الأربعاء، 13 فبراير 2019

هل قررت المعارضة أن تُضَيِّع فرصة 2019؟


لستُ متشائما، بل على العكس من ذلك، فأنا من الذين يحاولون دائما أن يزرعوا الأمل في نفوس القراء، وخاصة من يتخندق منهم في فسطاط المعارضة، ولكني في هذه المرة لن أحاول أن أزرع أملا، بقدر ما سأحاول أن أتحدث بلغة صريحة جدا: لغة العقل والمنطق، والتي لا يوجد بها أي تخندق ولا أي تحيز للمعارضة.
لنقلها بصراحة : إن ما يجري الآن في مطلع العام 2019 ليؤكد بأن المعارضة لم تستفد من دروس 2009، ولذا فغالب الظن أن ما عاشته المعارضة من هزائم في منتصف العام 2009 ستعيشه مرة أخرى في منتصف العام 2019.

ولتوضيح ذلك دعونا نأخذ هذه اللقطات السريعة:
ـ ذكرت بعض المصادر الإعلامية أن الرئاسة الموريتانية تحضر مع نهاية هذا الشهر لحفل كبير ستعلن من خلاله عن ترشيحها لوزير الدفاع ولد غزواني.
ـ  في يوم الثلاثاء الموافق 12 فبراير اجتمع رئيس الحزب الحاكم ب149 عمدة وأخبرهم بأن النظام قد رشح ولد غزواني، أي أنه أعطاهم الضوء الأخضر لإطلاق حملة سابقة لأوانها، ومن قبل ذلك أصدر رؤساء المجالس الجهوية  في موريتانيا بيانا أعلنوا من خلاله عن تزكيتهم لمرشح النظام، وعبروا عن استعدادهم التام للعمل من أجل فوزه.
ـ  يواصل وزير الداخلية جولته داخل بعض الولايات، ويعقد على هامشها بعض اللقاءات الخاصة التي يؤكد من خلالها بأن ولد غزواني هو مرشح النظام.
كل ذلك يحدث والمعارضة لم تتمكن حتى من تسمية مرشحها، ومثل هذا سيذكرنا بما حدث في العام  2009، ففي ذلك العام  أطلق المرشح محمد ولد عبد العزيز حملة 6/6، وزار كل ولايات الوطن، ولم تدخل  المعارضة في الحملة الانتخابية إلا في الوقت بدل الضائع، فهل ستكون انتخابات 2019 هي مجرد وجه آخر لانتخابات 2009؟
إذا ظل الحال على حاله، فإن كل الدلائل تشير إلى ذلك، ولربما يفوز مرشح النظام في العام 2019 في الشوط الأول كما فاز أخ له من قبل في العام 2009.
إن مما يزيد من احتمالية هذه الفرضية هو أن :
ـ  مرشح النظام في انتخابات 2019 لن يكون تسويقه أصعب من تسويق مرشحه في العام 2009، فمرشح 2009 كان قد خرج لتوه من انقلاب عسكري، بينما مرشح 2019 قد أصبحت تفصله عشر سنوات عن آخر انقلاب عسكري يشارك فيه.
2 ـ  فيما يخص المعارضة فإن مرشحيها في العام 2019 والذين لم نعرفهم حتى الآن لن يكونوا أسهل تسويقا من مرشحيها في العام 2009، ففي العام 2009 ترشح الرئيسان أحمد داداه ومسعود ولد بلخير، فهل ستجد المعارضة من هو برمزيتهما لترشحه في العام 2019؟.
3 ـ في العام 2009 دعم عدد من رجال الأعمال مرشحي المعارضة وبسخاء، أما في العام 2019 فالراجح هو أن رجال الأعمال سيتغيبون عن دعم المعارضة. ويبقى رجل الأعمال الوحيد المعول عليه في العام 2019هو محمد ولد بوعماتو، ولكن هذا الأخير خلافه مع النظام ليس خلافا سياسيا جوهريا، بقدر ما هو خلاف شخصي، وربما يجعله ذلك  يكتفي بخروج ولد عبد العزيز من السلطة، وسيرفض بالتالي دعم مرشح المعارضة، حتى لا يغضب بذلك "الرئيس القادم".
إن هناك  تحديات ومشاكل حقيقية تواجهها المعارضة، وقد زاد من حدة تلك المشاكل والتحديات تأخر المعارضة في التحضير لرئاسيات 2019، فقد كان من المفترض أن تكون المعارضة قد شكلت لجنتها لفرز المرشح التوافقي منذ عدة أشهر، فدخول المعارضة في الحملة الانتخابية بشكل مبكر هو الذي كان سيخلق أملا لدى جمهورها، كما كان سيساعد في استقطاب بعض الممولين، ولكن المعارضة اختارت للأسف الشديد أن تعيد في العام 2019 نفس أساليبها التي استخدمتها في العام 2009، ومن المعروف بأن إعادة تكرار نفس الأساليب سيؤدي حتما إلى الحصول على نفس النتائج.
لقد كنتُ من الذين طالبوا المعارضة بالتحضير المبكر لرئاسيت 2019، ولقد كتبتُ سلسلة من المقالات تحت عنوان " حتى لا نضيع فرصة 2019"، وقد نشرتُ أولها في مطلع العام 2018، وتحديدا في يوم الخميس الموافق 25 يناير 2018 . أما آخرها فقد كان يحمل رقم 10 في هذه السلسة، وقد نشرته أيضا  ذات خميس صادف يوم25 أكتوبر 2018.
للأسف الشديد لم تجد تلك المقالات أي اهتمام يذكر، وها هي المعارضة في منتصف الشهر الثاني من العام 2019 ما تزال غير قادرة على تسمية مرشحها الرئيسي.
بالأمس انسحب قيادي من حزب تواصل، وأعلن عن دعمه لمرشح النظام، ولا تستغربوا إن تبعه آخرون، إذا ما ظل حال المعارضة على حاله.إن هذه الانسحابات لن تتوقف، ففي المواسم الانتخابية لا يمكن الاحتفاظ بالجماهير في فسطاط المعارضة إلا من خلال خلق أمل بإمكانية التغيير، ولا يمكن خلق أمل بإمكانية التغيير والمعارضة ما تزال عاجزة حتى عن تسمية مرشحها الرئيسي.
فيا قادة المعارضة أغيثوا جماهيركم بتسمية مرشحكم، وإذا عجزتم عن التقدم بوجه جديد، فلا بأس بالتقدم بمرشح ينحدر من نظام سابق، فمثل ذلك المرشح سيكون في أسوأ الأحوال أفضل من "اللاشيىء".  
حفظ الله موريتانيا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق