الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

مقترحان للمساهمة في إصلاح التعليم


في مقالي السابق تقدمت بمقترحين للمساهمة في تشغيل الفئات الأكثر فقرا والأقل تعليما، واليوم سأتقدم بمقترحين جديدين للمساهمة في إصلاح التعليم.
كانت المقترحات في المقال السابق موجهة إلى وزير في الحكومة، وفي هذا المقال فإن المقترحات موجهة إلى المواطن لا إلى الحكومة. المقترحات التي سيتم عرضها هنا هي مقترحات تم تفصيلها وتصميمها على مقاس المواطن لا على مقاس للحكومة، وهي قابلة للتنفيذ لمن أراد أن ينفذها من المواطنين الإيجابيين الذين يرغبون في المساهمة ميدانيا في إصلاح التعليم.

من المعلوم بداهة بأن أي عملية إصلاح في مجال التعليم يجب أن تُرَكز في الأساس على المدرس والمدرسة، ولذا فإننا سنخصص المقترح الأول للمدرس، والمقترح الثاني للمدرسة.
المقترح الأول : كرموا معلميكم وأساتذتكم المتميزين
يعيش المدرس ـ وسواء كان معلما أو أستاذا ـ ظروفا صعبة جدا على المستوى المادي، ويعيش في الوقت نفسه، وعلى المستوى المعنوي، ظروفا قد تكون أصعب من ظروفه المادية الصعبة جدا، وذلك بسبب الانقلاب الحاصل في قيم المجتمع، وهو الانقلاب الذي جعل أهل العلم والمشتغلين به في أسفل السلم حسب النظرة المجتمعية، بينما أصبح كل من جمع مالا، حتى ولو كان حراما، وغالبا ما يكون كذلك، في أعلى السلم حسب تلك النظرة المجتمعية الحولاء.
إن تحسين وضعية المدرس ماديا هي واحدة من أهم الواجبات التي تقع على السلطة، وهي شرط لابد منه لإصلاح التعليم، ولكن هذا الشرط لن نتحدث عنه هنا على الرغم من أهميته، ذلك أن الخطاب موجه هنا إلى المواطن لا إلى السلطة. سنكتفي في هذا المقام بالحديث عن تحسين وضعية المدرس معنويا، وهذا مجالٌ يمكن للأفراد أن يساهموا فيه.
تصوروا مثلا أن مدرسا ما  صبر على مهنة التدريس لعدة عقود، وذلك على  الرغم من ظروفه المادية والمعنوية الصعبة، وأنه رغم كل تلك الظروف استمر في تكوين الأجيال، فساهم بذلك في تخريج آلاف من أصحاب الشهادات الذين أصبحوا يحتلون اليوم وظائف هامة في الإدارة العمومية أو في القطاع الخاص.
ألا يستحق مثل هذا المدرس التشجيع من طرف تلك الأجيال التي درسها؟
ألا يشكل ذلك التكريم دعما معنويا هاما لهذا المدرس الذي ضحى بأهم سنوات عمره في تربية وتدريس الأجيال؟
هل يليق بتلاميذ وطلاب ذلك المدرس أن يتركوه بعد كل هذا الجهد الذي بذله من أجلهم، أن يتركوه في وضعية غير مريحة معنويا بالإضافة إلى وضعيته غير المريحة ماديا؟
أليس من الجميل والنبيل والرائع جدا أن تنتظم أجيال من مختلف الأعمار في مبادرات لتكريم معلميها وأساتذتها المتميزين، والذين استطاعوا الصمود في مهنة التدريس، وذلك على الرغم من ضعف الراتب، وعلى الرغم من كونهم يعيشون في مجتمع لم يعد يقدر إلا من يملك مالا ؟
 خلاصة هذا المقترح هو أنه علينا أن ننتظم في مبادرات لتكريم معلمينا وأساتذتنا المتميزين. على المستوى الشخصي فقد شاركتُ مع مجموعة من الطلاب من مختلف الأجيال والأعمار في تنظيم حفل لتكريم أستاذنا المتميز لمادة الرياضيات محمد المختار ولد الهادي.
المقترح الثاني : قدموا عملا تطوعيا لصالح مدارسكم

ملخص هذا المقترح  هو أنه علينا كأجيال تعلمنا في مؤسسة تعليمية ما (ابتدائية أو ثانوية)، أن ننخرط في مبادرات تضم عدة أجيال ممن تعلموا في تلك المؤسسة، وأن نطلق أنشطة تطوعية لصالح مدرستنا التي تعلمنا فيها، ويمكن لتلك الأنشطة أن تشمل: الإصلاحات وعمليات الترميم داخل المدرسة كإصلاح النوافذ والأبواب؛ توفير بعض الطاولات أو إصلاحها؛ صباغة وترميم بعض الفصول؛ توزيع حقائب مدرسية وتحمل نفقات الساعات الإضافية للتلاميذ المنحدرين من الأسر الأكثر فقرا؛ توزيع جوائز على المتفوقين؛ فتح مكتبة مدرسية أو توفير بعض المستلزمات التجهيزية لإدارة المدرسة :مصورة؛ طابعة؛ حواسيب ...إلخ 
مثل هذه المبادرات يمكن أن ينخرط فيها رجال الأعمال والموظفون ونشطاء المجتمع المدني والموريتانيون في الخارج، ويمكن أن ينخرط فيها السياسيون كذلك. أَوَ ليس أولى بهذه المبادرات السياسية التي تقول بأنها تدعم رئيس الجمهورية أن تتحول إلى مبادرات ذات مردودية على المجتمع، فتدعم الرئيس في مجال إصلاح التعليم بمثل هذه الأنشطة، وهو الذي جعل من إصلاح التعليم أولوية من أولويات تعهداته؟
أُوَ ليس من النبيل والرائع أن يتنافس طلاب كل ثانوية في تنظيم أنشطة  لصالح الثانوية التي درسوا فيها في وقت سابق؟ أُوَ ليس من النبيل والرائع أن تتنافس ثانويات الوطن في هذا المجال؟
على المستوى الشخصي فقد أطلقتُ مع مجموعة من الطلاب مبادرة لصالح الثانوية التي درسنا فيها، وكانت مبادرتنا تحت عنوان "كنتُ طالبا في ثانوية لعيون". هذه المبادرة نظمت عدة أنشطة لصالح ثانوية لعيون كان من بينها : تقديم الجوائز للمتفوقين في الباكالوريا من طلاب الثانوية في  العامين 2014 و2015؛  توزيع حقائب مدرسية وتنظيم أيام تفكيرية حول التعليم في ولاية الحوض الغربي في العام 2014.
ملاحظة : أعتذر عن استخدام كلمة مبادرة خلال الحديث عن هذه المقترحات، فهذه الكلمة قد ساءت سمعتها، وأصبحت تحمل شحنة سلبية جدا بفعل استخدامها السيء في السنوات الماضية.
ملاحظة أخرى: بما أن هذه المقترحات موجهة للأفراد، فقد ذكرتُ بعض الأنشطة التي حاولتُ من خلالها أن أنفذ مضمون هذه المقترحات. ذكرتُ تلك الأنشطة لأني لا أريد أن أطلب من الآخرين تنفيذ مقترحات لم أنفذها من قبلهم، ما دام بإمكاني تنفيذها.
حفظ الله موريتانيا..


هناك تعليق واحد:

  1. لست أكري بأيهما أضيكّ:
    ـ بتةريم المدتمع خريح المدارس لمدرسيه.
    ـ أم باهتمام هذا المحتمع بالمرافق التي أسهمت إلى حد كبير فيما هو عليه الآن.
    إن هذا الرأي الحصيف حليق بأن يشمل منظمات المحتمع المدني المعنية بهذا المحال, فهي من وحهة نظرنا تتلهف إلى فارسها الذي سيوصاها تصبو إليه الحضارة الانساتيه

    ردحذف