الاثنين، 19 يوليو 2010

بطاقة حمراء رقم 2


سَتُرفع البطاقة الحمراء الثانية ـ وكما وعدت سابقا ـ في وجه رئيس تشكلة الاتحاد من أجل الجمهورية. ولقد انتظرت لرفعها اكتمال أشغال المؤتمر الأول لتشكلة ـ أو على الأصح ـ لخلطة الاتحاد ( إن شئتم أقرؤوا خلطة بالعربية الفصحى، وإن شئتم أقرؤوها بالحسانية).
فالخلطة بمفهومها الفصيح تعني ـ في هذا المقال ـ خلق كثير من الرجال والنساء من قبائل وجهات وأعراق ومستويات وأعمار شتى، تختلط، وتتمازج، وتتآلف بشكل تلقائي، لتشكل خليطا مختلطا في قالب خلطة سياسية تولد في نفس اللحظة التي يدخل فيها ساكن جديد إلى القصر الرئاسي، وهي تولد ـ عكس المألوف ـ كبيرة. ثم تتنافر، وتتخاصم، وتتباغض، وتتشتت، وتذوب وبشكل تلقائي أيضا، وفي نفس اللحظة التي يخرج فيها ذلك الساكن من القصر. إنها خلطة غريبة وعجيبة تتميز بخاصيتين متناقضتين: فهي سريعة التشكل، وسريعة الذوبان.
والخلطة بمفهومها الحساني هي مفرد الخِلَطْ وتعني: خلق قليل من الرجال والنساء هم آخر من يودع الرئيس السابق. وهم أول من يستقبل الرئيس الجديد. يُبعثون مع كل رئيس جديد، ولكنهم لا يموتون سياسيا بموته السياسي. إنها مجموعة من المخلوقات الغريبة التي تتسبب في تدمير خلايا الدفاع لكل نظام، وتعجل هلاكه، ومع ذلك لا يستطيع أي نظام جديد ـ ومهما كانت جرأته ـ أن يعيش يوما واحدا دون احتضانها!
المهم أن هذه الخلطة القليلة الكثيرة ـ بمعناها الفصيح أو الحساني ـ قد أثبتت من جديد، ومن خلال مؤتمرها الأول، في موسمها الرياضي الحالي، والذي قد يمتد لخمس سنوات، بأنها هي الوريث الشرعي الأول للفريق الجمهوري الاجتماعي والذي كان بدوره وريثا شرعيا " لهياكل شعب" ( هياكل تهذيب الجماهير + حزب الشعب + أشياء أخرى)
لرئيس فريق أو نادي "الخلطة" سأرفع البطاقة الحمراء الثانية، ولكن قبل ذلك أرجو من الجمهور الرياضي أن يسمح لي بتقديم بعض الإيضاحات الضرورية، قبل رفع هذه البطاقة.
الإيضاح الأول: لقد وردتني انتقادات من بعض مشجعي فريق بني معارض بعد البطاقة الأولى. وقد تردني انتقادات أخرى من فريق بني خلطة بعد هذه البطاقة. لذلك فقد وجدت من اللازم أن أقول ـ وبالعربي الصريح والفصيح ـ بأني لا أبحث عن رضا هؤلاء، ولا رضا أولئك. والمهم بالنسبة لي أن أكتب ما أقتنع به، لا ما يقتنع به الآخرون. وإذا كان هناك من أبحث عن رضاه ـ من خلال ما أكتب ـ فهو المواطن البسيط، الفقير، المهمش والذي قد لا يكون بالضرورة مواليا أو معارضا.
الإيضاح الثاني: لقد انتقدني البعض الآخر على السرعة في إشهار البطاقات الحمراء، وعلى الحدة التي أكتب بها عادة. وهنا لابد أن أعترف علنا بأن تلك الحدة مقصودة لذاتها، وأن تلك القسوة هي من أجل الرد على القسوة التي تتعامل بها النخب السياسية مع هياكل هذا الشعب المغلوب على أمره. ورغم أني لم أوفق ـ حتى الآن ـ في كتابة شيء قاس جدا يتناسب مع تلك القسوة التي تتعامل بها النخب مع الشعب المسكين، إلا أني مع ذلك سأظل أحاول، وأحاول، وأحاول.
الإيضاح الثالث: في المقابل لابد أن أعترف بأني وجدت صعوبة كبيرة ـ لم أعرفها من قبل ـ في كتابة هذا المقال، وترددت كثيرا في رفع هذه البطاقة في وجه "مولاي" الذي لم يعلمني حرفا واحدا، وإنما علمني مقررا كاملا عندما درسني مادة المالية العامة في أواخر الثمانينات بجامعة نواكشوط، والتي كانت يومها جامعة فتية، و التي لا زالت ـ حتى اليوم ـ فتية. تماما كما هو حال الدولة الموريتانية نفسها التي ولدت فتية، ولازالت فتية رغم أنها ستحتفل بخمسينيتها في نوفمبر القادم.
لقد حاولت أن أتعامل مع أستاذي للمالية العامة الذي يرأس فريق بني خلطة، كما تعاملت سابقا مع أستاذي للتخطيط والذي كان يرأس نفس الفريق في العهد المؤتمن. ولقد تمكنت لمدة عام كامل أن لا أكتب شيئا ضد الأستاذ حتى في " البطاقة اللاغية " التي خصصتها للرد على ندوة الحكامة التي نظمها نادي الاتحاد الذي يرأسه الأستاذ.
واليوم وبعد مرور عام على قيادة الأستاذ لأكبر فريق رياضي في البلد، فلم يعد بالإمكان التغاضي عن الفريق، ولا عن الطريقة السيئة التي يلعب بها رئيسه، والتي استوجبت رفع هذه البطاقة الحمراء.
فلم يكن بالإمكان أن أتعامل مع الأستاذ ـ خاصة بعد تثبيته قائدا لنادي الاتحاد ـ بما يفترض أن يتعامل به الطالب مع أستاذه. فالتعامل معه بتلك الطريقة سيشكل ظلما لي، ولبعض طلبة الأستاذ ممن تقاعد قبل أن يحصل على وظيفة، أو هاجر، أو عاش غريبا في وطنه، أو نسي ما تعلم بعد أن طحنته الحياة طحنا، وخبزته خبزا، وشغلته بأمور لا صلة لها بما تعلم، فأصبح لا يختلف من حيث المستوى التعليمي عن تلميذ في المرحلة الإعدادية.
ولم يكن بالإمكان أن أتعامل مع الأستاذ كطالب، لأن ذلك سيشكل ظلما لأجيال وأجيال عاشت في وطنها مهمشة وذليلة بسبب ظلم "خلطة" تُبدل جلدها مع قدوم كل رئيس جديد. لتزداد عزا بعد عز على حساب الأغلبية المهمشة، التي تزداد تهميشا بعد تهميش.فمن كان"عزيزا " في خلطة النادي الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، فهو عزيز اليوم في خلطة الاتحاد. ومن كان " ذليلا" في عهد الخلطة الجمهورية، فهو ذليل اليوم في عهد خلطة الاتحاد.
ولم يكن بالإمكان أن أتعامل مع الأستاذ كطالب لأن ذلك سيشكل ظلما لمئات الآلاف من الفقراء المشجعين والمناصرين الذين حسموا تصفيات 18 يوليو لصالح نادي الاتحاد، ورغم ذلك لا زالوا يعانون كما عانوا بالأمس. وهم الفقراء الذين يقول عنهم الأستاذ في كل بيان، أو مؤتمر، أو تصريح، بأنهم يعيشون في نعيم مقيم، بعد أن زارهم التغيير البناء في مساكنهم المتواضعة، وامتزج بأكلهم، وشربهم،وملبسهم، ودوائهم، وحتى الدماء التي تجري في عروقهم، فقد تحولت إلى دماء جديدة تتناسب مع موريتانيا في طبعتها الكالحة الجديدة، التي لا تختلف عن طبعاتها الشاحبة القديمة.
لم يكن إذاً بالإمكان ـ وأرجو المعذرة ـ إلا أن أتعامل مع الأستاذ بصفتي حكما افتراضيا، وأن أرفع في وجهه البطاقة الحمراء التي استحقها بجدارة ولأسباب عديدة أذكر منها:
1 ـ إن تعيين أعضاء المجلس الوطني لنادي الاتحاد، بتلك الطريقة التي تمت يوم السبت 10 يوليو 2010 في الملعب الدولي لقصر المؤتمرات، والتي لا تختلف عن تعيين موظفي وزارة التنمية الريفية لا يبشر بخير على مستقبل الرياضة في هذا البلد. وهي لا تنسجم مع تطلعات وخيارات الجمهور الرياضي لنادي الاتحاد الذي انتخب 1017 مندوبا لم تتم استشارتهم حتى، في عملية التعيين تلك.
إن ما حدث يوم السبت 10 يوليو 2010 لم يكن تصرفا رياضيا سليما، وهو يستحق ـ على الأقل ـ رفع بطاقة حمراء، في وجه رئيس نادي الاتحاد الذي ظل يكرر دائما بأن ناديه ستكون له بصمة جديدة في الممارسة الرياضية.
وما حدث من عجرفة يوم السبت في قصر المؤتمرات، ربما يذكر ـ في أحد أوجهه ـ بعجرفة أخرى، حدثت في القصر الرئاسي في مثل هذا اليوم من عام 1978م.
2 ـ لقد لعب رئيس الاتحاد لأول مرة في نادي الدرجة الأولى الحكومي كقلب دفاع، عندما اختاره الرئيس المؤتمن، أو اُختير له على الأصح، ليتولى قيادة الدفاع. ولقد أظهر المدافع آنذاك أداءً سيئا لم يظهر به أي مدافع منذ ميلاد الدولة الموريتانية حتى يومنا هذا. ولقد فسر البعض سوء ذلك الأداء، بأنه يعود إلى أن قلب الدفاع لم تكن له أي صلة بالدفاع. كما أنه يفتقد لروح المبادرة والجرأة الشيء الذي جعله لا يتصرف إلا بأوامر من مدافعين أصغر منه، من حيث الرتبة الرياضية.
لقد ظل المدافع لا يتصرف إلا بأوامر، وهو سلوك لا يزال يرافقه حتي بعد أن تولى قيادة فريق الاتحاد. ومن المعروف بأن قائد الفريق الرياضي ـ أي فريق رياضي ـ يجب أن يكون قادرا على المبادرة، وعلى الإبداع، وعلى اقتناص الفرص النادرة، التي قد تتاح للفريق من حين لآخر. وتلك صفات قيادية يفتقر لها رئيس فريق الاتحاد.
لقد فشل "قلب الدفاع" فشلا ذريعا في مهمته الدفاعية، سواء وهو يلعب في الفريق الحكومي للخلطة المؤتمنة، أو في فريق الخلطة "التصحيحية". ولقد ترك المرمى مكشوفا مما سمح لفريق القاعدة بتسديد ضربات موجعة في الغلاوية، وفي ألاك، وفي تورين، وحتى في قلب العاصمة مسجلا بذلك أهدافا نوعية ومكثفة. لقد كان الأستاذ في تلك الفترة يستحق بطاقة حمراء بعد فشله في مهمته الدفاعية، إلا أن الذي حدث ـ كما يحدث دائما ـ كان هو العكس، فقد تمت ترقيته بعد ذلك ـ ولنفس الأسباب التي أوصلته لقلب الدفاع ـ ليصبح هو القائد الأول لنادي الاتحاد.
3 ـ إن رئيس فريق الاتحاد لا يتقن اللعب إلا في الوقت الضائع، لذلك فهو يستحق أكثر من بطاقة حمراء. يقول قائد الاتحاد في تقريره " المذهبي" أمام مؤتمر الحزب : " لقد جاء ميلاد الاتحاد من أجل الجمهورية، على موعد مع القدر، بعد قرابة نصف قرن من التيه السياسي، دشنته الأحادية الحزبية وما تعنيه من احتكار مقيت للسلطة، طيلة عقدين من الزمن؛ مرورا بعقد من الدكتاتورية العسكرية الكالحة، ليكرسه عقدان من التعددية الوهمية، حيث الأحزاب قائمة والحريات مخنوقة؛ وحيث تتوالى الانتخابات وتحسم نتائجها سلفا؛" والأسئلة التحكيمية التي يجب طرحها هنا: فلماذا لم ينتقد نجم الاتحاد تلك الدكتاتوريات الكالحة و التعدديات الوهمية في الوقت المناسب ولو بشطر كلمة؟ ولماذا قَبِل أن يكون لاعبا نشطا في تلك التعدديات الوهمية وأن يكون قلب الدفاع لآخر تعددية وهمية؟ ولماذا لم ينتظر موعدا مع القدر؟ ثم لماذا يقسو اليوم على نجوم المعارضة والذين كانت لديهم من الشجاعة والجرأة ـ رغم أخطائهم ـ ما أتاح لهم شرف انتقاد تلك الدكتاتوريات الكالحة والتعدديات الوهمية وعروشها قائمة؟ لو أجاب قائد خلطة الاتحاد على واحد من هذه الأسئلة لسحبت ـ فورا ـ بطاقتي الحمراء.
4 ـ إن خطة 5 ـ 5 (يوم تأسيس الاتحاد) أو 6 ـ6 التي يلعب بها نادي الاتحاد لا تختلف عن خطة 12 ـ 12 التي كان يلعب بها الفريق الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي والتي أوصلتنا إلى هذا الواقع البائس حيث صنفتنا الفيفا في الرتبة 168 عالميا، بعد أن تراجعنا أربع درجات إلى الوراء في هذا العام.
والمؤكد أنه إن استمر فريق الاتحاد يلعب بنفس خطته العبثية الحالية، فإنه لن يجلب للبلد إلا المزيد من الكؤوس التي جمعنا منها عددا كثيرا : الكأس العالمي للأمية ، الكأس العالمي للفقر، الكأس العالمي للإحباط، الكأس العالمي للشعوذة والتحايل، الكأس العالمي للرشوة والفساد...
وإن استمر قائد فريق الاتحاد مشغولا بتفاصيل صغيرة تافهة، دون التركيز على التحديات الكبرى التي تواجه الرياضة في هذا البلد، فلن نحقق في عهد التغيير البناء إلا ما حققنا في 48 عام ق. ت ( القاف تعني قبل، والتاء ربما تكون اختصارا لكلمة تاريخ، أو تصحيح، أو تغيير بناء، أو تحرير الفضاء السمعي البصري، أو تحرير شوارع عرفات، أو تأسيس المقاطعة 54، أو تقرير مذهبي، أو أي شيء آخر من ملامح "موريتانيا الجديدة" يبدأ بحرف التاء.).
إن هذه الخطة الهجومية التي ورثتها خلطة 5ـ 5 أو 6ـ6 عن خلطة 12ـ 12 لا يمكن أن تؤدي إلا لنفس النتائج المعروفة. فلعن الماضي، وتقديس الحاضر، وتخوين المعارضة، والتصفيق بالأيادي والأرجل، والانشغال بكل الأمور التافهة، والابتعاد عن التحديات الكبرى لن يخدم ـ بأي حال من الأحوال ـ الرياضة ولا مستقبلها في هذا البلد. والجمهور الرياضي أصبح أكثر وعيا ولم يعد يقبل بالانشغال في تلك الأمور التافهة، وإنما أصبح يطالب بلمسات ولقطات رياضية متميزة وميدانية.
5 ـ سبب آخر جعلني أرفع البطاقة الحمراء في وجه نجم الاتحاد وفريقه، وهو فشله الكبير في تسويق بعض اللقطات الفنية الرائعة والقليلة التي تم انجازها خلال هذا العام، والتي عجز نادي الاتحاد عن نقلها وتقديمها على حقيقتها للجمهور الرياضي. بل أن هذا النادي شوش ـ بقصد أو بغير قصد ـ على تلك اللقطات من خلال الانشغال عنها بأمور تافهة، أو بتقزيمها من خلال ربطها بسلوكيات غير رياضية.
ففي بعض الأحيان كنت أشفق ـ أقول أشفق ـ على "كبير القوم" الذي تمكن رغم إخفاقاته الكثيرة في هذا العام، من تقديم بعض اللقطات الفنية الممتازة. ولكنها لقطات ضاعت بعد أن شوشت عليها أندية المعارضة ونادي الاتحاد وحجبوها ـ بشكل كامل ـ عن الجمهور الرياضي.
لقد فشل رئيس نادي الاتحاد في تقديم أي لقطة فنية ممتازة خلال هذا العام. كما فشل أيضا حتى في تسويق بعض اللقطات الفنية التي قدمها "سيد القوم". لذلك فهو وبكل أمانة يستحق هذه البطاقة الحمراء.
6 ـ حسب رؤيتي التحكيمية الخاصة والتي قد تخالف رؤية الكثير من الحكام، فإن قيادة نادي الاتحاد الذي يبشر بمشروع "موريتانيا الجديدة"، كان يجب أن تمنح لمن تتوفر فيه عدة خصائص يفتقر إليها رئيس نادي الاتحاد الحالي، ومن هذه الخصائص:
أولا: أن يكون رئيس النادي لا ينتمي للأغلبية التلقائية التي تساند كل تغيير، وإنما ينتمي للأغلبية الخاصة بالتغيير الحالي والتي لم تساند تغييرا من قبله.
ثانيا: أن يكون قد عُرِف بمعارضته للأنظمة " الكالحة " السابقة، أو على الأقل لم يعرف بمناصرتها.
ثالثا: أن تكون له القدرة على أن يفكر ويلعب كرة نظيفة بطريقة غير تقليدية، تناقض أنماط اللعب التقليدية المعروفة.
وقبل أن أطلق صفارة النهاية، أعدكم ببطاقة ثالثة أشد احمرارا، و هي بطاقة سيتم تخصيصها للصحافة الرياضية، وبالتحديد لمدير التلفزيون الحالي.
وإلى البطاقة الحمراء الثالثة، أقول لكم: تصبحون على مباريات نظيفة....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق