الأربعاء، 22 سبتمبر 2021

تعليق سريع على فقرتين من خطاب الرئيس


هناك فقرتان استوقفتاني في الخطاب الذي افتتح به فخامة رئيس الجمهورية المنتديات العمومية لقطاع البناء والأشغال.
الفقرتان تتحدثان عن موضوعين هامين، أحدهما اقتصادي واجتماعي يتعلق بالأسعار والقدرة الشرائية للمواطن، والثاني سياسي يتعلق بالتشاور المنتظر.

الفقرة الأولى

"ولذلك قررنا، في ظل أزمة ارتفاع الأسعار الأخيرة، استحداث آلية وطنية لاستيراد المواد والسلع الأساسية، وتوفيرها للمواطن بأسعار مناسبة، بعيدا عن المضاربات، لتكون بذلك أداة تنظيم وعامل استقرار لسوق هذه المواد. كما وجهنا مندوبية "تآزر" بتوفير السلع بالكميات المطلوبة في جميع محلات البيع المدعومة، وألزمنا الحكومة بالمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين الأكثر فقرا بصرف النظر عن تكلفة ذلك."

هناك ثلاثة عناصر مهمة جدا في هذه الفقرة :

1 ـ استحداث آلية وطنية تستورد المواد والسلع الأساسية لتوفيرها للمواطن بأسعار مناسبة؛

2 ـ أن مندوبية "تآزر" ستوفر السلع بالكميات المطلوبة في جميع محلات البيع المدعومة؛

3 ـ إلزام الحكومة بالمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين مهما كانت كلفة ذلك.

هذه ثلاثة عناصر مهمة جدا، وتتكامل فيما بينها، فمندوبية تآزر يُفترض فيها أنها ستكون جاهزة من الآن لتوفير السلع بالكميات المطلوبة في جميع محلات الدعم، كما يُفترض أيضا أن العمل على استحداث آلية وطنية لاستيراد المواد والسلع الأساسية سيبدأ من الآن، ومن المهم تسريع إجراءات تأسيس هذه الآلية لترى النور في أقرب وقت ممكن. أما العنصر الثالث فله صبغة الديمومة، أي أن الحكومة عليها أن تُحافظ ـ وبشكل دائم ـ على القدرة الشرائية للمواطنين، ومهما كانت كلفة ذلك.

إنها بالفعل عناصر مهمة بل مهمة جدا، ومن أجل تحقيقها على أحسن وجه، فيجب أن تكون هناك محاسبة صارمة لكل المعنيين بالتنفيذ إن هم قصروا، كما أنه من المهم جدا البحث عن خيرة الموظفين من حيث الاستقامة والقدرة على وضع التصورات وتنفيذ البرامج والخطط لتولي تأسيس وتسيير هذه الآلية الجديدة التي ستعنى باستيراد المواد والسلع الأساسية وتوفيرها للمواطن بأسعار مناسبة.

 

الفقرة الثانية

"التشاور الوطني المرتقب، والذي لن يستثني أحدا، ولن يحظر فيه موضوع، من أجل أن نتوصل معا إلى أمثل الحلول الممكنة في مواجهة مختلف التحديات."

بهذه الكلمات التي اختتم بها الرئيس خطابه، تم تحديد ملامح التشاور المنتظر، وستكون من أبرز ملامح التشاور المنتظر أنه:

1 ـ  لن يستثني أحدا؛

2 ـ  لن يحظر فيه أي موضوع؛

3 ـ أن الهدف منه هو التوصل معا (ومن المهم التوقف مع كلمة معا) إلى أمثل الحلول الممكنة لمواجهة مختلف التحديات.

هذه النقطة الثالثة تؤكد أن الرئيس يرى أن الحلول المثلى للتحديات المطروحة لا يمكن أن تحتكرها جهة سياسية معينة، وإنما تتحصل من تلاقح أفكار الجميع، وبذلك يظهر أن الرئيس ينظر إلى معارضيه نظرة أخرى غير معهودة في هذه البلاد، فهو يرى أن المعارضة ليست "عدوا" ولا مجموعة من "خائني الوطن" وإنما هي شريك سياسي قد يساعد من خلال التشاور في إنتاج "الحلول المثلى " لمواجهة التحديات القائمة.

هذه النظرة المختلفة للمعارضة ظهرت في نهج الرئيس في وقت مبكر، حتى وإن كان هناك من يُريد أن يشوش عليها.

ـ ظهرت من خلال خطاب إعلان ترشحه؛

ـ ظهرت خلال الحملة الانتخابية حيث أن المرشح غزواني ـ وفي سابقة من نوعها في الحملات الانتخابية ـ تفادى أن يتحدث عن منافسيه في الانتخابات بأي كلمة سوء، بل تفادى نقدهم ونقد برامجهم الانتخابية، ومن المعروف أن ذلك يمثل أبسط حقوق أي مترشح؛

ـ ظهرت من خلال خطابه في يوم التنصيب؛

ـ ظهرت من بعد التنصيب حيث لم ينقطع الاتصال بالمعارضين لدرجة أنه لم يعد بالإمكان أن نجزم إن كان عدد من يدخل القصر الرئاسي من قادة الأغلبية أكثر ممن يدخله من قادة المعارضة؛

ـ ظهرت من خلال عدم سماحه بأن تُقابل بعض التصريحات والبيانات الحادة للأطراف غير المتحمسة للحوار بتصريحات مماثلة، بل على العكس من ذلك تماما، فكلما تمادى البعض في إطلاق المزيد من التصريحات الحادة من التشاور المنتظر جاء الرد هادئا وواضحا ومطمئنا على أن التشاور القادم:

ـ لن يستثني أحدا؛

ـ لن يحظر فيه أي موضوع؛

ـ أن الهدف منه هو التوصل معا (ومن المهم التوقف مرة أخرى مع كلمة معا) إلى أمثل الحلول الممكنة لمواجهة مختلف التحديات.

حفظ الله موريتانيا... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق