكم إلى أرض المعركة...
سامحونا فقد كنا نستمع لأزوان في تلفزيوننا " الوطني"...
وسامحوننا إذا لم نتابع بطولاتكم وتضحياتكم في أرض المعركة...
سامحونا فقد كنا نستمتع بمواصلة الاستماع إلى "أزوان" ومتابعة وثائقيات " ترانستل" ...
وسامحونا إذا انشغلنا عنكم يوم استشهادكم بالاستماع إلى " أزوان" الصباح، و"أوزان" الزوال، و "أزوان" المساء...
فما نحن إلا نحن ... وما تلفزيوننا إلا تلفزيوننا..وما نخبنا إلا نخبنا..
سامحونا إن تحدث تلفزيوننا عن بطولات " لخمير الحمر" ولم يتحدث عن بطولاتكم ...
وسامحونا إن نقل لمشاهديه كل معارك العالم ولم ينقل لنا معارككم المجيدة...
وسامحونا إذا لم نستقبلكم بالدموع وبالزغاريد..
سامحونا فقد حاربتم خلسة، واستشهدتم خلسة، وعدتم خلسة، ودفنتم خلسة في باطن الأرض التي ضحيتم بأرواحكم من أجلها..
وسامحونا لأننا لم نجعل من عودتكم إلى أرض " الوطن " حدثا عظيما ...
واعذرونا إن حرمنا أطفالكم من أن يرفعوا رؤوسهم يوم عودتكم شهداء إلى أرض "الوطن"...
وسامحونا إن شعر أطفالكم بأنهم ليسوا كأطفال الشهداء في أي بقعة من هذا العالم...
سامحونا فأنتم لم تستشهدوا من أجل القبيلة حتى نخلد ذكراكم..
وسامحونا فأنتم لم تموتوا دفاعا عن الايدولوجيا حتى نتغنى عليكم..
سامحونا فقد ضحيتم في سبيل الوطن... ونحن يهمنا كل شيء إلا الوطن...
سامحونا إذا خذلتكم صحافتنا المستقلة... وسامحونا إذا ما روجت ـ وأنتم تقاتلون ببسالة ـ لمصدر عسكري مجهول له مآرب كثيرة فيما يقول...
سامحونا إذا ما تحدثنا عن المعركة وكأنها تدور في بلد آخر...

وسامحونا إن بخلنا عليكم بنون وألف..
سامحونا إذا تحدثنا عن الجيش الموريتاني ولم تتحدث عن جيشنا...
وسامحونا إذا قلنا عنكم قتلى الجيش الموريتاني وشهداء الجيش الموريتاني..
سامحونا إذا لم نستطع أن نقول جيشنا ولا أن نقول شهداءنا..
سامحونا فنحن نستطيع أن ننتسب لكل شيء ... إلا لوطن يجمعنا ..
سامحونا إذا لم نسميكم بأعز الناس، وأشرف الناس، وأنبل الناس...
سامحونا فأنتم لم تستشهدوا في سبيل لبنان.. سامحونا فقد استشهدتم من أجل موريتانيا..
وسامحونا فتلزيوننا " الوطني" ليس كالمنار .. وصحافته ليست كصحافة المنار..
وسامحوننا فليس فينا " نصر الله " ليخاطبكم بأشرف الناس، وأعز الناس، وأطهر الناس..
وسامحونا فقصائد شعرائنا محجوزة لشهداء فلسطين، والعراق، والصومال، وافغانستان، والشيشان..
فسامحوننا إن لم نستقبل استشهادكم بقصيدة..
وسامحوننا إن لم نخلد ذكراكم بقصيدة..
وسامحوننا إذا بخلت عليكم معارضتنا " الوطنية " الناصحة والناطحة ببيان...
وسامحونا إذا ما انشغلت بتدارس الموقف، و تباطأت بإصدار بيانات ورقية، عندما أسرعتم أنتم بالتضحية بأرواحكم...
سامحونا فأنتم لستم شهداء غزة، ولا مارون الراس، ولا الفلوجة، ولا قندهار حتى نسارع ـ وبإجماع ـ للوقوف معكم...
سامحونا...
أرجوكم سامحونا..
فقد خذلناكم يوم حاربتم من أجلنا..
وخذلناكم يوم استشهدتم من أجلنا..
وخذلناكم يوم عدتم إلينا أجسادا هامدة..
سامحونا...
أرجوكم سامحونا..
سامحونا فمن يدري..؟ فربما يخرج من أصلابنا من يقدر لكم تضحياتكم..
تصبحون على وطن يقدر التضحيات...
ملاحظة : لم أكن أرغب في أن أعيد نشر مقال كنت قد نشرته منذ تسعة أشهر عقب معركة حاس سيدي، لم أكن أرغب في ذلك خاصة في هذا الأسبوع الذي كتبت فيه مقالين وكنت مترددا في أيهما أنشره، ولكن بعد معركة وغادو وجدتني مضطرا لأن أعيد نشر هذا المقال، دون أي تعديل، فالليلة لا تختلف عن البارحة على الأقل في تلفزيوننا الذي استقبل سقوط شهداء ببرنامج غنائي جديد اسمه هذه المرة "صوت الوطن".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق